مسؤول علاقات "حماس" الدوليَّة أسامة حمدان يقول أنَّ حركته بدأت تعد العدة لما بعد الرَّئيس أبو مازن. وإعلام "حماس" لم ير في خطاب الرَّئيس التَّاريخي بمغازيه وما فيه من تحدٍ وشجاعةٍ إلا ما قاله "إننا سلطة من دون سلطة".

حديث حمدان، الذي يجوب العواصم الإقليميَّة ليقدم لها خدمات "حماس" في صراعاتها الإقليميَّة، لا يمكن تفسيره في هذا الوقت بالذات سوى خدمة لإسرائيل وإدارة ترامب. فقط "حماس" وحكومة نتنياهو وترامب من يتمنى أن يغمض عينيه ويفتحها ليرى أبو مازن وقد اختفى عن المشهد السِّياسي.

الشَّعب الفلسطيني الذي يتابع بإعجاب وتقدير الجهد الجبار للرَّئيس في مواجهة قرار ترامب ومن أجل تثبيت الحقوق الوطنيَّة، يتابع أيضًا وتابع عبر ثلاثة عقود مضت سقوط "حماس" وتخندقها في الصف المعادي للوطنيَّة الفلسطينيَّة. وبما أنَّ أبو مازن هو رمز هذه الوطنيَّة وحاميها في هذه المرحلة فانه هدف لحماس تمامًا كما هو بالنسبة لإسرائيل وإدارة ترامب.

على أيَّة حال مَنْ أسَّس الانقسام الفلسطيني وقام بانقلابه على الشرعيَّة الوطنيَّة هو بالأساس في خندق الأعداء.

أسامة حمدان يعبر عن سروره أن "فتح" لم تعد تحتكر تمثيل الشَّعب الفلسطيني، وبالتأكيد هو يقصد منظمة التَّحرير الفلسطينية التي بقيت "حماس" خارجها، هذا السرور لا يشاركه فيه إلا العدو الإسرائيلي.

من يريد أن يرى أن قوة "فتح" قد تراجعت، فتح المُعبر الحقيقي عن الوطنيَّة الفلسطينيَّة وأطلقت الثَّورة المعاصرة وصاغت الثَّوابت الوطنيَّة وحافظت على القرار الوطني، هو بالتأكيد يعمل وكليًا لصالح أعداء الشَّعب الفلسطيني مهما غلَّف نفسه بغلاف المقاومة الكاذب.

بدل أن تُكفِّر "حماس" عن ذنوبها بأن تضع يدها بيد الرَّئيس وبيد "فتح" و "م.ت.ف" في هذه اللحظة المصيريَّة فإنها مشغولة بالتحضير لخلافة أبو مازن. الشَّعب الفلسطيني ما زال يتذكَّر مواقف "حماس" من القائد التاريخي ياسر عرفات، وطالما خوَّنته، وبعد استشهاده وبهدف مناكفة الرَّئيس أصبح أبو عمار القائد الوطني الذي حافظ على الثَّوابت.

وفي سياق التذكير، "حماس" وعندما كانت الدبابات الإسرائيلية تحاصر الزعيم الخالد، كانت تُحضر لمرحلة ما بعد عرفات، الاستيلاء على السلطة وليس لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وبالفعل شاركت في انتخابات 2006 لهذا الغرض واستكملت ما حضرته وخططت له في انقلابها في غزة 2007.

إنه أمر محزن بالفعل أن تفعل "حماس" ما تفعله في وقت يخط فيه الرَّئيس أبو مازن بأحرف من نور تاريخًا وطنيًا فلسطينيًا مضيئًا بالصمودِ والشجاعةِ والحكمةِ في الدفاع عن الحق الفلسطيني وهو يقف في وجه أقوى دولة في العالم.

ومهما يكن الأمر على "حماس" أن تخجل من هذه المواقف لأنَّ التَّاريخ لن يرحم ومهما حاولت "حماس" أن تُزوِّر حقيقتها اليوم فإن التَّاريخ سيميِّز الوطني الفلسطيني عن الخادم بأفعاله ومواقفه الأعداء.