نظَّمت سفارة دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانيّة بالتعاون مع معهد عصام فارس للسياسات العامّة والشؤون الدولية في الجامعة الأمريكية في بيروت، محاضرةً لعضو المجلس الوطني الفلسطيني مندوب فلسطين السابق لدى الأمم المتحدة المناضل والسياسي باسل عقل بعنوان "القدس إلى اين" في قاعة المحاضرات في المعهد، يوم الجمعة 13-4-2018.

وحضر المحاضرة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ممثَّلاً بالنائب محمد قباني، ورئيس مجلس النواب اللبناني السابق حسين الحسيني، ووزير الإعلام ملحم الرياشي ممثَّلاً بالمستشار طوني نجم، ووزير الدفاع يعقوب الصراف ممثَّلاً بالعميد عمر مراد، ورئيس معهد عصام فارس الوزير السابق طارق متري، وسفير دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانيّة أشرف دبور، وسفراء مصر، والأردن، والجزائر، وتونس، والعراق، وباكستان، وفرنسا، وكوبا، واندونيسيا، إلى جانب حشدٍ من ممثِّلي الأحزاب اللبنانيةن والإعلاميين، والكُتّاب والأكاديميين والحقوقيين.

بدايةً كانت كلمة ترحيبية من الوزير متري، ثُمَّ ألقى السفير دبور كلمةً جاء فيها: "إلى من نستمع اليوم: إلى الأكاديمي، أم إلى الأديب، أم إلى الدّبلوماسي، أم إلى السياسي، أم إلى المفاوض المنافح عن القضيّة، أم إلى النّاهض المكافح عن القدس، أم إلى المؤسِّس للعديد من المؤسّسات والمنتديات؟".

وأضاف: "مناضل عدَّته منبتٌ أصيلٌ، وثقافةٌ واسعةٌ، وطموحٌ جموحٌ، فهو مثقَّف ريادي، وأكاديمي قيادي، متعبِّد للمعرفة دون ملل، ما اكتفى منها يومًا بمقدار، واسع الأفق، مالك للكلمة، فاعل في النّقاش، بعيد في الهمّة، عرفته المنتديات والمحافل طاقة عارمة رذادها يندي العقول، أعطى القضيّة الفلسطينيّة بُعداً وطنيًّا، وقوميًّا، وعالميًّا، فقد عُرِفَ بوطنيّته، وعروبته، وانفتاحه، وحواريته الحضارية الثابتة في المبادئ، والمرنة في المواقف. فدمجَ بين الرقة الدبلوماسية والصرامة النّضالية.

مناحي القدس فضاؤه الرّحب، ومملكته، ودُنياه، وهو كالصقر يجوب سماء الحريّة باحثًا عن مصيرها. أحلامه بحجم المستحيل. إنَّه رجلٌ من طينة أخرى. إنَّه الطموح الذي لا يُحَد. ناضل بمحبّة دائبة. وحمل المسؤوليّةَ بصدق وأمانة، وكان في كلِّ الميادين مُجلّيًا. فهو نموذج للثّقافة الشّجاعة، والقيادة المرنة التي تستقطب وتحتضن، ثمّ تنقش على الصخر حكايةَ الخلاصِ...".

وتابع سعادته: "الأخ الكبير باسل عقل أبو الأمين..

ها هي محطَّات حياتك النيّرةُ تشهد على مآثرك الخيّرة، وسيرتك العطرة...

لقد كنت أوّل ممثّل لفلسطين في مجلس الأمن الدّولي

وأوّل رئيس للدّائرة السّياسيّة في منظمة التّحرير الفلسطيّنيّة

أتينا لنسمع منكَ الصّدقَ والإخلاص والحقيقةَ في كلِّ عملٍ قُمتَ به، ولنستشرف المسير والمصير حول ما يجري في منطقتنا.. والقدس إلى أين؟

فهل يمكن أن يستوي الذين يعلمون ويعملون، والذين لا يعلمون ولا يعملون؟!

المنبر لك تفضّل واغمس إصبعَك في الجرح، واسق قلمك المجاهد بمداد القضيّة".

وفيما يلي نص المحاضرة:

"حضرات الضيوف الكرام

السيدات والسادة

يحار المرء من أين يبدأ حين يكون الحديث حول القدس وذلك لما للمدينة من قدسية في نفوسنا مسلمين ومسيحيين. فالقدس هي زهرة المدائن وحاضنة المقدسات ومدينة الصلاة وأرض النبوات وبيت الأقصى والقيامة وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين مسرى النبي عليه السلام الذي باركنا حوله.

