حكومة اسماعيل هنية، الحادية عشرة، التي تمت اقالتها على خلفية انقلاب حركته في تموز 2007، رفضت الانصياع لكتاب الاقالة الذي اصدره الرئيس ابو مازن، واعتبرت نفسها حكومة الامر الواقع، وان كانت تسمي نفسها، او يسمونها بالحكومة المقالة، والحقيقة انها لم تعد حكومة، بدءا من تاريخ الاقالة.

الحكومة الحادية عشرة، هي الوحيدة منذ تاريخ السياسة الذي تشكلت فيه الحكومات، التي بقيت تعمل وتمارس سلطتها على مؤسسات الدولة، باسم الحكومة المقالة، بل وروست اوراق مخاطباتها بذلك الاسم.

المفاجئ اليوم، هو ان يهدد البعض، كما ورد على لسان احدهم، من النواب فرج الغول، بعودة حكومة اسماعيل هنية لتسيير الاعمال في قطاع غزة، متذرعا بتقاعس الحكومة الفلسطينية (حكومة د.رامي الحمد الله) عن القيام بواجبها تجاه غزة.

والواقع ان حكومة اسماعيل هنية، لم تغادر حتى تتم مطالبتها بالعودة، فهي جاثمة على صدور "الغزيين" المنكوبين بحكمه، وقد اخبرنا واخبرهم مبكرا، اسماعيل هنية دون ان يخفي قرار حركته بالاستمرار بممارسة حكومتها وسلطتها على المؤسسات، عندما قال في كلمة له خلال افتتاح منتجع سياحي وسط قطاع غزة، وقبيل تشكيل حكومة الوفاق الوطني برئاسة د.رامي الحمد الله، 2014: "تركنا الحكومة ولم نترك الحكم"، وتكاد تكون تلك الحقيقة الوحيدة التي نطق بها اسماعيل هنية، عندما نطق عقله الباطن، وما يدور في خلده، وما تفعل يداه.

نعم، قطاع غزة لم ينل ما يستحق من خدمات، فالاحتياجات كثيرة وكبيرة، ولا سيما بعد مسلسل العدوان الاسرائيلي عليها، وما يخلفه من دمار في كل مرة، ما استدعى تنظيم مؤتمر دولي لاعمار قطاع غزة، ونعم اخرى، بان مطالبة الحكومة الفلسطينية مشروعة بان ترفع من مستوى الاهتمام بقطاع غزة لاعادة الحياة لها مرة اخرى.

لكن الحكومة التي تتم مطالبتها بالاهتمام بقطاع غزة، ورفده بمشاريع الاعمار والتطوير، وتخفيف المعاناة عن اهلها الصابرين، حالها ليس بافضل من حال الغزيين المحظور حركتهم، من قبل سلطة لا تفكر بابعد من المسافة التي توصلها لماكنة الصراف الآلي، حيث حظرت نشاط الحكومة وحركتها بل ودخولها لقطاع غزة دون اذن وتنسيق مسبق مع الجهة الحاكمة هناك، وليس ببعيد كانت حادثة احتجاز الحكومة برئيسها في فندق المشتل من قبل تنفيذية حماس للمقايضة على رواتبهم مقابل السماح بالحركة.

اما مسألة الشرعية وانتهاء الولاية التي تتغنى بها حماس، فلم تعد اكثر من نكتة سمجة، لا تستحق الضحك.