الرئيس: قرار أميركا بشأن القدس يُشكِّل تقويضًا متعمَّدًا لجميع الجهود المبذولة لتحقيق السلام

الرئيس: هذه اللحظة التاريخية ينبغي أن تشكل حافزاً إضافياً لنا جميعاً لتسريع إنهاء الانقسام

الرئيس: سنبقى جبهةً موحّدةً تُدافع عن القدس وعن السلام وعن الحُريّة وتنتصر لحقوق شعبنا لإنهاء الاحتلال وإنجاز استقلاله الوطني


  قال رئيس دولة فلسطين محمود عبّاس، مساء اليوم الأربعاء 6-12-2017، إنَّ الإدارة الأميركية بإعلانها القدس عاصمةً لـ(إسرائيل)، قد اختارت أن تُخالف جميع القرارات والاتفاقات الدولية والثنائية وفضَّلت أن تتجاهل، وأن تُناقض الإجماع الدولي الذي عبَّرت عنه مواقف مختلف دول وزعماء العالم وقياداته الروحية والمنظمات الإقليمية خلال الأيام القليلة الماضية حول موضوع القدس.

وفيما يلي النَّص الحرفي لكلمة رئيس دولة فلسطين:

بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ‏

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)

صدق الله العظيم

أيّها الإخوة المواطنون

يا أبناء الشعب الفلسطيني الشجاع والمرابط،

تمرُّ قضيّتنا الوطنية بلحظة فارقة اليوم بعد الإجراءات التي أعلنت الإدارة الأميركية عن اتخاذها اليوم بشأن القدس.

إنَّ الإدارة الأميركية بهذا الإعلان قد اختارت أن تخالف جميع القرارات والاتفاقات الدولية والثنائية وفضَّلت أن تتجاهل وأن تُناقض الإجماع الدولي الذي عبرَّت عنه مواقف مختلف دول وزعماء العالم وقياداته الروحية والمنظمات الإقليمية خلال الأيام القليلة الماضية حول موضوع القدس.

إنَّ هذه الإجراءات المستنكَرة والمرفوضة تُشكِّل تقويضًا متعمَّداً لجميع الجهود المبذولة من أجل تحقيق السلام، وتُمثِّل إعلانًا بانسحاب الولايات المتحدة من ممارسة الدور الذي كانت تلعبه خلال العقود الماضية في رعاية عملية السلام.

كما أنَّ هذه الإجراءات تُمثِّل مكافأةً لإسرائيل على تنكّرها للاتفاقات وتحدّيها للشرعية الدولية، وتشجيعًا لها على مواصلة سياسة الاحتلال والاستيطان و"الابارتهايد" والتطهير العرقي.

 كما أنَّ هذه الإجراءات تصبُّ في خدمة الجماعات المتطرّفة التي تحاول تحويل الصراع في منطقتنا إلى حرب دينية تجرُّ المنطقة التي تعيش أوضاعًا حرجة في أتون صراعات دولية وحروب لا تنتهي، وهو ما حذّرنا منه على الدوام وأكّدنا حرصنا على رفضه ومحاربته.

أيّتها الأخوات والإخوة

لقد كُنّا خلال الأيام الماضية على اتصال وثيق مع العديد من زعماء الدول الشقيقة والصديقة ما أكَّد مجدّدًا وحدة الموقف العربي والإسلامي والدولي تجاه قضية القدس وحقوق الشعب الفلسطيني ومتطلّبات تحقيق سلام عادل وشامل على أساس قيام دولة فلسطين السيدة المستقلة على كل الأراضي المحتلة العام 67 وعاصمتها القدس الشرقية إلى جانب (إسرائيل)، وحلّ قضية اللاجئين وفق القرار 194 ومبادرة السلام العربية.

يا أبناء شعبنا الشجاع

إنَّ القيادة تتابع على مدار الساعة تطورات ومستجدات الموقف، وهي تعكف على صياغة القرارات والإجراءات المناسبة بالتشاور مع الأشقاء والأصدقاء.

إنَّ هذه اللحظة التاريخية ينبغي أن تُشكِّل حافزًا إضافيًّا لنا جميعًا لتسريع وتكثيف الجهود لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية ضمانة انتصار شعبنا في نضاله من أجل الحرية والاستقلال.

وستشهد الأيام القادمة دعوةَ الهيئات والأطر القيادية الفلسطينية المختلفة إلى اجتماعات طارئة لمتابعة التطورات، ونحن بصدد دعوة المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى عقدِ دورةٍ طارئةٍ سندعو إليها جميع الفصائل لتأكيد الموقف الوطني الفلسطيني الموحَّد، ووضع كل الخيارات أمامه.

أيّتها الأخوات والإخوة

إنَّ هذه الأرض المقدّسة حيث مسرى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ومهد السيد المسيح عليه السلام ومثوى سيدنا إبراهيم عليه السلام، نقول إنَّ القدس مدينة السلام، مدينة المسجد الأقصى أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، مدينة كنيسة القيامة، هي القدس عاصمة دولة فلسطين أكبر وأعرق من أن يغيّر إجراء أو قرار هُويتها العربية، والقدس بتاريخها الذي تنطق به الشواهد في كل بقعة من أرجائها، وبمقدساتها ومساجدها وكنائسها وبأبنائها الصامدين في ربوعها وفي أكنافها، عصيّةٌ على أيّة محاولة لاغتيال هُويتها أو تزوير تاريخها، وستدحرُ أية مؤامرة تستهدفها كما فعلت هذه المدينة المقدسة على مدى حقب التاريخ الطويلة.

إنَّ قرار الرئيس ترامب هذه الليلة لن يُغيِّر من واقع مدينة القدس، ولن يُعطي أي شرعية لـ(إسرائيل) في هذا الشأن، كونها مدينة فلسطينية عربية مسيحية إسلامية، عاصمة دولة فلسطين الأبدية.

يا أبناء شعبنا

بصمودنا وإيماننا بحقوقنا وبوحدتنا الوطنية، وبوحدة الموقف مع أشقائنا من الدول العربية والإسلامية الشقيقة وبالتنسيق الوثيق مع أصدقائنا من دول العالم سنبقى جبهة موحَّدة تدافع عن القدس وعن السلام وعن الحُرية وتنتصر لحقوق شعبنا لإنهاء الاحتلال وإنجاز استقلاله الوطني.

تحيّةً لشهدائنا الأبرار وعائلاتهم، وأسرانا الأبطال وجرحانا البواسل الذين قدَّموا التّضحيات من أجل فلسطين والقدس.

عاشت فلسطين

عاشت القدس عاصمة دولة فلسطين حُرّة عربية وإلى الأبد.