والقدس الشرقية التي نتحدَّث عنها هذا المساء جزء لا يتجزأ من الأراضي العربية المحتلة عام 1967. وتسري عليها قرارات مجلس الأمن. ووفقًا لقرار المجلس رقم 242 تحديدًا، فإنَّ على (إسرائيل) ان تنسحب من جميع هذه الأراضي. ولقد أدان مجلس الأمن الوجود الاستيطاني الإسرائيلي في القدس الشرقية وجميع الأراضي الفلسطينية حيث يفترض أن تقوم الدولة الفلسطينية كجزء من حل الدولتين. وطلب مجلس الأمن في عدة قرارات له وخاصة القرارات رقم 2334 و446 و465 و476 طلب من إسرائيل عدم القيام بأية اجراءات تستهدف تغيير خطوط الرابع من حزيران لعام 1967 وأكد مجلس الأمن أنه لن يعترف بتلك التغييرات.

وعلى سبيل المثال فإنني أقتبس من قرار مجلس الأمن رقم 476 مايلي:

إن مجلس الأمن يؤكد مجدداً أنه لا يجوز الاستيلاء على الأراضي بالقوة. وإذ يضع في إعتباره الوضع الخاص بالقدس خصوصا ضرورة حماية البعد الروحي والديني الفريد للأماكن المقدسة في المدينة. وإذ يؤكد من جديد قراراته المتعلقة بمعالم مدينة القدس الشريف. وإذ يذكر باتفاقية جنيف الرابعة. وإذ يشجب استمرار (إسرائيل) في تغيير المعالم المادية والتركيب الجغرافي والهيكل المؤسسي ووضع مدينة القدس الشريف. يؤكد مجددا ان جميع الاجراءات والاعمال التشريعية والادارية التي اتخذتها (إسرائيل) القوة المحتلة والرامية إلى تغيير معالم مدينة القدس الشريف ليس لها اي سند قانوني وتشكل خرقاً فاضحاً لاتفاقية جنيف الرابعة كما تشكل عقبة جديّة امام تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الاوسط. ويؤكد ان كل هذه الإجراءات التي غيرت معالم مدينته القدس الشريف ووضعها الجغرافي والسكاني والتاريخي هي إجراءات باطلة اصلا ويجب الغاؤها وفقاً لقرارات مجلس الأمن ذات العلاقة (انتهى الإقتباس).

ومنذ احتلالها عام 1967 وحتى ضمها لإسرائيل عام 1980 تعطلت قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقدس الشرقية وبقيت تراوح مكانها دون تنفيذ وذلك بفضل الفيتو الأمريكي الذي يشكل في مجلس الأمن درعاً واقياً وضمانة قوية لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي ليس فقط في القدس الشرقية ولكن أيضاً جميع الأراضي الفلسطينية.

ولقد شهدنا منذ أيام قليلة جداً الولايات المتحدة تمارس هواية الفيتو مرتين في اسبوع ضد الشعب الفلسطيني حين حالت دون صدور قرار من مجلس الأمن يطالب بالتحقيق في أقدام جيش (إسرائيل) على قتل 30 فلسطينيا وجرح اكثر من ألف وخمسمائة في قطاع غزة وذلك في يوم الأرض وبعده. وهذا الانحياز الامريكي الصارخ ضد الأماني الوطنية للشعب الفلسطيني مستمر دون تغيير أو انقطاع منذ قيام (إسرائيل) عام 1948 في عهد الرئيس ترومان.

وكان قرار لمجلس الأمن رقم 2334 عام 2016 قد شهد النور وأقر ولم ينفذ مع أنه يعتبر جميع إجراءات (إسرائيل) في الضفة والقدس غير قانونية وانتهاكا صارخاً للقانون الدولي.

وحتى نشهد صورة بانورامية سريعة وعابرة للإنحياز البريطاني الامريكي على مر السنين للحركة الصهيونية والذي أوصلنا إلى ما نحن فيه الآن في فلسطين نقول باختصار شديد مايلي:

وأصدر اللورد أرثر بلفور وزير خارجية بريطانيا عام 1917 وعده الشهير بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. الأمر الذي سبب للعرب خيبة كبرى. وأعجب ما في وعد بلفور كمثال فاضح على الاستهتار حتى لا نقول الازدراء بحقوق العرب والفلسطينيين وامانيه القومية. إشارة بلفور إلى إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين ثم نص يقول "على أن لا يؤثر ذلك على الحقوق المدنية والدينية للجاليات غير اليهودية في فلسطين". هل يعقل أن يشار إلينا عام 1917 نحن الشعب الفلسطيني بالجاليات غير اليهودية وقد كنا نشكل وقتها حوالي 96% من سكان فلسطين مسلمين ومسيحيين. لقد اعتبر بلفور أننا مجرد كمشة من الجاليات غير اليهودية وان معظم سكان فلسطين كانوا من اليهود. فهل يجوز ذلك؟

وهل هناك ظلم أقسى من ذلك؟ يقول الشاعر :

