بسم الله الرحمن الرحيم "وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" صدق الله العظيم.
 
   يا جماهير شعبنا الفلسطيني.. شعب التضحيات، والانتفاضات، وتأجيج الثَّورات، والانتصارات...
إنَّ الشَّعب الفلسطيني الذي تمرَّد على النكبة والتشرُّد، وصنع بتضحياته ودمائه أعظم ثورة في العصر الحديث، تزعَّمها ياسر عرفات واستعاد المجد والعزة، والهُويّة الوطنية، والكيانية الفلسطينية رغم حلقات التآمر التي وجَّهت سهام غدرها إلى صدورنا، ومخيماتنا، ومسيرتنا الثَّورية، من أجل تصفية قضيتنا الفلسطينية، وإجهاض ثورتنا الرائدة، وتشتيت شملنا الوطني.
ارتسمت معالم المؤامرة على فلسطين، وأرضها، وشعبها منذ بداية القرن العشرين مع اتفاق سايكس بيكو، وإعلان وعد بلفور، وحَشْد القوى الاستعمارية لتكون في خدمة الحركة الصهيونية وأهدافها الرامية إلى إنشاء وطن قومي يهودي في أرض فلسطين المباركة، أرض الشَّعب الفلسطيني العربي، ليكون هذا الكيان الصهيوني قاعدة عسكرية نووية صهيونية متقدّمة في قلب الوطن العربي، وذلك من أجل تعزيز المشروع الاستيطاني الكفيل بتمزيق هذه الأمة العربية من داخلها، واقتلاع الشَّعب الفلسطيني من أرضه التاريخية، مستخدمين العنفَ، والقتلَ، والإبادة البشرية، وتدمير البيوت والأحياء، والتطهير العرقي، والتهجير، والاستيطان، وتدنيس المقدّسات، كلّ ذلك يأتي في إطار تصفية وجود الشَّعب الفلسطيني على أرضه، وحرمانه من حقوقه التاريخية، والقانونية، ومن حقه في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة ذات السِّيادة على الأراضي المحتلة العام 1967، والقدس هي العاصمة التي لا بديل عنها.
وما تقوم به الولايات المتحدة اليوم من إجراءات، ومشاريع جهنمية تستهدف القضية الفلسطينية بكل مكوِّناتها، ومقوِّماتها، وتستهدف المقدَّسات والسيطرة عليها، والعمل على استبدال وجهها العربي الإسلامي بالوجه الصهيوني القبيح.
إنَّ التهويد الأميركي بنقل السِّفارة من تل أبيب إلى القدس يصبُّ في إشعال نيران الحرب، وهو الوجه الآخر للإرهاب السَّائد اليوم في العالم، وما يؤسف حقيقةً ويزيد الأوضاعَ في المنطقة احتقاناً هو تجاهل الولايات المتحدة برئيسها الجديد ترامب الأمة الإسلامية، والأمة العربية، وكثير من دولها تعترف بإسرائيل. كما تجاهل ترامب الاتحاد الأوروبي، والرباعية الدولية، ومجموعة دول البركس، ولم يحترم قرارات الشَّرعية الدولية، وهو يتصرف كأنَّه الآمر الناهي في المنطقة. كما أنَّه تجاهل وجود الشَّعب الفلسطيني، وحقوقه الوطنية المشروعة، وحقه في تقرير المصير، وتجاهل معاناة أهلنا منذ سبعين عاماً .
إنَّنا كشعب فلسطيني نذكِّر الولايات المتحدة ورئيسها الجديد ترامب الوريث الشَّرعي لبلفور البريطاني صانع مأساة شعبنا منذ مئة عام، أننا الشَّعب الوحيد في العالم الذي ما زال تحت الاحتلال الصهيوني، وما زالت حقوقه مهدورة، وممنوع عليه الحرية والاستقلال والسيادة كباقي الشعوب التي تعيش على أرضنا.
