أقام مركز رؤية للدِّراسات والأبحاث في فلسطين وجمعية فلسطين تجمعنا، ملتقى إعلامي لدعم القدس، تحت شعار "دور الإعلام في دعم قضية القدس"، بمقر بلدية صيدا وتحت رعايتها وذلك يوم الأحد 2018/1/14.

حضر الملتقى عضو المجلس الثَّوري لحركة "فتح" الحاج رفعت شناعة، ورئيس بلدية صيدا ممثلاً بعضو المجلس البلدي كامل كزبر، وحشد من ممثلي القوى والفصائل الفلسطينية، وممثلي عن المؤسسات الأهلية الفلسطينية واللبنانية، والمؤسسات الدولية، وشخصيات إعلامية، ونشطاء العمل الاجتماعي من فلسطينيي لبنان.

افتتح الملتقى الذي بدأ بالوقوف دقيقة صمت، ثمَّ قراءة الفاتحة على أرواح الشهداء، تلاه عزف النشيدين الوطنيين اللبناني والفلسطيني، ثمَّ ألقى رئيس مركز رؤية للدراسات والأبحاث في غزة مصطفي زقوت كلمة وجَّهها عبر موقع التواصل الاجتماعي (سكايب)، رحب فيها بالحضور الكريم، مشدداً على أن لقاء اليوم هو لمناقشة قضية هامة وحيوية وأساسية بالنسبة للفلسطينيين والمسلمين والمسيحيين في العالم، وهي "دور الإعلام في دعم قضية القدس"، وأثره في تشكيل الوعي الجمعي بأهمية مدينة القدس والمقدسات بالنسبة للعالم العربي والإسلامي والمسيحي، مندداً بقرار رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ترامب بنقل السفارة الفلسطينية والاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، مشدداً على ضرورة حشد كافة الطاقات والإمكانات العربية والإسلامية من أجل مواجهة تلك القرارات، مشيداً بالحراك الشعبي الجماهيري العفوي الذي عم العالم أجمع.

بدوره، شدد ممثل رئيس بلدية صيدا كامل كزبر في كلمته على أن القدس عربية وستبقى عاصمة أبدية لدولة فلسطين، داعياً إلى توحيد الخطاب الإعلامي ومزيداً من تظافر الجهود العربية والإسلامية الرافضة لأي مساس بالقدس وصولاً إلى السعي لاتخاذ الإجراءات التي تساهم بتراجع إدارة الرئيس الأمريكي ترامب عن قراره.

من جهته، رأى عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية صلاح اليوسف أن أي عمل ينصر القدس مهما كان له مكانته في مقاومة المشروع الأمريكي والصهيوني وهو يشكل عامل مقاومة لها. مطالباً بتعزيز دور الإعلام في تناول قضية القدس بشكل يومي ومكثف وعدم معاملتها كقضية موسمية تعتمد على ردات الفعل، داعياً إلى تشكيل إعلام مقاوم موحَّد يخاطب العالم بعدة لغات لنقل الصورة عن مدينة القدس والقضية الفلسطينية من وجهة نظر المقاومة الفلسطينية ودحض الرواية الصهيونية.

فيما اعتبر مستشار دولة فلسطين في دولة الإمارات العربية أسامة إبراهيم، أن الإعلام سلاح هام في أي مواجهة أو معركة، وهو سلاح ذو حدين إمَّا أن يحقق نتائج إيجابية أو ينعكس بشكل سلبي، موضحاً على أن الكيان الصهيوني أدرك ذلك مبكراً لذلك اتجه نحو السيطرة على المكنة الإعلامية العالمية، وسخَّره لصالحه، مشيراً إلى أن الإعلام العربي لم يرق حتى اللحظة للمستوى المطلوب منه في منافسة الإعلام المضاد، مطالباً بمزيد من الوعي وتصويب بوصلة الإعلام العربي وإغلاق الأبواق ووسائل الإعلام التي تسوق للعدو الصهيوني.

