اختتم وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي زيارته الرسمية إلى جمهورية اندونيسيا في إطار المشاركة في "أسبوع التضامن الاندونيسي مع فلسطين" والتي تم خلالها التأكيد والتعبير عن الموقف الاندونيسي الموحد بكافة أطيافه وتوجهاته الدينية والسياسية والقومية خلف فلسطين وقضيتها العادلة.

وعبر الشعب الاندونيسي وقيادته من خلال فعاليات ولقاءات رسمية وشعبية عن تضامنه الكامل مع كفاح الشعب الفلسطيني العادل من أجل تحقيق أهدافه المشروعة بالحرية والاستقلال الوطني، وقيام دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس وفق قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام، وضمان حل قضية اللاجئين ضمن قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وتحرير الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال. ووقف كافة الأنشطة الاستيطانية وما يرتبط بها من قرارات وإجراءات وتشريعات عنصرية، ورفع الحصار عن المدن والبلدات الفلسطينية.

وانطلقت زيارة الوزير المالكي، حسب بيان لوزارة الخارجية اليوم الخميس، من مدينة باندونغ، التي شهدت المؤتمر التأسيسي للقمة الافرو اسيوية والذي جمع قادة حركات التحرر عام 1955، والنواة التأسيسية لحركة عدم الانحياز، حيث تم تدشين شارع بهذه المناسبة تحت اسم "طريق فلسطين- الطريق إلى الحرية" بحضور الوفود الرسمية وبمشاركة حشود شعبية واسعة من أطياف المجتمع الاندونيسي. وبمشاركة وزيرة الخارجية الاندونيسية وشخصيات سياسية ودينية رفيعة المستوى. كما وألقى المالكي محاضرة في المتحف الأسيوي الإفريقي، وذلك بمشاركة نخبة من طلبة وباحثين من الجامعات الاندونيسية المختلفة، تلاها عقد مقابلات تلفزيونية مع أهم الفضائيات المحلية والدولية.

واستكملت الفعاليات من العاصمة جاكارتا، حيث انطلقت مسيرة حاشدة وسط العاصمة تحت عنوان "مسيرة من أجل السلام والإنسانية تضامناً مع فلسطين"، بحضور وزير الخارجية والمغتربين د. رياض المالكي ووزيرة خارجية جمهورية اندونيسيا ريتنو ميرسودي، وبمشاركة عدد كبير من الشخصيات الدينية والسياسية والمجتمع المدني والسلك الدبلوماسي الأجنبي المقيم في اندونيسيا. حيث عبًرت المسيرة عن وحدة موقف الشعب والحكومة الاندونيسية بمختلف أطيافه وعقائده وتوجهاته في تضامنه مع أشقائه الفلسطينيين.

كما زار المالكي جامعة اندونيسيا (أقدم وأكبر جامعة في اندونيسيا والمنطقة)، حيث ألقى محاضرة بحضور رئيس الجامعة وعدد كبير من الأكاديميين والباحثين وطلبة الدراسات العليا وبتغطية كبيرة من وسائل الإعلام، تناول فيها القضية الفلسطينية تاريخيا وحاضرا ومستقبلا في ظل ما تشهده المنطقة والعالم من متغيرات وتهديدات وانعكاسات ذلك على منطقتنا وفلسطين.

