قال بروفيسور الحقوق في جامعة بار إيلان، يديديا شتيرن "إن اليهود سعوا دائما وراء أن يكونوا مثالا يحتذى به أو نورا للآخرين لكن القانون يهدد هذه المقولة". وقال أيضا مبينا موقفه من مقترح "قانون القومية": "إن التشريع الراهن المقترح يخالف نص وثيقة الاستقلال التي جاء فيها إن إسرائيل هي البيت القومي للشعب اليهودي، إلا أنها ستضمن في الوقت نفسه المساواة في الحقوق لجميع مواطنيها، دونما تمييز على أساس الدين والعرق والجنس".

قد نفهم ولا نتفهم دوافع سياسي إسرائيلي عندما يأتي بمنطق اعوج ومقلوب كهذا، لكن أن يصدر عن نائب رئيس المعهد الديمقراطي في إسرائيل، فهذا يعني أن "ديمقراطية إسرائيل" مولودة من عملية تزاوج معقدة ما بين العصبية الدينية، ومفهوم التفوق العرقي، بسبب وحدة صنف الدم بين طرفي التزاوج، المصاب بداء المخادعة وتحريف علم المنطق، والرغبة الجامحة لصدم الوعي الإنساني، وإعمال التحريف والتزوير بمعارف وعلوم وقواعد الحضارة.

لا نريد وضع الكلام على لسان بروفيسور الحقوق، لكن حق علوم الحقوق عليه أن يقول كلمة حق في زمن طغيان نظام تل أبيب وتمردها على الحقوق والقوانين الدولية، وخروجها على شرعية وشرعة الأمم والشعوب المحبة للسلام.

لم يقترب الفكر السياسي العالمي المعاصر من مجرد التفكير بطبخة (ديمقراطية الدولة الدينية) ولم يشجع على هذه التجربة مفكر عاقل، لأن الانفجار الداخلي، أو تفريغ شحنة الانفجار في الدائرة الجغرافية القريبة واتساعها لتشمل البعيدة، سيكون نتيجة حتمية، وفي أحسن الحالات إصابة مجتمع الدولة بالتسمم، وعوارض أقلها العودة بنمط تفكيره وسلوكه إلى أنماط قبيلة الأدغال المحللة لأكل لحوم البشر، فالديمقراطية، والمفاهيم الدينية المسيسة، المنفحة ببهارات عنصرية ليس مقدرا لهما أن يكونا في قدر واحد، إلا إذا كان، قصد الطباخ السادي هذا التمتع بمشهد احتراق العالم والانفجارات المتتابعة فيه أي حقوق لجميع مواطنيها، فيما دولته قد قامت أصلا على إنكار هذه الحقوق، واغتصاب حق المواطنين الأصليين (الفلسطينيين) في الحياة، نعتقد انه يعلم تفاصيل المجازر التي ارتكبها مؤسسو دولته أكثر منا نحن ضحاياها.

على البروفيسور أن يقدم دليلا واحدا ناجحا في عالمنا عن مزج الديمقراطية بالدين، أو عن تحول العقيدة إلى قومية، وقد نسرف في الوقت أن شرحنا هنا بالتفصيل استحالة تحول الدين (العقيدة) إلى قومية، والأمر باختصار أن من يفعل فكأنه يقول أن الله (جل وتعالى) عرق واحد، وجنس واحد، ولسان واحد (لغة) وبذلك ينسف أساس عقيدته السماوية مهما اجتهد!! وهذا ينطبق على البروفيسور الذي يعتقد أن اليهود قد سعوا لأن يكونوا مثالا يحتذى!! وأن قانون القومية يخالف كذلك ما جاء في التوراة التي هدت اليهود على إقامة حكم منصف ومتساو للأغيار الذين يعيشون بين اليهود ما يعني انه مؤمن بعقيدة يستحيل أن تتحول إلى قومية، تماما كاستحالة تحول أي دين إلى قومية. وربما يعلم أن إعادة فتح الأبواب لتأسيس الدول على أساس ديني يعني تحويل الكرة الأرضية إلى ميدان حروب بلا حدود بين أجناس وأعراق البشر الذين وجدوا السلام في الدولة الديمقراطية، والديمقراطية فقط . أما وقد حولنا هذا (البروفيسور) إلى مجرد أقلية، فهذا بعينه هو الاغتصاب الواقعي المادي للتاريخ، وهذه هي الخطيئة التي لابد من رمي فاعلها بالحجر.

لا يخشى قادة إسرائيل السياسيون إلا على انهيار سمعة دولتهم في العالم، ولا يفكرون بأبعاد وتداعيات الانهيار السريع الذي سيصيب الفرد عندهم والمجتمع، وربما نراهم يسعون للحفاظ على قشرة التجميل الرقيقة أمام العالم، التي تخفي قبح العنصريين الظالمين العدوانيين المحتلين المستعمرين المستوطنين.

وهذا رئيس دولة الاحتلال رؤوبين ريفلين يؤكد ذلك فهو القائل "أخشى أن الأسلوب الشامل والواسع الذي صيغ به بند بناء التجمعات السكنية لليهود فقط دون موازنات، يمكن أن يضر بالشعب اليهودي واليهود حول العالم ودولة إسرائيل ويمكن أن تستخدم حتى كأسلحة من جانب أعدائنا هم يعرفون أن "قانون القومية" تمييزي، ستخلع الدولة بموجبه قناعها لتظهر على حقيقتها (دولة عنصرية متطرفة.. وسيكون كارثيا، فيا ليتهم يشرعنون عنصريتهم اليوم قبل الغد".