بسم الله الرحمن الرحيم

يا جماهير شعبنا الفلسطيني المجاهد والصَّامد، والمُرابط على أرض الرِّباط، والمقاوم للإحتلال والإستيطان والتهويد.

يا جماهير أمتنا العربية والإسلامية، فلسطين في خطر، والقدس وأقصاها تنادي المؤمنين.

يا أحرار العالم، ويا عشاق الحق، والعدل، والكرامة، أرض الأنبياء والرُّسل والمعراج تدعوكم اليوم لتكونوا سياجاً صلباً بوجه جبروت ترامب وعنصريته وعدوانه على الشَّعب الفلسطيني ومقدساته، وانتصاره للباطل الصُّهيوني الذي يتمثَّل في نتنياهو وحكومته، التي تلطَّخت أيادي وزرائها بالدَّم الفلسطيني الزكي، والتي مارست كل أشكال القتل والعنف، والتَّصفيات الجَّسدية، والتَّنكيل بالمدنيين، وتهويد المقدسات، وحرق البيوت ومن فيها من الأطفال والنساء.

إنَّ العدوان الإجرامي الذي صدر عن الرَّئيس الأمريكي ترامب، والذي استهدف أغلى مقدساتنا في عاصمة السَّماء في الأرض، إستهدف أرض الأنبياء، وأرض الإسراء والمعراج، وأرض المقدسات الإسلامية والمسيحية.

إنَّ قرار ترامب الذي أعلنه بأنَّ القدس هي عاصمة الكيان الصُّهيوني، وأنه سينقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس جائراً، متناسياً ومتجاهلاً بذلك المقدسات الإسلامية والمسيحية ابتداءً من المسجد الأقصى، وقبة الصخرة، مروراً بكنيسة القيامة، وعلى مقربة منها في بيت لحم كنيسة المهد حيث نشأ المسيح عليه السَّلام، وهناك في القدس عشرات الكنائس التاريخية، وأيضاً عشرات المساجد التاريخية، والمقابر، وكلها شاهدة على تاريخ وعراقة أرض فلسطين ومقدساتها، ففلسطين تعود إلى أربعة آلاف سنة قبل الميلاد، إلى عهد الكنعانيين واليبوسيين وقبل وجود الدِّيانة اليهودية. .

إنَّ الهبَّة الشَّعبية الشَّاملة في أرض الوطن، وخارج الوطن، وخارج الأراضي الفلسطينية التي جاءت رداً على قرار ترامب الأمريكي، بدأت، واستمرت، وما زالت تتفاعل في كل عواصم العالم دون استثناء، وبشكل متصاعد، نظراً للمخاطر التي فجَّرها ترامب دون أن يقيم وزناً لشعوب الأرض وعقائدهم، ودون أي إعتبار أو احترام لقرارات الشَّرعية الدولية، والهيئات والمنظمات القانونية، وجمعيات حقوق الإنسان، بما فيها الجَّمعية العامة للأمم المتحدة وقراراتها.

إنَّ هذا الموقف المعادي لحقوقنا، والحاقد على شعبنا، وعلى حقوقنا الوطنية والشَّرعية والقانونية والدينية في أرضنا المباركة، وضع ترامب وفريقه الصُّهيوني في خانة نتنياهو والحركة الصُّهيونية ووعد بلفور المشؤوم. وأصبحت الولايات المتحدة وقيادتها في خدمة الكيان العنصري الصُّهيوني المحتل لأرضنا، والمعطِّل الأساس للسَّلام والأمن والإستقرار في المنطقة، لذلك قرَّرت القيادة الفلسطينية أنَّه لا مجال للتعامل مع الإدارة الأمريكية في ظل تنكُّرها لحقوق شعبنا، والتي أكَّدتها الشَّرعية الدولية، وبالتالي فإن الدور الأمريكي قد انتهى كوسيط في المسار السِّياسي لحل القضية، لأنه معادٍ لحقوقنا الوطنية.