وعلى الصعيد الرسمي، التقى المالكي الرئيس الاندونيسي السيد جوكو ويدودو حيث تناول معه آخر المستجدات المتعلقة بالقضية الفلسطينية وسبل توفير الدعم السياسي والدبلوماسي من خلال التنسيق المباشر بين دولة فلسطين وجمهورية إندونيسيا في مختلف المحافل الإقليمية والدولية، خاصة وأن اندونيسيا ستتولى مقعد غير دائم في مجلس الأمن للعامين 2019-2020، كما وستتولى فلسطين رئاسة مجموعة الـ77 والصين لعام 2019. حيث أكد الرئيس الاندونيسي مواقف اندونيسيا الثابتة والمبدئية والداعمة لفلسطين وشعبها، وعلى ضرورة حل القضية الفلسطينية بشكل عادل ودائم وفق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وعلى ضرورة وقف إسرائيل لإجراءاتها وانتهاكاتها بحق الشعب الفلسطيني الأعزل. كما أكد موقفه بعدم قبول استمرار معاناة الشعب الفلسطيني وضرورة وضع حد لهذه المعاناة، مشدداً على أن الحل هو سياسي بالأساس ومن حق الشعب الفلسطيني بأن يعيش في حرية وكرامة وأن تكون له دولة ذات سيادة وعلى حدود الرابع من حزيران لعام 1967.

كما التقى المالكي برئيس البرلمان الاندونيسي السيد بامبانغ سوساتيو، وأطلعه الوزير المالكي على المستجدات المتعلقة بالقضية الفلسطينية وفي المنطقة والتعقيدات التي آلت إليها عملية السلام في ظل السياسات الإسرائيلية والاستيطانية والتهويدية ضد الشعب الفلسطيني والمقدسات والأرض الفلسطينية، وفي ظل انحياز أمريكي فاضح قوّض إمكانية الاستمرار في عملية السلام في هذه الظروف، وما يتطلبه الوضع الراهن من ضرورة البحث عن صيغ جديدة متعددة الأطراف تضمن إطلاق عملية سلام ترتكز على قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي.

من جانبه، جدد رئيس البرلمان الاندونيسي السيد سوساتيو مواقف بلاده والبرلمان الاندونيسي بكل مكوناته من حيث إدانته وتنديده لكافة الإجراءات العدوانية والانتهاكات اليومية التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته في كافة أماكن تواجده، والاستيطان غير الشرعي، والحصار الجائر المفروض على قطاع غزة. كما وجدد إدانة بلاده لسياسات الإدارة الأمريكية والتي لا تخدم دورها كراع لعملية السلام، من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، والإجراءات العقابية الأخرى التي انتهجتها ضد المؤسسات الفلسطينية سياسياً ومالياً، خاصة بما يتعلق بقطع المساعدات عن الأونروا بهدف تقويض عملها في إطار محاولات لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين. وأكد على استمرار جهود البرلمان الاندونيسي مع كافة البرلمانات الإسلامية والإقليمية والدولية في سبيل حشد الدعم لكفاح الشعب الفلسطيني على كافة المستويات حتى إحقاق الحقوق الثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال على ترابه الوطني وتأسيس دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

هذا وعقد المالكي مع نظيرته الاندونيسية الجولة الأولى من المشاورات السياسية بين وزارتي خارجية البلدين حيث أتاحت المشاورات الفرصة للوزيرين لمراجعة ومتابعة العلاقات الثنائية بين البلدين، وتبادل وجهات النظر بشـأن القضايـا الإقليمية والدوليـة.

على الصعيد الثنائي، أكًد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجالات متعددة، حيث اتفق الطرفان على أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري على مستوى رجال الأعمال وفي إطار التبادل التجاري خاصة بعد القرار الاندونيسي المقدر عالياً بإعفاء المنتجات الفلسطينية من الرسوم الجمركية على وجه الخصوص التمر وزيت الزيتون، وسيتم استكمال الإجراءات اللازمة لإعفاء كافة البضائع.

كما تم التطرق إلى التعاون في إطار التعليم بما يتعلق بزيادة المنح الدراسية للطلبة الفلسطينيين وتعزيز التعاون على مستوى الجامعات في البلدين، وعلى أهمية التواصل بين جهات الاختصاص من الطرفين لتعزيز التعاون الشامل في المجال الأكاديمي.

