فلسطين من بحرها لنهرها فلسطينية العمق والهوية والوجه، والانتماء، وهي أرض وقف إسلامي وهي ملك فقط للشعب الفلسطيني، فلا يجوز لأحد التفريط أو التنازل عن ذرة من ترابها فلا لدويلة في غزة ولا لحكم ذاتي في الضفة؛ وما بُني على باطل فهُو باطل، وإن قرار: (تقسيم فلسطين)، هو الاسم الذي أطلق على قرار الجمعية العامة التابعة لهيئة الأمم المتحدة رقم: (181) والذي أُصدر بتاريخ 29 نوفمبر 1947م، بعد التصويت (33 مع، 13 ضد، 10 ممتنع) ويتبنّى خطة تقسيم فلسطين القاضية بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيم أراضيها إلى 3 كيانات جديدة، ونلاحظ هنا كلمة فلسطين جاءت في القرار الأممي وهذا يعني بما لا يدع مجالاً للشك أنه لم يكن قبل ذلك  التاريخ أي وجود لما يسمي اليوم ب"إسرائيل "؛؛ كان هذا القرار من أول محاولات الأمم المتحدة لبيع فلسطين، تحت اسم حل القضية الفلسطينية!! وطبعاً الخاسر الوحيد هو الشعب الفلسطيني وفي عُجالة عن ما هو قرار التقسيم؟ فقد نشأت فكرة تقسيم فلسطين سنة 1937م، خدمةً للمشروع الصهيوني في قلب المنطقة العربية، وكانت لجنة بيل، أول من اقترحها، وقد جاء في تقريرها المؤرخ في 7/7/1937: “ما دام العرب يعتبرون اليهود غزاة دخلاء، وما دام اليهود يرمون إلى التوسع على حساب العرب، فالحل الوحيد هو الفصل بين الشعبين، فتؤلف دولة يهودية في فلسطين، في الأراضي التي يكون اليهود أكثرية سكانها ودولة عربية في المناطق الأخرى”، وتكررت فكرة التقسيم مرة أخرى – ولكن في صورة مختلفة – أثناء مؤتمر لندن الذي عقد من 10/9/ إلى 2/10/1946 إذ عرضت بريطانيا على العرب ما أسمته مشروع النظام الاتحادي، أو مشروع موريسون، وهو تقسيم فلسطين إلى أربع مناطق إدارية هي:  المنطقة اليهودية، وتشمل معظم الأراضي التي حل فيها اليهود إلى وقت عرض المشروع، وكذا مناطق كبيرة بين المستعمرات اليهودية وحولها؛ والقدس، وتشمل القدس* وبيت لحم* والأراضي القريبة منهما، والنقب، والمنطقة العربية، وتشمل ما تبقى من أراضي فلسطين وتمنح كل من المنطقة العربية واليهودية استقلالاً ذاتياً؛ لكن العرب رفضوا كلا المشروعين ووقفوا بقوة ضد مبدأ تقسيم فلسطين مهما كانت صوره، وحين أدركت بريطانيا  فشل مساعيها الرامية إلى التقسيم بموافقة العرب، اتجهت منذ انتهاء مؤتمر لندن سنة 1946 إلى أن يتم تقسيم فلسطين وإنشاء الدولة اليهودية فيها عن طريق منظمة الأمم المتحدة التي كان للولايات المتحدة الأمريكية، نفوذ كبير داخلها في ذلك الوقت، وكانت الحركة الصهيونية بدورها قد بدأت تركز نشاطاتها وضغوطها على الحكومة الأمريكية لإدراكها أنها القادرة على تمرير التقسيم في المنظمة الدولية الجديدة، حتى صدر قرار التقسيم فلسطين إلى دولتين!  فسلمت بريطانيا مفاتيح فلسطين للعصابات الصهيونية وساهموا في إقامة وإعلان قيام الكيان الغاضب الصهيوني المسمى (إسرائيل) على أرض فلسطين المحتلة منذ عام 1948م والتي لم تقم لها دولة حتى الآن!! ومرت السنوات العجاف للاحتلال، وجاءت انتفاضة الحجارة الأولى عام 1978م، وصولاً إلى اتفاقية أوسلو عام 1993م، والتي وقعت بين منظمة التحرير الفلسطينية ودويلة الاحتلال وأسمت الأراضي التي احتلت عام 1967م، أراضٍ مُتنازع عليها، وأسمت الانسحاب الإسرائيلي "بإعادة الانتشار"، ونتج عنها اتفاقية اقتصادية وقعت في باريس كانت دماراً للاقتصاد الفلسطيني ورافعة لاقتصاد الاحتلال، وأمور أخرى كثيرة جعلت الرئيس الشهيد الراحل أبو عمار رحمه الله يقول عنها:" إن كنتم تعترضون على اتفاقية أوسلو، فأنا عندي مائة اعتراض، وأكثر"؛ فمكرهاً ومضطراً وقع على الاتفاقية؛ كما لا ننسي أسبابا أخرى إقليمية ودولية وعربية كانت سبباً في الاتفاقية، وعدم نزاهة الراعي الأمريكي للاتفاقية، بل كان مساوقاً وداعماً اساسياً وقوياً لدويلة الاحتلال، كما أن  الناظر لما يجري في عالمنا العربي بعد الربيع الدموي، يجد أن التضامن العربي مع القضية الفلسطينية قد احتضر وسكن القبور، ولم يعد هناك أي تضامن عربي منذُ أن حوصر الرئيس الشهيد أبو عمار رحمه الله في المقاطعة برام الله وصاح ومعتصماه، وعرباه، وقدساهُ، فلم يجد أي رد من الزعامات العربية وتُرِك يواجه شرف الشهادة لوحده؛؛ وهكذا الحال كان مع الشهيد صدام حسين حين ماتت النخوة العربية والإسلامية، حينما أعدمه الأمريكان مع حلفائهم الصفويين الفرس المجوس يوم عيد الأضحى المبارك!!!!