حوار / شرين سليمان- خاص مجلة "القدس" الاصدار السنوي 333 كانون ثانٍ 2017

تحدِّياتٌ عديدةٌ شهدتها الساحة الفلسطينية العام المنصرم على مستوى الداخل والشتات ولا سيما في لبنان، وإنجازاتٌ حقّقتها القيادة الفلسطينية بوعيها وحنكتها ونضالها الدبلوماسي والسياسي. وللوقوف على إنجازات العام الماضي، وما يؤمَل أن يحمله العام الحالي لشعبنا الفلسطيني في الوطن ولبنان، التقت "القدس" أمين سر حركة "فتح" وفصائل "م.ت.ف" في لبنان فتحي أبو العردات بعد زيارته أرض الوطن للمشاركة في مؤتمر حركة "فتح" السابع، وحصوله على أعلى الأصوات في انتخابات المجلس الثوري.

 

ما هي أبرز التحدّيات التي واجهتها السّاحة الفلسطينية في الداخل؟ وهل تتوقّعون إنحسارها في العام 2017؟

2016 كان عاماً حافلاً بالأحداث على كافة الصُّعد، وكان أبرزها على الصعيد الفلسطيني توغل الاستيطان وتغوله على أرضنا الفلسطينية بمصادرة المزيد من الأراضي والاستيلاء عليها وإقامة المستوطنات الصهيونية.

على صعيد القدس شهد العام المنصرم مزيداً من التهويد، وكما قال الرئيس أبو مازن في وصفٍ دقيق "نحن في الساعات الأخيرة من موضوع تهويد القدس، ولطالما نبَّهنا إلى خطورة ما يجري من تهويد للقدس على كافة المستويات من أجل فرض أمر واقع، ومن أجل تغيير المعالم الوطنية الإسلامية والمسيحية لمدينة القدس". والقدس هي ركن من أركان الهوية العربية الإسلامية والمسيحية، وبدون القدس وتحريرها لا يمكن أن يدَّعي أحدٌ منا أنَّ إسلامه أو عروبته مكتمِلة، فالقدس تمثِّل القلب، وهي عاصمة الدولة الفلسطينية الأبدية، وكما قال الشهيد أبو عمار ليس منا وليس فينا مَن يتخلَّى عن القدس، وكما قال أشقاؤنا العرب القدس هي العاصمة الروحية لكل العرب والمسلمين. كذلك هناك ما يتعرَّض له المسجد الأقصى من هجمات واقتحامات لقطعان المستوطنين في محاولة لفرض التقسيم الزماني والمكاني واستمرار الحفر تحت المسجد الأقصى.

وعلى صعيد آخر، اتَّسم العام 2016 بتصاعد الجرائم الصهيونية باستباحة المساجد والأماكن الدينية، وارتفاع وتيرة الخطاب العنصري الصهيوني ضد الفلسطينيين، وعمليات القتل التي تجري للشبهة، وإحراق عائلات بأكملها كما جرى مع عائلة الشهيد محمد أبو خضير وعائلة الدوابشة، إضافةً إلى تصاعد عمليات الهبَّة الشعبية في مواجهة الاحتلال ومقاومة الاستيطان والسياسات العدوانية الإسرائيلية، وهنا لا بدَّ أن نُحَيِّي أبناء شعبنا في الضفة الغربية والقدس وغزة الذين تحمَّلوا كل هذه التضحيات وما زالوا يقدِّمونها من أجل فلسطين، كذلك شاهدنا قضية نسف البيوت وهذا مخالف لكل القوانين الإنسانية وقوانين الحرب واتفاقيات جنيف، إذ مُورِسَت هذه الأعمال العدائية ضد مئات المنازل الفلسطينية وسط تزايد الاعتقالات التي شملت الآلاف من أبناء شعبنا وخاصّةً الأطفال والنساء.

