مجدًا وخلودًا لروح الشهيدة عائشة الرابي التي قتلها المستوطنون قبل أيام قليلة، لتنضم إلى قائمة الرموز الفلسطينية التي تخلد الحق الفلسطيني، وتضيف له أبعادا وأعماقا جديدة ملخصها إننا نقاوم احتلالا شاذا بشعا إزالته تعتبر هدفا مقدسا للبشرية جمعاء، لأن اعتلاء هذا الاحتلال صهوة موجات استعمارية كان أبرزها وعد بلفور ويدور آخرها على صفقة ترامب التي لا أساس لها إلا في عقل الخرافة والوهم والاستكبار وإغراء القوة الحمقاء المعربدة، ولكن التاريخ يقول لنا إن كل الظالمين المعربدين الحمقى زالوا بسبب ظلمهم وتعنتهم وظلت لعناتهم تطاردهم على مر الزمان.

الاستيطان الصهيوني هو أقذر وأبشع حلقات الاستعمار في العالم لأنه منذ الأساس قائم على خرافات يناقض بعضها بعضا، وقائم على دعم الظالم من الكبار الذين يتوهمون ان ما يقولونه زورا وبهتانا هو الحق، وان أصحاب الحق يجب أن يذعنوا ليس إلا، ويكفي للدلالة على هشاشة المرتكزات التي يقوم عليها الاحتلال الإسرائيلي أنهم يروجون خرافة الوعد الإلهي، وهم يعترفون إن وجودهم في فلسطين التي جاء أليها إبراهيم وهي عامرة، وانقطع عنها وجودهم ألفي سنة، لكن إلههم أعطاها لهم، بينما شعبها الذي استمر فيها قبلهم وبعدهم ليسوا جزءا من هذا الوعد.

وممارسات الاستيطان من اغتصاب فلسطين وحدوث النكبة الفلسطينية محفوفة بالجرائم البشعة، والمجازر الدموية، والخرافات الملفقة، فقد قالوا عن مستعمرة يميت في العريش أشياء باهرة ولكنهم انسحبوا منها، وقالوا عن غوش قطيف في قطاع غزة أن يعقوب (إسرائيل) عسكر فيها عندما ذُهب بابنه يوسف إلى مصر، ثم انسحبوا منها بينما يقولون عن الجولان السوري الذي احتلوه بالحديد والنار أنهم لازم لنا، والأميركيون سيوافقون على أخذه، ولم نسمع عن الخرافة التي اسمها الوعد الإلهي!!

وبناء على مسلسل هذه الملوثات الدينية، فإن الإسرائيليين يتوهمون أنهم على حق في كل ما يفعلون من جرائم قذرة، وآخرها جريمة قتل عائشة الرابي، هذا الشذوذ كان رائدهم عندما قتلوا محمد الدرة، وعندما احرقوا الفتى محمد أبو خضير، وعائلة الدوابشة، وعندما هاجم شارون في الخمسينيات المرضى في مستشفى السل شرقي البريج، وعندما احرقوا المسجد الأقصى وارتكبوا بداخله مجزرة مثل مجزرة الحرم الإبراهيمي، ومثل كل مجازرهم التي تفند كل ادعاءاتهم.

والمستوطنون هم مكون رئيسي من كيانهم ودولتهم، أنهم تحت ساتر الخرافة ينتهكون كل حصانة، ويحتقرون كل قانون دولي أو إنساني، ويعتبرون السلام مضيعة للوقت، ومدعاة للسخرية، ولعبتهم المفضلة الآن هو دونالد ترامب، فهو يعطيهم بلا حدود، ويوافق لهم دون عقل، وينحاز إليهم بعمى كامل دون تفكير في عواقب الأمور، وهكذا فان المعركة الكبرى التي يخوضها شعبنا وعلى رأسه قيادته الواعية والشجاعة هي معركة تخص العالم كله، ماذا يحدث إذا تم تعميم هذا النموذج السلوكي للخرافات الإسرائيلية؟؟؟

وماذا يحدث إذا اعتبر المستوطنون شعبا، هم ليسوا شعبا، هم مزق من بقايا خرافات، وشياطين حكايات بائدة، هم صورة مجسدة للعدوان الآثم، ولا بد أن يهزموا بقوة، لأن الهزيمة الساحقة تليق بهم.