تُمارس "فتح" بجدارة قيادة الحراك الشعبي الوطني المناصر للأقصى وللقدس والمقدسيين، ويبدو هذا جليّاً من خلال المشاركة المميَّزة للفتحويين ومن كل مستويات العمل التنظيمي بداية بالأعضاء، والأنصار، وصولاً إلى قمة الهرم التنظيمي، خاصّةً في القدس، في ساحة المواجهة الأولى، حيث سارعت إسرائيل، وفي محاولة يائسة منها لشلّ قدرة الحركة على الفعل الميداني، إلى اعتقال عشرات الكوادر، وفي المقدمة منهم ثلاثة من أعضاء المجلس الثوري للحركة.

كما يساهم الكادر الفتحوي من أخوات وأخوة بشكل مميَّز في الرباط اليومي مع إخوتهم من أطياف العمل الوطني والإسلامي كافةً تحت راية واحدة هي راية فلسطين، وفي مشهد تغيب عنه شعارات ورايات الفصائل والأحزاب، رغم إدراك المطَّلعين على تفاصيل الحراك المقدسي أنَّ الدور الفتحوي هو دور ميداني مفصلي ورائد.

لا يختلف الأمر في ساحات المساندة والدعم للحراك المقدسي التي تتصدَّر الحركة مواقعها وصفوفها الأولى في كل بقاع الوطن، حيث يشارك الفتحويون، بما في ذلك كثير من القياديين، في التصدي اليومي لجيش الاحتلال وقطعان المستوطنين.

إضافةً إلى كل ما تقدَّم، فقد حرصت "فتح" وعلى المستويات كافةً إلى اتخاذ الموقف الوطني الواضح الرافض لإجراءات الاحتلال ضد المسجد الأقصى، فجاء هذا الموقف المتميِّز والمبادر ليُشكِّل حاضنة رسمية للحراك الشعبي المُطالِب بضرورة إلغاء هذه الإجراءات. وقد كان الخطاب الذي ألقاه السيّد الرئيس، وما أعلن عنه من قرارات بعد اجتماع القيادة الفلسطينية في يوم جمعة الغضب الفلسطيني تتويجاً للموقف الفتحوي، ولموقف القيادة الفلسطينية الحامي للحراك الوطني من أجل القدس، بما يوفِّره هذا الموقف من دعم سياسي وميداني كامل، وبما يضمن استنهاض كلّ عوامل القوة الفلسطينية، وبما يضع المستوى الرسمي العربي والدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية في لجم العدوان الإسرائيلي الهادف إلى إغراق المنطقة في دوامة جديدة من القتل والتدمير والعنف.

حين تتصدر "فتح" مشهد التماهي مع شعبها والانخراط في صفوفه، وتتصدَّر الصفوف الأولى في معركة الدفاع عن الأرض والمقدسات والإنسان، فإنَّ "فتح" لا تمنّ على أحد، فهي تقوم بمهمتها الطبيعية التي نذرت نفسها في سبيل تحقيقها، وهي مهمة حماية المشروع الوطني الفلسطيني والسير به حتى محطته الأخيرة، بما تعنيه من تحقيق للأهداف الوطنية المشروعة في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. هذا هو دور "فتح"، وهذا هو تاريخها منذ الانطلاقة مروراً بمعركة الكرامة وكل محطات الصمود الفلسطيني في المنافي وفوق أرض الوطن. لم تطلب "فتح" من أحد أن يلحق بها، لكنَّها لم تسمح لنفسها يوماً أن تتخلّى عن دورها القيادي أو أن يسبقها أحد في معارك حماية منجزات شعبنا.

لقد خاضت "فتح" خلال عدة أشهر معارك متعددة وعلى جبهاتٍ مختلفة، بداية من التصدي لمحاولات مصادرة قرارنا الوطني المستقل والمساس بالشرعية الفلسطينية، مروراً بتجديد شرعيتها النضالية عبر مؤتمرها السابع، وما نتج عنه من التخلص من بعض الأشواك العالقة في خاصرة الحركة، وصولاً إلى إضراب الأسرى الأبطال بقيادة المناضل القائد مروان البرغوثي. وها هي الآن تُمسك بناصية التاريخ مرة أخرى وهي تقود معركة الدفاع عن الأقصى وعن القدس - عاصمتنا المحتلة.

لن تلتفت "فتح" إلى الوراء ولن تُعير أيَّ اهتمام لمن يحاولون إلهاءها عن دورها، والغرق في جدل عبثي لا هدف له سوى التغطية على حالة العجز وفقدان الإرادة وانعدام القدرة على الفعل التي تلازم القوى المشكِّكة بدور "فتح" وقيادتها، لكنَّ "فتح" تمضي في مسيرتها مؤكّدة أنَّها أمينة على هذا التاريخ الغني بوقفات العزة والمجد، وهو تاريخ سطرته الحركة بدماء شهدائها على امتداد مسيرتها النضالية الطويلة منذ انطلاقتها حتى اليوم، وفي مقدمتهم القائد الرمز الشهيد أبو عمار.

في كل مرة يُجهِّز الأعداء والخصوم أنفسهم لمشهد نهاية الدور الفتحوي، وحين تجيء لحظة اكتمال المشهد تتركهم "فتح" وحدهم غارقين في شِباكٍ من نسيج أفواهم، وتنطلق لتحقيق مهمة جديدة وقيادة معركة أخرى من معارك مشوارنا الطويل الذي رسمت "فتح" معالمه وحددت محطته النهائية بشعارها البوصلة: ثورة حتى النصر..

2017-7-23

أمين سر حركة "فتح" – إقليم بولندا د.خليل نزّال