قال تقرير جديد لجمعية "چيشاه–مسلك" (مركز للدفاع عن حريّة التنقل– هي مؤسسة حقوق إنسان إسرائيلية): إن إسرائيل تكثف الضغط على سكان قطاع غزة، وأن هناك انخفاضا حادا بعدد حالات الخروج عبر معبر بيت حانون "ايرز" شمال قطاع غزة،  خلال الشهر الماضي، وتراجعا كبيرا بعدد تصاريح التجار.

وأضاف التقرير، أنه خلال شباط الماضي انخفض عدد حالات الخروج من غزة بـ 40% مقارنة مع المعدل الشهري خلال العام 2016، وعدد حالات خروج التجار خلال شباط انخفض بـ 60% مقارنة مع نفس الشهر من العام الماضي، وأن اسرائيل فرضت "منعا أمنيا" على ثلثي تجار غزة الذين يحملون تصاريح خروج.

وأشارت المعطيات الجديدة التي وصلت إلى الجمعية، إلى توسيع مقلق للتقييدات المشددة أصلا، التي تفرضها إسرائيل على تنقل الأشخاص من قطاع غزة وإليه. وأنه في الشهر الماضي سجل عدد حلات الخروج عبر معبر "ايرز" الأدنى منذ نهاية العملية العسكرية في صيف 2014. حيث يشكل المعبر بوابة سكان قطاع غزة إلى إسرائيل وإلى الضفة الغربية، وعن طريقها إلى دول الخارج.

ووفق التقرير فقد سجلت خلال الشهر الماضي 7.301 حالة خروج، وهي تشكل انخفاضا بنسبة 40% مقارنة مع المعدل الشهري للعام 2016 الذي بلغ 12.150 حالة خروج شهريًا، وانخفاضا بنسبة 50% تقريبًا مقارنة مع شهر شباط من العام الماضي حيث سجلت 14.155 حالة خروج.

وتشكل معطيات شهر شباط استمرارًا لظاهرة نلحظها في الأشهر الأخيرة، حيث انخفض عدد حالات الخروج خلال شهر كانون ثاني أيضا بنسبة 44% مقارنة مع نفس الشهر من العام الماضي وبنسبة 30% مقارنة مع المعدل الشهري للعام 2016.

وقال: من بين القلائل أصلا الذين بإمكانهم تقديم طلبات للخروج من القطاع، بموجب الشروط القاسية التي تفرضها إسرائيل، الانخفاض الأبرز كان في أوساط التجار، وحتى كبار التجار. وخلال شباط الماضي سجلت 3.287 حالة خروج فقط لتجار، التي تشكل انخفاضًا بأكثر من 50% مقارنة مع المعدل الشهري لخروج التجار عام 2016، وبنسبة 60% مقارنة مع خروج التجار في نفس الشهر من العام الماضي.

وأورد التقرير أنه بعد العملية العسكرية في صيف 2014، أعلنت إسرائيل عن دعمها للجهود لانعاش الاقتصاد في قطاع غزة، وحتى أعلنت عن بعض التسهيلات بخصوص تنقل الأشخاص ونقل البضائع من غزة وإليها. وبعثت هذه التصريحات الأمل في أوساط أصحاب المصانع والتجار من قطاع غزة، بأن تؤدي هذه الخطوات إلى زيادة التجارة مع الضفة الغربية وإسرائيل، والتي تعتبر الأسواق الطبيعية لبضائع قطاع غزة، وكذلك مع دول الخارج. وشخصيات مركزية في المنظومة الأمنية والسياسية في إسرائيل ادعوا مرارًا وتكرارًا بأن تعزيز اقتصاد قطاع غزة وتحسين الظروف المعيشية لسكانه تخدم أيضا المصلحة الإسرائيلية.

وتابع التقرير: لكن، منذ نهاية العام 2015 تقوم إسرائيل بتقليص إمكانيات التنقل، القليلة أصلاً، القائمة أمام سكان غزة، على عكس تلك التصريحات. وأن عدد حالات العبور في معبر "ايرز" اليوم يقترب بوتيرة متسارعة إلى ما كان عليه قبل العملية العسكرية "الجرف الصامد". وان نسبة البطالة في القطاع عام 2016 بلغت قرابة 42%.

وفي مقابلات أجرتها جمعية "چيشاه – مسلك" مع ممثلين عن قطاعات صناعية بارزة في قطاع غزة، برزت شكاوى عن الظروف غير الملائمة لنقل البضائع وأوقات الانتظار الطويلة على معبر كرم أبو سالم، وهو المعبر الوحيد لنقل البضائع إلى الضفة الغربية، الجزء الاخر من الأرض الفلسطينية، وإلى إسرائيل.

وأشار التجار إلى تقييدات شديدة على دخول مواد ومعدات ضرورية لإنعاش الاقتصاد والصناعة، لكن إسرائيل تخشى أن يكون لها "استخدامات عسكرية".

وشرح تجار كبار في مجال الاثاث، على سبيل المثال،  لجمعية "چيشاه – مسلك" هذا الأسبوع عن الصعوبات بتصنيع اثاث بسبب منع دخول ألواح خشبية بالسمك المطلوب، وكذلك منع دخول مواد خام ضرورية إضافية كالدهانات ومنشفات الدهان. كما هو حال غالبية رجال الأعمال في قطاع غزة، تقوم إسرائيل بمنعهم هم أيضًا من التنقل بحجة "المنع الأمني".

ووفق التقرير، يبلغ عدد تصاريح التجار سارية المفعول اليوم 1.363  تصريحًا فقط، وثلث عدد تصاريح التجار التي كانت سارية المفعول نهاية العام 2015، وقرابة ربع العدد المخصص وفقًا للمعاير الإسرائيلية، والذي لم يستوفى حتى اليوم. هذا النهج يثير شكوك جدية أن اتخاذ القرارات يتم بشكل عبثي وتعسفي.

