بقلم: حسن بكير

على مدى أشهر مضت، قادت اللجنة الشعبية في منظمة التحرير الفلسطينية إعتصامات عدة ضد سياسة الأونروا التقليصية والتقشفية، وكانت الاعتصامات تكيل التهم للوكالة ومديرها وللسياسة التي تنتهجها.

اليوم وبعد صدور قرار ترامب القاضي بوقف الدعم المالي للوكالة بهدف إنهائها خدمةً لإسرائيل، وبصفتها الشاهد الحي على نكبة الشعب الفلسطيني، وتحت شعار "رفضاً لقرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتمسكاً بوكالة الأونروا"؛ قيادة وشعباً ودفاعاً عنها، نظَّمت اللجان الشعبية الفلسطينية والإتحادات والمنظمات الشعبية في منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، إعتصاماً جماهيرياً لمطالبة المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته لتوفير الدعم الكامل لاستمرار خدمات وكالة غوث اللاجئين، وذلك أمام المكتب الرئيس للأونروا- مقابل المدينة الرياضية، قبيل ظهر اليوم الخميس 2018/3/15، ويأتي هذا الإعتصام تزامناً مع إنعقاد الدول المانحة في روما لبحث أزمة الأونروا.

هذا ورفع المعتصمون اللافتات المؤيدة والداعمة للأونروا وأخرى مطلبية وخاصة حق التعليم.

شارك في الإعتصام ممثلو فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وقيادة حركة "فتح" في بيروت، وممثلون عن الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية، والمؤسسات والجمعيات الأهلية الفلسطينية، وممثلوا اللجان الشعبية وقوى الأمن الوطني الفلسطيني، وحشد جماهيري وشعبي من مخيمات بيروت، وبتغطية إعلامية واسعة من الإعلام اللبناني وبعض الفضائيات.

إنتهى الإعتصام بتسليم مذكرة موجهَّة من اللجان الشعبية في منظمة التحرير الفلسطينية والإتحادات والمنظمات الشعبية في لبنان إلى المدير العام لوكالة الأونروا في لبنان السيد كلوديو كوردوني، إستلمتها نيابةً عنه نائبته السيدة غوبن لويس، التي أكدت استمرار عمل الأونروا وقيامها بالمساعي الحثيثة والتحركات باتجاه الدول المانحة.

وكان رئيس حزب الوفاء اللبناني أحمد علوان قد ألقى كلمة طالب فيها الدول المانحة تقديم الدعم للوكالة لتستمر بتقديم المساعدات للشعب الفلسطيني.

كما ألقى أمين سر اللجان الشعبية في منظمة التحرير الفلسطينية وعضو إقليم حركة "فتح" في لبنان أبو إياد الشعلان كلمة جاء فيها: "نلتقي اليوم ونحن نعيش ارهاصات القرارات الأمريكية غير الشرعية الظالمة والمتحيزة لصالح العدو الإسرائيلي بمنحه القدس عاصمة لدولة إسرائيل، كما أن الإدارة الأمريكية قد تنصلت من كافة الالتزامات السياسية بحق فلسطين وقضيتها باقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران".

وأضاف: "لقد انكشفت خطوط المؤامرة وأصبحت واضحة ولا مجال الآن إلا تسمية الأشياء بمسمياتها، وحان الوقت لوضع النقاط على الحروف، وحسم ما يجري، ولن نسمح بتدمير المستقبل الوطني لشعبنا الفلسطيني، كما أن وقف المساعدات المالية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين والضغط على السلطة الفلسطينية للقبول باملاءات سياسية تخدم العدو الإسرائيلي وهي مرفوضة ومدانة من قبل القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني أينما وجد".

واستطرد الشعلان قائلاً: "من أمام مقر وكالة الغوث الرئيس في بيروت وفي ظل انعقاد المؤتمر الوزاري الاستثنائي في روما تحت إطار الكرامة وتقاسم المسؤولية وحشد العمل الجماعي من أجل استمرار وكالة الغوث في تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين مؤكدين على تمسكنا باستمرار عمل الوكالة، ورافضين أي تسميات أو هيئات دولية أو اقليمية تتعارض مع قرار الأمم المتحدة الذي انشأ هذه الوكالة لحين عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم استناداً للقرار 194".

وتابع: "إننا في مخيمات لبنان نؤكد على تمسكنا بحق العودة رغم كل الظروف الصعبة التي نعيشها، ورغم الإجراءات التعسفية القمعية العنصرية التي يقوم بها العدو الصهيوني بحق أهلنا في القدس، فإننا نناشد المجتمع الدولي والأمتين العربية والإسلامية بالوقوف إلى جانب قيادتنا الشرعية متمثلة بسيادة الرئيس محمود عباس من أجل إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين حسب القرارات الدولية".

وأدان الشعلان باسم المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان العمل الإرهابي الجبان الذي استهدف رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور رامي الحمدلله ورئيس جهاز المخابرات الفلسطينية اللواء ماجد فرج لدى وصولهم إلى قطاع غزة. مؤكداً أن هذا العمل الإجرامي لن يثني القيادة الفلسطينية ومن خلفها الشعب الفلسطيني من العمل الجاد على إنهاء كل مظاهر الفرقة والإنقسام، وتمتين الجبهة الداخلية الفلسطينية في مواجهة كل المشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية.