أمَّا على الصعيد السياسي، فتمحورت التطورات حول المعركة السياسية الحثيثة التي تخوضها القيادة الفلسطينية، إذ إنَّ هذا العام تخلَّله حراكٌ فلسطيني ناشط ومميّز للسياسة والدبلوماسية الفلسطينية عبر الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمحكمة الدولية، أثمرَ اليوم بمشروع القرار الذي قدَّمته أربع دول بِاسم المجموعة الدولية (ماليزيا، ونيوزيلندا، والسنغال، وفنزويلا)، وهو ما نعتبره إنجازاً كبيراً وتاريخياً، وهو ثمرةٌ لتضحيات أهلنا في فلسطين، ونجاح للدبلوماسية الفلسطينية، والحراك السياسي الذي هو جزءٌ من المعركة وشكلٌ من أشكال النضال بعد أن ضاق العالم ذرعاً بنتنياهو وبسياسته العنصرية الاحتلالية العنجهية التي يمارسها وحكومته ضد شعبنا.

هذه التحديات التي واجهناها مستمرة في العام 2017، ونأمل أن نجد حلولاً لها. فنحن اليوم نرتّب البيت الفلسطيني بخطوات متواصلة، وأول إنجاز كان انعقاد مؤتمر حركة "فتح" السابع، الذي نجح وأرسل رسائل عدة إلى الداخل والخارج، خصوصاً أن حضور 1400 فتحاويٍّ و300 ضيف من دول مختلفة يدلل على أنَّ "فتح" ليست حزباً فلسطينياً فقط، إنما هي حزب أُمَمي وعالمي، وأنَّ الحركة ما زالت في ألقها بعد 52 عاماً من تأسيسها. وبعد ترتيب البيت الفتحاوي سنعمِّق الوحدة الوطنية الفلسطينية عبر عقد المجلس الوطني الفلسطيني وانتخابات محلّية وتشريعية.

ويمكن القول أن العام 2017 يحمل عنوان "عام الدولة الفلسطينية والوحدة الوطنية"، وذلك من خلال مجلس وطني فلسطيني يجدِّد شرعية "م.ت.ف" ويؤكّد دورها ويجمع تحت مظلتها كل الفصائل الفلسطينية لاستكمال نضالنا من أجل تحقيق أهدافنا: دولة فلسطينية مستقلّة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين.

 

كيف تقيّمون الوضع الأمني في المخيّمات الفلسطينية عموماً وفي عين الحلوة خصوصاً؟ وكيف عملتم على معالجة التحديات التي اعترضتكم؟

شهدت مخيّمات الشتات أوضاعاً صعبة ومضطربة، خصوصاً مخيّم عين الحلوة، صحيحٌ أنّنا لسنا واقعين تحت حروب، لكنَّنا نعيش في قلب الحدث، والنيران تشتعل في بلدان عربية مجاورة وآمل أن ينتهي ذلك عبر الحوار والحل السياسي. لقد مررنا بأحداث صعبة وتحدّياتٍ كبيرة على الصعيد الأمني للمخيّم، إلّا أنّنا تمكّنا من تجاوزها لغاية اليوم، ونأمل أن نتمكّن من لجمها وإنهائها في المستقبل. في المقابل، يُقلقنا الوضع الأمني في المخيّمات كونها تشهد بين فترة وأخرى اضطرابات وعمليات قتل، وهذه العمليات لم يكن لها سبب واحد، إنّما هناك أسباب متعدِّدة منها ما يتعلَّق بالاغتيال السياسي أو الجرائم العادية، وهذه كان يمكن تطويقها وتسليم المجرمين للدولة اللبنانية، ومنها قضايا تحدث بإطار الفتنة وهذه أخطرها في محاولة لاستدراج المخيّم إلى الاقتتال والاشتباكات وهذه القضية تقلقنا، والقلق هنا مشروع لأنّه يرفع من منسوب المعالجة كما حدث في الأحداث الأخيرة في عين الحلوة.

ومن خلال مواجهة الظروف الأمنية في عين الحلوة استنبطنا دروساً وعبراً تتعلّق ببُعدَين، البُّعد الأول هو أن نستمرّ في تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية، كونها إحدى كلمات السّر في موضوع حماية المخيّمات والوجود الفلسطيني بين كافة مكوّنات الشعب الفلسطيني والفصائل الفلسطينية والقوى الوطنية والإسلامية، ولـ"فتح" هنا دورٌ رائدٌ في هذا المجال لأنَّها تتحمَّل مسؤولية القيادة في هذا الموضوع. أمَّا القضية الأخرى، فهي ضرورة تفعيل الأداة الأمنية الموجودة لدى القيادة السياسية، وقد اتفقنا كفصائل أن تكون هناك قوة أمنية تضبط الأمن في المخيمات وخصوصاً في عين الحلوة. هذه القوة الأمنية شُكِّلت بأوامر ودعم من الرئيس محمود عبّاس، ولا بدَّ أن نشكره على حرصه الشديد، وتمَّ تأمين الإمكانات اللازمة للقوة الأمنية، وندرس حالياً في إطار القيادة السياسية الفلسطينية تطوير وتفعيل القوة الأمنية بشكل أكبر وأفضل للقيام بواجباتها الصعبة داخل المخيمات خصوصاً أنَّها ملأت فراغاً لا يُستَهان به في الفترة الماضية، وساهمت في تسليم العديد من المطلوبين.

