تحقيق: ولاء رشيد

  بتنسيقٍ وجهودٍ مشترَكةٍ ما بين جهازَي الإحصاء المركزيَّين الفلسطيني واللبناني و"لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني"، أُطلقَ مشروع "التّعداد العام للمساكن والسُّكان في المخيّمات والتجمُّعات الفلسطينية". ويكتسبُ هذا المشروع الإحصائي أهميّةً كبيرةً، كونه سيُوفِّر معلوماتٍ دقيقةً حول أعداد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وظروف حياتهم على الصعد كافةً، ستُشكِّل بذلك قاعدةَ بياناتٍ أساسيةً لبناء الخُطط، ووضع الاستراتيجيّات والبرامج، للنهوض بواقع الفلسطينيين في لبنان، وتيسير سُبُل العيش أمامهم، لتعزيز صمودهم، ريثما تتحقَّق عودتهم للوطن.

مشروعُ التّعداد مشروعٌ وطنيٌّ بامتياز
في الثاني من شهر شباط 2017، أطلقَت "لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني" من "السراي الحكومي" في بيروت مشروعَ "التعداد العام للسكان والمساكن في المخيّمات والتجمُّعات الفلسطينية في لبنان"، بالشراكة مع إدارة الإحصاء المركزي اللبناني والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، استناداً للمرسوم الجمهوري رقم 654 بتاريخ 28/4/2017، وبموجب مذكرة التفاهم الموقَّعة بين الحكومتَين الفلسطينية واللبنانية في 19/10/2016.
وتوضح رئيسة "الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني" معالي الوزيرة د.علا عوض لمجلّة "القدس" أنَّ فكرة مشروع التعداد تعود لأكثر من 5 سنوات، ويأتي تنفيذها انطلاقاً من الدور المنوط بالجهاز بجمع البيانات الإحصائية حول الفلسطينيين في أماكن وجودهم كافةً، وذلك بموجب قانون الإحصاءات العامة لعام 2000. وتضيف: "جاءت فكرة تنفيذ هذا التعداد بمبادرةٍ من الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إثر نتائج المسحَين اللّذين نفَّذهما الجهاز العام 2011 في المخيّمات الفلسطينية في لبنان، وهما المسح الصحي بالتعاون مع اليونيسف- لبنان، ومسح القوى العاملة بالتعاون مع منظمة العمل الدولية - لبنان، واللّذان خَلصا إلى حقائق وأرقام تعكس الواقع الصعب على المستوى الاجتماعي والاقتصادي للاجئين الفلسطينيين في لبنان. ونظراً لعدم توفُّر قاعدة بيانات شاملة دقيقة ورسمية تُغطَّي الجوانب المتعلِّقة بالنواحي المعيشية والاجتماعية والاقتصادية للاجئين الفلسطينيين، فقد كان من الضروري تنفيذ هذا المشروع الوطني حول اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، خاصةً أنَّ آخر تعداد عام نُفِّذ في لبنان يعود للعام 1932. وهكذا انطلقت جهود الإحصاء الفلسطيني بالتخطيط لتنفيذ هذا التعداد على قاعدة التنسيق والشراكة مع الأطراف كافةً، وتحت مظلّة "لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني"، وبالتنسيق مع سفارة دولة فلسطين لدى لبنان، وإدارة الإحصاء المركزي اللبناني، لتُتوَّج هذه الجهود بمباركة الحكومة اللبنانية والحكومة الفلسطينية عبر التوقيع على مذكرة التفاهم المشترَكة، والتي حُدِّدَت بموجبها الأدوار، ووُزِّعَت المسؤوليات والمهام بين مختلف الشركاء، ثُمَّ إطلاق المشروع.
ولمواكبةِ سير العمل، ومتابعةِ تنفيذه، وتوفير سُبُل إنجاحه، وتذليل أيِّ عقبات تعترضُهُ، شُكِّل عددٌ من الأُطُر المساندة، وهي: لجنةٌ توجيهية عُليا برئاسة لجنة الحوار تضمُّ في عضويّتها ممثِّلين عن الجانبَين اللبناني والفلسطيني، وفريقٌ فنيٌّ مشترَك ليكون الذراع التنفيذي للمشروع على الأرض، ولجنةٌ استشاريةٌ تضمُّ في عضويتها ممثِّلين عن مختلَف مؤسّسات الأُمم المتحدة العاملة في لبنان.