، ومن ضمن المبادرات كانت المبادرة العربية وحل الدولتين والتي لم يكتب بها النجاح بسبب التوسع الاستيطاني وممارسات الاحتلال الإسرائيلي التهويدية وعلى الأرض الفلسطينية، وبناء جدار الضم العنصري الابرتهايد في الضفة المحتلة والقدس؛؛!، ولو عدنا للوراء قرناً من الزمان منذ وعد بلفور المشؤوم نرى مؤامرةً عالمية واضحة ضد القضية الفلسطينية، في ظل صمتٍ مُطبقّ؛ ويمكن القول بل تواطئ  من بعض الأنظمة العربية  وكان التآمر قديمًا وحديثاً واضحًا في ظل التنسيق السري سابقاً مع  عصابة دويلة الاحتلال التي سمُيت (إسرائيل)، وأصبح اليوم تنسيق علني واضح مع كيان الاحتلال، من قبل الكثير من الدول العربية، التي تتفاخر بعضها بعلاقتها الممتازة مع اسرائيل، مثل دولة قطر، التي تقول على لسان سفيرها أن علاقتها ممتازة مع (إسرائيل)!!؛ كل ذلك أدى إلى تراجع حل الدولتين والسبب الأكبر كان ما صنعوهُ لنا وأتّوا بما  سمُي الربيع العربي الذي يؤسس لعالم جديد في المنطقة يقوم على إنهاء العداء الشكلي الذي كان قائما بين إسرائيل والدول العربية، ويأتي دور الرئيس الأمريكي الجديد ترامب في المصادقة على مشاريع التصفية للقضية الفلسطينية بصمتٍ عربي رسمي! من خلال حل إقليمي يقوم على سرعة إيجاد بيئة عربية إسرائيلية يقام من خلالها حلف عربي إسرائيلي!؛  وفي هكذا وضع ينتهي حل القضية الفلسطينية باستبعاده وبشكل نهائي للمبادرة العربية ودفنها مثلما تم دفن حل الدولتين.

إن الفلسطينيين حالهمُ اليوم  في ظل الانقسام  وموت حل الدولتين كالمثل الشعبي القائل: ( رضينا بالهم والهم لم يرضي بنا)؛ مع وجود فاشين هما (نتنياهو وترامب)، والذي أصبح ينادي الأخير اللجوء إلى حل الدولة الديمقراطية الواحدة، ومع تنصل الولايات المتحدة من حل الدولتين يعُتبر موت للحل السياسي والقضاء على الحل الدبلوماسي، والبديل سيكون حتماً المواجهة مع كيان الاحتلال الصهيوني الغاصب؛ وخاصةً بعد إقرار الكنيست الإسرائيلي قانون التسوية وتشريع البؤر الاستيطانية؛ بالرغم من عدم شرعية "المستعمرات وعدم قانونيتها وهي تمثل جريمة حرب وهي نقيض أي عملية سياسية جادة أو التوصل إلى سلام، وهو استهتار بالعالم وخاصة أوروبا والدول العربية الداعمة لحل الدولتين؛ مع العلم أن هناك توافقا دوليا على عدم قانونية المستوطنات وأنه يجب مواجهتها والوقوف ضدها من حيث المبدأ لما تمثله من انتهاك جسيم لاتفاقية جنيف الرابعة. وإنني أرى رُبّ ضارةٍ نافعة وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرُ لكم؛ وذلك مع نهاية حلم حل الدولتين يعني لنا حل الدولة الواحدة، وهذا يعني  في المستقبل القريب أنهُ "ليس هناك دولة يهودية"؛ لآن عدد الفلسطينيين في أراضي فلسطين التاريخية وفي العالم سوف يتخطى عدد الإسرائيليين خلال السنوات القادمة، ومن ناحية أخرى يرجع الحق لأصحابه فحينما أقرت الأمم المتحدة  قرار تقسيم فلسطين لم يكن شيء يسمى إسرائيل، وكان اليهود يعيشون بأمن وسلام في ضيافة الشعب الفلسطيني الكريم، الذي عاملهم بجودٍ وكرم وإحسان، فلا بد للزمان أن يرجع للوراء ويعود الحق لأصحابه وترجع فلسطين التاريخية لنا، وممكن وقتها أن يعيش اليهود في ظل الدولة الفلسطينية بسلام مع دفع اليهود الجزية للفلسطينيين وهم صاغرون مقابل حماية الشعب الفلسطيني لهم؛ ففلسطين ستبقى من بحرها لنهرها للفلسطينيين، شاء ترامب، ونتنياهو أو لم يشاؤون،  وإن لم لا يعجبهم ذلك الأمر فليشربا من البحر الميت، كما أماتوا فكرة حل الدولتين!.