يعرف الأشقاء المصريون حقَّ المعرفة، أنَّ جماعة الإخوان المسلمين يكذبون كما يتنفّسون، ولعلَّنا نتذكَّر هنا أنَّ صوت الإعلامي والروائي المصري إبراهيم عيسى الذي كان يُقدِّم برنامجًا في فضائية "القاهرة والناس" أيام حكم الإخوان، قد بح تمامًا وهو يؤكِّد تقريبًا في كلِّ حلقة من برنامجه، أنَّ الإخوان المسلمين لا يعرفون سوى الكذب، بل إنَّ تعبير أنَّهم يكذبون كما يتنفّسون له حصريًّا.

ويعرف الأشقاء المصريون ونعرف معهم أنَّ الإخوان المسلمين يعلمون أنَّهم يكذبون، ويعلمون أنَّنا نعلم أنَّهم يكذبون، ومع ذلك فإنَّهم يكذبون بأعلى صوت"!!! والتوصيف هذا للكذّابين، للروائي المصري نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل.

والمفارقة المؤلمة اليوم أنَّ كذّابي الإخوان من قاهرة ثورة "يونيو" التي هزمت الإخوان المسلمين، ومشروعهم التدميري، عادوا للكذب المفضوح، ففي ندوة نظَّمتها صحيفة "المصري اليوم" لإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس، كانت أكاذيب الإخوان على لسان هنية تتمدَّد كما تشتهي، وأشهرها أنَّ "حماس" لا علاقة لها بجماعة الإخوان المسلمين، ولا ارتباط تنظيميًّا لها بهذه الجماعة لا في مصر ولا في غيرها!!!

لم يسعف الواقع هنية في كذبته هذه، وسريعًا ما جعلها عارية من كلِّ ثوب يسترها تمامًا، حين أقام الحمساويون "الإخوان" صلاة الغائب في الأقصى على أرواح الإرهابيين التسعة الذين أعدمتهم القاهرة، بعد إدانتهم بجريمة قتل النائب العام المصري هشام بركات عام 2015 في القاهرة، ولعلَّنا نأمل أن تعيد المصري اليوم المقابلة مع هنية لسؤاله عن هذه الصلاة (!!) التي ما كان لها أن تكون دون ارتباط تنظيمي لحركة "حماس" مع جماعة الإخوان المسلمين، بل ودون امتثال العبد المطلَق لأوامر "السمع والطاعة" ليس لمرشدها العام فقط، وإنَّما لمموّلي الجماعة ورعاتهم في دوائر المخابرات الأميركية والإسرائيلية، وأدوات هذه الدوائر من حملة الجنسية العربية!!!

غير مرة أكَّدت "حماس" أنها ذراع الإخوان المسلمين المسلَّح في تظاهرات أخرجتها في قطاع غزّة المكلوم وفي صُوَر رفعتها للمرشد العام وللرئيس المخلوع محمد مرسي، ومع ذلك لا يجد هنية في ندوة "المصري اليوم" حرجًا في أن يكذب بما لا يمكن لأحد تصديقه، ولعلَّ هنية الذي أسكنته القاهرة في أحد أفخم فنادقها منذ عشرة أيام، قد تنعم في عيشة هذا الفندق الباذخ إلى الحد الذي جعله مجاملاً انتهازيًّا بالغًا بالأكاذيب ذاتها لمضيفي!! لكنَّه يعلم أنّه يكذب ويعلم أن مستمعيه يعلمون أنَّه يكذب غير أنَّ سوق "السلعة" على ما يبدو يقبل بمثل هذا الكذب الأشر حتى وإن كانت صلاحيته لعدة ساعات، وعلى أبعد تقدير لعدة أيام!!

لكنَّ الأمر ليس أمر المجاملة الانتهازية فحسب، بقدر ما هو أمر فقه جماعة الإخوان المسلمين الذي يحِّ الكذب بتفسيرات مخادعة، لمفهوم "الحرب خدعة" فيجعله مباحًا حتى وهو يعارض أحد أهم صفات المؤمن التي جاء بها الحديث الشريف أنَّ المؤمن لا يكذب، وقد ردَّدها الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ثلاثًا.

ولأنَّ هذه هي حقيقة هذه الجماعة المضلّلة، وهذا هو نهجها وفقهها فإنَّ أكاذيب إسماعيل هنية، ليست غير أكاذيب الخدعة، التي تعني أنَّ جماعة الإخوان المسلمين ما زالت في حرب ضد الوطنية المصرية، وثورتها المجيدة، مثلما هي في حرب ضد الوطنية الفلسطينية، ومشروعها التحرّري، بل ومثلما هي في حرب ضد القومية العربية، بفكرتها الجامعة وتطلعاتها النهضوية.

لن تفيد الأمن القومي المصري أكاذيب "حماس" الإخوانية هذه، ولا نعتقد أنَّ هذه الأكاذيب ستنطلي على رعاة هذا الأمن، الذي لن يعزِّزه سوى وضع النقاط على حروفها الصحيحة بكلِّ هذا الشأن. لا يستوي الأمن ولن يستوي ولن يتحقَّق إلّا مع الحقيقة والصدق والوضوح وفق العقيدة الوطنية والقومية.

يكذب هنية لأنَّ فقه الجماعة ونهجها يجيز له ذلك في باطنيّته المأفونة وتفسيراته المخادعة، واستنادًا لهذه الحقيقة على الكل الوطني والقومي أن يقرأ أكاذيب إسماعيل بوصفها أكاذيب الخدعة، التي تُنذِر بمزيد من أعمال الإرهاب والتطرُّف العدمية، لجماعة الإخوان المسلمين سواء في مصر أو في فلسطين، وهذا ما يستدعي التصدي لهذه الأكاذيب وكشف أحابيلها أولاً بأول.