لن نكون سلبيين أبدًا، فنحن العرب أمة العزة والعلم، والفتوح قديمًا وحديثًا في الأرض والنفس، ونحن أمة العقول الناهضة، والمبادرات والعشق والجمال والوعي المرتبط بالمسيح عليه السلام، وبسيد الخلق صلى الله عليه وسلم.

نحن من نسَج من أرواحنا جسرًا نحو فضاء الكون بثقافتنا وحضارتنا العربية الاسلامية المنفتحة، وبإسهامات مسيحيينا المحبين.

نحن، أنت وأنا، هنا وهناك بالقريب والبعيد من البلدان من يصنع بعنفوانه وحبه لوطنه وأمته، وبغَرْفِه ِمن نبع حضارته المنفتحة على الآخر يصنع مستقبل أولاده، ومستقبل الأمم التي يحيا بينها سواء في الشرق أوالغرب.

نحن بالحقيقة أمة التجلّي الظاهر للحق، وأمة التحلّى بالمكارم واتمامها، وأمة فرسان العمل والأمل، والتخلي عن المحبطات، لا يعيقنا ناكر ولا مشاكس ولا ظلامي خارجي حديث.

ونحن من التزم بقول الله تعالى العظيم: تفكروا وتدبروا واعقلوا وانظروا وتأملوا، والتي بها نفتح الآفاق، ونسبح في محيط الأزمات والصراعات والاحترابات ولا نغرق، رغم القلة الشاذة التي تُصوّر على أنَّها ممثلة لنا ولديننا المسيحي والاسلامي، وما هي كذلك أبدًا.

نحن أمة العشق والاحساس المرهف، والجمال الذي نراه جامحًا حينا، ومانحًا للسرور كثيرًا، وجالبًا للهدوء والسعادة في أشعار قيس، وابن أبي ربيعة، وولادة، والحطيئة، وأبي تمام وعنترة وكُثير عزّة، والمتنبي وجرير.

وفي صوفيات ابن عربي وابن الفارض وجلال الدين الرومي والبوصيري، ومن تلاهم من العمالقة أمثال الجواهري والكرمي ودرويش وحافظ ابراهيم والشابي وأحمد رامي وأحمد شوقي.

أمة الأفق المنفتح احتضنت ابن سينا وابن رشد والفارابي والبخاري وابن ماجة واخوان الصفا والأصفهاني وابن عبدربه، والآلاف من العلماء والمفكرين القدماء، وحديثًا الكواكبي، ومحمد عبده والجابري والأنصاري والقصيبي والربيعي وابن عاشور،ومالك بن نبي، والغزالي والشعراوي وطه عبدالرحمان، وجدعان، والآلاف الآخرين من المفكرين والعلماء والادباء والفنانين والموسيقيين والمبدعين صغارًا وكبارًا.

نفتخر -ويحق لنا ذلك- أنَّنا نتفوق ونتقدم في أي مجال، وإن ضاقت علينا مساحات عقول بعض الحكام المستبدين الذين أدمنوا السلطة والمظلمة وسوم الناس العذاب، فلن نأبه لهم وسنستمر في رسالة امتنا للعالم.

نعم نظل منفتحين محبّين متشوقين للمعرفة والاستزادة من العلم، والحب والجمال، لأننا وكما قال الله تعالى: "وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا-هود108"، نعرف كيف نسعد بالدنيا نحن والعالم، ونفرح فنسعد بالآخرة.

إنَّ زناد العقل العربي "العربية لسان وحضارة لكل العرب والكرد والامازيغ والآشوريين وكل سكان المنطقة" لا يتوقف عن القدح، وعسل القلب العربي في متن حضارتنا لم يتوقف عن تزويد العالم بالطلاوة.

لم يتوقف قدحًا وطلاوة أبدا سواء إبان عصور الغرب المظلمة، أو حين لقنوهم الدرس تلو الدرس حين ألقوا علينا بقاذورات فكرهم الاستعماري الاستغلالي وأكذوبة التفوق العنصرية واحتلال بلادنا، ونهب خيراتنا.