وقد تمَّ خلال الربع الأخير من العام 2016 والربع الأول من العام 2017 الانتهاء من إعداد أدوات وأدلة العمل والتطبيقات، واختبارها، ثُمَّ تجهيز الخرائط، وتحزيم مناطق العد ميدانيًّا. وخلال شهر أيار 2017، نُفِّذت مرحلةُ حصر المباني والوحدات السكنية، وبتاريخ 15/7/2017 انطلقت الفعاليات الميدانية لمرحلة العدِّ الفعلي للسكان، حيث يشمل هذا التعداد 12 مخيَّمًا، ونحو 114 تجمُّعًا للاجئين الفلسطينيين في لبنان، باعتبار أنَّ التجمُّع يتكوَّن من 25 أسرة بحدٍّ أدنى".
وحول أهمية وأهداف هذا المشروع تقول د.عوض: "هذا المشروع وطنيٌّ بامتياز، وهو جزءٌ من التنمية المستدامة بجميع أبعادها التي باتت محط َأنظار العالم بأسره، خاصة أنَّها تحمل شعار (لن يتخلَّف أحدٌ عن الركب). وتكمن أهميته في عدة جوانب، منها:
أولاً: أنَّه أول تعداد عام وشامل يستهدف اللاجئين الفلسطينيين في المخيَّمات والتجمُّعات الفلسطينية في لبنان، لتنتج عنه قاعدةُ بياناتٍ إحصائيةٍ شاملةٍ وحديثةٍ حول واقعهم الديموغرافي والاقتصادي والاجتماعي والمعيشي
ثانياً: تُشكِّل بيانات هذا التعداد اللُّبنة الأساسية لصياغة الخطط والاستراتيجيات، وتطوير البرامج والتدخلات، التي من شأنها تحسين الواقع المعيشي للاجئين، وتوفير سُبُل العيش الكريم لهم، ومراقبة تنفيذها، وتقييمها
ثالثاً: يوفِّر التعداد نحو 600 فرصة عمل مؤقَّتة تستهدف الشباب وخِرّيجي الجامعات، وخاصَّةً من اللاجئين الفلسطينيين، مما يُتيح لهم فرصةَ تطوير مهاراتهم، وبناء قُدراتهم، واكتساب الخبرة العملية المؤهّلة للانخراط في سوق العمل، إضافة إلى تطوير قاعدة بيانات خاصّةٍ بهم يمكن للمؤسّسات المعنية بالتشغيل الاستفادة منها في توفير فرص عمل لهم.
وبسؤالها حول مدى تقبُّل اللاجئين الفلسطينيين للمشروع، وبعض الهواجس والتساؤلات التي أُثيرَت حوله، أجابت: "من الطبيعي أن تتبادر إلى أذهان البعض هواجسٌ وتخوّفاتٌ حول هذا التعداد وأهدافه، نظراً لحساسية الوضع السياسي والأمني القائم في لبنان، خاصّةً أنَّنا نتحدَّث عن مشروع وطني ضخم، ومن الصعب تنفيذه بنجاح من دون التعاون والتنسيق بين مختلف الأطراف والشركاء، وذلك يكون بتعزيز الوعي بأهمية هذا التعداد، وتوضيح أهدافه، ودوافع تنفيذه، والتأكيد على أنَّه نشاطٌ إحصائيٌّ ومهنيٌّ بَحْتٌ، لا سيما أنَّه يُنفَّذ عبر مؤسّسة فلسطينية رسمية ذات مصداقيةٍ عاليةٍ، ومشهود بأدائها، وبجودة مخرجاتها على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، ومراعاتها للمبادئ والممارسات الفُضلى في مجال العمل الإحصائي التي تكفل الحفاظ على سرية البيانات الفردية التي تُجمَع في إطار هذا التعداد، وإتاحتها للاستخدام العام بشفافية ومصداقية، ووَفْقًا لمنهج عِلمي بحت".
وتختم د.عوض كلامها بالقول: "إنَّ هذا المشروع الوطني يُمثِّل مصلحةً لكلِّ فرد وأسرة داخل المخيّمات والتجمُّعات الفلسطينية، وستُشكِّل نتائجُهُ منبراً أساسيًا للمطالبة بحقوق اللاجئين الفلسطينيين، ووضع المجتمع الدولي في صورة معاناتهم، والآثار التي لحقت بهم نتاج سياسات الاحتلال الإسرائيلي تجاه أبناء شعبنا الفلسطيني في كل مكان، وستبقى فلسطين البوصلة والوطن الأم لكلِّ فلسطيني هُجِّر من أرضه، مع التأكيد على أنَّ الوجود الفلسطيني في لبنان، وغيرها من الدول العربية الشقيقة، ما هو إلّا وجود مؤقَّت".

