حوار/ ولاء رشيد - خاص مجلة "القدس" الاصدار السنوي 333 كانون ثانٍ 2017

حملَ انعقاد المؤتمر السابع لحركة "فتح" ونجاحه في خضم الظروف الفلسطينية والإقليمية والدولية دلالاتٍ عدة أكّدت قدرة حركة "فتح" على تجاوز المعيقات والتعقيدات. وقد نالت نتائج المؤتمر وآلية إنجاز أعماله ومخرجاته وكيفية انعكاسها على ساحات الوطن والشتات حظاً كبيراً من التفاعل والتحليل.

مجلّة "القدس" التقت عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" مسؤولة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية فرع لبنان آمنة جبريل، للوقوف معها على الأهمية التي اكتسبها انعقاد المؤتمر في الظروف الراهنة وكيفية انعكاس انعقاده على الساحة اللبنانية، وقراءتها وتقييمها لنسبة تمثيل المرأة في المؤتمر وهيئاته القيادية المُنتَخبة، وهي شريكة النضال والثورة، خاصةً أنَّ لجبريل باعاً طويلاً من النضال الوطني دفاعاً عن القضية الوطنية والقرار المستقل والعمل الحثيث لتعزيز وجود ومشاركة المرأة الفلسطينية في  الميادين كافةً.

 

برأيكِ ما هي الأهمية التي اكتسبها انعقادُ المؤتمر العام السّابع لحركة "فتح" ونجاحه في الوقت الراهن؟

المؤتمر السابع هو استحقاقٌ تنظيمي مهم، ولا شكَّ أنَّ انعقاده سيُشكِّل نقلةً نوعيةً، وبالتأكيد سيُسهِم في استنهاض الحركة بأُطُرها ومكوّناتها كافةً. وتكمن الأهمية الكبرى في انعقاده ونجاحه رغم الظروف الصعبة والمعقَّدة التي تعيشها المنطقة العربية عموماً، ووجود معيقات إقليمية ودولية. وقد راهن الكثيرون على فشل هذا المؤتمر، ولكن حكمة وحنكة سيادة الرئيس محمود عبّاس وقيادة حركة "فتح" هي التي ساهمت إلى حد كبير في إنجاح هذا المؤتمر وتصويب أوضاعه لاستنهاض وضع الحركة بشكل عام، وتطوير الآليات والأدوات التي تسهم في رفعة شأن هذه الحركة التي تمثِّل العمود الفقري للثورة الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني.

 

ما الذي ميّز المؤتمر السابع عن المؤتمر السادس؟ وكيف تُقيِّمين الآلية التي اتُبِعت في إنجاز أعمال المؤتمر السابع؟

المؤتمر السادس انعقد بعد 20 عامًا من الانقطاع نظرًا للوضع السياسي والأمني الذي مرَّت به الثورة والقضية الفلسطينية عموماً نتيجة التشتُّت بفعل الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، ووجود عدد من المعيقات، غير أنَّه انعقد بحضور عدد كبير من كوادر الحركة رغم عدم إمكانية حضور الكثيرين ممَّن يتمتعون بسجل نضالي عريق، ولكن كان الهم الأساس في تلك المرحلة عقدُ المؤتمر لتجديد الشرعية وانتخاب قيادة جديدة تنهض بالمشروع الوطني الفلسطيني لأنَّ انعقاد المؤتمر ليس لمصلحة حركة "فتح" فقط، وإنما لمصلحة كافة الفصائل الفلسطينية وكل الشعب الفلسطيني.

أمَّا المؤتمر السابع فقد كان التحضير له أكثر تنظيمًا من النواحي الإدارية والتنظيمية واللوجستية كافةً، وقد حظي ذلك بإعجاب معظم أعضاء المؤتمر لوجود جهدٍ واضح وملموس في تهيئة كل الظروف المحيطة لإنجاحه، كما أُحيط باهتمام إعلامي كبير، والجميع كان راضياً عن الآلية الـمُتَّبعة في تسيير أعمال المؤتمر، كذلك تميّز المؤتمر السابع بوجود نسبة من الشباب، وبحضور 28 وفداً من 28 دولةً أكَّدوا الحق الفلسطيني، وضرورة تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة، وشرعية النضال الوطني الفلسطيني، كما أكَّدوا حقه في المقاومة المشروعة لإنهاء الاحتلال، وضرورة إنهاء الانقسام البغيض، وإنجاز المصالحة الوطنية، وقد عكست مشاركتهم وكلماتهم الدعمَ الدولي الواضح للقضية الفلسطينية والتأكيدَ على ضرورة حل الدولتَين وفقاً لحدود الـ1967 على أن تكون القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، والتأكيدَ على الإرادة الدولية لتحقيق السلام خاصةً أنَّ الشعب الفلسطيني لا يزال يرزح منذُ 70 عاماً تحت الاحتلال.

