نظَّمت حركة "فتح" - قيادة منطقة الشمال لقاءً تضامنيًّا مع القدس ورفضًا لقرارات الرئيس الأمريكي المتصهين دونالد ترامب اليوم الجمعة 19-1-2018، حضره ممثِّلو قوى وأحزاب لبنانية وفصائل فلسطينية ولجان شعبية ومؤسسات وفعاليات من مخيَّمات الشمال ومخيَّمات سوريا.

بدايةً كانت أبيات شعرية من وحي المناسبة ألقاها سفير النوايا الحسنة الشاعر شحادة الخطيب.

ثُمَّ كانت كلمة حركة "فتح" في منطقة الشمال ألقاها أمين سرها أبو جهاد فيّاض، ممَّا جاء فيها: "إنَّ قرار ترامب الأرعن بنقل سفارة بلاده إلى القدس يُعدُّ تحديًّا لمشاعر المسلمين والمسيحيين، وكلِّ أحرار العالم، وهذا القرار المرفوض رفعَ وتيرةَ التحرُّكات في الشارع العربي والإسلامي والعالمي، بالتوازي مع المواجهات والتضحيات اليومية لأبناء شعبنا على أرضنا المباركة دفاعًا عن مقدَّساتنا".

وطالبَ فيَّاض القوى والأحزاب والجماهير العربية بالنزول إلى الشارع من أجل الضغط على حكوماتهم لقطع العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية مع الإدارة الأميركية وكيان الاحتلال الصهيوني، وأكَّد أنَّ الأمن والاستقرار في المنطقة العربية لن يتحقَّقا إلَّا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلّة، وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين إلى ديارهم وقراهم وبلداتهم التي هُجِّروا منها قسرًا استنادًا للقرار الدولي 194.

ورأى فيَّاض أنَّ قرارات المجلس المركزي الأخير جاءت على مستوى طموحات أبناء شعبنا الذين يُقدِّمون دماءهم من أجل طرد المحتلين الصهاينة عن أرضنا المقدسة، وأضاف: "كنا نأمل مشاركة الجميع، الاخوة في حماس والجهاد الإسلامي والقيادة العامّة، لأنَّنا متمسِّكون بالوحدة الوطنية الفلسطينية لمواجهة ودحر الاحتلال الصهيوني".

وتطرَّق إلى أبرز مقرَّرات المجلس المركزي الفلسطيني، وعلى رأسها التمسُّك باتفاق المصالحة الموقَّع في أيار 2011، وآليات وتفاهمات تنفيذه وآخرها اتفاق القاهرة 2017؛ وتمكين حكومة الوفاق الوطني من تحمُّل مسؤولياتها كاملةً في قطاع غزة؛ وبعدها إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وعقد المجلس الوطني الفلسطيني بسقف زمني لا يتجاوز نهاية العام 2018؛ ورفض قرار ترامب الأرعن باعتبار القدس عاصمةً لكيان الاحتلال الصهيوني؛ وتحميل سلطة الاحتلال الصهيوني مسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني في دولة فلسطين المحتلة؛ ووقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله، والتحرُّر من علاقة التَّبعيّة الاقتصادية التي كرَّسها اتفاق باريس الاقتصادي، وذلك لتحقيق استقلال الاقتصاد الوطني.

وتوازيًا مع قرارات المجلس المركزي المشرِّفة، طالبَ فيّاض كلَّ الدول العربية والإسلامية والأوروبية وكلَّ الهيئات والمؤسسات الوطنية بمقاطعة كيان الاحتلال الصهيوني، وفرض العقوبات عليه لردع انتهاكاته الصارخة للقانون الدولي، ووقف عدوانه المستمر على الشعب الفلسطيني باستمرار الاستيطان وقضم الأراضي في الضفة الغربية حيثُ لم يعد بالإمكان قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة.

وأكَّد فيَّاض حقَّ الشعب الفلسطيني بممارسة كافة أشكال المقاومة ضدَّ الاحتلال الصهيوني وَفْقًا لأحكام القانون الدولي حتى دحره عن أرض فلسطين، وطالبَ المجتمع الدولي بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني في أرض دولة فلسطين المحتلة، وتفعيل طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، ورفع شكاوى ضدَّ الاحتلال في مختلف القضايا كالاستيطان، والأسرى وخاصةً الأطفال، وجرائمه التي يرتكبها يوميًّا في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبته.