جلسات الملتقى:

تضمن الملتقى الإعلامي جلستان، تناولت كل جلسة أربع أوراق، ترأسهما الإعلامي وسيم الوني الذي أكَّد في افتتاح الجلسات على أنَّ القدس هي قلب الصراع العربي الفلسطيني وهي مفتاح الأمن والسَّلام في العالم أجمع، مضيفاً أن كل من يحاول تهويدها وتغيير معالمها وتدنيس مقدساتها الإسلامية والمسيحية فأنه يشعل فتيل حرب دينية في المنطقة ستحرق الأخضر واليابس. لافتاً إلى أن المدينة المقدسة تعرضت ولا زالت لأبشع الانتهاكات الصهيونية المستمرة، هذه الاعتداءات طالت جميع مناحي المدينة المقدسة أمام صمت العالم الظالم، منوهاً إلى أن الأدهى من ذلك أن الولايات المتحدة ورئيسها المجرم ترامب اتخذت قراراً بأن القدس عاصمة للكيان الغاصب ألهب مشاعر الأحرار في العالم.

وفي ختام كلمته شكر الوني باسم مركز رؤية للدراسات والأبحاث وجمعية فلسطين تجمعنا، بلدية صيدا ممثلةً برئيسها المهندس محمد السعودي على رعايتها للملتقى ما يعكس مدى الأخوة والمحبة والترابط بين الشعبين الفلسطيني واللبناني.

الجلسة الأولى:

تضمنت الجلسة الأولى التي كانت تحت عنوان "القدس في الإعلام المحلي والعربي" أربع أوراق عمل، قدَّم الورقة الأولى إمام وخطيب مسجد (بهاء الحريري) في صيدا الشيخ عبد الله البقري، تناول خلالها "أهمية الخطاب الديني في دعم القدس" وأهميتها الدينية، وكيفية تناول رجالات الدين لهذه القضية وكيف يمكن التعاطي مع خطاب الديني في تكوين رأي عام داعم للحق الفلسطيني، مؤكداً على أنّ القدس خط المصير والمسير، وهي القضية الأم والجنة تحت أقدام الأمهات، لافتاً إلى أن هناك غياب تام للإعلام العربي الوازن والفعال، الذي يتعاطى مع الحدث من خلال ردات الفعل، لا من باب التأثير وصناعة الحدث والرأي.

فيما تناول عضو المجلس الثَّوري لحركة "فتح" ومسؤول الإعلام في لبنان رفعت شناعة في الورقة الثانية "رؤية الإعلام العربي لقضية القدس" سلَّط الضوء خلالها على أهمية القدس من الناحية التاريخية والقرارات الدولية التي دعت إلى تهويدها وطمس معالمها العربية والإسلامية والمسيحية، مشيداً بصمود أهالي القدس الذين يتعرضون للضغوطات من قبل الاحتلال الإسرائيلي لإحباطهم ودفعهم إمَّا إلى مغادرة القدس، أو الهجرة إلى الخارج، مشيراً إلى أن هناك ضعف في تعاطي الإعلام العربي مع قضية مهمة بحجم القدس وتسليط الضوء عليها، معتبراً أن مرد ذلك لتفاوت الاهتمام بالقدس من دولة إلى أخرى، وهذا عائد إلى مستوى الانتماء والاهتمام القومي والديني، وإلى طبيعة نظام الحكم القائم، كما تناول في ورقته مدى تأثير الإعلام الصهيوني في الرسالة الإعلامية للدول العربية ومدى التركيز على أنها قضية حق وقضية تتوافق مع كافة الشرائح الدولية وقرارات الأمم المتحدة.

أما الورقة الثالثة والتي جاءت تحت عنوان "غياب القدس في الإعلام العربي" قدَّمها مسؤول العلاقات السياسية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في صيدا حسين حمدان، بحث خلالها في كيفية تناول الإعلام العربي لقضية القدس، في ظل وجود العديد من القضايا التي تشغل الجماهير العربية منها القضايا الداخلية وغيرها، وما هو مضمون الرؤية العربية للقضية، وشدد على ضرورة تصويب الإعلام الفلسطيني وتفعيل دوره ووضعه في بوتقة واحدة ليخدم القضية الفلسطينية ويكون رأس حربة ومرجعية للإعلام العربي والعالمي لتنهل منه.