 

هل كنتِ راضيةً عن نسبة تمثيل المرأة في عضوية المؤتمر والهيئتَين القياديّتَين الـمُنتخَبَتَين؟ وبرأيك كيف يمكن تعزيز المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية حركياً ووطنياً؟

بصراحة كنساء فلسطينيات لسنا راضيات عن نسبة تمثيل المرأة لأنَّها جاءت صادمةً ومخيّبة للآمال. فخلال المؤتمر السادس في العام 2009 طُرحَت توصية بتمثيل النساء بكوتا 20%، ودار نقاشٌ طويلٌُ حول ذلك، فارتأى المؤتمر ترحيل النقاش لأُولَى جلسات المجلس الثوري، وبالفعل طُرِحَت التوصية وصُوِّتَ عليها إيجابيًّا في الجلسة الأولى للثوري، بيْدَ أنَّ تمثيل المرأة في المؤتمر السابع لم يتجاوز 13%، وبدورها كانت نتائج انتخابات المجلس الثوري واللجنة المركزية مجحِفة بحقّنا كنساء. فالمرأة الفلسطينية التي لا داعي للتذكير بمساهمتها في كل أشكال النضال منذ بدء النضال الوطني الفلسطيني في بداية القرن الماضي، وتضحياتها، وكيفية محافظتها على الهُوية الفلسطينية والنسيج الاجتماعي للشعب الفلسطيني، وتقديمها الجريحات والمعتقلات والشهيدات اللواتي ارتقين على طريق الحرية والاستقلال، هي شريكة نضال ومعاناة، ويجب أن تكون شريكةً في القرار أيضاً، وبالتأكيد كلّما زاد الاهتمام بالمرأة تقلَّصت النظرة الضيقة لدورها ومساهمتها لتحقيق التوازن الاجتماعي. وبرأيي هذه النتائج المؤسفة تعود لعدة أسباب أبرزها الثقافة الذكورية والعادات والتقاليد والموروث الثقافي الذي يشدنا للوراء، ويحصر دور المرأة بكونها ربَّة منزل، علمًا أن الكثيرين يؤمنون أنَّ المرأة ركنٌ أساسيٌّ في التغيير وتستحق أخذ نصيبها من المشاركة على كافة الأصعدة، ولكن بالمقابل أعتقد أننا بحاجة لسياساتٍ ونُظُمِ حُكمٍ قوامها الحق والقانون لتعيد بناء المجتمعات على مبادئ المساواة واحترام الآخر، لأنّ القوانين هي التي تحمي حقوق الأفراد نساءً ورجالاً. ورغم ما حدث فإننا نعتبر أنَّ الأولوية تركّزت على إنجاح المؤتمر، ولكن النتائج بحاجة لوقفة جادة لتوسيع وحماية وجود ومشاركة المرأة في كافة الأطر، خاصةً أنَّ المرأة الفلسطينية أثبتت على مدى كل المحطات النضالية الفلسطينية أنّها دعامة أساسية للتحرير، فهي نصف المجتمع، وهي التي ربّت النصف الآخر أي أنَّ لها كل الفضل في بناء الأسرة التي تعتبر عماد أي مجتمع، لذا هناك حاجة لنضال طويل لتثبيت حقها كمواطنة لها الحق في المشاركة في كافة المجالات، ونأمل أن يكون هناك توجُّه لإضافة عدد من النساء إلى اللجنة المركزية والمجلس الثوري عبر التعيين، علماً أنه من المفروض أن نكون قد قطعنا مرحلة المطالبة بحقوق المرأة، فالمرأة إنسان، وقد كرَّس الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حقَّها في المشاركة في كافة المجالات، وسيادة الرئيس وقَّع على الاتفاقية الدوليّة لمناهضة كافة أشكال العنف ضد المرأة، وأكّد أهميّتها مشكوراً، ونحن تأمّلنا بذلك خيراً كبيراً، ولكن هذا ليس كافياً إذ إنَّ الأمر يتطلَّب مواءمة القوانين وتطبيقها على الواقع.  فحتى الآن هناك موقف خجول من الموضوع، وفي الوقت ذاته، مازلنا ننظر بأمل كبير ورؤية عميقة لِلَحظِ دور المرأة وفعاليتها ومشاركتها، وقد اتّخذ المجلس المركزي الأخير لـ"م.ت.ف" قراراً بتحديد حصة تمثيل المرأة بـ30%، ونأمل أن تأخذ التوصية حقَّها بالتنفيذ. ونتمنى أن يتحقَّق التمثيل على صعيد المجلس الوطني فعلاً لتأخذ المرأة دورها في مواصلة النضال الوطني الفلسطيني. كذلك لا بدَّ من الإشارة لأهمية توحيد جهود النساء لتحصل المرأة على حقوقها السياسية وفي كافة المجالات.

