تعاملت القيادة الفلسطينية مع القيادات الرسمية والحزبية اللبنانية ومن مختلف ألوان الطيف السياسي، حتى أولئك الذين كان بينهم وبين الشعب الفلسطيني تناقض تناحري، وصدام مسلح في زمن الحرب الأهلية بمنتهى الاحترام، وأبلغهم الرئيس أبو مازن استعداد القيادة الفلسطينية لدعم وتعزيز سيادة لبنان حتى في وعلى المخيمات الفلسطينية، وفتح أبواب التنسيق على مصاريعها مع مؤسسات الدولة اللبنانية بكل مستوياتها، والتقى جميع القيادات اللبنانية السياسية والروحية وغيرهم وفتح معهم صفحة جديدة وإيجابية.
وفي كل مناسبة وزيارة للرئيس أبو مازن أو لمسؤول ملف لبنان الفلسطيني يتم اللقاء مع أركان القيادة اللبنانية لتعميق التواصل بما في ذلك جبران باسيل ، وزير الخارجية. لكن للأسف الشديد مازالت بعض القيادات اللبنانية تتعامل مع الملف الفلسطيني بخلفية سلبية وعدائية دون أي مبرر، ومنهم الوزير باسيل، الذي كان موقفه في لقاء روما الأسبوع الماضي، الذي خصص لمناقشة قضية تأمين دعم لـ ا"لأونروا" أقل ما يقال عنه، إنه عدائي، ولا يعكس الحرص المتبادل بين القيادتين الشقيقتين الفلسطينية واللبنانية، حيث طالب المسؤولين الأمميين في وكالة الغوث "بشطب الفلسطينيين، الذين حصلوا على جنسيات أخرى من سجلات الوكالة". وهو ما يعني شطب حقهم في العودة، وانتقاص حقهم السياسي والإنساني.
والأسئلة التي يطرحها موقف الوزير اللبناني، رئيس تيار لبنان الحر (التيار العوني) أين مشكلتك إن حافظ اللاجئون الفلسطينيون على حقهم في سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين؟ وهل يضير لبنان في شيء احتفاظهم بمكانتهم كلاجئين؟ وهل لو حصل الفلسطيني على كل جنسيات الأرض فهل تنتقص تلك الجنسيات من حقه المشروع، الذي كفله له القرار الدولي 194، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة؟ أم هناك إملاءات من قوى غربية على لبنان لتوطين اللاجئين حيث هم، وبالتالي يحرص الوزير جبران على تقليص أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين؟ ومن قال للوزير اللبناني إن الشعب الفلسطيني في لبنان او غيره من دول الشتات يقبل بالتوطين؟ وهل بهذه الطريقة يحمي لبنان أم العكس؟ وهل هذا رد الجميل للرئيس أبو مازن والقيادة الفلسطينية، التي مدت وبسطت يدها للبنان الرسمي والشعبي؟
للأسف الشديد أساء الوزير باسيل للقيادتين الفلسطينية واللبنانية على حد سواء، وأخطأ بحق العلاقات الأخوية الطيبة والمتميزة بين الشعبين الشقيقين. وهو الذي كان له موقف إيجابي في اجتماع وزراء خارجية الدول العربية في القاهرة في أعقاب اعتراف الرئيس دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل. ما الذي جرى حتى تغير موقفك الإيجابي؟ هل لا سمح الله اخطأ أبناء الشعب الفلسطيني بحق لبنان الرسمي والشعبي أو بحق التيار العوني؟ ولماذا هذا التحامل غير الإيجابي؟.
الشعب الفلسطيني وقيادته السياسية حريصون على وحدة وسيادة وسلامة لبنان أرضا وشعبا ومؤسسات. ولن يسمحوا لأنفسهم بالتدخل في الشؤون اللبنانية إلا بما يخدم عزة وكرامة لبنان، ولن ينجروا لمتاهة الهرطقات والسياسات المعيبة والخاطئة والمسيئة لكفاحهم التحرري، وحقهم في العودة لوطنهم الأم فلسطين، الذي لا وطن لهم غيره. وعلى الوزير الشاب جبران أن يعيد النظر بموقفه المعيب، والمتناقض مع توجهات القيادة الرسمية اللبنانية وعلى رأسها الرئيس ميشال عون، وأن يعتذر عما أدلى به، لأنه لا يمثل توجهات القيادات الرسمية والشعبية اللبنانية. وإذا كان البعض من التيار الحر أو غيره من التيارات لديهم أحقاد ضد الفلسطينيين، عليهم أن يراجعوا أنفسهم، لأن الشعب الفلسطيني مع لبنان السيد والمستقل والحر.