إنَّ الهبَّة الشَّعبية التي غطت عواصم العالم عبَّرت عن نقمة الشُّعوب على هذه الجريمة، وأخذت هذه الاحتجاجات وجهةً تصعيديةً، إعلامياً وسياسياً، وكانت المشاركة قد شملت الشَّرائح التَّربوية، والثَّقافية، والحقوقية، والرِّياضية، والإجتماعية، والقوى الشَّعبية من المرأة، والشَّباب، والرجال، والطلاب. إنَّ هذا الحراك الشَّعبي الواسع، يشكل في واقع الأمر عامل دعمٍ ومساندة لهبَّة شعبنا الفلسطيني في الداخل، وفي كل الأراضي الفلسطينية التاريخية. وتأجيح هذه الهبة المباركة بكل معطياتها التي نشاهدها هو عنوانُ هذه المرحلة المتصاعدة.

لقد كانت القيادة الفلسطينية في قراراتها وتوجهاتها حاسمةً وصارمةً، وواضحةً، وهذا كان واضحاً في عدم اللِّقاء مع ترامب، ولا مع نائبه مايك بنس الذي جاء ليشعل نار الحقد على شعبنا ومقدساتنا، وذلك عندما زار حائط البراق، واعتبره في تصريحاته وبشكل استفزازي على أنَّه من مقدسات اليهود، وبذلك تكون القيادة الفلسطينية برئاسة الرَّئيس محمود عباس قد عزلت الولايات المتحدة بقياداتها الصُّهيونية عن أي دور أو علاقة مع القضيَّة الفلسطينية.

إنَّنا نعتبر الانتفاضة الشَّعبية التي هبَّت، وانطلقت هي عنوان هذه المرحلة القادمة، وهي بزخمها المتصاعد في الضفة، وقطاع غزة، والقدس، وأراضي الثمانية والأربعين، تؤكِّد لجميع الأطراف بأنَّنا كشعب فلسطيني سنجعل العدو الإسرائيلي يتحمل مسؤولية جرائمه واحتلاله الغاشم وممارساته الدَّموية والوحشية.

إنَّ واقع هذه الإنتفاضة الرائدة التي تشكِّل اليوم قفزةً نوعية في واقع الكفاح الوطني الفلسطيني، والتي ألهبت مواجهاتُها اليومية كلَّ محافظات الوطن، وقدَّمت مئات الجرحى، وحوالي أحد عشر شهيداً منذ إنطلاقتها آخرهم كان الشُّهداء ياسر سكر (23عاماً) من غزة، وإبراهيم أبو ثريا (29 عاماً) من قطاع غزة، ومحمد أمين عقل (من بيت أولا الخليل) وباسل مصطفى إبراهيم (29عاماً) من عناتا- القدس.

والقيادة الفلسطينية تتابع بدقة تفاصيل هذا الحدث الشَّعبي الذي حرَّك أرجاء العالم، سياسياً، وأمنياً، وميدانياً، واعلامياً. وانطلاقاً من هذا القرار فإن المجلس الثَّوري الذي إنعقد اليوم الإثنين 2017/12/18 أخذ قرارات عملية كجزء من استراتجية العمل الميداني للانتفاضة الشَّعبية الحالية، وأبرز هذه القرارات ما يلي:

أ‌- إنَّ "م.ت.ف" مطالبةٌ في هذه المرحلة بممارسة دورها كمرجعية وحيدة لكافة أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، والبحث عن السُّبل والأدوات الكفاحية، لحماية شعبنا واسترداد حقوقه واعادة النظر في اتفاق أوسلو وما ترتَّب عليه من التزامات فلسطينية لم تلتزمها دولة الاحتلال.

ب‌- أقرَّ المجلس تشكيل قيادة عمل ميداني لوضع كافة قرارات القيادة موضعَ التنفيذ، وفق متطلبات وتطورات المرحلة، عبر استراتيجية يتم التَّوافق عليها وطنياً وخاصة في الأدوات الكفاحية، لمواجهة الاحتلال ومستوطنيه.

ج- دعا المجلس لتشكيل اللِّجان القيادية في كافة أراضي دولة فلسطين المحتلة لقيادة المقاومة الشَّعبية في وجه الاحتلال ومستوطنيه.