لقد اندلعت ثورتنا الفلسطينية تعبيراً عن إصرارنا على تحرير أرضنا من الاحتلال، واستخدام كافة وسائل المقاومة في المواجهة، وقدمنا مئات آلاف الشهداء، وما زلنا متمسّكين بترابنا، وسمائنا، وبحرنا، ومقدساتنا، ولن نتراجع عن العهد والقسم الذي أعلناه منذ بداية الانطلاقة بين يدي الرمز ياسر عرفات، واليوم نؤكّده بين يدي قائد مسيرتنا الثَّابت على الثَّوابت الرئيس محمود عبّاس "أبو مازن"، رئيس دولة فلسطين الواقعة تحت الاحتلال .
إنَّ الإجماع الدولي الذي لبَّى دعوة الرئيس أبو مازن، والَّذي أكَّد رفض القرار الأميركي الاستفزازي والمعادي للشَّعب الفلسطيني وتطلعاته بنقل السِّفارة إلى القدس، هو إنذار دولي من كل شعوب العالم بالمخاطر القادمة، والمترتبة على قرار ترامب الذي لا يقدِّس في العالم إلَّا الحركة الصهيونية ومصالحها العنصرية.
إنَّ القيادة الفلسطينية تؤكِّد اليوم موقفها دون تردد بأنَّها مُصَّرة على الصراع ضد الاحتلال الصهيوني، ومن حقها استخدام كافة الوسائل والأساليب من أجل استعادة الأرض وتحرير المقدسات، ونيل الحرية والاستقلال كباقي شعوب الأرض.
إنَّ هذا الموقف الأميركي المنحاز تماماً للعدو الإسرائيلي يفرض على شعبنا في الداخل والشتات، أن نكون على أُهبة الاستعداد، لخوض المواجهات الميدانية، والسِّياسية، والإعلامية لإزالة الاحتلال، وتكريس وجودنا وسيادتنا على أرضنا. وندعو إلى الانخراط الوطني الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، لأن شعبنا الفلسطيني الذي نال العديد من القرارات الدولية التي تعترف بدولة فلسطين المستقلة، وبالقدس العاصمة، وبعودة اللاجئين استناداً إلى القرار 194، ورفض الاستيطان في أي بقعة فلسطينية لأنه عدوان على الشَّعب الفلسطيني، وأراضيه المقدسة، وهذا ما أكَّده القرار 2334.
إن قيادة حركة "فتح" في لبنان تدعو كافة أبناء شعبنا الفلسطيني إلى التَّأهب والاستعداد لأننا أمام مرحلة خطيرة ومفصلية، وعلينا رفع الصوت الغاضب بوجه كل مَن يعتدي على أرضنا، ومقدساتنا، وحقوقنا. ونحن اليوم مؤتمَنون من قِبَل قوافل الشُّهداء، وليس أمامنا إلا أن نؤدي الأمانة بكل فخر واعتزاز، ونحن شعب الجبارين.
أمام ما يجري من تحديات مصيرية فإنَّنا نؤكِّد أهمية تجسيد الوحدة الوطنية الفلسطينية ميدانياً، وبناء إستراتيجية وطنية فلسطينية شاملة تُلبي طموحات شعبنا، ومقاومته لسياسات الاحتلال الصهيوني، ومَن يقف خلفه من دول العالم، لأنَّ الحقوق الفلسطينية مقدَّسة، ولا تهاون في حمايتها.
يا جماهير شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات ...
يا أبناء أمتنا العربية والإسلامية ..... يا كل أحرار العالم .....
يا كلَّ القوى والهيئات، والمؤسسات الدولية والوطنية والقومية....
أنتم مدعوون اليوم لتقولوا كلمتكم بكل جرأة بوجه الاحتلال الصُّهيوني، وبوجه كلّ مَن يتجرأ على القدس ومقدساتها، وانتمائها الفلسطيني والعربي والإسلامي.
التحية إلى قوافل الشُهداء وأهالي الشُّهداء... التحية إلى الأسرى الصامدين بوجه الجلَّاد الصهيوني...الحُريّة لكم ... التحية إلى الجرحى والمصابين، والمعوَّقين أبناء فلسطين.
 
وإنَّها لثورةٌ حتى النَّصر
 
قيادة حركة "فتح" في لبنان
                                                                                                    2017/12/6