من الصعب جدا الاثبات أن هناك تأثيرا سلبيا للاحتلال على المجتمع الاسرائيلي. ففي نهاية المطاف حياتنا هنا جيدة، جيدة بالفعل. ورغم ذلك، كانت في السنوات الاخيرة نقطتي تحول، حيث نشأ في اوساط الجمهور في اسرائيل نقاش حقيقي حول تأثير الاحتلال السلبي المحتمل. وهذا لم يحدث في سياق محاكمة اليئور ازاريا، أو في اعقاب العمليات والانتفاضات، بل في سياق احداث هامشية ليس لها تأثير كبير على حياة الاسرائيليين اليومية.

النقطة المفصلية الاولى كانت اقوال مدير عام شركة "أورانج" الدولية في العام 2015 حيث قال "أنا مستعد لوقف عمل الشركة في اسرائيل في الغد". هذه الكلمات، رغم أنها كانت كلمات دعائية فقط، أثارت ضجة كبيرة. والنقطة الثانية كانت قرار مجلس الامن بأن المستوطنات ليست قانونية حسب القانون الدولي. وفي هذه الحالة حدثت هزة كبيرة ايضا، رغم أن الحديث يدور عن تصريحات فقط.

إذا تم تحقيق الخطوة الدبلوماسية القادمة للفلسطينيين فستكون هذه، كما يبدو، المرة الثالثة التي سيتصدع فيها غطاء اللامبالاة الاسرائيلي بالنسبة موضوع الاحتلال. وهذه المرة ايضا لا يدور الحديث عن خطوة ستغير نمط حياتنا، بل عن خطوة صغيرة دعائية ولامعة.

في هذه الاثناء يقوم الفلسطينيون بالطلب من اتحاد كرة القدم الدولي "الفيفا" التصويت في المؤتمر العام الذي سينعقد في الشهر القادم، يطالبون بتجميد ست فرق اسرائيلية في الدوري. عدد قليل يعرف عن هذه الفرق، وحتى فرصها في الوصول الى المنافسات الدولية محدودة. ورغم ذلك، هذه الخطوة تصيب وزارة الخارجية بالرعب، الى درجة أنها وجهت توجيهات لسفراء اسرائيل في ارجاء العالم حول كيفية العمل على احباطها. وقد قال موظف رفيع المستوى في اسرائيل إنه "يجب الاستعداد للسيناريو الاسوأ بالنسبة لاسرائيل عندما سيتم التصويت. فاذا حدث تصويت كهذا فان فرصة اسرائيل للفوز فيه هي صفر".

إن ما يجعل هذه الخطوة حكيمة وذكية هو قدرتها على احراج الحكومة الاكثر يمينية في تاريخ اسرائيل. ودستور الفيفا ينص على أنه يُمنع على الدول اقامة فرق لكرة القدم في اراضي دول اخرى. والفرق في معاليه ادوميم واريئيل وكريات اربع وجفعات زئيف وغور الاردن وأورانيت تناسب هذا التعريف حسب القانون الدولي. واذا لم توافق اسرائيل على تجميد هذه الفرق، فانه سيتم تجميد نشاط المنتخب الاسرائيلي كله في الفيفا.

اذا حدث التصويت في الشهر القادم فان هناك احتمالين لرئيس الحكومة ووزير الرياضة ووزير التربية والتعليم. الاول هو أن اسرائيل بامكانها رفض تجميد الفرق الستة، وعندها سيتم تجميد نشاطات الدولة كلها في الالعاب الدولية للفيفا. وهذه ستكون ضربة قاضية للرياضة الاسرائيلية، وللمشجعين الاسرائيليين الذين ينتمي البعض منهم الى الطرف اليميني في الخارطة السياسية، ولمكانة اسرائيل في العالم. والثاني هو أن توافق اسرائيل على تجميد الفرق الستة من اجل انقاذ الرياضة الاسرائيلية.

المشجعون المحليون قد يتنفسون الصعداء، لكن هذه الخطوة لن تمر من غير عاصفة سياسية بحجم التسونامي. تخيلوا بنيامين نتنياهو وميري ريغف ونفتالي بينيت يوافقون على اقتلاع ست فرق من المستوطنات من المنتخب الاسرائيلي.

إن هذه الخطوة الفلسطينية هي تذكير مهم على أن استراتيجية المقاومة غير العنيفة للاحتلال تمسك في يدها المزيد من البطاقات الناجحة. وانتصار الفلسطينيين في هذه اللعبة سيكون في مستوى انتصار فريق كرة قدم من مخيم بلاطة على فريق بيتار القدس.