وبالتالي توافقنا فلسطينياً على ثلاث قضايا، هي: حماية الوجود الفلسطيني، وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتعزيز العلاقات الفلسطينية اللبنانية على كافة المستويات السياسية والحزبية والعسكرية والأمنية، وهناك تنسيق مع الدولة اللبنانية. وهنا لا ننسى دور سفارة دولة فلسطين في لبنان ودور الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية حيث أنَّنا نلتقي دائماً ونجتمع لحل هذه المواضيع كلٌّ في إطار مسؤوليته ودوره.

 

ما تقييمكم للعلاقات الفلسطينية اللبنانية؟ وإلى أي مدى يمكن للفلسطيني أن يكون عامل اطمئنان للبنان وأهله؟

على الصعيد الرسمي، العلاقة مع الدولة اللبنانية على المستويات كافةً جيّدة، والمخاوف المتعلِّقة بالفلسطينيين بُدِّدت، حيث أنَّ هناك أطرافاً كانت تعدُّنا جزءاً من الفوضى، واليوم انقلبت هذه الصورة. وقد صرّح أكثر من مسؤول لبناني في المجالس الخاصة أو علناً أنَّ "الفلسطينيين في لبنان بسياستهم الحكيمة وتعاون الدولة أصبحوا يشكِّلون عاملاً أساسياً من عوامل الأمن والاستقرار".  فعلاقتنا الطيّبة مع الدولة أثمرت عن موافقة المستويات العسكرية والأمنية على تسهيل تدريب القوة الأمنية المشتركة وقوات الأمن الوطني في مخيَّم الرشيدية لحماية المخيّمات وفرض الأمن. إضافة إلى أنَّ علاقتنا مع الأحزاب اللبنانية رغم تنوعها هي علاقة أخوية تقوم على أساس الاحترام والتعاون والتنسيق واللقاءات والمشاركة في كافة الأفراح والمناسبات الوطنية والقومية القائمة، وهذا أتى نتيجة جهد وسياسة رسمتها القيادة الفلسطينية، وطبَّقتها قيادة حركة "فتح" هنا في لبنان، لشعورنا بخطر كبير على الوجود الفلسطيني في لبنان وحرصنا على ألّا يتكرّر ما حدث في نهر البارد واليرموك، وقد استطعنا تجاوز هذا الموضوع بالتنسيق مع الأحزاب اللبنانية والسلطة الرسمية، وفي الحوادث الأخيرة المؤسفة والمؤلمة في عين الحلوة، كان هناك تعاون من فعاليات صيدا ومتابعة من دولة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، أدَّى إلى استقرار وأمن في المخيم، ونأمل أن يستمر ويتعزَّز من أجل حماية المخيم، ومن أجل أن تبقى البوصلة نحو فلسطين، فوجهُ المخيّمات هو وجهٌ وطني فلسطيني عربي إسلامي بُعده إنساني، ويجب ألّا ينجر أو يُستدرَج أي فرد منا لأي موقع آخر لا يخدم فلسطين.