من جهته، اعتبر مدير عام الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين وعضو الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج علي هويدي في الورقة الرابعة "تهديدات ترامب وتأثيرها على مستقبل القدس واللاجئين"، أن اعتراف الإدارة الأمريكية بالقدس عاصمة موحَّدة للكيان الإسرائيلي المحتل والتهديد بوقف الدعم المالي للأونروا إن لم تعود السلطة الفلسطينية لطاولة المفاوضات مع الكيان الإسرائيلي، عدواناً موصوفاً على مكونات القضية الفلسطينية الأساسية (الشعب والأرض والمقدسات) وفضيحة سياسية مدوية لما يسمى بـ "صفقة القرن" التي يعمل عليها ترامب والكيان الإسرائيلي وحلفائهما لإنهاء القضية الفلسطينية، مشدداً على ضرورة وجود رؤية عربية إسلامية إستراتيجية موحدة تجاه الاحتلال الإسرائيلي، واستمرار الحراك الشعبي في المخيمات والتجمعات والمناطق المختلفة في العالم، ودعم صمود وتثبيت المقدسيين، والاستفادة من صفة العضو المراقب لدولة فلسطين في الأمم المتحدة والعمل على تشكيل لوبيات ضاغطة داخل المنظمة الدولية للتأثير على صانع القرار، داعياً في ختام ورقته إلى ضرورة تصعيد الانتفاضة الشعبية في الضفة الغربية والقدس لتصبح شاملة وصولاً للعصيان المدني وتحميل الاحتلال المسؤولية الكاملة وفقاً للقوانين والمعاهدات الدولية.

الجلسة الثانية:

تضمنت الجلسة الثانية أربع أوراق عمل، قدم الورقة الأولى الإعلامي زهير الخطيب تحت عنوان "وسائل الاتصال الإعلامية المحلية ودورها في دعم القدس" تحدث فيها عن دور وسائل الإعلام المحلي الراديو – التلفزيون – الصحف في حشد الرأي العام حول قضية القدس، معتبراً أن المعركة اليوم بين الحق والباطل في الأرض هي معركة مدارة إعلامياً حتى وإن كانت تأخذ شكل الدمار والخراب، مشيراً إلى أنه لا يخفى على أحد أن اليهود وأعوانهم في العالم منذ البداية يحاولون السيطرة على العالم من خلال وسيلتين هما: المال والإعلام، متسائلاً عن موقع إعلامنا من معركتنا مع العدو؟ هل أدركنا نحن الفلسطينيين خطورة الإعلام وبنينا مواقف وسياسات على هذا الإدراك؟. مشدداً على أنه ورغم ما حققته وسائل الإعلام على صعيد دعم صمود الشعب الفلسطيني إلا أن مظاهر قصور واضحة وخطيرة وقعت ما كان ينبغي لها الظهور لشعب يقارع عدواً شرساً، ولعل أهم هذه المظاهر: أننا نخاطب أنفسنا ولا نتطرق إلى سقطاتنا ونرفض النقد.

في حين استعرض الباحث في مركز رؤية بغزة إيهاب البلعاوي في كلمة مسجلة "دور وسائل التواصل الاجتماعي في تسليط الضوء على قضية القدس"، مركزاً على أهمية تفعيل وتسخير الإعلام في خدمة القضية الفلسطينية وعلى رأسها دعم قضية القدس.

فيما تناولت الورقة الثالثة التي قدمها الكاتب والإعلامي الفلسطيني فارس أحمد بعنوان "دور الإعلام في دعم قضية القدس" بالتحليل لطبيعة الخطاب الحزبي للفصائل الفلسطينية، وأهمية القدس كقضية محورية ومركزية في الخطاب الإعلامي للفصائل، والوسائل التي يمكن أن تدعم صمود أهلنا في القدس، داعياً إلى عدم إهمال الكفاءات الإعلامية، والإضاءة على كل الحياة المقدسية بكافة أنواع الوسائل الإعلامية وتأهيل الكوادر الإعلامية، وجعل أكبر شريحة من المجتمع الفلسطيني ناقل للخبر أي إعلامي، ووقف المتنفذين الذين يتحكمون بالصحافة الفلسطينية.

أما الورقة الرابعة والأخيرة جاءت تحت عنوان "المأمول فلسطينياً من الإعلام في خدمة القضية الفلسطينية" قدمها الكاتب والباحث في مركز رؤية الدكتور رائد حسنين في كلمة مسجلة بحث خلالها كيفية الاستفادة من الثورة التكنولوجية والمعلوماتية وتعدد وسائل الإعلام لصالح القضية الفلسطينية، وتظهير العديد من القضايا التي تساند الحق الفلسطيني عبر تسقيط الضوء على إجرام دولة الاحتلال بحق جماهيرنا الفلسطينية، كما تطرق إلى الواقع الإعلامي الفلسطيني والمخاطر التي تتعرض لها مدينة القدس، معتبراً أن إعلان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بأن القدس عاصمة لدولة الاحتلال وإصدار تعليماته بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، أعاد هذا القرار القضية الفلسطينية إلى مربع الصدارة، وقضية القدس أضحت أيقونة نضال الشعب الفلسطيني وأحرار العالم، وهذا يتطلب تسليط الضوء إعلامياً على قضية القدس.