ولم أرَ ظلما مثل ظلم ينالنا

يساء إلينا ثم نؤمر بالشكر

وجاءت بريطانيا إلى فلسطين بعد الحرب دولة منتدبة باسم عصبة الأمم لإقامة حكم ذاتي في فلسطين. ولكن صك الإنتداب للأسف تبنى في نصوصه وعد بلفور. وفتحت أبواب الهجرة اليهودية إلى فلسطين. وعلى مدى ثلاثين عاما ثار الفلسطينيون وهبوا واعتصموا وأضربوا وقاوموا وتصدوا وخاصة في القدس التي كانت مسرحا رئيسياً لتلك الثورات. وأرسلت عدة لجان للتحقيق في أسباب الاضطرابات المتواصلة في فلسطين نذكر منها كنج كرين الامريكية عام 1918 وهاي كرافت عام 1921 وهوب سمبسون عام 1930 وموريسون عام 1933 وودهيد عام 1937 وبيل عام 1938 وأفادت جميع هذه اللجان في تقاريرها النهائية بأن أسباب الاضطرابات في فلسطين تعود إلى ثورة الفلسطينيين وتخوفهم من ازدياد الهجرة اليهودية ومع ذلك استمر تنفيذ المخطط البريطاني الصهيوني حتى اكتمل في نهاية الانتداب عام 1948 فأُنشئت (إسرائيل) وسَلمت بريطانيا مسؤولية الاشراف على فلسطين إلى الأمم المتحدة.

وفي نفس الوقت كانت الحركة الصهيونية العالمية قد انتقلت بعد الحرب العالمية الثانية من لندن إلى واشنطن مركز الثقل العالمي. ومنذ ذلك الحين أي منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا تولت الولايات المتحدة الامريكية حماية ورعاية (إسرائيل) وزودتها بالدعم المالي والعسكري والسياسي بتأثير من اللوبي الصهيوني الذي أصبح يتحكم تدريجياً بجميع مرافق الحياة في أميركا سياسيا وكونجزسيا وصحفيا واقتصاديا وتحول القرار السياسي الامريكي في الشرق الأوسط إلى اداة طيعة في يد (إسرائيل). وهذا يذكرنا بحديث لشارون قاله لبيريز خلال اجتماع لمجلس الوزراء الإسرائيلي يوم 3 أكتوبر عام 2001 إذ قال شارون لبيريز وفقا لراديو كول إسرائيل: كلما فعلنا شيئا تقول لي: الامريكيون سيفعلون هذا وذاك. أريد أن أقول لك شيئاً وضحاً جدا: لا تخشى من الضغط الامريكي على (إسرائيل). نحن الشعب اليهودي نتحكم بأمريكا والامريكيون يعرفون ذلك.

وهكذا حضرات الضيوف الكرام وصلنا إلى هنا. فإسرائيل تحتل اليوم القدس بشطريها الشرقي والغربي. وتعمل على بناء المستوطنات على مدار الساعة في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وقد بلغ عدد المستوطنين وفقاً لأحدث الاحصاءات 600 الف مستوطن في الضفة الغربية منهم مائتي ألف مستوطن استقروا في القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية. ويعود السبب في ارتفاع عدد المستوطنين في القدس الشرقية إلى تصميم (إسرائيل) على الحيلولة دون قيام دولة فلسطينية.

والمخطط الإسرائيلي في القدس والضفة يرمي من خلال الجدار الفاصل والطرق الالتفافية ومصادرة الأراضي وطرد السكان وهدم المنازل وتدميرها والاهمال المتعمد للاماكن الدينية والتراثية وتقييد حرية التنقل إلى القضاء على كل أمل للفلسطينيين في إقامة دولتهم. والقدس الشرقية تعتبر بمثابة القلب بالنسبة للدولة الفلسطينية. وأذا أعطب القلب مات مشروع الدولة الفلسطينية التي لا يمكن ان تقوم جغرافياً وسكانيا بدون القدس الشرقية. فلا دولة فلسطينية بدون القدس الشرقية. ولا قدس بدون الأقصى والقيامة.

والمشروع الصهيوني الاستيطاني يستهدف الالتفاف حول القلب بالمستوطنات والجدار الفاصل بحيث يُشق شمال الضفة الغربية عن جنوبها ويفصل جبل الخليل عن جبل نابلس فيزول التواصل الجغرافي وتلحق القدس الشرقية بإسرائيل وليس سكانها. والسبب أن عدد سكان القدس الشرقية اليوم يزيد عن 400 ألف مقدسي أي ضعف عدد المستوطنين. وضم السكان العرب يجعل منهم أغلبية في القدس الموحدة نظراً إلى سرعة تزايد النسل هناك.

ونتيجة للمخطط الإسرائيلي أصبحت القدس الشرقية اليوم محاصرة وشبه معزولة عن الضفة الغربية. وأصبح الدخول إلى المدينة أو الخروج منها يتم عبر اجراءات تعسفية تشمل بوابات الكترونية وتفتيش جسدي لا يحفظ للمقدسي كرامته. ويبلغ عدد المقدسيين الذين يتنقلون يومياً عبر البوابات ومعابر الاهانة نحو 150,000.

