حوار: وسام خليفة/ خاص مجلة "القدس" العدد 342 تشرين الاول 2017


ضمنَ سعيها الحثيث لدحر الاحتلال وإقامة الدولة المستقلّة، حقَّقت فلسطين إنجازاتٍ سياسيّةً ودبلوماسيّةً بالغةً الأهمية تكلَّلت بقبول عضويّتها في العديد من المنظّمات والمؤسّسات الدولية في الأمم المتحدة، ممَّا وضعها في مصافّ الدول المتقدِّمة، وأهَّلها لتكون دولةً مشاركةً في الأنظمة العالمية السياسية، والاقتصادية، والعِلمية، وغيرها من المجالات. وقد كان آخر هذه الانجازات، انضمام فلسطين لمنظمة "الإنتربول" كعضو كامل العضوية. وللوقوف على أهميّة هذا الإنجاز وتفاصيله، أجرت "القدس" الحوار التالي مع مدير المكتب الوطني لـ"الإنتربول" في فلسطين العقيد محمود صلاح الدين.


حدِّثنا عن مسيرة انضمام فلسطين لـ"الإنتربول"؟
بدايةً لا بدَّ أن نُهنِّئ أبناء شعبنا وقيادتنا الحكيمة بهذا الانجاز الكبير الذي تحقَّق بانضمامنا إلى منظمة الشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول"، والذي لم يكن ليتحقَّق لولا الجهد الكبير الذي بُذِلَ بدءاً بفخامة الرئيس مرورًا بدولة رئيس الوزراء ووزير الخارجية والمغتربين وقيادة الشرطة مقرونًا بالجهد الدبلوماسي، وبالتالي هو جهدٌ متكاملٌ من مكونات مؤسّسات الدولة الفلسطينية كافّةً. نحن كنا قد تقدَّمنا بطلب للانضمام إلى "الإنتربول" منذ فترة طويلة لأنَّنا أعضاء مراقبون في المنظمة، وكان عملنا مُنصبًّا على أن نكون أعضاء دائمين بكامل العضوية. وقد شرعنا بالخطوات الجدية في هذا الإطار منذُ العام الماضي، وتحديدًا خلال الدورة الـ85 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي عُقِدت في بالي عام 2016، وحينها كان هناك سعي لإدراج موضوع التصويت على عضوية فلسطين الكاملة في "الإنتربول" على جدول أعمال الجمعية العامة، ولكن اللجنة التنفيذية لـ"الإنتربول" اقترحت تعيين خبير لإعادة النّظر في معايير العضوية للمنظمة بشكل كامل لأيِّ دولة تتقدَّم بطلب الانضمام إليها، فتأجَّل التصويت على طلب عضوية فلسطين إلى الدورة الـ86، على أن يكون الخبير الذي عيَّنوه قد أنجز الدراسة التي أعدَّها، ووضعَ معايير جديدة. وبحمد الله، وبالجهد الكبير الذي بُذِلَ من قِبَل جميع مكوّنات مؤسسات الدولة الفلسطينية، استطعنا أن نغدو عضوًا كامل العضوية في منظمة "الإنتربول" في دورتها الـ86 التي عُقِدَت في الصين، وانضمَّت فلسطين للمنظمة بشكلٍ رسمي في 27-9-2017. وبالطبع، يترتَّب على العضوية، وَفْقًا للقانون والنظام الداخلي لـ"الإنتربول"، أن يتم تشكيل مكتب وطني في كلِّ دولة من الدول، لذا استحدثنا مكتبًا وطنيًّا يُطلَق عليه اسم المركز الوطني للشرطة الجنائية الدولية في فلسطين "إنتربول فلسطين".
ما هي مهام "إنتربول فلسطين"؟ وما هي الإيجابيات التي ستعود على فلسطين بانضمامها للمنظمة؟
"إنتربول فلسطين" يُعدُّ جهةً وطنيّةً للتعامل مع جميع مكونات إنفاذ القانون الوطني والشرطة الجنائية الدولية، وحلقةَ وصلٍ ما بين الشرطة الفلسطينية والأمانة العامّة لمنظمة الشرطة الدولية ومقرها في مدينة ليون الفرنسية، ومع المكاتب الوطنية نظيرة المكاتب في فلسطين، والمكاتب الإقليمية المنتشرة في ست مناطق في العالم.
