وثق مركز عبدالله الحوراني للدراسات والتوثيق التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية أبرز اعتداءات دولة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني منذ انطلاق الهبة الشعبية بداية شهر تشرين اول / اكتوبر من عام 2015 ولغاية 1/10/2017 بمناسبة مرور عامين عليها  .

مقدمة
لم تكن الجموع الشعبية التي خرجت للشوارع لتعبر عن رفضها للاحتلال في الاول من اكتوبر من عام 2015 وليدة اللحظة، بل سبقها جرائم واعتداءات واجراءات احتلالية وحشية على الارض ادت الى اندلاع الهبة الشعبية والتي عرفت  "بهبة القدس" في كافة ارجاء المدن الفلسطينية والاراضي المحتلة عام 48 والقدس وعلى حدود قطاع غزة المحاصر رفضا للاحتلال وممارساته  بحق ابناء الشعب الفلسطيني.

وقد أطلق على "هبة القدس" مسميات عديدة منها انتفاضة الاقصى، وانتفاضة السكاكين وانتفاضة القدس، واطلق عليها البعض الانتفاضة الفلسطينية الثالثة، وتميزت بفردية عملياتها مما وضع الاحتلال في حالة من العجز وقلة الحيلة.

ان ممارسات الاحتلال وجرائمه التي ارتكبها بحق الشعب الفلسطيني خلال الفترة التي سبقت "هبة القدس" كانت كفيلة باندلاعها ، ففي شهر تموز من العام 2015 احرق المستوطنين المتطرفين عائلة دوابشة في قرية دوما مما ادى الى استشهاد ثلاثة من افراد العائلة هم الاب والام وطفلهم الرضيع، كما تصاعدت عمليات القتل والاعدامات الميدانية قبيل اندلاع الهبة الشعبية بفترة وجيزة بحق الشبان والفتيات على الحواجز الاسرائيلية المنتشرة في كافة انحاء الضفة الغربية، منها اعدام الفتاة هديل الهشلمون عند عبورها الحاجز العسكري المقام على مدخل شارع الشهداء بمدينة الخليل، بالاضافة الى اعتداءات المستوطنين المسلحين اليومية بحق المواطنين العزل، فيما تعرض المسجد الاقصى المبارك قبيل هبة القدس الى هجوم وحشي من قبل جنود الاحتلال ومستوطنيه، تحول خلالها الاقصى الى ساحة حرب حقيقية من خلال اطلاق القنابل الصوتية والغازية والرصاص المطاطي تجاه المصلين والمرابطين، مما ادى الى اندلاع  اكثر من حريق داخله والحاق خسائر كبيرة فيه، كما استمرت اقتحامات المستوطنين في عام 2015 بشكل شبه يومي وتم منع المسلمين من دخول الاقصى في اوقات معينه في خطوة لتقسيم المسجد الاقصى زمانياً وبشكل ممنهج لتهويد مدينة القدس، الى ان جاءت الهبة الشعبية التي انطلقت شعلتها من القدس لتضع حداً للتقسيم الزماني للمسجد الاقصى المبارك.

الشرارة الاولى
ويوثق لهبة القدس في الأول من شهر تشرين اول/ اوكتوبر، العملية التي نفذها شبان من محافظة نابلس قرب مستوطنة "ايتمار" وأدت لمقتل اثنين من المستوطنين، تلتها عملية الطعن التي نفذها الشهيد مهند الحلبي في شارع الواد بالبلدة القديمة في القدس، وادت الى مقتل مستوطنين اثنين وجرح اربعة آخرين، ليشتعل الشارع الفلسطيني من جديد عقب الاجراءات العقابية التي قررت سلطات الاحتلال تنفيذها.
واشار التقرير الى قيام دولة الاحتلال خلال العامين الماضيين بانتهاكات جسيمة طالت كافة مناحي الحياة للمواطن الفلسطيني ، حيث تم نصب الحواجز ومحاصرة البلدات والقرى وتقييد حركة المواطنين من خلال تقطيع اوصال الضفة الغربية والقدس باكثر من (472) حاجزاً،  بالاضافة الى ارتكاب الاعدامات الميدانية اليومية بحق الشبان والاطفال والفتيات على الحواجز، وعمليات الاعتقال وترويع المواطنين ومصادرة الاراضي وهدم المنازل التي ادت الى تشريد مئات المواطنين.

