بدأ مؤتمر فتح اعماله يوم الثلاثاء في ال29 من نوفمبر، اول أمس بنجاح، وقد إستمعت لكلمات عدد من الضيوف المدعوين الامميين والعرب وبعض الفلسطينيين وخاصة كلمة ممثل حركة حماس نيابة عن خالد مشعل، رئيس الحركة، والصديق أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة في الكنيست الإسرائيلي، بالإضافة لكلمة الصديق د. احمد مجلاني، الذي ألقى كلمة باسم منظمة التحرير. خلال اليومين الماضيين القيت كلمات الوفود ال60 تقريبا.

كل الذين تحدثوا من الأصدقاء والأشقاء أثنوا على حركة فتح ودورها الريادي في قيادة النضال الوطني، وأكدوا بالإجماع على دعم الحقوق الوطنية الفلسطينية في الحرية والاستقلال وتقرير المصير، وشددوا على إدانة الإستعمار الإسرائيلي، الذي يعيق تحقيق السلام. غير انهم طالبوا الشعب والقيادة وحركة فتح والقيادة الشرعية برئاسة الرئيس ابو مازن بعدم الإستسلام لمشيئة المحتل الإسرائيلي الغاصب. وهذا ما جاء بالتحديد في كلمة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ميلادينوف. كما واكدوا على ان الرئيس عباس، هو رجل السلام الذي مازال يمد يده لبناء جسور السلام مع دولة إسرائيل. أضف إلى انهم شددوا على تعزيز الوحدة الوطنية، وطالبوا المؤتمرين  بتكريسها في الواقع، لانها العنصر الاساسي في تعزيز عوامل الصمود. هذا وأكدت السيدة ممثلة حزب الامة السوداني، مريم المنصوري على مسألة في غاية الاهمية، وهي إعادة الإعتبار للقضية الفلسطينية كقضية مركزية للعرب عبر إحداث نقلة في التعامل مع مكوناتها لتجاوز كل القضايا المثارة في الشارع العربي والاقليمي والدولي، ووضعت نفسها شخصيا في خدمة هذا الهدف. ليس هذا فحسب، بل انها ردت على المحرضين على زيارة فلسطين باسم "التطبيع"، وإعتبرت الزيارة واجب. كما واكد وزير الخارجية المصري السابق، احمد العربي على أن عام 2017 يجب ان يكون عام إنهاء الإحتلال الإسرائيلي، وثمن عملية البناء القائمة في مؤسسات ومدن فلسطين الواقعة تحت نير الإستعمار الإسرائيلي، وهو ما يؤكد على جاهزية القيادة والشعب لبناء الدولة.

لم اتوقف أمام كل الكلمات، لإن لكل كلمة مذاقها واهميتها وضرورتها للاشقاء في مصر وتونس والمغرب والاردن والكويت والسودان، وللاصدقاء في الاشتراكية الدولية والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة والصين الشعبية والسويد وفرنسا وألمانيا والنرويج وتركيا وكردستان ...إلخ وهو ما يؤكد حقيقة ماثلة في الواقع، تتعزز كل يوم بتزايد الدعم الأممي لكفاح الشعب العربي الفلسطيني. وهذا الدعم لم يأت بالصدفة وإنما نتيجة الجهود السياسية والديبلوماسية، التي تقوم بها القيادة وخاصة جهود رئيس منظمة التحرير الفلسطينية.

واذا توقف المرء امام كلمة مندوب حركة حماس، النائب احمد الحاج علي نيابة عن مشعل، فإن الجميع بالمعنى النظري يتفق مع ما جاء فيها. ويدعو السيد مشعل وقيادة حركة حماس بالإلتزام بما تضمنته من مواقف سياسية. والعمل فورا على تطبيق ورقة المصالحة المصرية وإعلان الدوحة والشاطىء. هذا هو الرد. لإن من يريد الوحدة عليه ان يطوي صفحة الانقلاب الحمساوي على الشرعية، والإقدام على خطوات عملية جدية ومسؤولة تعيد الإعتبار للوحدة الوطنية، والإنخراط وفق المعايير واللوائح الوطنية في منظمة التحرير والنظام السياسي التعددي، وبما يصون النظام الاساسي، والذهاب إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تمهد لإجراء الإنتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني حيثما أمكن لبناء الشراكة السياسية والكفاحية. غير ذلك يبقى الحديث دون أية مضامين وبعيد جدا عن الواقع.

وبذات القدر والأهمية، ولكن من موقع آخر كانت كلمة المناضل أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة، الذي أكد على مكانة واهمية فتح كعمود فقري للنضال الوطني الفلسطيني، كما أعلن بشكل قاطع وجازم، ان فتح ليست المسؤولة عن الإنقلاب، ولكنها أم الولد، وهي معنية بتحمل مسؤولياتها الوطنية لخلق شروط الوحدة. كما وأبرز العوامل الثلاثة لكنس الاحتلال، الاول ترتيب شؤون البيت الفلسطيني، ثانيا إختراق الشارع الإسرائيلي، وخلق خلخلة في الرؤية الإستعمارية الاسرائيلية، وهنا اشار إلى اهمية  ثقل ابناء الشعب الفلسطيني في ال48 عندما أوضح انهم يشكلون ما يزيد على ال20% من المجتمع الإسرائيلي، وهذا الثقل الإجتماعي والسياسي رديف هام جدا في الدفاع عن الذات وعن مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني في الإنعتاق من ربقة الإحتلال الإسرائيلي، وإستعداد احزاب وقوى القائمة المشتركة بدعم التوجهات السلمية للقيادة الفلسطينية عبر التشبيك مع القوى اليهودية المؤمنة بخيار السلام لمواجهة حكومة الإئتلاف اليميني المتطرف. حيث أكد بما لا يدع مجالا للشك، بأن نتنياهو، هو أكثر أعداء السلام، وأخيرا اشار للعامل الدولي. كما ورد بشكل حاسم على إدعاءات قادة إسرائيل حول الحرائق الأخيرة في حيفا وجبل الكرمل عبرتوجيه الإتهام للفلسطينيين العرب، بإعتبارهم هم من وقف وراء تلك الحرائق لتسعير عملية التحريض العنصرية البغيضة، فأكد كما أكد قادة شعبنا في داخل الداخل، ان الكرمل وحيفا وكل بقعة من فلسطين لنا، وهي وطننا الأم، ولا يمكن لفلسطيني ان يحرق كرمله ولا حيفاه ولا مثلثه ولا اي مكان من فلسطين التاريخية. وفي السياق ثمن دور الدفاع المدني الفلسطيني في إطفاء الحرائق في الكرمل والقدس

مبروك لحركة فتح تدشين أعمال مؤتمرها السابع. الذي يفترض ان يمثل بمخرجاته رافعة حقيقية لحركة فتح ولمنظمة التحرير الفلسطينية والشعب عموما. مازال الرهان قائما. وقادم الأيام يفترض ان يحمل الجواب على الأسئلة المختلفة إرتباطا بنتائج المؤتمر.