وهكذا تأثرت الحياة الاجتماعية والاقتصادية وازداد الفقر حيث وصلت نسبته إلى 80% أي ان الاغلبية الساحقة من السكان العرب تعيش دون خط الفقر. ووصل معدل البطالة في القدس والضفة إلى 26%. وسكان القدس الشرقية بحاجة إلى 000,30 وحدة سكنية الأمر الذي يتطلب اموالا ترصد لهذه الغاية في ظروف يصعب فيها توفر المصادر المالية. وتأمل (إسرائيل) من وراء ذلك كله دفع السكان إلى المغادرة والهجرة سعياً وراء العمل ولقمة العيش. ولا ننسى ان الرأي العام العالمي لا يسمح لإسرائيل القيام بإجراء طرد جماعي للفلسطينيين من القدس الشرقية.

بيد أن جميع اجراءات البطش والاضطهاد والتضييق والتطفيش والطرد والخنق الاقتصادي والاجتماعي التي مارستها سلطات الاحتلال طيلة العقود الخمسة الاخيرة لم تفت في عضد المقدسيين رغم الحرب النفسية والاعلامية التي تمارسها (إسرائيل) والتي تقول انه لم يعد هناك شيء للعرب بعد ان التهمت المستوطنات معظم الأرض الأمر الذي يتطلب منهم رفع راية الاستسلام والتسليم بالأمر الواقع.

ولعل أعظم انجاز لعرب القدس كان وما زال صمودُهم وبقائُهم على أرضهم مستخدمين من أجل ذلك كافة أدوات القوة الذاتية النضالية. وللتدليل على ذلك نقول ان عرب القدس ما زالوا يحافظون على طابعها العربي الاسلامي والمسيحي رغم جميع المحاولات الاسرائيلية مثل تغيير أسماء الشوارع والمناطق العامة.

إن ما سلف يشير بوضوح إلى مركزية القدس العربية بالنسبة إلى القضية الفلسطينية ككل. وأصبح الأقصى وساحاته نقطة استقطاب رئيسية لحشد المواطنين حماة المدينة والمستعدين دوما لمواجهة رصاص جنود الاحتلال بصدورهم العارية. القدس أصبحت اليوم هي فلسطين وفلسطين هي القدس.

وفي ظل هذه الأجواء المقدسية التي تبعث على الاحباط بسبب غطرسة (إسرائيل) وتثير في نفوسنا في نفس الوقت مشاعر الأمل والتفاؤل بسبب صمود وشموخ شعبنا هناك يخرج علينا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقرار يعلن إعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة موحدة وأبدية لاسرائيل ضارباً عرض الحائط بجميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. واتبع ذلك بقرار آخر يعلن قرار واشنطن نقل سفارتها في (إسرائيل) إلى القدس في منتصف شهر مايو أيار القادم على الأغلب. أي في نفس يوم ذكرى نكبة 1948.

ألم يكن كافياً ما اصاب الفلسطينيين من كوارث ونكبات ومعاناة على أيدي واشنطن وتل أبيب خلال العقود السبعة الماضية؟ وهل كتب على الشعب الفلسطيني أن يبقى في هذا العصر حالة نادرة لشعب محتل ممنوع على مدى سبعين عاما من ممارسة حقه في الحياة الكريمة القائمة على الحرية وتقرير المصير والاستقلال؟ لماذا يذهب دونالد ترامب بعيداً جداً في الإمعان في معاداة الشعب الفلسطيني الأعزل الا من كرامته وروحه الوطنية. ولماذا يصبح دونالد ترامب أول رئيس امريكي يزور حائط البراق وهو ما زال رئيساً ؟ ما سبب هذا العداء الدفين والمستحكم الذي يحمله ترامب للعرب وخاصة الفلسطينيين؟

هذا السؤال اوجهه إلى الحكام العرب لأن رد الفعل العربي على قرارات ترامب بشأن القدس كان خجولاً ومكتوما. ويؤسفني ان أضيف انه لم يرتفع صوت عربي رسمي واحد يستنكر أو يرفض أو يحتج على تلك القرارات الجائرة. بل انني أقول أنه لم يتنحنح مسؤول عربي واحد رفيع المستوى مجرد نحنحة في وجه ترامب تعبيراً عن الإستياء وعدم الرضى وذلك احتراما للمقدسات الدينية أقصى وقيامه ودعما لعرب القدس الصامدين الصابرين والمصدومين من تخلي العرب عنهم. لماذا مثلاً لم نعقد قمة عربية استثنائية وعاجلة للبحث في مواجهة قرارات ترمب بشأن القدس.

