‏   نظّمت منظمة التحرير الفلسطينية وحركة "فتح" في لبنان مهرجانًا تأبينيًّا لفقيد فلسطين المربّي خالد ‏عزّام "أبو الوليد"، اليوم الثلاثاء 17-10-2017، بمناسبة مرور ثلاثة أيام على وفاته، وذلك في قاعة رشيد القطب ‏‏- جامع الموصللي في صيدا.‎

وقد حضر التأبين عضوا المجلس الثوري لحركة "فتح" الحاج فتحي أبو العردات والحاج رفعت شناعة، ‏وأمين سر حركة "فتح" - إقليم لبنان حسين فيّاض، وحشدٌ غفيرٌ من جماهير الشعبَين اللبناني ‏والفلسطيني، وطلاب وزملاء الفقيد، وممثِّلون عن الفصائل الوطنية والإسلامية الفلسطينية، والأحزاب ‏اللبنانية، ومشايخ وعلماء مدينة صيدا، ومدير خدمات "الأونروا" في صيدا د.إبراهيم الخطيب.‎

بدأ المهرجان بآيات من الذكر الحكيم تلاها الشيخ عدنان محمد عن روح الفقيد، ثُمَّ ألقى مسؤول إعلام ‏حركة "فتح" في منطقة صيدا إبراهيم الشايب كلمةً تحدّث فيها عن مناقبية الفقيد، مُشيدًا ‏بدوره وجهوده على المستوى الفلسطيني التربوي والوطني وعلى درب إقامة الدولة والاستقلال والعودة.‏

وبعد ذلك، كانت موعظة لرئيس تجمُّع العلماء المسلمين الشيخ ماهر حمود الذي أشاد بالفقيد عزّام، ‏مؤكِّداً دوره التربوي الكبير في تنشئة الطلاب في المدارس، ومنوِّهًا بالأثر الطيّب الذي تركه في الجيل ‏الفلسطيني.‏

وأكَّد حمود "أنَّ المقاومة ليست بندقية فقط، بل هي قلم وأخلاق واستقامة وصيت طيب؛ وبالتالي فإنَّ ‏عزام هو رمز من رموز المقاومة الفلسطينية".‏

كلمة أصدقاء الشهيد ألقاها الشيخ بسّام كايد، وهو أحد تلامذة المربّي عزام، استهلَّها بالحديث الشريف ‏‏(إنَّ الله وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلّم ‏الناس الخير)، وأضاف: "أشهد الله أنَّ هذا الرجل ممّن هُم معلّمي الناس الخير، ومن الذين أوصى النبي ‏بالصلاة عليهم لأنَّهم معلّمي الناس الخير، ومن الخير الذي تعلَّمناه على يده هو الحب لفلسطين"، مشيرًا ‏إلى أنَّ عزّام أثَّر بالطلاب ممّا دفع صفّاً كاملاً من تلامذته للتطوّع كفدائيين إلى منطقة الهامة. ‏

وأضاف: "إنَّنا لم نعرف الثورة إلا من خلال أبو الوليد وأمثاله، والذي كان يضُمّنا إليه ويتباهى بنا"، ‏مردفًا: "كان الصهاينة يدَّعون أنَّ الكبار يموتون والصغار ينسون، ولكن كبارنا لو ماتوا أو استشهدوا ‏فنحن كنا صغاراً وكبرنا ولن ننسى فلسطين".‏

وختم كلمته قائلاً: "إنَّ الله أقرَّ عين أستاذنا المربّي عزّام بإنجاز المصالحة الفلسطينية، وستكون ببركة دماء ‏الشهداء وإخلاص المخلصين، وسيكون لنا الفخر دوماً بوالدنا ومربّينا جميعاً المرحوم أبو الوليد، وإنَّ الطريق ‏ستبقى مشرعة أمامنا حتى النّصر".‏

كلمة "م.ت.ف" وحركة "فتح" ألقاها الحاج رفعت شناعة جاء فيها: "نلتقي اليوم لنؤبِّن رجلاً وقائداً ‏وطنياً واجتماعيًّا وتربويًّا، رجلاً كان من مؤسِّسي حركة "فتح" التي كانت تشغله دوماً، إنَّ المربي خالد ‏عزّام وُلِدَ قبل النكبة، وعاش وشاهد مجازر العدو بحق شعبنا، وجاء ليشهد اللجوء والضياع والخيام، ‏وشاهد وعاصر كلَّ ما يتعلّق بالشعب الفلسطيني وقضيته ومجد ثورته"‏.‎

وأضاف: "لقد كانت لأبي الوليد تأثير في مَن عايشوه وبصمات مؤثِّرة في انطلاقة هذه الثورة، وكان من الذين ‏انطلقوا، حيث ذهب إلى المعسكر كي يكون مقاتلاً قبل أن يكون سياسياً ومفكّراً، فكان هو العسكري ‏المقاتل والسياسي المحنَّك والتربوي الناجح في كلِّ ميادين عمله، لقد كانت له صولات وجولات في الثورة ‏والنضال، فكانت "فتح" حاضرة في قلبه، وفلسطين دوماً هدفه وبوصلته".‏