 

برأيكِ كيف ينعكس المؤتمر ومخرجاته على أداء ووضع حركة "فتح" في الساحة اللبنانية؟

نحن جزءٌ من هذا الواقع والوضع وأي تنظيم للوضع الحركي واستنهاضه ومحاولة تطويره ستنعكس إيجابيًا على الساحة اللبنانية خاصة أنّها ساحة أساسية في النضال الفلسطيني، وهذا الانعكاس الإيجابي لن ينعكس على حركة "فتح" وأُطُرها فحسب، وإنَّما أيضاً على أُطُر "م.ت.ف"، ونحن نأمل تحقُّقَ ذلك بالطبع، ولكننا نعيش ضمن وضع صعب ومعقّد في لبنان نتيجة ما يجري في البلد، إلّا أنَّ هاجسنا الأساسي يبقى إرساء الأمن والاستقرار في المخيّمات والتجمُّعات الفلسطينية بعيدًا عن جميع التجاذبات في لبنان، وعمَّا تُحضّره القوى المتفلّتة التي تعمل على تأزيم الوضع وترويع المواطنين. وهناك تواصل دائم ما بين الساحة اللبنانية والقيادة الفلسطينية بخصوص القضايا كافة، إضافةً لوجود تعليمات مركزية بضبط الأمن ونشر الأمان داخل المخيمات لئلا تكون مرتعاً خصباً للقوى الساعية لإجهاض المشروع الوطني الفلسطيني، ولحفظ حق اللاجئين بحياة كريمة ومستقرّة.

 

ما هي أبرز الإنجازات والمشاريع التي نفّذها الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية  فرع لبنان؟ وما هي مشاريعكم المستقبلية؟ وما أبرز التحديات التي تواجهكم؟

الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية فرع لبنان يتميَّز عن كثير من الفروع الأخرى المنتشرة في العديد من الدول بعمله مع جميع مكوّنات المجتمع الفلسطيني في المخيَّمات والتجمعات لا مع المرأة فقط نتيجةً واستجابة للاحتياجات الأساسية لأهلنا. ونحن لدينا برامج عديدة تتعلّق بتمكين المرأة لتعزيز مشاركتها السياسية ومناهضة العنف ضد المرأة، إضافة إلى رياض الأطفال، والحضانات، ومراكز الاستماع، ومركز العلاج الفيزيائي، ومشاريع القروض المتعدِّدة الهادفة لتوفير فُرَص عمل للعديد من الشباب والعائلات الفلسطينية ذات الدخل المحدود والتي تعاني من الفقر والبطالة لتمكينهم من العمل بكرامة، والاعتماد على أنفسهم وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وهناك العديد من قصص النجاح لعائلات استطاعت بفضل القروض استكمال تعليم أبنائها وترميم بيوتها وزيادة مداخيلها بإنشاء مشاريع ساهمت بدورها بتوفير فُرَصِ عملٍ للآخرين، ممّا يعطينا حوافز كبيرة لندعم المشاريع بكل الإمكانيات المتوفرة، وهذا عبر صندوق الاستثمار الفلسطيني واليونيسف والـ(Map Uk).

ونعمل أيضاً على توعية الشباب، من خلال الأندية والمكتبات العامة. ولدينا مشروع مهمّ بالتنسيق مع اليونيسف في مجال دروس التقوية للأطفال الذين يعانون صعوبات تعلميَّة، كما نستهدف فئة المسنّين رجالاً ونساءً إذ لدينا مركز يعمل على الاهتمام بهم وتقديم برامج وأنشطة تخفّف من معاناتهم.