ألم يفكر حكامنا بتشكيل وفد رئاسي جماعي يجوب عواصم العالم الرئيسية لتبصيرهم بخطورة ما أقدم عليه ترامب. هل أعلن رؤساؤنا العرب أن دولهم جميعاً سيكون لها موقف صارم ومقاطع من كل دولة تعترف بقرارات ترامب. ثم نسأل : كم مظاهرة سارت في العواصم العربية احتجاجاً على عدوانية ترامب. بل أننا نسأل: هل تسمح السلطات العربية بقيام تلك المظاهرات تمسكاً بالقدس بمآذنها وكنائسها؟ وليس هناك من تفسير لهذه السياسة الامريكية المعادية التي لا تقيم وزنا لمشاعر العرب وامانيهم الوطنية سوى سببين:-

السبب الأول هو الخنوع العربي الكامل استكانة ورضوخاً وانصياعا للرغبات الامريكية التي تصوغها وتمليها (إسرائيل).

أما السبب الثاني فيكمن في ظاهرة الانجيليين الجدد Evangelical Zionists وهؤلاء لا يؤمنون فقط بأن (إسرائيل) قاعدة جيوسياسية وجدت في قلب الشرق الأوسط لحماية المصالح الحيوية الأمريكية. انهم يعتقدون وهذا هو الأهم والأخطر بأن (إسرائيل) انشئت تحقيقاً لنبوءة توراتية دينية مما يجعل تأييدهم لإسرائيل تعصباً دينياً أعمى. ويبدو أن دونالد ترامب هو واحد منهم مما يجعل الانجيليين دائرته الانتخابيةElectoral Constituency .

ويعتقد الدارسون والمراقبون للمشهد الامريكي السياسي ان المسيحيين الجدد أكثر نفوذا وأكبر حجماً من أيباك. وهناك تقديرات تقول ان عددهم قد وصل إلى 50 أو 60 مليوناً. فإن صح هذا الكلام وهو أمر وارد بحكم سياق الاحداث التي نشهدها فمعنى ذلك ان ترامب باقٍ لفترة رئاسية اخرى رغم ما يشاع بين الفينة والأخرى أنه لن يكمل ولايته لأسباب سياسية داخلية.

والبعد الآخر لقوة الانجيليين هو أنه مالم يحدت تغير في ميزان القوى في العالم يمنع اميركا من ان تستمر القوة الطاغية العظمى ويُظهر قوى اخرى تعدل الكفة فإنه لا امل في المستقبل المتوسط في حل سياسي عادل ينهي حماية اميركا المطلقة ورعايتها لاسرائيل. فحتى ذلك الحين ستظل فلسطين أسيرة والقدس مصادرة على أيدي ترامب ومساعديه الانجيليين الصهاينة مثل نائبه بنس ومستشاره للأمن القومي جون بولتون وصهره جاريد كوشنر ومستشاره للشرق الأوسط جيسون غرينبلات وسفيره لدى تل ابيب دافيد فريدمان الأب الروحي للمستوطنين وراعيهم. وبسبب عجزنا عن فرض حل عسكري او سياسي فإن الوضع الحالي مرشح للبقاء على ما هو عليه لفترة طويلة قادمة قد تتجاوز ترامب إلى إدارات أمريكية أخرى قادمة ما دام هناك المسيحيون الجدد الانجيليين .

حضرات الضيوف الكرام، أيها السيدات والسادة

وأضح ما تقدم بأن القدس الشرقية في خطر داهم رغم الشموخ والصمود الفلسطيني. القدس الشرقية اليوم تدافع عن هويتها الوطنية وطابعها العربي الاسلامي والمسيحي الذي حافظت عليه حتى الآن بشق الأنفس وجميع مؤسساتها الخدماتية الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية بحاجة ماسة إلى دعم مادي عاجل قبل ان تتوقف عن العمل تحت تأثير الخنق الإسرائيلي. إضافة إلى ذلك فإن جميع المباني الدينية والتراثية في حاجة ملحة وضاغطة إلى ترميم وصيانة. ولا بد أيضاً من تأمين معونات مالية معيشية حتى يكون في أيدي الناس حد أدنى من المال للعيش والصمود والبقاء في الأرض ولتطوير أدوات كفاحهم وإنشاء وحدات سكنية مطلوبة بشدة.

وعلى ضوء ما سبق وتحديداً أزمة القدس الشرقية المعيشية دينا وتراثاً واقتصاداً وغذاء وصموداً وبقاء ومصيرا فقد قررت في هذا الحديث وفي هذه المناسبة ان اوجه النداء التالي إلى مقام خادم الحرمين الشريفين صاحب الجلالة الملك سلمان بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية : -

يا صاحب الجلالة،

بحكم علاقة وثيقة جمعتني بجلالتَكم على مدى أكثر من أربعين عاماً أسمح لنفسي بأن أوجه إلى جلالتَكم بإسم أبناء شعبنا الصامدين المرابطين في القدس الشرقية المناشدة التالية :

لا شك أن جلالتَكم على ضوء معايشتكم اليومية لتطورات القضية الفلسطينية على اطلاع بالظروف المعيشية القاهرة التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي على أهلنا في القدس الشرقية. وتاريخ أبناء الملك عبد العزيز آل سعود يؤكد اهتمامهم دوما بالقضية الفلسطينية.