ولفت إلى أنَّ قرار الإدارة الأميركية بوقفِ الدعم المالي المقدَّم لوكالة "الأونروا" التي تأسَّست في العام 1950 لتقديم الخدمات الإنسانية لشعبنا، والسعي من أجل إنهائها يعدُّ إنهاءً لقضية اللاجئين الفلسطينيين وشطبًا لحق العودة وضغطًا على السلطة والشعب الفلسطيني لإجبارهم على القبول بأيّ حلول ومشاريع أميركية في المنطقة.

وطالبَ القيادة الفلسطينية بتأمين مصادر تمويل لـ"الأونروا" من الدول الأوروبية والعربية من أجل استمرار تقديمها للخدمات لأبناء شعبنا الفلسطيني، كونها الشاهد الحي على لجوئنا القسري وتحمُّلنا لأعباء هذا اللجوء لحين تحقُّق حلم العودة إلى ديارنا في فلسطين.

ورأى أنَّ تقليص خدمات "الأونروا" له انعكاسات سلبية على أوضاع أبناء شعبنا في مخيَّمات اللجوء، وخاصّةً في مخيَّم نهر البارد الذي أُوقِفَت عنه خطة الطوارئ (الإغاثة والطبابة وبدلات الإيواء للعائلات التي لم تتسلَّم بيوتها). كما طالبَ "الأونروا" بمواصلة تقديم الخدمات للمهجَّرين الفلسطينيين من مخيّمات سوريا في فصل الشتاء لحين انتهاء الأزمة في سوريا الشقيقة.

وتابع: "نتمنَّى الاستقرار الأمني للبنان الشقيق، ونُوجِّه التحية لشعبه وقيادته على وقوفهم إلى جانب فلسطين وشعبها حيثُ كانوا في الطليعة خلال التحرُّكات الرافضة لقرارات ترامب والداعمة لصمود أهلنا في القدس"، وأكَّد ضرورةَ حفظ أمن المخيّمات في لبنان من أي عابثٍ فيها بالتنسيق مع الدولة اللبنانية.

وأشار إلى أنَّ عدد الأسرى في معتقلات الاحتلال الصهيوني قد تجاوز الـ7000 أسير وأسيرة بينهم 400 طفل داخل الزنازين خلف القضبان، وهُم صامدون بعزيمة قوية لا تلين مُصرّين على تحقيق الانتصار على الجلادين الصهاينة لانتزاع حُريّتهم وحُريّتنا.

وناشدَ مؤسَّسات المجتمع الدولي المعنيّة بحقوق الإنسان والصليب الأحمر الدولي التدخُّل من أجل إطلاق سراح أسرانا، وفي مقدّمهم الأسير الطفل أحمد مناصرة والأسيرة الطفلة عهد التميمي.

ووجَّه فيَّاض التّحية لأبطال عملية نابلس الذين أعدموا الحاخام الصهيوني، وخصَّ بالذكر الشهيد البطل من حركة "فتح" أحمد جرار ابن مدينة جنين الأبيّة، موجِّهًا من خلاله التحيّة لأهلنا الصامدين في الضفة والقدس وغزة المرابطين المدافعين عن مقدَّساتنا وترابنا الوطني.

وختمَ كلمته قائلاً: "لم ولن يولد من يتخلَّى عن ذرة تراب من أرض فلسطين والقدس، لأنَّ فلسطين وطننا، والقدس عاصمتنا، وسنُصلي في القدس معًا وسويًّا إن شاء الله".

وبعدها كانت كلمة مسؤول الشؤون الدينية في "المؤتمر الشعبي اللبناني" وعضو "اللجنة الدولية للقدس" د.أسعد السحمراني الذي قال: "بكلِّ العزِّ نقف في حضرة الشهداء القائد الرمز ياسر عرفات والقئد خليل الوزير وليس آخرهم أحمد جرار. عندما نتكلَّم عن القدس، فإنَّنا لا نأتي لنتضامن لأنَّنا شركاء، ونحن قوم قادتنا الأطفال أحمد مناصرة وعهد التميمي".

