لا بد من حراك شعبي ضد سلطة الانقلاب والانفصال في قطاع غزة، وعقوبات عملية ومواقف تقررها وتنفذها الجماهير الوطنية ضد قيادات حماس، وعصيان مدني، يبقى مستمرا حتى إرغامهم على الانصياع لإرادة الشعب، والاتجاه بأسرع ما يمكن إلى تمكين حكومة الوفاق الوطني من مهامها في قطاع غزة، والخضوع لسيادة القانون، والكف عن التعامل مع القضية الفلسطينية كعلامة تجارية !!... ليس هذا وحسب، بل طلب الغفران من الشعب، والإقرار بالمسؤولية عن المآسي والأهوال التي انزلوها على رؤوس مليوني فلسطيني في القطاع، والتعهد بالعمل على التكفير عن جريمة الانقلاب، وخطايا خطفهم الحريات، والثقافة الوطنية، واستبدالها بسلوكيات ومفاهيم (جماعة الإخوان اللامسلمين) والأهم من كل ذلك الإقرار بجريمة محاولة اغتيال المشروع الوطني، والكشف عن محرضيهم ومساعديهم ومموليهم، ومحاسبة أولئك الذين اخترقوا وعي الناس بما يسمى الفتاوى الدينية، وأوقدوا نيران العداء والكراهية بين شرائح صفوف الشعب الواحد، واباحو اغتيال الوعي الوطني، حتى إنهم ( بالإباحية الاخوانية)، قد تفوقوا على صناع الإباحية الجنسية والشذوذ المدمرة للعلاقات الإنسانية الطبيعية الجميلة، فدعوتهم للقتل كانت ومازالت على خلفية الاختلاف في الرأي والموقف السياسي، وتحريضهم على هذا النوع من الجريمة مبرمج، وهيأوا لها المبررات الشرعية عبر منابر المساجد، واعتبروها سبيلا لمرتكبها للحصول على مفتاح الجنة !!.
ليست جريمة محاولة اغتيال رئيس مجلس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج اولى جرائم الانقلابيين في حماس ولن تكون الأخيرة، وليست الأخطر، لأن الأخطر منها اعتبار ما حدث مجرد (فعلة أولاد طائشين) كما يروج عبر ماكينة إعلام حماس، وكما يستميت قادتها وناطقوها الإعلاميون لتسويق هذه الرواية، لأن الجريمة الأخطر ستقع غداً، عندما يكتشف قادة حماس الانقلابين الانفصاليون أن البيت الأبيض في واشنطن قد بدأ بفتح الأبواب عليهم، ومد خيوط التواصل معهم، وإعطائهم جرعات البطر والاستعلاء والاستقواء بمنظومة الدعم التي يتم ترتيبها، للإبقاء على صورة الوضع الفلسطيني العام القائم المنشطر (انقسام جيوسياسي) يستحيل معه الإقرار للشعب الفلسطيني بسيادة على دولة سبق للعالم أن اقر بقيامها على حدود الرابع من حزيران من العام 1967 بالضفة الغربية بما فيها العاصمة الأبدية لفلسطين وقطاع غزة.
لن يقبل الفلسطيني الوطني إراقة نقطة دم واحدة، ولن يفكر أبدا بزيادة مساحة الانفكاك الاجتماعي، أو حتى تأصيل العدائية التي سعى قادة حماس الاخونجيون لغرسها في النفوس، فنحن ندرك الأخطار البعيدة المدى، ونعلم جيدا مدى سعادة قادة الاحتلال عند بلوغنا هذا الحد من التناحر، لذا فان العصيان المدني السلمي ممكن وقابل للتحقق بدون إزهاق روح واحدة ، والمرء لا يحتاج لأكثر من حشد الإرادات فردية وجمعية، والانطلاق بها نحو الهدف الأسمى وهو إعادة غزة بأرضها وناسها الى الوطن، وبما في ذلك جمهور حماس وأنصارها، لأننا بذلك نحررهم من سياسة التضليل والتحريض التي تخرجهم عن كينونتهم الوطنية.
ليس مطلوبا من أهلنا في قطاع غزة أكثر من الالتزام بالقانون والشرعية، ورفض التعامل مع اي مكون امني او سياسي وحتى الاقتصادي، والتحرر من الخوف، حيث لا سبيل لرفع هذا الظلم إلا وحدة الموقف الجماهيري المنسجم مع قرارات القيادة الفلسطينية التي لن تمرر مؤامرة تفجير موكب الشرعية، وتفجير دروب المصالحة، وتفجير ركائز المشروع الوطني، وستحاسب الفاعلين ولو بعد حين .. فما يحدث صراع بين مشروع حركة التحرر الوطنية الفلسطينية ومشروع الجماعة، وأهلنا بغزة سيثبتون أن البقاء للحق والمستقبل وللحرية والاستقلال والتقدم.