الشهداء
 بلغ عدد الشهداء منذ تشرين اول من عام 2015 حتى اعداد هذا التقرير (347) شهيداً من بينهم (79) طفلاً و (17) امرأة في كل من الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة والاراضي المحتلة عام 48 ، منهم  شهيدان يحملون جنسيات عربية، وقد طغىت سياسة الاعدام والقتل العمد للشبان والفتيات على الحواجز الاحتلالية المنتشرة بحجج وذرائع واهية، حيث اعدمت قوات الاحتلال ما يزيد عن (180) مواطناً على الحواجز دون تشكيل اية خطورة على جنود الاحتلال، وقد انتهجت سلطات الاحتلال سياسة احتجاز جثامين الشهداء والمماطلة بتسليمهم لذويهم من اجل دفنها، ولا يزال الاحتلال يحتجز جثامين (6) شهداء في ثلاجاته، فيما اقدمت سلطات الاحتلال على دفن (4) شهداء في ما يسمى مقابر الارقام لديها في مخالفة صارخة للقوانين والمعاهدات  الدولية.

حملة اعتقالات واسعة
 تصاعدت عمليات الاعتقال من قبل سلطات الاحتلال بعد اندلاع هبة القدس ضد الشبان الفلسطينيين حيث تشير تقارير الجهات المختصة بمتابعة ومراقبة عمليات الاعتقال، ان سلطات  الاحتلال الاسرائيلي قامت باعتقال  (15) الف مواطنا منذ اندلاع هبة القدس، من بينهم (5) آلاف حالة اعتقال من القدس وحدها ويشكلون ثلث اجمالي حالات الاعتقال خلال هذه الفترة، كما تم تسجيل ارتفاع في نسبة ممارسة التعذيب بحق المعتقلين عما كانت عليه قبل اندلاع هبة القدس.
 ومن بين المعتقلين (4) آلاف حالة اعتقال جرت في صفوف الاطفال (أقل من 18 عام) ذكورا وإناثا، إضافة الى (370) حالة اعتقال لفتيات ونساء، كما صدر خلال الفترة المذكورة (3200) قراراً بالسجن الاداري ما بين قرار جديد وتجديد اعتقال، علما ان الاعتقال الاداري سياسة تنتهجها دولة الاحتلال ضد الشبان الفلسطينيين تقتضي السجن بدون تهمة وهي مخالفة لقواعد القانون الدولي.


هدم المنازل
شهدت هبة القدس منذ اكتوبر عام 2015 ارتفاعاً في وتيرة هدم المنازل والمنشآت الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس بحجج وذرائع مختلفة هدفها تنفيذ عقوبات جماعية بحق المواطنين.
حيث هدمت سلطات الاحتلال خلال العامين الماضيين (1572) منزلاً ومنشأه منها (663) بيتا سكنيا و (909) منشأه زراعية وصناعية وتجارية ادت الى تشريد عائلات باكملها والحاق اضرار اقتصادية جسيمة على المواطنين الفلسطينيين، وضمن سياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها دولة الاحتلال، تم هدم وتفجير (41) بيتاً  تعود لعائلات شهداء واسرى ممن تتهمهم دولة الاحتلال بتنفيذ عمليات ضدها.

انتفاضة الكترونية
وبالتزامن مع الانتفاضة على الارض شهدت مواقع التواصل الاجتماعي انتفاضة اسناد الكترونية واكبت الاحداث لحظة بلحظة، فكل عملية واكبها وسم خاص بها بما يعرف ب "هاشتاغ"، بالاضافة الى نشر صور وفيديوهات توثق الاحداث اول بأول، مما حدا بسلطات الاحتلال ومخابراتها تشكيل فرق الكترونية خاصة لمتابعة مواقع التواصل الاجنماعي وسن قوانين خاصة لملاحقة النشطاء، وتميزت هبة القدس بفردية عملياتها مما وضع الاحتلال في حالة من الرعب والعجز وقلة الحيلة.