في ستينيات القرن الماضي تمحورت قصص الفنون القتالية واشكالها بشكل لافت في غالبية البرامج والأفلام التلفزيونية والأعمال السينمائية التي تم انتاجها، حتى تعلق الناس بها واصبحوا مهتمين كل الاهتمام بممثليها مثل بروس لي، وهو مؤسس "الجيت كون دو" الذي يعدّ أحد أشكال فنون القتال، والممثل الصيني الشهير جاكي شان، كما ظهر الملاكم محمد علي كلاي الذي حقق انتصارات متتالية لما يقارب عشرين عاما.

أصبحت الكاراتيه هي أكثر الفنون المتعارف عليها وشقت طريقها في المجتمعات المحافظة من خلال النوادي والمراكز والاتحادات العامة، وكان هناك مجال واسع امام النساء لتعلمها باعتبارها أهم وسيلة للدفاع عن النفس.

سماح عبد الجليل شاهين (38 عاماً)، ولدت في امارة دبي ونشأت بين اربعة اشقاء وشقيقة تكبرها بعام، حصلت على عدة ميداليات فضية وذهبية، وفي العام 1995 أصبحت بطلة "الكاتا" الأولى على مستوى الامارات، حيث فازت بميدالية ذهبية و كرمت من قبل زوجة حاكم الشارقة بمبلغ مالي و جوائز، وأصبحت فيما بعد ضمن فريق الامارات الوطني، وحصلت في وقتها على الحزام الأسود 2 دان، وشهادة للياقة البدنية من الشيخ محمد بن راشد.

ما حدث، كما تذكره شاهين أنها في بداية الاجازة الصيفية لعام 1993 التحقت مع شقيقتها الأكبر بمخيم صيفي قريب من مكان اقامتها في دبي، شمل المخيم على عدة نشاطات ترفيهية للمشاركين مثل السباحة والرسم والكاراتيه، ففضلت الالتحاق بالتدرب على حركات الكاراتيه، تقول: "في حينها لاحظت مدربتي معينة شديد، من اول حصة تدريبية لي بمهارتي و قوة تركيزي ولياقتي العالية فتحدثت مع والدتي مطالبة اياها بضرورة إكمال التدريب حتى بعد إنهاء المخيم الصيفي، ومع تخوف والدَي بتأثيره على دراستي وتفوقي الا أن حماس وتشجيع المدربة شديد بأنه سينعكس إيجاباً على التحصيل المدرسي ويزيد من سرعة الفهم والحفظ والتركيز، جعل والدي يوافق دون ممانعة".

وتكمل، "بعد ذلك التحقت بنادي "المركز الوطني للكاراتيه و الجودو" في امارة الشارقة التي تبعد مسافة عن مكان سكني في دبي، وتدربت على يد سمير جمعه وهو بطل العالم لسنة 1990، فبدأت بالتدريب بـ3 حصص اسبوعياً، وكان والدي يوصلني الى المكان رغم الازدحام و الأزمة المرورية و يعود لاصطحابي الى البيت، وفي كل شهر أحصل على حزام جديد أي اتقدم مستوى للأمام، وفي أقل من سنة حصلت على الحزام الاسود 1 دان، وكان المدرب يصاب بالذهول من سرعة تطبيقي للحركات وحفظي لها.

عادت شاهين مع شقيقتها الى فلسطين عام 1996 لإكمال البكالوريس في جامعة النجاح الوطنية، درست المحاسبة سنة ونصف، حتى شعرت أنها لا تناسب ميولها وطموحاتها، فالتحقت في كلية الفنون الجميلة وتخرجت منها، تقول شاهين: الكاراتيه ايضاً فن، وأنا جمعت بين الرسم والرياضة.

وتسرد شاهين: التقيت بالمدرب القدير عمر اشتيه والذي يحمل "7دان" في تدريب الكاراتيه، وطلب مني البدء  بتدريب الفتيات في النادي، فبدأت التدريب في مركز "الشوتوكان" وكنت وقتها أول فتاه تدخل على أرض هذا النادي، ، وخلال دراستي في الجامعة قمت بعقد دورة للطلبة في قسم الرياضة، وشاركت في عدة بطولات في الوطن، وحصلت على عدة ميداليات على مستوى فلسطين في الفترة ما بين عام 1996 وعام 2000، وفي كل مرة كان الحكام يتفاجأون بطريقة لعبي وتطبيقي لحركات القتال والدفاع عن النفس.

  وتضيف:  في عام 2002 تزوجت وأصبح زوجي سندي، أنجبت 5 أطفال  توالت بعدها الايام والسنين وتوظفت في مدارس سلفيت كمعلمة للتربية الفنية، وفي عام 2013 عدت لأخوض بطولة الجامعات في جامعة النجاح الوطنية وحصلت على الميدالية الفضية، وحصلت بعدها على الدان 4 من شيهان "عمر شتية" بشهادة مصدقة دوليا وأصبحت مدربة.

حالياً، تعتبر شاهين المدربة الأولى والوحيدة في محافظة سلفيت، فهي تدرب الذكور حتى عمر 12 عاما، وتدرب اناثاً من كافة الأعمار، ولديها العديد من المتدربات المهتمات يعملن في مهنة التمريض والهندسة، وتطمح أن يكون لديها ناديا خاصا مجهزا بأرضية صحية وأدوات خاصة لتتمكن من تشكيل فريق منتخب تمثل به فلسطين في بطولات العالم.

وبحسب شاهين، الكاراتيه لعبة دفاع عن النفس وتعتمد على الركلات واللكمات وضربات الكوع والركبة، وتعطي لياقة بدنية وصحة ونضارة وتغذي روح الانسان، وتزيد ثقة الانسان بنفسه وتفرغ طاقاته، فلا تظهر على الشكل الخارجي للاعب ولكنها تستخدم وقت الحاجة، فلاعب الكاراتيه هو شخص مميز يفكر قبل أن يتكلم لا يتسرع بقراراته متسامح مع نفسه ومع الاخرين.