شرعنة جريمة الحرب، وضمان حماية الجنود المجرمين من المحاكمات أمام الجنايات الدولية، وتنصيب قوانين الدول المتمردة على القانون الدولي والخارجة على الشرعية الدولية مكان القوانين الدولية، وتشريع قمع الحريات، وتسهيل الانتقال إلى الدكتاتورية العنصرية كنهج لا بد منه قبل تحقيق الدولة اليهودية، تلك هي أهداف قانون منع تصوير وتوثيق الجنود الإسرائيليين الذي اقترحه عضو رئيس حزب "يسرائيل بيتينو" عضو الكنيست الإسرائيلي روبرت إيلتوف، بدعم مباشر من وزير الحرب، أفيغدور ليبرمان.

بهذا القانون يكون قادة سلطات الاحتلال العسكريين والسياسيين قد ابتدأوا حملتهم وهجومهم المضاد على توجه القيادة الفلسطينية نحو محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين، لإدراكهم ومعرفتهم أن محكمة الجنايات الدولية خارج سيطرة وهيمنة الولايات المتحدة الأميركية، ما يعني فقدانهم دائرة الحماية عن جرائمهم في المحافل الدولية ومنظمات الأمم المتحدة.

في القريب العاجل سيطلق الكنيست رصاصة الرحمة على مقولة: (الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط) بعد سلسلة من القوانين العنصرية غير المسبوقة، ما سيجعل دولة الاحتلال إسرائيل ليس (الدولة الدكتاتورية الوحيدة والفريدة في العالم) وحسب، بل الدولة الوحيدة السائرة بعكس الاتجاه الطبيعي لأمة الإنسان وأفكارها وقيمها وتقاليدها الحضارية، كما ستدخل دولة الاحتلال (إسرائيل) بهذا القانون مرحلة الشيخوخة وهي بأعلى درجات الخرف الأقرب إلى الجنون، ما يعني أنها باتت خطرا على العالم وليس على الشعب الفلسطيني فقط، فنحن أمام حالة هيجان قوانين يجعل من هذه الدولة (إسرائيل) مجرد مجَمَّع لمجرمي الحرب المطلوبين للعدالة الدولية !.

يعاقب بالسجن ما بين خمس سنوات كل "من يصور شريطا أو يلتقط صورا أو يسجل جنودا أثناء قيامهم بوظيفتهم، بهدف زعزعة معنويات الجنود والمواطنين، أما إذا كان ذلك بهدف المس بأمن الدولة فإن العقوبة ستكون الحبس لـ 10 سنوات".

وكما ينص القانون المقترح على "منع نشر مضامين التصوير أو التسجيل في الشبكات الاجتماعية أو في الإعلام الممأسس".

يشجع قادة الاحتلال العسكريون والسياسيون جنودهم، ويصفون أفعالهم في الميدان بــ "الأعمال البطولية"، لكن لماذا لا يريدون توثيق أفعال جنودهم (البطولية) هذه!!!، ويذهبون إلى حد سن قوانين وقائية مانعة حامية، لولا علمهم أنهم قد أمروا جنودهم بمخالفة قوانين الحرب الدولية، والإتيان بأعمال إرهابية، هدفها زرع الرعب في نفوس (الضحايا) الفلسطينيين العزل والأبرياء، ولأنهم على يقين أنهم مسؤولون أيضا عن أفعال جنودهم التي ترقى إلى مستوى جرائم الحرب، ما يعني تصدرهم قوائم المطلوبين للعدالة الدولية.

ماذا سيقول الاتحاد الدولي للصحفيين بشأن هذا القانون؟! هل سيضع دولة الاحتلال إسرائيل على رأس قائمة العار باعتباره العدو رقم واحد للصحافة والحريات ؟! وأي إجراء سننتظره من الاتحاد في اللحظة التالية لإقرار القانون في الكنيست وإحالته للتنفيذ؟.

هل ستنتفض المنظمات الحقوقية العالمية بوجه هذا القانون وتعتبره إهانة وإذلالا للإنسانية، واغتيالا مقصودا لمنهج حقوق الإنسان، وشرعنة لجرائم الحرب، أم أن (إسرائيل) ستبقى منزهة عن المساءلة؟!

كثرت جرائم جنود وضباط جيش الاحتلال الإسرائيلي وبالتوازي انتشرت حالات توثيقها بالصوت والصورة الثابتة والمتحركة وبات المسؤولون الإسرائيليون ذوو النزعة الإرهابية الإجرامية يرون التوثيق خطرا جسيما نظرا لنتائجه السلبية على دولة الاحتلال والايجابية لصالح الرواية الفلسطينية، وصالح مشروعية النضال الفلسطيني.

وردت في القانون المقترح عبارة: "أثناء قيام الجنود بوظيفتهم" وهذا أمر طبيعي لدى قادة دولة يعتبرون الجريمة والمجزرة والإعدام الميداني ضد الفلسطينيين وظيفة، فالذي يخشى تصوير موظف حكومي أثناء أداء واجبه يعلم مسبقا انه يقوم بمهمة تنفيذ جريمة، فهل سنشهد محاكمة جماعية تاريخية لأعضاء الكنيست المصوتين على هذا القانون باعتبارهم الدافعين والمسببين لجرائم الحرب؟