وفي نهاية الملتقى كان هناك عدة توصيات أهمها:

  • القدس كانت وستبقى عاصمة فلسطين التاريخية، وقلبها النابض الذي يخفق بالتعاليم السمحاء للرسالات السماوية، ولن تقوى كل مشاريع التهويد والصهيونية ولا كل القوانين العنصرية على تغيير صورتها وهويتها العربية والإسلامية.
  • وضع خطة إعلامية عربية موحدة تتابع المستجدات الميدانية والسياسية.
  • صناعة وتكوين وتأسيس إعلام دولي فلسطيني.
  • التركيز والاهتمام بالجانب الإنساني في القضية الفلسطينية، والتي تجرم الاحتلال الصهيوني وتفضحه أمام الرأي العام، وتجعل الرأي العام ينحاز إلى الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.
  • توسيع العلاقات الإعلامية حول العالم بغرض الوصول إلى أوسع مساحة جغرافية، وتشكيل لوبي إعلامي يخدم القضية الفلسطينية.
  • الاهتمام في نوعية وجودة المادة الإعلامية المقدمة إلى الرأي العام، بحيث تنجح في إيصال رسالة الشعب الفلسطيني وعنوانها عدالة القضية الفلسطينية، والاعتماد على الصوت والصورة لما لها من تأثير على الآخرين.
  • ترجمة المواد الإعلامية الفلسطينية إلى اللغات الأخرى لسهولة إيصالها إلى الرأي العام العالمي، وبناء المواقف المؤيدة للحقوق الفلسطينية.
  • تكثيف النشاط الإعلامي حول الإجراءات الصهيونية بحق القضية الفلسطينية وقضية القدس.
  • توحيد الخطاب الإعلامي بعيداً عن التوجهات الحزبية وتوحيد المصطلحات السياسية في جميع وسائل الإعلام.
  • تعزيز مضامين الرسائل الإعلامية من الناحية النفسية والعاطفية ودعمها بالحقائق.
  • توفير الدعم اللازم لوسائل الإعلام الفلسطينية وتنمية الاهتمام بالتغطية الدولية للأحداث الفلسطينية بشتّى أنواعها وأبعادها.
  • عدم التعاطي مع القدس كحدث، وإنما كقضية، وفق رؤية إعلامية تستنير بها المؤسسات المرئية والمسموعة وتحاول استقراء المستقبل لما سيكون عليه مصير القدس.
  • تشكيل إعلام مقاوم موحد يخاطب العالم بعدة لغات لنقل الصورة عن مدينة القدس والقضية الفلسطينية من وجهة نظر المقاومة الفلسطينية ودحض الرواية الصهيونية.
  • دعوة المؤسسات الإعلامية والأكاديمية لمساندة المؤسسات والكوادر الإعلامية الفلسطينية وتنمية مهاراتها وتطوير قدراتها في مواجهة العدو الصهيوني.
  • تكثيف النشاط الدبلوماسي والإعلامي عبر السفارات الفلسطينية وإصدار المجلات والصحف وترجمة الكتب وتزويد الجامعات بمختلف المواد الإعلامية المساندة والمؤيدة لقضيتنا الفلسطينية.
  • تفعيل العمل الجماهيري المقاوم لسياسات الاحتلال والداعم للقضية الفلسطينية في شتّى عواصم العالم، عبر فضح الانتهاكات الصهيونية وممارساته العنصرية من تهجير وحرمان وفصل عنصري وإبادة جماعية.
  • ستبقى فلسطين نقطة البداية وخط النهاية وستبقى القدس دائماً وأبداً عاصمة لفلسطين والوطن العربي والعالم الإسلامي ولكل الأحرار في العالم.

وفي نهاية الملتقى قدَّم عضو المجلس الثَّوري لحركة "فتح" رفعت شناعة درع تكريمي لرئيس بلدية صيدا على جهوده في دعم القضية الفلسطينية وإنجاح المؤتمر.