وفي العام 2016 أخذنا توجُّهًا للعمل على تطوير وتحسين الخدمات في مراكزنا المنتشرة على صعيد كافة المناطق اللبنانية، وقد كان صيف هذا العام حافلاً بالنشاط والتدريب على صعيد المنهج التعليمي في رياض الأطفال، حيث نظَّمنا عدَّة دورات تأهيلية لكافة المربّيات والمشرفات بهدف تحسين جودة التعليم في مراكزنا لأنّنا نؤمن أنَّ الطفل هو المستقبل، وبقدر ما يكون إعداد الأطفال بشكل عِلمي ونفسي صحيح بقدر ما يغدو لدينا أناس أسوياء مستقبلاً، وبالتوازي مع ذلك نظَّمنا جلسات توعية للأهالي وخاصةً لأُمّهات الأطفال وأجرينا متابعة على صعيد علاج النُطْق والتربية المختصّة، ونعمل على موضوع علم النفس الاجتماعي والمتابعة النفسيّة للعديد من الحالات، ونتابع عملَ ونشاطَ المربيات في دروس التقوية، ولدينا أيضاً نظام الإحالة لذوي الاحتياجات الخاصّة.

ونحن في عملنا على صعيد رياض الأطفال لدينا آليات محدَّدة للتعامل والتكامل ما بين جميع الخدمات التي نقدِّمها للمرأة والطفل والشباب، ودائماً نعمل على تشبيك مشاريعنا المتنوعة بموضوع التمكين الاقتصادي، لأنَّنا مقتنعون أنّه بقدر ما أخذت المرأة دورها في الإنتاج ستحقِّق ذاتها وتبني مستقبلها ومستقبل عائلتها، ولدينا الكثير من قصص النجاح لنساء استطعن عبر التمكين الاقتصادي دعم أنفسهن وتحسين أحوال عائلاتهن الماديّة والمعيشيّة.

كذلك رمَّمنا خلال العام المنصرم رياض الأطفال في صور وصيدا لتوفير بيئة آمنة وصحيّة وسليمة للأطفال والمربّيات وللأهالي أيضاً، حيثُ أنَّ هناك علاقة وتكاملاً بين إدارة الروضة وأُمّهات الأطفال عبر الدورات التأهيلية التي تُنفَّذ لتوعية المرأة باتخاذ الدور السليم في التعاطي مع أطفالها وخاصة ذوي الاحتياجات الخاصة.  وهنا نوجِّه الشكر لليونيسف ومؤسَّسة التعاون ولصندوق الاستثمار الفلسطيني الذين ساهموا في تغطية بعض تكاليف الترميم في منطقتي صيدا صور.

وإلى جانب ذلك، لدينا دائرة تُعنَى بموضوع الإغاثة، ومساعدة الطلاب الجامعيين عبر قروض ميّسرة، ورعاية أُسَر الشهداء والحالات الاجتماعية الصعبة في جميع المناطق بتقديم المساعدة الشهرية لهم من خلال صندوق التكافل الأسري بمبادرة من الرئيس محمود عبّاس، وهي مساعدة ليست بالكبيرة ولكنها تحل بعض المشاكل للعديد من العائلات.

بالنسبة للعام 2017، سيعمل اتحادنا على تطوير الخدمات والبرامج القائمة، ولدينا استراتيجية جديدة بالتنسيق والتكامل مع المؤسسات الأهلية العاملة في الوسط الفلسطيني بدعم من اليونيسيف لتجنُّب حدوث ازدواجية وتكرار في الخدمات. وهذه الإستراتيجية تقوم على ثلاثة محاور هي: موضوع حماية الطفل بكل جوانبه، دروس التقوية للأطفال الذين يعانون من مشاكل تعلميّة، والقضية التعليمية برياض الأطفال.

أمّا التحدِّيات فهي تتلخَّص بالأوضاع الأمنية في المخيمات وبمسألة نقص التمويل، إذ إنَّ بعض المشاريع تدعمها المؤسسات لفترة محدّدة ثم تتوقَّف، مما يضعنا في حيرة ووضع صعب لإيجاد طريقة للاعتماد على أنفسنا وتحقيق الاكتفاء الذاتي، ولكنَّنا بحكم التجربة والخبرة نحاول قدر الإمكان العمل على ضمان استمرارية المشاريع وإن بإمكانيات متواضعة لنوفّر الخدمات للفئات المستهدَفة. فمركز العلاج الفيزيائي كان يحظى بدعم من مؤسسة إسبانية على مدى عامين، وعند تقييم المشروع أبدوا إعجابهم بما اُنجِز فمدَّدوا مدة الدعم لستة أشهر، ثُمَّ توقّفوا، لكنّنا تمكنّا من الاستمرار في تقديم الخدمة للأطفال البالغ عددهم آنذاك 350 طفلاً يعانون من الإعاقة والتخلُّف العقلي والعديد من المشكلات، وهذا يعطينا حافزاً أكبر للاستمرار عندما نرى نتائج ملموسة على صعيد الخدمة في مجتمعنا الفلسطيني في لبنان.

