رغم إن الأشقاء العرب في كل دولهم بلا استثناء، وجميع الأشقاء المسلمين في كل دولهم بلا استثناء، ممثلين سياسيا في كيانات إقليمية أو دولية، مثل الجامعة العربية أو مجلس التعاون الخليجي أو منظمة التعاون الإسلامي أو الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أنهم بالنسبة للموضوع الفلسطيني يتورط بعضهم بوعي أو بدون وعي في العاب سياسية تصل في بعض الأحيان إلى حد التآمر المفضوح، ويتورطون في اللعب خارج القواعد، وخارج المعترف به، ظنا منهم إن هذا يعطيهم دورا أو يجعلهم أكثر تأثيرا أو أعلى سعرا حين يعرضون أنفسهم في سوق البيع والشراء الذي يغرقون فيه في أحيان كثيرة.

كمثال على ذلك، فان هؤلاء الأشقاء العرب والمسلمين تورطوا في جريمة الانقسام الأسود الذي نفذته حركة حماس في قطاع غزة قبل 10 سنوات، تورطوا بالوشوشات والوعود التي ليسوا على مستواها، مع إنهم كانوا يعلمون تمام العلم إن الانقسام في الأساس هو فكرة وتخطيط وتنفيذ وصناعة إسرائيلية 100% وان قطاع غزة منذ ذلك الوقت تعرض إلى ثلاث حروب مدمرة وأصبح في وضعه الراهن حالة عابثة ترتكز عليها إسرائيل كلما ارادته ميدانا لمغامراتها الشاذة أو مقولاتها الأكثر عدوانية ضد الشعب الفلسطيني، ومعروف لدى القاصي والداني ان الانقسام الأسود وما يصاحبه من انفلات شديد في العنف أصبح جزءا تقليديا من عناصر السياسة الإسرائيلية، وجزءا تقليديا من عناصر سياسات الاختلافات العربية والإسلامية، فهذه الدول في خلافاتها مع بعضها وهي خلافات مفتعلة، تلجأ إلى المفردات الهابطة في الساحة الفلسطينية وتعزف على أوتارها وتلعب بها خارج كل القواعد الشرعية.

والمحطة الأخيرة هذه الأيام لهذا النوع من التلاعب ضد الشعب الفلسطيني وشرعيته هو المؤتمر أو الاجتماع الذي تسعى حماس لعقده في تركيا للشتات الفلسطيني أو الاغتراب الفلسطيني، أي توسيع دائرة الانقسام موضوعيا لصالح إسرائيل التي نصل في صراعنا معها هذه الأيام إلى مستوى خطير، فأين مصلحة تركيا في رعاية هكذا خطوات غير محسوبة؟، وهل تركيا التي تمر هذه الأيام بمأزق وجودي يهدد وحدة دولتها وشعبها تعتقد إن هذه الألعاب الخطرة تساعدها في النجاة ؟ وإذا كانت منظمة التحرير الفلسطينية كما تعلم ذلك تركيا هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني باعتراف العالم كله وباعتراف إسرائيل نفسها، فهل الرعاية التركية وغيرها لشذوذ حماس أو غير حماس يساعد البرنامج الوطني الفلسطيني القائم على إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة؟ أم إن هذه مجرد العاب ضارة وقصيرة النظر ولا تراعي ابسط قواعد الالتزام؟

نقول للأشقاء في تركيا وغيرها من بعض الأطراف التي تغرق في مستوى اللعبة نفسه، أين الاحترام لدولكم ؟ أين الاحترام لأدواركم؟ وهل تستطيعون فعل شيء سوى التظاهر بالعظمة والقوة على شقيقكم الفلسطيني؟

هذا عيب ومهين ولا يعطيكم أي دلالة على إنكم في الطريق للنجاة، من مآزقكم العميقة على مستوى شعبكم في الداخل أو خصومكم في الخارج.