نحن اليوم كأمة وشعوب نضرب المثل والقدوة في رفض مُنتَج العقل الاستعماري الاقصائي الذي صَدّر الينا مشكلتهم المزمنة مع اتباع الديانة اليهودية، فألقوها في أحضاننا، وكأنَّهم يتعاملون معهم كمياه مجاري.

تخلص الغرب من مواطنيه من أتباع الديانة اليهودية برميهم في بلادنا بدلا من ان يصلحوا عقلهم الاقصائي الاستعماري الواهم بتفوقه فلم يستوعبوهم، وما كان لنا مهع يهودنا العرب مشكلة.

نحن اليوم كأمة-مهما تخاذل المتخاذلون وتراكض المتراكضون نحو الوهم- أرباب المقاومة والكفاح ضد الاحتلال وعقلية الاستعمارالواهمة بتفوقها.

ونحن رافعو راية الحرية والعدالة والتقدم والإنصاف ضد الامبريالية الشرسة، التي تهيمن على العالم بلا اخلاق، وهي التي جعلت من الاسرائيلي عملاق المنطقة، فتخلصت بقذفه بعيدا عنها من عقدة الذنب لاضطهادها لهم طويلاً، فأوجعت قلوبنا وزورت التاريخ وهضمت الحق، وأدمتنا بكذب الحضارة.

نحن العرب أصحاب القدوة والعزة والمرحمة للانسانية جمعاء، هكذا علمنا المسيح وهكذا علمنا سيد الخلق محمد، وهكذا أسس حضارتنا القيمية، وهذه رسالتنا لمن يفهم أو لا يفهم،ولا ينكر ذلك إلا جاحد أو متطرف أو عنصري بغيض، أومتخلف أو كاذب.

لا تنظروا اليوم لحجم التراجع في السياسيين العرب، وعديد حكام الأمة، ولا تنظروا لمركب الذِلّة والانكسار الذي يركبونه، لا حقين بالغرب لعلهم يتسولون منه الرضا أو التفاتة بلهاء باسمة، فهم وإن كانوا الظاهرين البارزين والأطول أعناقا، فهم ليسوا الممثلين الحقيقيين للأمة بفكرها وحضارتها وثقافتها وتاريخها بل ومستقبلها، ورسالتها، ففيهم لا ترى ذلك، نعم: وفينا نحن يرى الآخرون ذلك.

لسنا في التطرف أوالارهاب إلا أشباح أو نقطة في بحر، مقابل مئات السنين وملايين الضحايا من محاكم التفتيش، ومن تطرف وإرهاب واستعمار

"الغرب" المهووس.

نحن –أي متطرفينا-نقطة في بحر إرهاب الغرب ضد مخالفيه في الدين اوالمذهب، وإرهاب استعماره لبلاد الأحرار بالعالم، ونهبهم بوسائل عدة حتى اليوم.

يكفينا شرفا أننا لم نستعمر بلدا أبدًا، ولم ندعي التفوق مطلقا، فنحن أمة الوسط والشهادة.

ولما جابهنا العالم بالدين الحنيف، والعلم والقيم كان هذا الثالوث عنوانا لنا على مائدة الشرق والغرب، قدمناه لهم بشوق ومحبة وسَعة وحبوربلا احتكار ولامنّة، فتآلفنا وتخالطنا وتعارفنا وتزاوجنا مع أمم الشرق والغرب بلا عنصرية بغيضة ولا قومية نتنة ولا طائفية فجة، ولا شعوبية ساقطة.

وما زلنا لا ننزعج أن نخدم الانسانية بجد ومحبة وعشق، فهذا واجبنا وهذه رسالتنا.

هذا نحن، وهذا ما يراه منا أطفالنا فيعتزون ويفخرون ويقتدون.