وأردف شناعة: "نعم إنَّ أبا الوليد كانت له سيرة إذا أردنا الحديث عنها بدأناها في (سوق الغرب) أي في مدرسة أبناء شهداء ‏فلسطين، لقد كانت له علاقات أبوة ومحبّة مع الجميع، فكان أبناء الشهداء هم أبناؤه، وكان يعلِّم معلّمي المدرسة كيف أن يكونوا ثواراً من أجل فلسطين، وإذا لم يكن لأحدهم طموحٌ لواقع أفضل فهو كان يرى بأنَّه ليس ‏فلسطينياً".‏

وتابع شناعة: "كثيرون هنا ممَّن هم أبناء وتلامذة الأستاذ عزام، حيث كان المربّي للغة العربية في مدارس ‏"الأونروا"، وكنت واحداً ممَّن تتلّمذوا على يديه، وأنا أُحيي كلَّ مدراء وأساتذة "الأونروا" الذين استشهدوا أو ‏الذين ما زالوا أحياءً، وأُحيي كل مَن احتكَّ بهذا الرجل من مسؤولي "الأونروا" حيث كان ينشد الـمُثُل ‏والمبادئ من أجل فلسطين."

ونوَّه شناعة بعمل مجموعة المربين الثلاثة ودورهم النضالي فقال: "نعتبر المجموعة المؤلّفة من المرحوم نمر ‏الطايع، والأستاذ أبو علي الأسدي أطال الله عمره، والمرحوم أبو الوليد لجنة استشارية حركية سياسية ‏فكرية، نلجأ إليها لاستجلاء الأفكار ومما يحيط حولنا من أفكار سياسية، ونستشرق منها المستقبل.‏ الآن نحن افتقدنا رجلاً له موقعه المؤثّر في مسيرة حركة "فتح"، وقد كان عضو مجلس استشاري للحركة في إقليم لبنان، ولديه الجرأة بالكلمة، ويطالب بما يحمي الجيل ويحمي الحركة حتى لو كان كلامه مزعجاً ‏للكثيرين".‏

وتوجَّه شناعة للفقيد بالقول: "نَم قرير العين لأنَّ المصالحة بين حركة "فتح" و"حماس" قد تمَّ التوقيع عليها ‏بعد عشر سنوات، وبرحمة الله اهتدينا جميعًا من أجل أن نتوحَّد، ونُوحِّد الصف بوجود طرف عربي هو ‏مصر، وبدأ التنفيذ العملي."‎

وأكمل شناعة حول موضوع المصالحة قائلاً: "إنَّ المصالحة وإنَّ هذا الاتفاق له ركائز ودعائم قوية جداً ‏ليس فقط لحركتي "فتح" و"حماس"، بل لبقية الفصائل أيضًا، ونحن جميعاً بأمَس الحاجة لمثل هذه المصالحة ‏من أجل القضية الوطنية الفلسطينية، ومن أجل حماية المشروع الوطني الفلسطيني الذي لا يقبل الإملاءات ‏إلّا من الطرف الفلسطيني، وهو المشروع الذي تمثِّله منظمة التحرير الفلسطينية، فالقرار السياسي هو ‏قرار "م.ت.ف" والمجلس الوطني الفلسطيني، والقيادة الفلسطينية من كل الفصائل وليست بيد فصيل ‏دون غيره بل إنَّ القرار بيد الإجماع الفلسطيني برمّته.‎

نحن اليوم أمام خيارات عدة، فعندما عقدنا المصالحة حاصرنا (إسرائيل) التي كانت قبل ذلك تحاصرنا، ‏وعلينا التنبُّه لأنَّ العدو يتربّص بنا من أجل تخريب مشروعنا الوطني، وستلتقي اللجان وتكمل ما تمَّ ‏التوقيع عليه من نقاط لوضع البصمات الأخيرة من أجل عقد مجلس وطني جديد بعد أن نكون قد ‏انتقلنا إلى مرحلة جديدة.‏

ونحن نبارك للشهداء والأسرى ولكلِّ شعبنا الفلسطيني بهذه المصالحة، ونؤكِّد أنَّنا لا نخاف، لأنَّنا أقوى بكثير مما ‏كنا بالسابق، نحن اليوم فريق واحد من حكومة، وجهاز أمن واحد، ووحدة وطنية من أجل أن نحقِّق ‏النصر المؤزّر، ومن أجل أن نقيم الدولة الفلسطينية المستقلة".‏

كلمة آل الشهيد ألقاها الأستاذ أبو علي الأسدي، وبغّصة وألم قال: "بِاسمي الشخصي، وبِاسم أبناء ‏أخي الفقيد، وباسم آل عزّام، وآل غانم، أتوجَّه بالشكر والامتنان لكم بمؤازرتكم في مصيبتنا، وإلى كل الذين ‏هاتفونا من كل دول العالم معزين بالأخ الصديق أبو الوليد فقيدنا الغالي رحمه الله وأسكنه فسيح جنّاته.‎‏ ‏أعظم الله أجركم وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون"".

وفي ختام المهرجان تقبَّلت قيادة فصائل "م.ت.ف" وحركة "فتح" وآل الفقيد التعازي من الحاضرين بالشهيد ‏القائد خالد عزّام "أبو الوليد" رحمه الله.‏

   تصوير:‎‏ فادي عناني