تحديدُ عددِ اللاجئين سيُسهِم بتحسين أوضاعهم
يُشير رئيس "لجنة الحوار الفلسطيني اللبناني"، الوزير اللبناني السابق، د.حسن منيمنة إلى أنَّ أهمية مشروع التعداد تنبع من الحاجة لمعرفة أوضاع الفلسطينيين الدقيقة لمعالجة شؤونهم الحياتية. ويضيف مُتحدِّثًا لمجلّة "القدس": "من خلال مناقشات مُطوَّلة انبثقت لجنة لبنانية مؤلَّفة من جميع الأحزاب السياسية اللبنانية، وتناولت خلال عامين موضوع اللجوء الفلسطيني بكل أبعاده، وكنا أمام كلِّ قضية نسعى لمعالجتها نواجَه بموضوع الأعداد المتفاوتة جدًا للاجئين، والتي تبلغ لدى "الأونروا" نحو 450,000 لاجئ، مقابل 560,000 لاجئ لدى دوائر الحكومة اللبنانية، وخاصّةً لدى لجنة الشؤون السياسية في الداخلية اللبنانية التي تهتم بتسجيل الفلسطينيين في لبنان، عدا الأرقام المتفاوتة التي يتداولها الناس، وبالتالي ليس هناك من رقم دقيق لعدد اللاجئين، أو لنسبة العمالة، وعدد المهندسين، أو الأطباء، أو المتسربين من المدرسة، إلخ. لذا، وأمام الضرورة الملحّة لتوفير بيانات تفصيلية ودقيقة تغطي عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وأحوالهم على الصعد كافةً، بحيث تؤمِّن مدخَلاً إلى المعالجة والتخطيط السليم لصياغة وتطوير سياسات تنموية وَفْقَ المعايير العِلمية لتحسين واقع اللاجئين، انبثقت فكرةُ إجراء التعداد العام، وعلى هذا الأساس بُذِلَت جهودٌ كبيرةٌ لإنجاح المشروع والانطلاق به".
ويوضح د.منيمنة أنَّ الهدف الأساسي للمشروع هو تحسين الأوضاع الحياتية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وتمكين الحكومة اللبنانية من رسم خططها لمعالجة هذا الملف بشكل دقيق وعِلمي، وعلى أُسُسٍ واضحة وحقيقية. ويلفت إلى أنَّ المرحلة الأولى من المشروع، وهي مرحلة تعداد المساكن، انتهت خلال الشهرين الماضيَين، فيما انطلقت في 17/7/2017  المرحلة الثانية، وهي التعداد الفعلي للسكان، وملء الاستمارات التي تتناول كلَّ جوانب حياة اللاجئ الفلسطيني في لبنان الاجتماعية، والاقتصادية، والعائلية، والصحية، والمهنية، والتعليمية، وغيرها، مشيرًا إلى أنَّه على ضوء الأرقام والوقائع الفعلية التي ستتوفّر، فإنَّ الحكومة اللبنانية سترسم أشكال ومسارات معالجة هذه الملفات.
وحول آلية العمل والتقنيات المستخدَمة ضمن المشروع يقول: "أعتقدُ وبشهادة جهازَي الإحصاء المركزيَّين اللبناني والفلسطيني أنَّ مشروعَ التعداد هذا رُبَّما يُعدُّ واحدًا من أفضل مشاريع الإحصاء الـمُنفَّذة في المنطقة، ولا سيما من الناحية التقنية ولجهة التكنولوجيا المعتمَدة، فالإحصاء لا يتضمَّن عملاً ورقيًّا، وإنَّما يتم عبر الأجهزة الإلكترونية اللوحيّة (Tablet)، ووسائل المكنَنة الحديثة، ومن خلال البرامج المستخدمة يمكننا متابعة تحرُّكات فرق العمل الميداني داخل المخيمات والأبنية المكلَّفين بالدخول إليها، وبحسب تقديرات المتابعين والإحصائيين فإنَّ نسبة الخطأ لن تتجاوز 1,5%، وهي نسبة ممتازة".
