شدد أمين عام الرئاسة الطيب عبد الرحيم، على أن الصين بمكانتها الدولية، خاصة السياسية والاقتصادية تستطيع أن تكون وسيطا نزيها في عملية السلام مع إسرائيل.

وقال عبد الرحيم في مقابلة له، إن الصين بمكانتها السياسية والاقتصادية التي تحتلها عن جدارة في المجتمع الدولي، ولأن ليس لها أي أطماع سوى إحقاق الحق وترسيخ الاستقرار في المنطقة، تستطيع أن تكون وسيطا نزيها في عملية السلام.

وأضاف ان هناك عدة أسباب لأن تكون الصين وسيطا نزيها في عملية السلام، أولها أنها دولة عظمى وعضو دائم في مجلس الأمن الدولي، وقد أبدت اهتماما كبيرا في دفع عملية السلام في المنطقة والحل القائم على أساس حل الدولتين على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية لاستتباب الأمن والاستقرار في المنطقة.

وأشار إلى أن الصين لها أيضا علاقات جيدة مع طرفي الصراع الفلسطيني والإسرائيلي، وسياستها القائمة على أساس الحق والعدل تلقى قبولا من الشعب الفلسطيني وقوى السلام في إسرائيل.

وقال: آمنت الصين دوما بأن القضية الفلسطينية هي جذر الصراع في الشرق الأوسط وأن حلها يشكل مدخلا لحل مشاكل المنطقة، ومن هنا يمكن أن تلعب دورا محوريا في هذا المجال انطلاقا من رؤيتها وقناعتها بأن حل كل المشاكل يتم عبر المفاوضات البناءة والمستمرة وليس مفاوضات من أجل المفاوضات.

ودعا عبد الرحيم الصين التي طرحت مبادرة الحزام والطريق، إلى لعب دور مثابر ومبدع لحل القضية الفلسطينية لأن حلها يعني حل مشاكل المنطقة وبالتالي نجاح المبادرة الصينية.

وأضاف: ان الأمور تحتاج من الصين إلى المثابرة دون كلل أو ملل ومبادرات خلاقة ومبدعة لأن ذلك يساهم في خلق تكتل دولي يضغط من أجل تحقيق السلام ويساهم في تحفيز دول أخرى مثل اللجنة الرباعية الدولية (التي تضم كلا من الأمم المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، والاتحاد الأوروبي) على تنشيط جهدها لدفع عملية السلام.

وأشاد عبد الرحيم، بدعوة الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال زيارة الرئيس محمود عباس إلى الصين لاستضافة ندوة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في وقت لاحق من هذا العام.

وقال إن مبادرة الرئيس الصيني لاقت قبولا وتجاوبا فلسطينيا، معتبرا أنها "تشكل دعما لكل الجهود الدولية المبذولة لدفع عملية مفاوضات مثمرة تؤدي إلى حل الدولتين، حيث لم نشهد حتى الآن سوى مفاوضات من أجل مفاوضات بلا أفق ولا نتائج ملموسة، لا يستفيد منها سوى الاحتلال بزيادة الاستيطان الذي يؤدي إلى تدمير حل الدولتين".

ولفت عبد الرحيم، إلى أن هناك قوى سلام في إسرائيل وهي بحاجة لمن يحفزها وينشطها أمام هجمة اليمين الإسرائيلي وسياساته، التي "لن تؤدي إلا إلى تفجير المنطقة والقضاء على أمل السلام، وتحويل الصراع إلى ديني نحن نرفضه".

وشدد على أن الجميع "له الآن مصلحة في تحقيق السلام العادل في المنطقة على ضوء زيادة الإرهاب وتعدد تنظيماتهم في المنطقة، خاصة أن الإرهاب والإرهابيين يستغلون موضوع الاحتلال كمادة إعلامية لتبرير جرائمهم".

وحول الجهود الأمريكية المبذولة حاليا لإعادة إطلاق عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، قال عبد الرحيم، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "أعلن بعد انتخابه رئيسا لبلاده وتسلمه في يناير الماضي مقاليد الرئاسة، أنه سيبذل جهودا لحل القضية الفلسطينية لكنه لم يعلن أن هذه الجهود تبدأ من التسليم برؤية حل الدولتين".

واعتبر أن عدم الإعلان عن التسليم بحل الدولتين "يفتح الباب واسعا أمام التأويل وطرح العديد من الاستفسارات، وهل يريدون دولتين أم دولة واحدة!".

ولفت إلى أن خيار الدولة الواحدة "لقي رفضا من قبل الكثير من الإسرائيليين لخشيتهم أن تكون الأغلبية السكانية بعد عشرين عاما للفلسطينيين، وإلا فإن الدولة الإسرائيلية ستتحول إلى دولة أبارتهايد وهو ما لا يقبله العالم في القرن الواحد والعشرين".

وشدد عبد الرحيم، على أن المطلوب من الإدارة الأمريكية بعد الجولات التي قام بها مبعوثوها في المنطقة منذ تولي ترامب رئاسة بلاده هو "الإجابة عن سؤالين جوهريين، ما هو الموقف الأمريكي الرسمي من الاستيطان الذي تتزايد وتيرته وضرورة وقفه؟ وما هو الموقف الأمريكي من حل الدولتين على حدود عام 1967"؟

وأضاف "لهذا يظل الحديث مجرد حديث بينما القيادة اليمينية التي تحكم في إسرائيل تواصل سياستها الاستيطانية وتدمير حل الدولتين، ولا بد من موقف واضح من الإدارة الأمريكية والتوقف عن الحديث عن قضايا بعيدة كل البعد عن الجوهر".

حول إمكانية أن تحدث الزيارة المرتقبة لكبير مستشاري البيت الأبيض جاريد كوشنر، والمبعوث الخاص للرئيس ترامب لعملية السلام جيسون غرينبلات إلى المنطقة نهاية الشهر الجاري اختراقا لإعادة إطلاق عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل قال عبد الرحيم، "لقاءات كثيرة جمعتنا بالوفد الأمريكي المكلف، ولكن لم يتطرقوا إلى صلب الموضوع وجوهره وهو حل الدولتين ووقف الاستيطان والسقف الزمني للعملية".

وأضاف "نحن كفلسطينيين لسنا السبب في عدم حدوث اختراق، فموقفنا واضح وأمريكا قادرة لو أرادت أن تجبر إسرائيل على المثول لقرارات الشرعية الدولية ورغبة المجتمع الدولي".

وأضاف انه "من الصعب القول إنه في ظل هذه الحكومة الإسرائيلية الحالية أن يحدث اختراق، وإن كنا نتمنى ذلك ونتجاوب مع كل خطوات جديدة في هذا الاتجاه".

وأعرب أمين عام الرئاسة عن اعتقاده، بأن "القرار الإسرائيلي هو إفشال كل الجهود كما أفشلوا من قبل جهود الإدارات الأمريكية السابقة وجهود اللجنة الرباعية الدولية ومبادرة السلام العربية وغيرها، فسياستهم واضحة وقبيحة وليست خفية بل معلنة وبكل وضوح".

وخلص إلى أنه "في ظل هذه الظروف المحيطة بعملية السلام فإن المجتمع الدولي والقوى المؤثرة فيه مثل الصين والاتحاد الأوروبي وروسيا، إذا ما تكاتفت جهودهم وكانت حاسمة في مواقفها وملتزمة بقرارات الشرعية الدولية، سيكون لها التأثير للخروج من دائرة وسياسة المفاوضات من أجل المفاوضات والوصول إلى نتائج حقيقية ومطلوبة".