فقد كانت للملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله بادرةٌ من أجل السلام تبنتها قمة فاس العربية عام 1982 وأصبحت تعرف بمبادرة فهد للسلام. وكان للراحل الكريم الملك عبد الله بن عبد العزيز مبادرة سلام تبنتها القمة العربية في بيروت عام 2002 وأصبحت تعرف باسم مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز للسلام. واستكمالا لسيرة ومسيرة أبناء عبد العزيز أناشد جلالتَكم اطلاق مبادرة الملك سلمان بن عبد العزيز للحفاظ على عروبة القدس الشرقية اسلامياً ومسيحياً.

والمطلوب يا صاحب الجلالة ان تصدروا قرارا بإنشاء صندوق لإنقاذ عروبة القدس يخصص له مبلغ مليار دولار. ومن أجل أحكام الإشراف على مبادرة جلالتكم إدارياً ومالياً تُنشأ الهيئة السعودية لأنقاذ عروبة القدس حيث تحتفظ الهيئة بالمال وتدفع منه وفقاً لجدوى المشاريع المتعلقة بالقدس الشرقية وذلك بإشراف السلطة الفلسطينية وهي الجهة الرسمية والتشاور مع المملكة الأردنية الهاشمية بصفتها راعية الأماكن المقدسة.

إن قرارا بهذا الحجم والمسؤولية سيحيي قرارات القمم العربية السابقة بشأن القدس العربية والتي اندثرت دون تنفيذ ويعطي اهلَ القدس الشرقية جرعة كبيرة لمزيد من الصمود والتصدي. وواضح يا صاحب الجلالة ان هذا العمل لا ينطوي على عمل حربي او عدائي ضد أحد لأنه قرار حضاري وديني وتراثي وانساني واصلاحي واعماري. وقد سبق قبل سنوات ان رممت قبة الصخرة المشرفة على أيدي شركة بن لادن السعودية.

لا يفوتني في هذا المقام أن أقول ان الاشارة إلى الطابع المسيحي في القدس الشرقية سيكون له أثر كبيرعلى الغرب المسيحي الذي سيرى خادم الحرمين يعلن عن حرصه من ارض مكة المكرمة على القيامة إضافة إلى الأقصى انها وقفة عز تؤكد عقلانية خادم الحرمين وتسامحه وبعده عن التعصب والإنغلاق. بل ان قراراً من هذا المستوى سيعتبر اختراقاً وضربة ذكية لحملة الكراهية العالمية التي تتهم الاسلام بالتعصب والإرهاب.

وفي معرض حديثنا عن القدس دينا وتراثاً نستذكر قول ابي هريرة نقلا عن النبي صلوات الله عليه إذ قال:

من صلى في بيت المقدس غُفرت ذنوبه كلها

ونستذكر أيضاً قول حسن البصري:

من تصدق في بيت المقدس بدرهم كان له براءة من النار.

ويا صاحب الجلالة،

نقول لكم بصدق وأمانة وتجرد ان ما قدمه العرب للقدس الشرقية منذ احتلالها عام 1967 هو مجرد ترقيع لا يرقى ولا يمس جوهر المأساة التي يعيشها أهلنا هناك.

- فقد ترك الشعب الفلسطيني في الخندق طويلاً طويلاً يواجه وحده جبروت الاحتلال.

- إن بضاعة الوقت ثمينة ونحن في سباق مع الزمن.

وقبل أن تنكشف عورة العرب كاملة بما فيها ما تبقى مستوراً من عيوب التقصير. وحتى لا يتسع الفتق على الراتق ويستحيلُ عندها تدارك الأمور والسيطرة عليها. ومن أجل ان تكونوا مثالا يحتذى في قيادة ركب الكفاح ضد الظلم نهيب بجلالتكم ان تساعدوا العرب على استرداد غيرتهم على القدس الشرقية وهيبتهم المفقودة هناك وذلك من خلال اطلاق مبادرة الملك سلمان بن عبد العزيز لانقاذ عروبة القدس ولن ينسى لكم الشعب الفلسطيني ومعه الشعوب العربية والاسلامية هذه المكرمة والوقفة التاريخية المقرونة بسداد الرؤية ونفاذ البصيرة.

ومعذرة يا صاحب الجلالة ان كان في كلامنا بعض من مرارة. فقد نسينا المذاق الحلو تحت وطأة بطش الاحتلال وعدم تحرك العالم وإهمال ذوي القربى.