ويتفهَّم د.منيمنة بعض الهواجس لدى  اللاجئين الفلسطينيين حول احتمال توظيف المعطيات في جوانب أمنية، وعدم حماسة البعض الآخر للمشروع بحكم معاناتهم مع تجربة نهر البارد التي تُجسِّد مثالاً قائمًا لطبيعة الالتزامات الدولية بالرغم من الإحصاءات والتقارير المرفوعة. وفي هذا الصدَّد يقول: "سمعنا بعض الهواجس من مسؤولين وقوى سياسية لبنانية وفلسطينية، وقد أكَّدنا أنَّ عملية الإحصاء تجري بتقنيات متطوِّرة تلتزم القوانين الدولية المتعلِّقة بسريّة المعلومات. وفي الوقت ذاته كان جوابنا أنَّه أصلاً لا داعي للإحصاء إن كان سيُستخدَم  في أيِّ اتجاه غير سليم، وأيضًا هذه الفرضيات  لا أساس لها من الصحة، فالأرقام موجودة لدى عدة جهات، ومَن يريدها لن ينتظر أرقامنا للاستعانة بها. وبصورة عامّة أعتقد أنَّ المجتمع الفلسطيني مُتقبِّل للموضوع إلى حد كبير، وقد لمسنا ذلك مع انطلاقة المرحلة الثانية. أمَّا بالنسبة لموضوع نهر البارد، فلم تكن هناك إحصاءات سابقة، وما توفَّر من الأرقام كان قابلاً للتشكيك من أي كان، أمَّا التعداد الحالي، فهو على مستوى عالٍ من المهنية والدقة البعيدة عن التشكيك، وبالتالي سيوفِّر أرقامًا حقيقية وفعلية تُبنَى عليها سياسات واقعية لمعالجة قضايا الفلسطينيين".

الفصائل والمخيّمات تعاطت بإيجابية مع المشروع لأهميّته
ينوِّه أمين سر فصائل "م.ت.ف" وحركة "فتح" في لبنان الحاج فتحي أبو العردات إلى أنَّ الاجتماعات التحضيرية لإطلاق المشروع اتَّصفت بالإيجابية، وتمَّ خلالها تذليل جميع العقبات التي يمكن أن تطرأ، وتوضيح أهداف وآلية المشروع بصورة مفصّلة. وحول موقف الفصائل الفلسطينية من المشروع يقول للـ"القدس": "هذا المشروع جاء في إطار توصيات الوثيقة التي أطلقتها "مجموعة العمل حول قضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان"-وهي مشكَّلة في إطار لجنة الحوار، وتضمُّ ممثِّلين قياديين عن التيارات السياسية اللبنانية الكبيرة الممثَّلة بكتلٍ برلمانية- تحت عنوان "رؤية لبنانية موحَّدة لقضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان"، بهدف توحيد الموقف اللبناني من الحقوق المدنية والاجتماعية للفلسطينيين وتحسين أوضاعهم، وتنفيذه كان بالتعاون والتنسيق ما بين "لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني" وجهازَي الإحصاء المركزيَّين الفلسطيني واللبناني، وسفارة دولة فلسطين والفصائل الفلسطينية في لبنان، وبرعاية رئيس الحكومة اللبنانية.
 ونحن في حركة "فتح" وفي منظمة التحرير وفي الفصائل فلسطينية أبدينا تعاونًا كبيرًا تجاه المشروع، وذلك إيمانًا منا بأهميته وضرورته. فالإحصاء لا يتطرّق للأعداد فحسب، وإنَّما يُقدِّم بياناتٍ حول ظروف السكن، والمعيشة، والبنية التحتية، والأحوال الصحية، وغيرها من الجوانب الإنسانية الخاصّة باللاجئين، وهو يُنفَّذ استنادًا لمعايير متقدِّمة ودقيقة بتمويل من مؤسسات دولية. وقد زرنا مكان العمل، واطَّلَعنا على التقنيات المتطوّرة والحديثة المستخدَمة، وعلى دقة التنسيق والتواصل بين غرف العمليات وفرق العمل الميدانية، لضمان سير العمل وعدم وجود عراقيل أو أخطاء، ومع نهاية العام ستكون قد توفرَّت قاعدة بيانات دقيقة، وبالتالي هذه الأرقام مقرونةً بالتفصيلات حول الأوضاع المعيشية، مهمّة جدًا لتحسين وضع اللاجئين في لبنان، لأنَّ وضع الخطط ورصد المساعدات يتطلّب وجود أعداد واضحة ومحدّدة على الصعد كافةً، لمعرفة كيفية علاج كل مشكلة، وحجم ونوع احتياجات اللاجئين الفلسطينيين لتساعدهم الدول المانحة، وأيضًا لوضع حدٍّ لتجاذب الأرقام وتباينها حول العدد الفعلي للاجئين الفلسطينيين، وهو ما يوظِّفه البعض في غايات واتجاهات معيّنة، علمًا أنَّه ومنذ بداية الإحصاء تبيَّن أنَّ العدد ليس كبيرًا كما يُروَّج له، فبحسب ما علمنا من د.منيمنة، عدد العمال من الفلسطينيين مثلاً قد لا يتعدّى 75,000، والسوق اللبناني يحتاجهم، وبالتالي هم لا يزاحمون العاملين اللبنانيين".