أيضاً موضوع المهجّرين الفلسطينيين من سوريا مثّل تحدّياً كبيراً، وقد عملنا معهم في جميع المجالات، خاصةً أنّهم كانوا وما زالوا بحاجة لكل أنواع المساعدة والمساندة بحكم الظروف القاسية والصعبة التي يعيشونها، خاصةً أنَّ معظمهم فقد كل ما يملّك  في لحظة من اللحظات ونزح لإيجاد مكان آمنٍ بعيد عن القتل والاعتقال. ونحن كاتحاد أدّينا دوراً في تخفيف معاناتهم بالتوازي مع ما قدَّمته السفارة الفلسطينية واللِّجان الشعبية في كافة الأماكن من خدمات وإغاثة وحل مشاكل.  إلّا أنَّ التحديّات التي يواجهونها لا تزال كبيرة خاصةً أنَّ الأونروا قلّصت خدماتها. ولعلّ القضايا الأبرز التي يعانونها موضوع السّكن، كون الأونروا تقدِّم لهم بدل إيجار قدره 100 دولار شهرياً فقط، وموضوع تجديد الإقامات في لبنان إذ رغم التواصل بين قيادة "م.ت.ف" والدولة اللبنانية لإعفائهم من كلفة التجديد إلّا أنَّ ذلك لم يتحقق. واليوم على كل فرد من المهجّرين دفع مبلغ 200 دولار قيمة تجديد إقامته في لبنان، وهو مبلغ بلا شك ليس متوفّراً لديهم بل إنَّ بعضهم يعجز عن تأمين لقمة العيش أحياناً، وموضوع الطبابة والاستشفاء.  ونحن كاتحاد ولجنة النازحين الفلسطينيين من سوريا أخذنا على عاتقنا تقديم ما أمكن في الملف الصحي لهذه العائلات منذُ بداية الأزمة وحتى اليوم من عمليات جراحيّة وتوفير أدوية، ولدينا حالات تعاني أمراضًا مستعصية نقوم بتغطيتها شهريا.  وبالطبع لا يمكننا إدِّعاء أنَّنا نحلّ كافة مشاكل هذه العائلات لكنَّنا نحاول جهدنا ضمن الإمكانيات المتوفّرة.

 

ما هي رسالتك في الذكرى الـ52 لعموم شعبنا الفلسطيني في لبنان وللمرأة الفلسطينية بشكل خاص؟

مع بداية هذا العام الجديد أتمنّى كلّ الخير والأمان والاستقرار لكل شعبنا ولفلسطين ولحركتنا، وفي هذه المناسبة أؤكّد ضرورة أن تبقى فلسطين هي البوصلة والقِبلة لمشروعنا الوطني الفلسطيني بعيدًا عن كافة التجاذبات، فصحيحٌ أنَّنا جزءٌ من الواقع العربي ولكن علينا تطوير وتحسين علاقاتنا باتجاه فلسطين وعلينا أن نفكّر دائمًا بمصلحة شعبنا، وأن نعمل على استعادة وحدة "م.ت.ف" لأنَّ التحديات والمخاطر كبيرة جدًا، خاصة أن هناك محاولات لطمس الهوية الفلسطينية، وزرع الهزيمة في نفوس أبناء شعبنا، ومنع تطوره، ولكن عندما يكون البيت الفلسطيني موحداً ومنظّمًا وآمناً نستطيع تحدي كل المخاطر التي تواجهنا.

وأقولُ للمرأة أنتِ ستبقين صمّام الأمان ومبعث الأمل في مجتمعنا وعليكِ مواصلة النضال لنيل حقوقك في المشاركة السياسية والوطنية والاجتماعية حتى يكون لدينا مجتمع سليم وآمن ومتعافٍ.

كما نتمنَّى النجاح والتوفيق لانعقاد اجتماعات اللّجنة التحضيرية للمجلس الوطني والذي بالضرورة سيؤدي دوراً مهمّاً في تصويب واستنهاض أوضاعنا الفلسطينية لاستعادة الوحدة وتحقيق أهداف شعبنا في العودة وتقرير المصير وإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس، آملين أن يلحَظ بشكل واضح مشاركة عُنصرَيّ الشباب والمرأة.