هذا وشدًد الوزير المالكي على أهمية تعزيز التعاون في إطار السياحة المتبادلة، وأهمية الدفع باتجاه تشجيع السياحة الدينية إلى فلسطين لزيارة الأماكن المقدسة في القدس وبيت لحم، لما من شأنه أن يساهم في حماية المكانة التاريخية والدينية لمدينة القدس ويعزز من صمود الشعب الفلسطيني. هذا واتفق الوزيران على أهمية عقد الجولة الأولى من اللجنة المشتركة للتعاون الثنائي بين الجانبين الفلسطيني والإندونيسي برئاسة وزيري خارجية البلدين وبحضور كافة الوزارات والمؤسسات المعنية في المستقبل القريب، وذلك لوضع آليات متابعة فعالة تحت مظلة اللجنة المشتركة لمتابعة كافة التفاهمات الموقعة بين الجانبين والبحث في آفاق جديدة للتعاون الثنائي.

وعلى الصعيد متعدد الأطراف، اتفق الطرفان على تعزيز التنسيق المباشر بين دولة فلسطين وجمهورية إندونيسيا عبر مختلف المحافل الإسلامية، والإقليمية والدولية بما في ذلك منظمة التعاون الإسلامي، وعدم الانحياز، والآسيان، ومنظمات الأمم المتحدة.

وأكدت الوزيرة ميرسودي مجدداً أن القضية الفلسطينية ستكون من أولويات إندونيسيا الرئيسية خلال فترة عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن للعامين 2019-2020.

كما جدّدت الوزيرة ميرسودي تأكيدها على التزام الدبلوماسية الاندونيسية الثابت تجاه فلسطين، وتوجيهاتها المباشرة لسفراء اندونيسيا حول العالم بالعمل والتنسيق المباشر مع سفراء دولة فلسطين وكافة الدول المتضامنة مع الشعب الفلسطيني للدفاع عن الحقوق والقضايا المتعلقة بفلسطين وشعبها، ولحشد الدعم والتأييد لها في كافة المحافل الدولية.

هذا وتناول الوزيران البيان الصادر عن رئاسة وزراء استراليا على وجه الخصوص، حيث أكدت وزيرة الخارجية الاندونيسية على رفضها وإدانتها لما جاء في البيان من إمكانية قيام الحكومة الاسترالية بنقل السفارة الاسترالية لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، مشددة على تحرك أندونيسيا مع كافة الأطراف بما فيها الحكومة الاسترالية وذلك للتصدي لمثل هذه الأفكار والتوجهات والتي لا تخدم جهود السلام في الشرق الأوسط، كما وأنها تعتبر خرقاً للقانون الدولي والقرارات ذات العلاقة. مشددة على دور اندونيسيا الثابت والمبدئي تجاه القضايا الفلسطينية برمتها خاصة بما يتعلق بالحفاظ على المكانة التاريخية والدينية للمدينة المقدسة، وحمايتها من كافة أشكال التهويد.

واختتمت المشاورات بمؤتمر صحفي مشترك، وتوقيع مذكرة تفاهم لتأسيس لجنة مشتركة، وشهد الوزيران توقيع أربع مذكرات تفاهم إطار تنسيق تقديم مساعدات اندونيسية حكومية وغير حكومية للشعب الفلسطيني بما فيها المساعدات الموجهة في إطار زيادة عدد المنح الدراسية وتقديم الدعم الإضافي للأونروا، حيث تم الاتفاق على عقد الجولة الثانية من المشاورات عام 2019 في دولة فلسطين.

وشارك إلى جانب الوزير المالكي خلال الزيارة كل من مساعد وزير الخارجية والمغتربين السفير مازن شامية، وسفير دولة فلسطين لدى جمهورية اندونيسيا السفير زهير الشن، والمستشار أحمد ميتاني من سفارة دولة فلسطين لدى اندونيسيا، وسكرتير ثالث أحلام طه مسؤول دائرة جنوب شرق آسيا في وزارة الخارجية والمغتربين.