وفيما يلي نص مذكرة اللِّجان الشعبية والإتحادات والمنظمات الشعبية في لبنان:

السيد كلوديو كوردوني المحترم

المدير العام لـ"الأونروا" في لبنان

يطيبُ لنا في اللجان الشعبية والاتحادات والمنظمات الشعبية لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان أن نتقدَّم منكم بجزيل الشكر والتقدير ومن خلالكم إلى المفوَّض العام لـ"الأونروا" بيير كرينبول على جهودكم التي بذلتموها وما زلتم في الحفاظ على دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" الإغاثي والخدماتي.

إنَّ وكالة "الأونروا" أُنشِئَت بموجب قرار صادر عن الجمعية العامّة للأمم المتّحدة رقم 302 لعام 1949 من خلاله تعمل على تقديم الإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وهذا استنادًا إلى نص القرار الصادر عن الجمعية العامة رقم ١٩٤.

تواصل الإدارة الأمريكية مواقفها المعادية للحقوق الفلسطينية، وذلك انسجامًا مع مواقف وأهداف العدو الصهيوني، وقد اتَّضح ذلك بشكل سافر مع بداية عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي ضرب بعرض الحائط القرارات الدولية كافّةً التي تؤكِّد حقَّ الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره وبناء دولته الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم حسب القرار الدولي 194، وبذلك وضعت أمريكا نفسها في الموقف المعادي ولم تعد طرفًا وسيطًا في العملية السياسية، بل تمادت أكثر بمواقفها العنصرية حينما هدَّدت بوقف تمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين "الأونروا".

إنَّ أيَّ تراجع في هذا الدعم سوف يُؤثِّر وبشكل مباشر على عمل وخدمات "الأونروا" لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين، في الأقطار كافّةً وفي مقدَّمهم لاجئو لبنان الذين تعدُّ ظروفهم الأسوأ بين مناطق وعمليات "الأونروا"، وهذا أيضًا ما أشار إليه التقرير الذي أعدَّته الجامعة الأمريكية بالتعاون مع وكالة "الأونروا" لعام 2005، وأيضًا التقرير الذي صدر نتيجة الإحصاء الذي أجرته لجنة "الحوار اللبناني الفلسطيني" بالتعاون مع جهازَي الإحصاء المركزي اللبناني والفلسطيني.

سعادة المدير العام

إنَّنا نعتبر أنَّ وكالة "الأونروا" فضلاً عن دورها الحيوي في تقديم الخدمات الإغاثية والتشغيلية للاجئين الفلسطينيين، هي أيضًا منظّمة دولية مختصة باللاجئين الفلسطينيين حصرًا، فإنَّ هذه الولاية التي منحتها لها الجمعية العامّة تشكِّل بُعدًا هامًّا لقضية اللاجئين الفلسطينيين.

إنَّ أيَّ تراجع دولي لا سيما تراجع الولايات المتحدة الأمريكية عن وقف دعم موازنة "الأونروا" يُشكِّل بدوره تهديدًا خطيرًا لعمل واستمرارية "الأونروا"، كما أنَّ ذلك سيُضاعف من ارتفاع نسبة الفقر والبطالة والاحباط وسط عموم اللاجئين الفلسطينيين .

إنَّ التهديدات الامريكية بالابتزاز المالي للأونروا واللاجئين، تارةً بالتهديد بوقف المساعدات عنها، وتارةً أخرى بالتلويح بتسليم خدماتها إلى منظمة دولية أخرى، الهدف من ذلك تفكيك "الأونروا" وشطبها تمهيدًا لإسقاط حق العودة، وعليه نؤكِّد التالي:

1. إنَّ شعبنا الفلسطيني متمسِّك بحق العودة، وبدور "الأونروا" وخدماتها الاغاثية والتشغيلية دون نقصان، باعتبارها منظمة دولية أنشأت لاغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين إلى حين عودتهم إلى ديارهم وممتلكاتهم في فلسطين تطبيقًا للقرارات الدولية 302 و 194، ونرفض أيَّ مساس بهذه الحقوق الثابتة.

2. مسؤولية استمرار خدمات "الأونروا" ودعم موازنتها تقع على عاتق الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والدول المانحة.

3. نُثمِّن دور المفوض العام للأونروا السيد بيير كرينبول المتواصل للحفاظ على استمرارية دور وكالة "الأونروا" بالرغم من الضغوطات التي تُمارسها الإدارة الأمريكية والعدو الإسرائيلي عليها.

وفي هذا السياق نُرحِّب بمؤتمر روما الذي ينعقِد اليوم في الخامس عشر من آذار الحالي للوقوف أمام أزمة "الأونروا" المالية، كما ندعو الدول المشاركة فيه وكلَّ الحريصين على السلام إلى ايجاد حلول جذرية للأزمة المالية التي تعصف بوكالة "الأونروا" والناتجة عن عدوان الإدارة الأمريكية على شعبنا الفلسطيني.

وتقبَّلوا منّا فائق الاحترام والتقدير

اللجان الشعبية الفلسطينية في لبنان

الاتحادات والمنظمات الشعبية الفلسطينية في لبنان

2018-3-15