لا شكَّ أن عضويتنا في "الإنتربول" ستعود بفوائد عدة على الشعب الفلسطيني. فقد أصبحت الشرطة الفلسطينية الآن في مصفِّ شرطة العالم كلّها في مكافحة الجريمة العابرة للحدود، وتُساهم مع أجهزة شرطة العالم كافّةً في الحدِّ من الجريمة ومكافحتها وإنفاذ القانون، وأيضًا تبادل المعلومات وتنظيم دورات وتطوير قدرات كادر الشرطة، وذلك سيُساهم في دفع مسيرة الأمن ومكافحة الجريمة وإنفاذ القضاء الفلسطيني أيضًا، كما سيُتيح لنا استرداد المطلوبين الفلسطينيين الموجودين خارج دولة فلسطين للقضاء الفلسطيني. وبالتالي، لهذه العضوية إيجابيات ومميِّزات كثيرة، ولا نرى لها أيّة سلبيات، لأنَّ ما يُطبَّق على المواطن الفلسطيني أينما وُجِدَ هو القانون الفلسطيني، ولن يُطبَّق على أيِّ مواطن فلسطيني قانونٌ آخر. وبالتالي القانون الوطني الفلسطيني والقضاء الفلسطيني هو الذي ينظر في كلّ الملفات التي تتعلَّق بالمواطن الفلسطيني، ويجب أن نعي تمامًا أنَّ سلطة "الإنتربول" لا تعلو فوق سلطة الدول وقوانينها الوطنية، مع الإشارة إلى أنَّ "الإنتربول" لا تتدخَّل في أي قضية تأخذ طابعًا سياسيًّا أو دينيًّا آو عنصريًّا أو عرقيًّا، وإنَّما فقط في القضايا التي تأخذ طابعًا جنائيًّا.
وإلى جانب الفائدة العملية، يُحقِّق لنا انضمام فلسطين للمنظمة مزايا عدة في الجانب السياسي، فهو يُمثِّل انتصارًا للحقّ الفلسطيني، ويُعدُّ خطوة من خطوات كسب المزيد من الاعتراف بدولة فلسطين على طريق الاعتراف الكامل من الدول كافّةً والاستقلال التام القريب إن شاء الله.
هل سيكون هناك تنسيق بين الشرطة الفلسطينية والشرطة الدولية لتدريب الكوادر؟
يتعيَّن على كل بلد انضمَّ إلى "الإنتربول" تعيين كادر لمكتبه الوطني يضم مجموعة من ضُبَّاط الشرطة المهنيين المدرَّبين، بالإضافة إلى التجهيزات الإلكترونية لتسهيل تواصلها مع دول العالم، ومع الأمانة العامة لـ"الإنتربول". وحاليًّا المكتب موجود، والطاقم دُرِّب في فترات سابقة، وسيتم جمعه وتنشيطه والبدء بالعمل قريبًا جدًا. ونحن على تواصل مكثَّف مع الجهات القضائية الفلسطينية بشقيها، المحاكم والنيابة العامة، وجزءٌ كبيرٌ من عمل المكتب الوطني هو تنفيذ مذكّرات قضائية صادرة عن جهات الاختصاص، بالإضافة إلى بعض القضايا التي يُمكن للمكتب الوطني أن يستقبلها بشكل مباشر من المواطنين.
هل بدأتم بالتواصل مع "الإنتربول" بهدف استدعاء المجرمين للعدالة؟
ما زلنا حتى الآن ننتظر عملية الربط الإلكتروني المشفَّر مع الأمانة العامة للمنظمة في فرنسا، وعندما يتم تجهيز الشبكة الإلكترونية سنبدأ باستقبال ملفات من جهات الاختصاص ممثَّلةً بالسلطة القضائية الفلسطينية، ونحمد الله أنَّه قد أصبح لدينا سلطة قضائية مستقلّة تتمتَّع بمهنية عالية نعتزُّ ونفتخر بها أمام دول العالم. وعندما تُحال الملفات، يأتي دورنا نحن في متابعتها عبر التنسيق مع الأمانة العامة أو المكاتب العامّة النظيرة لمكتبنا، وبانتظار ذلك، نعمل حاليًّا على تطوير التدريب من أجل متابعة الملفات التي ستُحال لنا من الجهات القضائية.
هل تواجهكم أيَّة صعوبات حالية؟
إن كانت هناك أيّة صعوبات فسنلمِسُها خلال أدائنا لعملنا، ولكن حتى هذه اللحظة الأمور تسير بشكل جيِّد، ونحن نعمل بشكل حثيث على الانطلاقة السريعة للقيام بمهامنا وواجباتنا بهذا الخصوص.
حوار: وسام خليفة