اقيم بالامس احتفال بالذكرى الحادية والسبعين لتأسيس منظمة الامم المتحدة في رام الله بحضور ممثل الامين العام، نيكولاي ملادينوف وطاقم عمل المنظمة الدولية الاولى، ورسميا شارك د. رامي الحمدلله، رئيس الوزراء وعدد من الوزراء والمستشارين وبعض قيادات العمل الوطني واعضاء التشريعي وشخصيات عامة ولفيف من اعضاء السلك الدبلوماسي العربي والاجنبي.

وعلى اهمية الكلمتين، اللتين القاهما رئيس الحكومة وممثل الامين العام للامم المتحدة، غير ان المرء، يود ان يتوقف من خلال قراءته الخاصة لتجربة الشعب الفلسطيني مع مؤسسة الشرعية الدولية، لاسيما وان نشوء المنظمة واكب منذ بداياته الاولى حدوث نكبة الشعب العربي الفلسطيني في آيار 1948. حيث تبنت (المنظمة) قرار التقسيم لفلسطين التاريخية، ارض ووطن الشعب العربي الفلسطيني تحت الرقم 181، الصادر في 29 تشرين الثاني 1947 إلى دولتين واحدة باسم إسرائيل، الاداة الكولونيالية ورأس الحربة للغرب الرأسمالي، وأتاحت لها الوجود، ومنحتها كل مقومات البقاء والحياة لخدمة اهدافها، ولكنها حالت دون إقامة دولة الشعب العربي الفلسطيني، ولم تسمح تحت ذرائع وحجج واهية بعودة ابناء فلسطين الـ800 الف لاجئ، الذين طردتهم العصابات الصهيونية المحتلة لارضهم، مع ان القرار الدولى، الذي اعترف بوجود إسرائيل، ربط بين الاعتراف بها وبين عودة اللاجئين، إلآ ان دول العالم، التي تبوأت مركز الصدارة في مجلس الامن ومنابر الامم المتحدة الاخرى، تواطأت مع دولة الاحتلال الاسرائيلية وحالت دون عودة ابناء الارض الفلسطينية لها. ليس هذا فحسب، بل أغمضت اعينها عن تمدد دولة إسرائيل لما بعد خط هدنة 1949، وسمحت لها بالسيطرة على 78% من ارض فلسطين، مع ان القرار الدولي منحها قرابة الـ56% من ارض فلسطين العربية، ولم تلزمها بالانسحاب من تلك الاراضي. وفي الوقت نفسه، سعت لتبهيت قضية الشعب الفلسطيني من خلال تحويلها إلى قضية إنسانية، كما شاء الامين العام الاول عمليا للامم المتحدة، تريغف هلفدان لي (نرويجي الاصل) ان يفعل.

 الدول المؤسسة للمنظمة الاممية الجديدة الخارجة من ابشع حرب عالمية استمرت ست سنوات طوال 1939 /1945، ازهقت فيها اسلحة الموت التقليدية والنووية حوالي الخمسين مليونا من ابناء البشرية، بشرت البشرية بعالم جديد يسوده "العدل" و"خال من اسلحة الدمار الشامل" و"منع النزاعات بين الدول، وجعل الحروب مستحيلة". اضف الى انها اعتبرت احد اهم اسباب إنشاء المنظمة، هو ضمان وحماية "حقوق الانسان." ودعمت ذلك باصدارها في العام 1948 "الاعلان العالمي لحقوق الانسان"، هي ذات الدول، التي أنتجت كارثة عالمية جديدة في نفس العام بإقامة دولة التطهير العرقي الاسرائيلية. وهو ما اكد منذ اللحظة الاولى غياب الاحساس بالمسؤولية الدولية عن حماية شعوب الارض من الكوارث والحروب. لانها ساهمت بشكل مباشر في القاء قرابة المليون فلسطيني على قارعة الطريق خارج وطنهم الام عراة حفاة دون اي إحساس بالمسؤولية، واقامت على ارضهم دولة مارقة وخارجة على القانون، وهي دولة إسرائيل، وجلبت لها كل من قَّبل او تساوق مع الرواية الصهيونية الكاذبة والمزورة من يهود القوميات المختلفة.    

الامم المتحدة في ذكراها الحادية والسبعين عليها مسؤولية خاصة في اولا الاعتذار عن تهاونها مع دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية طيلة السبعين عاما الماضية؛ وثانيا وقف جريمة الحرب الاستعمارية الاسرائيلية فورا ودون تلكؤ او تردد عبر إصدار قرار اممي استنادا الى الفصل السابع، يلزمها بوقف الاستيطان الاستعماري، والشروع بالانسحاب من الاراضي المحتلة؛ وثالثا السماح باقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194؛ رابعا ان لم تلتزم إسرائيل تقوم الامم المتحدة بسحب إعترافها بها، واعتبارها دولة خارجة على القانون، وتجيش قوة اممية لفرض الانسحاب بالقوة من فلسطين المحتلة وفق قرار التقسيم الاساسي 181.

دون ذلك تكون الامم المتحدة والقوى دائمة العضوية فيها خاصة الولايات المتحدة ومعها بريطانيا المؤسسة مع الصهيونية للنكبة الفلسطينية شريكة مباشرة في إحتلال الوطن الفلسطيني، ومعادية للمصالح الوطنية، وهو ما يملي علينا اتخاذ ما يلزم في خلال العام القادم انسجاما مع ما طرحه الرئيس ابو مازن، من ان يكون عام 2017، عام قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.