واقترح سحمراني عددًا من الخطوات لدعم أهلنا في القدس، فصَّلها قائلاً: "أولاً، تقديم الدعم المالي الممكن لتعزيز صمود أهلنا في القدس. ثانيًا، واجبنا جميعًا وخاصّةً المشايخ والأساتذة استخدام عبارة "دولة الاحتلال الصهيوني" عوضًا عن (إسرائيل) والمستعمرات عوضًا عن مستوطنات، ويجب أن نقول فلسطين التاريخية. ثالثًا: تعزيز ثقافة فلسطين التاريخية وأسماء المدن والقرى لأنَّ عدونا يُحرِّف ويُغيِّر أسماء المدن والقرى لتهويدها. رابعًا: رفع مستوى مقاومة التطبيع والمقاطعة. خامسًا: طرد السفراء في الدول التي لها علاقات مع الاحتلال وإقفال مكاتب العلاقة مع العدو الصهيوني. سادسًا: معاقبة أميركا على قرارها الجائر بحق القدس من خلال مقاطعة سفاراتها وبضائعها. سابعًا: استحضار قضية القدس في كلِّ مناسباتنا. ثامنًا: تعزيز الوحدة الوطنية من خلال إتمام المصالحة وتغليب المصلحة الوطنية".

وختمَ مُطالبًا الدولة اللبنانية بإعطاء أبناء الشعب الفلسطيني الحقوق المدنية والخدمات مؤكِّدًا أنَّ منحهم حقوقهم الإنسانية والاجتماعية لا يعني التوطين.

ثُمَّ كانت كلمة لمسؤول حركة "التوحيد الإسلامي" فضيلة الشيخ بلال شعبان جاء فيها: "القتال هو العنوان الأساسي للإنسان كي يستعيد أرضه، وهذا الشعب الفلسطيني الذي أطلق ثورته منذ أكثر من سبعين سنة وقدَّم خيرة أبنائه من أجل استرداد وطنه، عرف بشبابه ونسائه طريقة تحرير وطنه، فجاءت صفعة عهد التميمي لذلك الجندي الصهيوني ليتردَّد صداها في قصور الملوك المتخاذلين، وجاء الشاب إبراهيم أبو ثريا كي يتقدَّم نحو الشهادة رغم إعاقته الجسدية، ولكنَّنا وجدنا العديد من القادة العرب معوقين عقليًا يتمرَّغون على أبواب البيت الأبيض، ويستمعون لذلك المعتوه ترامب".

وأشار إلى إنَّها المرّة الأولى التي تتم فيها مواجهة أميركا في الأمم المتحدة من قِبَل دول العالم، لافتًا إلى أنَّ ترامب يقف ليواجه العرب ويوقف المال عن "الأونروا" ليضغط على الفلسطينيين، ومُتسائلاً: "هل نحن كعرب بحاجة إلى أموال ترامب، ونحن نمتلك آبار نفط معروف أولها ولا يعرف أين آخرها؟ نحن نمتلك خيرات الأرض من نفط وماء وكُلّنا نعيش عصر الذل".

وأضاف: "لقد صنعنا أسماء ندافع عنها ونسينا الهدف الأسمى وهو فلسطين، ودحر المحتلين الصهاينة عن أرضها... علينا أن نكون مثل نبيِّنا الذي بكى عند مغادرته مكة المكرمة، فهو الوطني وتفاخر بقومه وبدينه". وتابع: "علينا أن لا نلغي وطنيّتا وقوميّتنا، ولكنَّ أن نلغي التعصُّب للقومية وللوطن".

وأكَّد أنَّ "أوّل خطوة باتجاه القدس هي الوحدة الوطنية، لأنَّها أهمُّ وسيلة لمواجهة وقهر العدو وطرده من فلسطين وإحداث هجرة معاكسة في كيان الاحتلال الصهيوني، وهي دعوة إلى تفعيل الانتفاضة وتأجيجها ومن الضروري دعم أهلنا في القدس والضفة".

ورأى شعبان أنَّ أهلنا في أراضي الـ1948 هُم طليعة تحرّر فلسطين لأنَّهم الإسفين الذي سوف يقصُّ دولة الاحتلال الصهيوني.