في الأيام الأخيرة وصل الاشتباك بيننا وبين الاحتلال الاسرائيلي بكل مفرداته الى مستوى قياسي، وإلى ذروة نوعية جسدها الخطابان غير العاديين اللذان القاهما بفارق زمني بسيط كل من الرئيس أبو مازن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكان لكل خطاب منهما موضوعاته وأجواؤه وأفقه الذي يريد الذهاب اليه وأدواته التي يحشدها في المعركة.
خطاب الرئيس أبو مازن يتمحور حول الإحتكام الى مرجعيات جديدة كانت موجودة دائما، ولكن اسرائيل تقفز عنها ولا تريد حضورها من جديد بأي مستوى، وهي القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية والهدف الذي لا بديل عنه وهو انهاء الاحتلال لأرضنا المحددة وهي حدود الرابع من حزيران عام 1967 لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وهي الدولة التي نص عليها القرار 181، قرار التقسيم، وعودة اللاجئين على أساس القرار 194، اما الأداة الرئيسية لذلك فهي الشعب الفلسطيني بنضاله الذي ما زال مستمرا ومتصاعدا في زخمه سواء على الارض في معركة بناء المؤسسات وفي الميادين الدبلوماسية والسياسية وفي هذا التفهم الذي يتوسع لحقوق شعبنا من قبل المجتمع الدولي والحرص على متانة الالتزامات العربية خاصة مصر والسعودية والاردن، والالتزامات الإسلامية.
أما الخطاب الآخر الذي القاه نتنياهو فقد هرب فيه إلى الفلاشات الكلامية الفارغة التي تنفع مع النخب الإسرائيلية في وضعها الرث الحالي حيث يجردها نتنياهو من كل دور ويعزف على وتر طبيعتها العنصرية المغلقة، خاصة عندما تحدث عن دعوة ابو مازن ليخطب بالكنيست ودعا نفسه ليخطب امام المجلس التشريعي، هروب الى مستحيلات لا تتوفر شروطها الموضوعية، فهل ابو مازن المعاصر لهذه القضية لا يعرف مكونات الكنيست الحالي؟؟؟ وهدف نتنياهو هو لا مرجعيات جديدة بل البقاء تحت سقف الخصم والحكم في الوقت نفسه والشاهد الوحيد الذي ينكر الشهادة دائما وهو الطرف الأميركي، واعتبار الاحتلال ليس مشكلة والاستيطان ليس مشكلة، وان المشكلة الوحيدة هي اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة، وتذكير العالم بهشاشة الوضع الفلسطيني نتيجة الإنقسام، ورهانات ادوات الإنقسام الذي وجه لها خالد مشعل ضربة قوية في حديثه الأخير الذي ارجو ان يعقب هذه المراجعة الصحيحة خطوات عملية ومبالغة نتنياهو بشأن بعض محاولات العرب بالتطبيع المجاني.
الصراع في ذروته، والاشتباك حامي الوطيس ولا بد للاستعداد لكل الاحتمالات.