والله يرعاكم ويوفقُكم ويسدد خطاكم نصيراً وسنداً لامتكم

بقيت الإجابة على السؤال: القدس إلى أين ؟ وهو عنوان حديثنا اليوم.

حضرات الضيوف الكرام،

لن أطيل عليكم طويلاً. إذا كنا نسال القدس إلى أين فالجواب هو ان القدس قد استقرت منذ زمن بعيد في قلوبنا ودمائنا وشراييننا ومسام أجسامنا وأصبحت جزءاً من تركيبتنا الجسدية والروحية والنفسية. وباختصار فالقدس هي حياتنا. وكما قال مظفر النواب: القدس عروس عروبتنا. وكما قال نزار قباني: القدس لؤلؤة الأديان وأقصر الدروب بين الأرض والسماء ومدينة تفوح أنبياء ومنارة الشرائع ومدينة مر بها الرسول وتفخر بمحمد ويسوع وتحتضن الإنجيل والقرآن.

السيدات والسادة،

إذا كان المحتل يحب القدس فنحن الفلسطينيون نعشقها وإذا كان المحتل يأمل في إفراغها فنحن لن نغادرها وإذا كان المستوطنون فيها بالآلاف فنحن فيها ضعف عددهم ونزداد سريعاً. وإذا كانوا يعملون على خنقنا ثم اقتلاعنا فقد تعودنا ومناعتنا أقوى. وإذا كانوا يريدون إخضاع قطاع غزة فإن القطاع عصي عليهم وجيش (إسرائيل) يعلم أنه شن أربع حروب على قطاع غزة خلال عشر سنوات وبقي القطاع صامداً شامخاً. إن الشعب الفلسطيني يواجه اليوم أعجب وأعتى تحالف في التاريخ الحديث وهو التحالف الصهيوني الأمريكي. وقد واجه حتى الآن وتغلب على مفاهيم جابوتنسكي المتحجرة وعنجهية حاييم وايزمان وغرور دافيد بن جورجيون واجرام مناحيم بيجن وشراسة شارون وليكودية نتانياهو ووحشية ليبرمان. وسيستمر هذا الشعب في الصمود والمواجهة في القدس وقطاع غزة الصامد المقاتل والضفة الغربية. إن المعين لن ينضب والارادة لن تلين والصبر لن ينفذ.

وكان دافيد بن جوريون أول رئيس لحكمومة إسرائيل قد قال في لحظة تشنج صهيوني: ألا شُلّت يميني يا اورشليم إن نسيتك. وقد رد عليه الشعب الفلسطيني منذ زمن بعيد متسلحا بصموده الاسطوري إذ يقول بنفس الحرارة: ألا فقـئـت عيوننا يا قدس وأزهقت أرواحنا ان فرطنا بك.

وبن جوريون نفسه كان قد قال عام 1948 : يجب ان نفعل المستحيل حتى لا يعود الفلسطينيون إلى بيوتهم وأرضهم التي أخذناها منهم. فكبار السن من الفلسطينيين سيموتون والصغار منهم سينسون.

The Old will die and the young will forget

ولعل أبلغ رد على ترهات بن جوريون قد جاء من عهد التميمي التي تنتمي إلى الجيل الثالث من النكبة. فقد قامت ابنة الأربعة عشر ربيعاً بعضّ جندي إسرائيلي مقنّع وضربته عام 2015. وفي عام 2017 قامت عهد التميمي إبنة السبعة عشر ربيعاً بصفع جندي إسرائيلي كلفها حكماً ما زالت تقضيه في السجن لمدة ثمانية شهور. هذا هو الجيل الذي سينسى وفقاً لبن جوريون. وقد قامت هولندا قبل أيام قليلة بمكافأة عهد التميمي على بطولتها حين أطلقت ثلاثة عشر مدينة هولندية اسم عهد على شوارعها.

اننا أيها السيدات والسادة نحن الشعب الفلسطيني لا نقل عن عدونا ذكاء ودهاء وفطنة وثقافة وقدرة وكفاءة. ونحن أكثر منهم شجاعة لانهم يحاربوننا بأدوات امريكا التكنولوجية المتقدمة بينما نواجههم نحن بإرادتنا وصدورنا العارية. ومشكلة المحتل أنه يعيش بعقلية تسيطر عليها الأوهام الدنكشوتية. وفي هذا المجال لا ننسى كلمات قالها رئيس اركان جيشهم رفائيل ايتان في صحيفة نيويورك

تايمز يوم 14 ابريل عام 1983 إذ قال حرفياً : عندما يكتمل لنا الاستيلاء على الأرض لن يكون لدى عرب فلسطين ما يفعلونه سوى الهروب مذعورين تائهين مثل الصراصير المخدرة داخل زجاجة .

