داخل أحد الغرف بمقر حاضنة الأعمال الصناعية الذي ترتاده الفتاة نور جبر بشكل يومي، تجلس على طاولتها الصغيرة التي اعتادت عليها، تتناثر عليها الخيوط الملونة وبعض الأخشاب، والمقص، الذي تهم لتلتقطه، وتقطع الخيط الموصول في الإبرة التي بين أصابعها، بعدما خطت بها على لوح من الخشب رسم عليه خريطة فلسطين بألوانها الأربعة.  

عشقت الفتاة نور الفن منذ نعومة أظافرها، لكنها اتجهت اليه مؤخراً بعد تخرجها من الجامعة عندما اتجهت للتدريب بإحدى الدورات التي تختص بمجال التطريز، متجهة نحو فن جديد في عالم التطريز، الذي يسخر حكاية وطن بأناملها الرقيقة، ويكمن هذا الفن بالتطريز على الخشب والجلد برسومات وتعابير تحكي عن التراث الفلسطيني، حيث اتخذت من عملها أسلوباً جديداً لمواجهة الاحتلال ومحاولات طمسه للقضية والتراث الفلسطيني.

بعد انتهائها من تطريز الخريطة، تضعها بجانب مجموعة كبيرة من أعمالها وتصاميمها الإبداعية أعلى الرف، حتى تصبح جاهزة للعرض، لكي تكون ملفتة للانتباه وتجذب الزائرين إلى المكان، فنور تبدع بالتطريز بأنواعه المختلفة، كالتطريز على الأقمشة، والخشب، والجلد، والبلاستيك، والألمونيوم، وأشياء كثيرة تبدع في تحويلها إلى أشكال ذات رونق خاص، بالتطريز عليها، لتنقل في تفاصيل تصاميمها تراثنا الفلسطيني، ولتكون هذه التجربة شيئاً مميزاً في حياتها.

فالتطريز بشكله العامي هو: فن التزيين بالغرز على القماش أو مواد شبيهة به باستخدام إبرة الخياطة والخيط ويمكن المزاوجة بين الغرز لرسم رسوم مطرزة لا حد لها، منها الحيوانات والنباتات والبشر والتكوينات التجريدية، وتستخدم في تطريز أقمشة مختلفة وخيوط متنوعة وإبر ذات أنواع وأحجام مختلفة، فالتطريز يعتبر أحد الوسائل التي يعبر المطرزون بها عن قضيتهم من خلال تزينهم للرسومات واللوحات، كيف لا وهو يعتبر جزءاً من التراث الفلسطيني القديم.

وتقول نور: "تخرجت من الجامعة قبل سنتين ولم أجد عملاً، وجلست فترة دون الحصول على وظيفة في مجال تخصصي، وشعرت أني قادرة على أن أبدع في فن التطريز، فقمت بتصميم صورة وزخرفتها على جهاز الحاسوب ونالت إعجاب أصدقائي، مشيرة إلى أنها تريد أن تقوم بإضافة شيء غريب غير موجود في مدينة غزة.

وأضافت :"قمت بتقديم فكرة المشروع إلى مجموعة من المؤسسات كان أولها مشروع مبادرون، ومن ثم انضممت إلى حاضنة الأعمال الصناعية، والتي يقوم المشرفون عليها بربطنا مع المؤسسات والجهات التي من الممكن أن تدعمنا، إضافة إلى التنسيق وتشبيك العلاقات.

وتابعت قائلة  "في الفترة المقبلة أسعى إلى افتتاح معرض، حيث إنني أطلقت على المشروع اسم (كنعانية)، نسبة إلى الأصالة والقدم الفلسطيني.

وتطمح نور لتكون (كنعانية) في المستقبل محطة ريادية، إضافة إلى سعيها إلى تعليم فن التطريز للفتيات ليكونوا عاملات داخل المجتمع، خاصة الخريجات منهم في ظل البطالة والأوضاع الصعبة.