نحن نستطيع حماية مخيماتنا بوحدة الموقف الفلسطيني، وتحصين مخيماتنا ضد كل أشكال الفتنة والانقسام وتحييد أنفسنا عن كل الصراعات القائمة في المنطقة ضمن الحياد الإيجابي الذي اعتمدناه، والتنسيق مع الدولة اللبنانية، وهذا يحمي المخيّم إضافةً لتنفيذ مصالحات والعمل لطي ملف المطلوبين. وفي الوقت ذاته، نأمل من أخوتنا اللبنانيين وخصوصاً بعد انتخاب رئيس الجمهورية وتأليف الحكومة، تحسين أوضاع الفلسطينيين، وذلك سينعكس على الوضع الأمني داخل المخيمات. وهذا ما أكّدناه للرئيس بري، ضمن ورقة عمل قدَّمناها له باسم الفصائل الفلسطينية تلحظ الحقوق المدنية للفلسطينيين وتطالب بألّا يبقى ملف الفلسطيني في لبنان أمنياً فقط. أيضاً لدينا ورقة عمل سنناقشها مع الدولة اللبنانية بعد إقرارها فلسطينياً، وتشمل كافة القضايا المتعلِّقة بالوضع الأمني بما فيها الجدار الذي دار الحديث عن بنائه حول مخيّم عين الحلوة، ونأمل الوصول إلى خواتم جيّدة ومثمرة في هذا الإطار.

 

شهدت الساحة اللبنانية في العام المنصرم حراكاً فصائلياً وشعبياً كبيراً ضد سياسات الأونروا، ما هي المطالب التي تحرّكتم لأجلها؟ وإلى أين وصلتم في هذا الملف؟

بدأت التحركات في نهاية العام 2015 بعد قرار الأونروا تأجيل العام الدراسي، أي أن 35 ألف طالب كانوا مهدّدين بالذهاب إلى الشارع، وأفضل تعبير قاله الرئيس محمود عبّاس أمام الجامعة العربية: "هل تريدون لآلاف الطلاب أن يذهبوا إلى داعش؟". نحن في لبنان تحرّكنا عبر اعتصامات وتقديم مذكرة، والقيادة السياسية والرئيس عبّاس واللجنة التنفيذية واكبونا عبر رسائل أُرسِلَت للدول المانحة، ونتيجة لهذا التحرك تمَّ تأمين المبلغ المطلوب ولم يؤجَّل العام الدراسي، وبعد هذا بوقت قصير صدرت مذكرة من الأونروا تتعلَّق بتخفيضات في العلاج والطبابة في لبنان وتنظيم موضوع التحويلات إلى المستشفيات، وهذا ما اعتبرناه تقليصاً لخدمات الأونروا في علاج اللاجئ الفلسطيني ما يحمِّله أعباء عملية علاجية لا يستطيع تحملها. ولذلك تحركنا كفصائل وشكَّلنا لجنة سُمِّيت "لجنة خلية الأزمة"، وقد توَّلت عملية تنظيم الاعتصامات والإضرابات طيلة أربعة أشهر. وهذا التحرك أخذ بُعداً فلسطينياً محلياً وبعداً على مستوى الدولة اللبنانية، حيث قمنا بجولة على وزير الصحة ورئيس الحكومة والمرجعيات اللبنانية ورؤساء الأحزاب اللبنانية بأكملها ولجنة الحوار الفلسطيني اللبناني، وتمكَّنا من إيجاد مساحة مشتركة لتفهُّم هذا الموضوع والوقوف معنا إذ شاركت الأحزاب اللبنانية معنا في الاعتصامات. وأرسلنا رسائل للاتحاد الأوروبي الذي التقينا ممثّلته وممثّليه في السفارات، وبدورها أدَّت سفارة دولة فلسطين جهداً كبيراً بتوجيه رسائل للسفارات، ووزّعنا العمل فيما بيننا، كما وجهنا رسالة إلى الرئيس عبّاس الذي أرسل بدوره موفدين هم مسؤول دائرة شؤون اللاجئين في "م.ت.ف" زكريا الآغا، ووزير العمل أحمد مجدلاني، إضافة إلى مشرف الساحة اللبنانية عزام الأحمد، وهذه الوفود التقت بمسؤولي الأونروا والدولة اللبنانية، ولإنصاف المتعاونين معنا لا بد من شكر الرئيس بري ومدير الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم، إضافة إلى النائب بهية الحريري والنائب السابق أسامة سعد، وشخصيات وأحزاب لبنانية عديدة. وأدَّت كل هذه اللقاءات لتشكيل أربع لجان وهي: لجنة التربية والتعليم، ولجنة الصحة والطبابة والعلاج، ولجنة مخيّم نهر البارد، واللجنة الاجتماعية، واتفقنا على التالي:

أولاً: تثبيت مبدأ الشراكة في التعاون مع الأونروا بحيث لا يجوز لها أخذ قرار فردي ينعكس سلبيًّا على اللاجئين الفلسطينيين