When we have settled the land all the Palestinians can do is to scurry around like drugged cockroaches in a bottle

وقد سبقته جولدا مائير حين قالت في حزيران عام 1969 لصحيفة الصنداي تايمز البريطانية: لم يكن هناك يوما شيء اسمه الفلسطينيون They never existed فكيف إذا نعيد الأراضي المحتلة. لا يوجد أحد نعيدها إليه.

How can we return the occupied territories? There is nobody to return them to

وما دام الحديث عن القدس لا ينتهي تحضرني في هذه المناسبة الرواية التالية: كان الرئيس عرفات رحمه الله قد وصل لتوه إلى غزة عام 2000 عائداً من كامب دافيد بعد مفاوضات مع يهودا باراك وبيل كلينتون. وكنت قد وصلت في نفس الوقت إلى غزة لحضور اجتماعات المجلس المركزي .

وذهبت قبل اجتماع المركزي للإطلاع من الرئيس عرفات على ما جرى في كامب دافيد وخاصة مشروع كلينتون للسلام الذي طرحه هناك وقبل نهاية ولايته بأيام قليلة وأذكر ان الرئيس عرفات قال لي: هل تصدق أن كلينتون عرض علينا في مشروعه بشأن القدس أن نتقاسم واسرائيل السيادة ما فوق ساحات الأقصى وما تحتها. وقلت لهم: لو قبلت هذه الأفكار فستجدون جثتي على احد أسوار القدس وقفلت عائداً إلى أرض الوطن.

وحيث أننا نتحدث عن ثبات مواقف القيادة الفلسطينية فلعله من المناسب ان أذكر أيضاً أن الرئيس أبو مازن أطال الله عمره قال لي وبعد إعلان ترامب فرمانه الهامايوني بشأن القدس ان الشعب الفلسطيني حين أنتخبه أودع في عنقه حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف. وأضاف : لن نسمح لأية قوة على وجه الأرض أن ترغمنا على التنازل عن ذرة من الحقوق. وسواء كانت صفقة القرن أو اتفاقية العصر فسنرفض ونصمد ويأتي من بعدنا جيل يحمل الراية ويستأنف الصمود والكفاح.

وأبو عمار وأبو مازن كلاهما جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني الفلسطيني القائم على المقاومة والصمود مهما طال الزمن. وكما قال الشاعر:

وما أنا إلا من غزية أن غوت

غويت وان ترشد غزية أرشد

واننا على إدراك بأن تياراً فكرياً سياسياً بدأ يتبلور داخل (إسرائيل) على أيدي كتاب ومفكرين اسرائيليين ويهود. وهؤلاء ملتزمون بالصهيونية عقيدة إلا أنهم يعبرون عن مخاوفهم وقلقهم من استمرار السياسات الإسرائيلية الحالية تجاه الشعب الفلسطيني. انهم ينتقدون (إسرائيل) ليس دعماً للفلسطينيين ولكن من أجل حماية (إسرائيل) من العواقب الوخيمة التي ستؤدي اليها تصرفات (إسرائيل) وخاصة بالنسبة لاستمرار الاحتلال الذي في رايهم سيعود على (إسرائيل) بأضرار كبيرة تجبرها على التراجع. ولم يكتف هؤلاء بمجرد الانتقاد. لقد أصدروا كتباً حملت أفكارهم تلك والكتب تباع الآن في أنحاء العالم. من هؤلاء الكتاب نذكر: -

1 - لماذا نلوم (إسرائيل) Why blame Israel

نيل لوشـري

2 - أزمة الصهيونية The Crises of Zionism

بيتر بينارت

3 - اختراع الشعب اليهودي Invention of the Jewish people

شلومو ساند

4 - كيف خسرت (إسرائيل) How Israel lost ريشارد بن كرامر

5 - (إسرائيل) القلعة Fortress Israel

باتريك تايلر

6 - قم واقفًا واقتل أولاً Rise and Kill First
رونين برغمان

وشهد شاهد من أهلهم

السيدات والسادة،

قبل أن أنهي أقول التالي: كان الرئيس عرفات يعلق في مكتبه على الحائط وفوق رأسه شعاراً داخل برواز يقول: سأصبر حتى يعجز الصبر عن صبري.

وقد لفت نظري ذلك الشعار لأنه يجسد شخصية أبي عمار ذات النفس الطويل والقائمة على قوة الجلد والصبر. وبحثت في مصدر وأصول الشعار فوجدت أنه يشكل شطراً من بيتين للشعر قالهما الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، ويقول البيتان:

سأصبر حتى يعجز الصبر عن صبري

وأصبر حتى يأذن الله في أمري

وأصبر حتى يعلم الصبر

أني صبرت على أمر أمرّ من الصبر

وهكذا هي مسيرة الشعب الفلسطيني كانت وستبقى صموداً وصبراً ومقاومةً إلى ما لا نهاية.

وشكراً لإصغائكم

والسلام عليكم