وحول الصعوبات التي اعترضت تنفيذ المشروع يقول أبو العردات: "كانت لدى بعض الأطراف اللبنانية والفلسطينية تساؤلاتٌ حول أهداف المشروع وأبعاده، وقضايا مطلوب توضيحها، منها مثلاً إن كان الإحصاء سيشمل المقيمين خارج المخيّمات أيضًا، والمسافرين، وقد أوضح القيِّمون على المشروع شموله للفلسطينيين في الأراضي اللبنانية كافةً والمسافرين المتردِّدين على لبنان. أيضًا، كانت هناك هواجس لدى أفراد وتنظيمات متعلّقة بالبُعد الأمني، ووجهة المعلومات ودرجة السرية، وكلُّها قضايا بُحِثَت وجرى توضيحها، والتأكيد على درجة السرية العالية للمشروع، وحصلنا على تطمينات وضمانات بأنَّ البيانات ستُتاح للجهات المعنية بها وهي: الحكومة اللبنانية وجهازَا الإحصاء اللبناني والفلسطيني فقط، وذلك بموجب اتفاق دولي منصوص عليه بين هذه الأطراف. وبعد تذليل العراقيل، كانت هناك موافقة من كامل الفصائل الفلسطينية، وجميع الأطراف واكبت مراحل إطلاق المشروع، وإطلاق الرؤية الموحَّدة لقضايا اللاجئين في "السراي الحكومي".
من جهته، يوضح أمين سر المجلس الاستشاري لحركة "فتح" - إقليم لبنان وليد ورد، وهو المكلَّف بقرار من قِبل قيادة "م.ت.ف" وحركة "فتح" في لبنان وجهاز الإحصاء الفلسطيني بمتابعة الجوانب اللوجستية والتواصل مع الأُطُر الحركية والتابعة لجهاز الإحصاء في لبنان، بأنَّ مرحلة التعداد الميداني جرت بسلاسة، وتعاطى الأهالي معها بإيجابية كاملة. ويُثني ورد، الذي كانت له تجربة العمل في عدد من مشاريع الإحصاء في لبنان بالتنسيق مع جهاز الإحصاء الفلسطيني، على المشروع نظرًا لأهميّته العملية من جهة، كون الجهات المانحة الدولية تقرأ أوضاع الفئات المستهدَفة عبر المسوحات الإحصائية التي تختصرها الأرقام، ليُصار إلى وضع الخطط المبنيّة على هذه الأرقام، ولكونه وفَّر فرص عملٍ لعشرات الشباب الفلسطينيين، من جهة ثانية.

مُتفائلون بما سيُفضِي إليه المشروع
إذًا التفاؤل سيّد الموقف حين يتعلَّق الأمر بمشروع التعداد، إذ أجمع المتحدِّثون لمجلّة "القدس" على ثقتهم بأنَّ هذا المشروع سيُوفِّر معطياتٍ دقيقةً تضع النقاط على الحروف فيما يخصُّ الواقع الحياتي للاجئ الفلسطيني في لبنان، حيثُ أنَّ إسنادَ كلِّ الخطط والبرامج بأرقام ومعطيات إحصائية عِلمية ومهنية من شأنه دعم صُنَّاع القرار في تبَنّي هذه المعطيات والحقائق، وترجمتها على أرض الواقع عبر تكامل الجهود والأدوار ما بين الحكومة اللبنانية والحكومة الفلسطينية والمجتمع الدولي، بما فيه وكالة "الأونروا"، والمجتمع الأهلي، لدعم تنفيذ والمشروع بوضع خُطَط في سبيل توفير مقومات الحياة الكريمة للاجئين.