وجاء من جمعية "چيشاه – مسلك" أنه ينبغي علينا أن نتساءل من الذي يضع السياسات الإسرائيلية ولأي هدف؟ فبدلاً من بذل الجهود لضمان ظروف حياة أفضل لسكان المنطقة، بضمنهم سكان غزة وسكان إسرائيل، تتخذ إسرائيل بشكل يثير الاستغراب والقلق، خطوات من شأنها أن تدفع المنطقة إلى جولات جديدة وعبثية من العمليات العسكرية.

وكان تقرير آخر لجمعية "چيشاه–مسلك" كشف، اليوم الخميس، أن الإغلاق الإسرائيلي حال دون مشاركة المرأة في إحداث تطوير قطاع غزة، مشيرا إلى آثار الإغلاق الإسرائيلي على النساء في قطاع غزة، وكيف يحد من عملهن ونشاطهن.

وتناول التقرير، الذي كان تحت عنوان "سقف من الاسمنت"، أصوات النساء غير المسموعة وكيف تعش وتعمل النسوة في القطاع، وكيف اخترقت هذه النسوة  السقف الزجاجي في مجالات عدة، وأصبحن مديرات بنوك وشركات، صاحبات مبادرات تجارية، مُؤسِسات جمعيات اجتماعيّة وناشطات يحدثن تغيير سياسيّ واجتماعي داخل مجتمعاتهن.

وأشار التقرير إلى أنّ هؤلاء النساء المختلفات عن بعضهن في مجالات اهتماماتهن وطموحاتهن، يصطدمن جميعهن بالتقييدات ذاتها، سقف الاسمنت المتمثل بالإغلاق الإسرائيلي على قطاع غزة. لقد حددت إسرائيل معايير ضيقة جدًا لمن يسمح لهم أو لهن بتقديم طلب للتنقل من غزة وإليها. فباستثناء المرضى ومرافقيهم والحالات الإنسانية الاستثنائية، فإن من تسمح لهم إسرائيل بالخروج هم بالأساس التجار، وهم بغالبيتهم من الرجال.
وبين أن التصريح الإسرائيلي الذي صدر في نهاية العام 2014، بعد العملية العسكرية "الجرف الصامد"، الذي بموجبه سمح بتسويق بضائع من قطاع غزّة إلى الضفة الغربيّة، وبشكل محدود إلى إسرائيل أيضا، يساعد قلة قليلة من التجار ورجال الأعمال، الذين يصل حجم أعمالهم التجاريّة إلى الحجم المحدد بالمعايير الإسرائيلية، والقادرين على تحمل التكاليف الهائلة لنقل البضائع إلى خارج غزة. ونوه إلى أن الحديث بالغالب عن كبار التجار، وهؤلاء،  كلّهم تقريبًا رجال. وصحيح أن الفرص التي فُتحت أمامهم تسهم في دعم اقتصاد القطاع، لكنها أيضا تكشف عن الرؤيا الإسرائيلية ضيقة الأفق، بخصوص معنى التطوير الاقتصادي وتمنع من النساء إمكانية المشاركة في هذا التطوير.

وذكر أن المعايير الصارمة التي تفرضها إسرائيل تتسبب في سد الطريق أمام النساء. فعلى سبيل المثال، هنالك نساء اللواتي كنّ قبل فرض الإغلاق يعملن في مجال نقل البضائع بكميات صغيرة نسبيًا، بأنفسهنّ، في حمولتهنّ الشخصيّة، وكنّ يعلن عائلاتهن. وإلى جانبهنّ الموظفات في مؤسسات المجتمع المدني، اللواتي لا يتاح خروجهنّ للمشاركة في المؤتمرات ودورات التدريب المهني بموجب المعايير الإسرائيليّة الضيقة. وهنالك، مثلا، صاحبات المبادرات التجاريّة في شركات "الستارت أب"، اللواتي لا يستطعن تقديم واستعراض منتجات قمن بتطويرها، والوصول إلى المعارض واللقاءات التي تجرى مع زميلاتهنّ وزملائهنّ، من أجل تطوير أعمالهنّ التجاريّة. هؤلاء النساء هنّ الأمل الأكبر للمنطقة.

وتابع: الكثيرات منهنّ شابّات ومثقفات. وتنطوي على هؤلاء النساء الآمال في التشغيل، والمبادرة، وإحداث التغييرات العميقة، إلا أن التقييدات الإسرائيلية المفروضة عليهن تبقي ذلك الأمل بعيدًا. وأن نسبة البطالة في أوساط النساء في غزّة قد بلغت ما يفوق 65 بالمئة، وللمصالح التجاريّة الصغيرة ليس هنالك فرصة حقيقيّة للتوسع، والكثير من الرجال لا ينجحون بالعثور على عمل، وعليه، فإنّ فرصًا أقلّ تتاح أمام النساء.

واستعرض التقرير الجديد التحديات الماثلة أمام النساء العاملات في قطاع غزة، بكلماتهن هن، ويوفر وجهة نظر هامة حول الأضرار الواقعة على النساء جراء الاغلاق. مؤكدا أن التقييدات الإسرائيلية الشديدة المفروضة على الحركة والتنقل تعيق التغيير نحو الأفضل، وتقلص أفق النساء وطموحاتهن الكبيرة وتنتهك حقهن بتحقيق هذه الطموحات. وان الاغلاق يعيق الفرص لحياة لائقة أكثر لجميع سكان المنطقة، الرجاء والنساء على حد سواء.