ثانياً: استثناء الفلسطينيين الموجودين في لبنان من تقليصات الأونروا في الدول المضيفة، وهذا الأمر وعدت إدارة الأونروا بدارسته

ثالثاً: مراعاة خصوصية وضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والتعاون بين الأونروا والدولة اللبنانية لتذليل كافة العقبات والتحديات

 

أين أصبح ملف نهر البارد مع اقتراب السنة العاشرة على نكبة المخيم؟

مخيّم نهر البارد هو قضيتنا وأحد القضايا الأساسية التي نعمل على أساسها، وخاصة إعادة إعمار المخيم الذي يمثِّل تحدِّياً، فالدولة قالت تهجير مؤقت والعودة أكيدة، ونحن كنا نعمل على أساس ذلك، ولكن عملية الإعمار تأخّرت ولم يتم إعمار سوى نصف المخيّم نتيجة لمعوقات كثيرة، منها ما يتعلَّق بالتمويل وبعملية الإعمار نفسها. ونتيجةً للجهود المبذولة من طرفنا والقيادة الفلسطينية والدولة اللبنانية تمَّ التبرُّع بمبلغ من أجل الإعمار قدَّمته مجموعة من الدول خلال لقاء في السراي الحكومي، وبهذا المبلغ يمكن إعمار ما يقارب 70% من المخيم، ونحن نأمل أن يستمر هذا الجهد من أجل دعم عملية إعمار نهر البارد والانتهاء من هذه النكبة التي حلَّت بالشعب الفلسطيني.

وكنا طالبنا الأونروا بإعادة تغطية بدلات إيجار المنازل للمهجرين وهذا الموضوع قيد المتابعة، علماً أنّنا كفصائل "م.ت.ف" ساهمنا ضمن الإمكانات الـمُتاحة بنحو مليون دولار للبيوت التي لم تشملها تعويضات، ولكن هذا لا يكفي، فأهالي نهر البارد يستحقون المساعدة والرعاية، وهم في سُلَّم أولويات تحركنا لأنَّ مسؤولية إعمار المخيّم هي مسؤولية دولية عربية بالتعاون مع الدولة اللبنانية والأونروا و"م.ت.ف" والفصائل الفلسطينية. ولكنني أؤمن أنَّ المخيّم بالمتابعة المستمرة سيتم إعماره، آملين أن تكون العودة الآن لنهر البارد تتلوها العودة إلى فلسطين، فهذه العودة مؤقتة وإن طالت، لأنَّ الهدف الأساسي هو العودة إلى فلسطين.

 

هل من كلمة أخيرة بمناسبة ذكرى الانطلاقة؟

كل عام وأنتم وشعبنا بخير في كل مناطق وجوده في فلسطين والشتات. نلتقي اليوم ونحن نحيي ذكرى مجيدة وهي انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة انطلاقة حركة "فتح" الـ52، والتحية الأولى للشهداء الأكرم منا جميعاً وخاصة ياسر عرفات ورفاقه الذين هم من خامته وقماشته ونسيجه، ولكل الأحرار الذين ناضلوا من أجل فلسطين.

مرَّت عقودٌ على النكبة وما زال الشعب الفلسطيني في مخيّمات لبنان يعاني قسوة الحياة بكل أشكالها. يحدونا الأمل دوماً بهذه الثورة التي انطلقت من أجل الإنسان الفلسطيني لأنها سُمِّيت حركة التحرير الوطني الفلسطيني، وهي حركة الشعب الفلسطيني، وليست حركة في الشعب، لأنَّ  كل إنسان فلسطيني يشعر أنَّ له في هذه الحركة حصةً بقدر أو بآخر سواء أكان فرداً أم جماعة، بل إنَّها أيضاً حركة كلّ إنسان عربي وكل إنسان حرٍّ يؤمن بقيَم الحرية والعدالة وحقوق الإنسان والخلاص من الاحتلال، فيشعر أنَّ له حصة فيها، لأنَّ فلسطين بمكانتها وقيمتها ونضالها تشكِّل البوصلة لكل الأحرار.

هذه المسيرة انطلقت من أجل فلسطين، وتثبيت الشخصية الوطنية الفلسطينية، ووالد هذه الشخصية هو ياسر عرفات، ونؤكِّد أنَّ هذه الشخصية ستبقى لتحرير فلسطين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلّة.