تتضخم شيئا فشيئا قائمة الأفعال السلبية التي يمارسها نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، بحيث لا يصدر عنه أي شي يمكن تفسيره على انه بداية إيجابية للتعامل مع الشريك الفلسطيني الا ويعود ينكص عنه بقوة، وينداح اكثر او اكثر الى خرافات الحركة الصهيونية الثمن هو من اصلابها الأساسية، وهو يتعامل مع العالم كله كأنه جزء من اللعبة الداخلية الإسرائيلية التي يبرع في ادارتها حتى الان، بحيث يكاد يقنع الجميع في إسرائيل انه لا بديل له، ولا بديل لأفعاله، ويكاد يكون الأمل مفقودا بالكامل في ان يتشكل بديل إسرائيلي في المدى القريب، وبالتالي فالاحتلال الإسرائيلي الذي هو صلب القضية يظل على حاله، ينتج نفسه بالكيفيات التي عانينا منها طول سبعين سنة، وهي كيفيات سيئة وشائنة نعرفها جميعا، لان الاحتلال هو الاستيطان، والاحتلال هو اختراق القانون الدولي، والاحتلال هو الوعاء الذي يحتوي الإرهاب سواء إرهاب الدولة المنظم او الإرهاب اليهودي العام الذي تمثله جماعات تدفيع الثمن وجماعات شباب التلال، ومجالس المستوطنين، ومجالس الحاخامات، والمحاكم التي تكون في معظم الأحيان هي الجاني والقاضي في آن واحد، والدور الأساسي الذي يقوم به نتنياهو هو شرعنة كل ذلك، فحين لا تعترف إسرائيل بأنها محتلة لأرضنا منذ خمسين سنة، فانه في ظل عدم الاعتراف بفعل الاحتلال يعني ان كل شي مباح، حتى الاعدامات اليومية تصبح تداعيات عادية، حتى افراغ عبوة بنزين قسرا في جوف الفتى محمد أبو خضير واحراقه بعد ذلك، او حرق عائلة الدوابشة واحاطة جثث العائلة المحترقة برقصة تلمودية، او اعدام عبد الفتاح الشريف رميا بالرصاص وهو مصاب وعاجز ومرمي على الأرض يتخبط في دمائه.

كل ذلك وغيره مما يعادل الف ضعف، يظل في نظر نتنياهو وائتلافه الحكومي، شيء مبرر، لأنهم أصلا لا يعترفون بانهم الاحتلال، بل ويحاولون ان يشطبوا من الذاكرة الدولية كل ما يشير الى انهم احتلال، فلا يريدون مؤتمرا في الأمم المتحدة، ولا يريدون وجود وكالة الغوث على الاطلاق، ولا اليونسكو، ولا محكمة الجنايات الدولية، ولا أي شيء آخر، واكبر سبب يقف وراء هذا التغول الاسرائيل الذي يصل الى حد الاستهتار هو ان المجتمع الدولي لا يشفع قراراته بقوة الممارسة ولذلك يظل الوضع القائم على حاله، وفرض الامر الواقع مستمر، والتطاول على القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني مستمر، وكل البشاعات المصاحبة للاحتلال مستمرة.

لا بد من تغيير هذا النسق، لا بد من ارفاق اي قرار دولي بآليات تطبيق، والا فان القهر سيستمر، والقهر لا ينتج الا العنف بكل حلقاته، وهذا هو وضعنا مع هذا الاحتلال الذي حول الخرافات الى حقائق، ولا يزال يواصل الطريق.