د- أكَّد المجلس على ضرورة إلتحاق كافة القطاعات بالتَّظاهرات، والمسيرات والفعاليات الوطنية التي يُعلَن عنها من قِبل القيادة المركزية والميدانية.

هـ - إنَّ يوم الأربعاء المقبل هو يوم غضب فلسطين عربي عالمي.

و- كما أكّد سيادة الرَّئيس أبو مازن تصميم القيادة على الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. وأضاف بأنَّنا سنشكل لجنة لدراسة قرارات الأمم المتحدة ليعتمدها المجلس المركزي الفلسطيني بعد ذلك. وأنَّه يجب أن نواجه قرار ترامب بكثير من الإجراءات التي بدأنا نتخذها، فمجلس الأمن كان له موقف شديد ضد قرار ترامب، كما أنَّ شعوب الأرض وقفت معنا ضد قراه.

من لبنان ومخيماتها، فإننا نؤكِّد الاستعداد المتواصل لإحياء كافة التَّحركات المطلوبة، وإطلاق المسيرات، والاعتصامات، والتظاهرات، والوقفات التَّضامنية مع القدس وأقصاها، ومقدساتها، إيماناً منَّا بأنَّ هذه الانتفاضة الشَّعبية لن تهدأ إلاَّ عندما يتراجع ترامب عن قراره الجائر، وعندما يفرض المجتمعُ الدولي قراراته على الاحتلال الصُّهيوني، والقاضية بالإنسحاب من أراضي الدولة الفلسطينية المحددة وعاصمتها القدس النظيفة من الاحتلال، والاستيطان، والتهويد.

بإسم السَّاحة اللُّبنانية، وباسم مخيماتها، وكافة شرائح شعبنا نوجَّه تحية إكبار وإعتزاز إلى أهلنا في الوطن الحبيب، وفي كل ربوعه، ومدنه،وقراه، ومخيماته، وفي كل ساحات المواجهة والإشتباك ضد الجنود الصهاينة. تحيةٌ إلى كل شبابكم ورجالكم ونسائكم وأطفالكم، ورماة الحجارة، وسيارات الإسعاف ورجالها الميامين الذين يضحون بأنفسهم من أجل استمرار الانتفاضة، وإنقاذ المصابين.

والتحية أيضاً إلى رجال الإعلام والمراسلين، الذين يصمدون أمام الاحتلال وعنصريته، واستهدافه وبشكل متعَّمد لهؤلاء الذين دفعوا الثَّمن غالياً.

التَّحية إلى سيادة الرَّئيس أبو مازن، قائد المسيرة الوطنية، وصاحب القرار الفلسطيني، والموجِّه لدقة المواجهة بوعي سياسي، وحكمة، ورؤية سليمة، وإصرارٍ على حماية القدس وأقصاها وتحريرها من براثن الاحتلال، فهي عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة إلى الأبد.

التَّحية إلى الأخوة أعضاء اللِّجنة المركزية، والأخوة أعضاء المجلس الثَّوري، والأخوة القادة الميدانيين، وأمناء سر الأقاليم وأعضاء الأقاليم، والمناطق والشُعب، والمجموعات التنظيمية، والشَّعبية، والطُّلابية، وكل رماة الحجارة الأشاوس، وأنتم اليوم رأسُ الحربة في الصراع ضد العصابات الصُّهيونية، وأنتم بصمودكم، وشجاعتكم، وتضحياتكم، تشدون أنظار العالم إلى فلسطين، وبقدر صمودكم واستمراركم في الأداء الوطني تُبقون شعلةَ الانتفاضةِ منارةً لكل شعوب العالم، التي تعشق فلسطين، وشعب فلسطين، ومقدسات فلسطين.

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، والكرامة لأسرانا البواسل، والشِّفاء لجرحانا الأبطال، والنصر لشعبنا شعب الانتفاضات.

وإنَّها لثورة حتى النصر

حركة التحرير الوطني الفلسطيني – "فتح"

السَّاحة اللُّبنانية 2017/12/18