قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن اللقاء الأخير بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس محمود عباس في نيويورك شهد لغة حوار حميمية، وأن هناك تفاهما متبادلا لدقائق الأمور بشكل شخصي.

وأضاف شكري، خلال حوار مع صحيفة "اليوم السابع" المصرية أنه "حينما تكون العلاقة بهذا الشكل أستبعد أن تكون هناك أي إشارة سلبية تصدر من الرئيس أبو مازن تجاه مصر".

وأكد شكري أن مصر ليس لديها أي توجه لفرض أي رؤية على السلطة الفلسطينية أو الشعب الفلسطيني، في ظل إيمان منها بأن "الأجدر بتناول القضايا الفلسطينية هم الفلسطينيون أنفسهم فهم الأعلم بمصلحتهم ولديهم القدرة على تقدير الأمور والشخصيات التي يمكن أن تضطلع بمسؤولية في إدارة الملفات وتحقيق مصلحة الشعب الفلسطيني".

وتابع: "ولكن كمبدأ نطرحه دائماً على السلطة الوطنية الفلسطينية أنه كلما تم تعزيز التضامن على مستوى الشعب الفلسطيني وليس بالحصر على القيادة فهذا التضامن مطلوب على مستوى القيادة الفلسطينية والأطياف داخل فتح وبين فتح والفصائل الأخرى، حتى بين فتح وحماس، فكلما زاد التضامن والتفاهم وأصبحت هناك وحدة في العمل عزز ذلك من فرص نجاح تحقيق المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني، لذلك فإن تزكية فكرة التضامن والوصول إلى ترابط داخل المؤسسات السياسية الفلسطينية المختلفة، هي دعوة عامة ليس المقصود منها تزكية أي طرف على طرف آخر، وإنما هي دعوة عامة لتحقيق مصلحة مشتركة للجميع، في تحقيق هدف إقامة الدولة الفلسطينية، ويجب أن يكون ذلك واضحا ومفهوما، فمصر لا تزكي طرفا وإنما نزكي السلطة الوطنية الفلسطينية ونزكي التضامن فيما بين الشعب الفلسطيني على كل المستويات بما فيها المستويات السياسية المختلفة".

وشدد شكري على أن العلاقة بين مصر والقيادة الفلسطينية راسخة وممتدة، وهي علاقة على المستوى الشخصي والمؤسسي ولا يمكن أن تهتز، كما أن القيادة الفلسطينية تقدر تماما تضحيات الشعب المصري للقضية الفلسطينية، والدعم الذى وفرته مصر على مر الزمن للسلطة الوطنية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني، وأن العلاقة مع مصر وثيقة ولا غنى عنها، ونفس الشيء بالنسبة لنا في مصر التي لديها ثقة تامة في القيادة الفلسطينية، واهتمام بأن يكون هناك تشاور وتنسيق لصياغة رؤية مشتركة لتحقيق هدف إقامة الدولة الفلسطينية.

وحول حديث الرئيس السيسي مجددا عن ضرورة إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي وهل يشير إلى وجود تحركات مصرية جديدة في هذا الشأن استكمالا للزيارات التي قام بها الوزير شكري بها مؤخرا لإسرائيل وفلسطين وعدد من دوّل المنطقة، قال وزير الخارجية المصري: "هي رؤية طرحها السيد الرئيس قبل عدة أشهر وكررها مرة أخرى أمام الجمعية العامة، وهذا شيء طيب، خاصة أن الجميع لاحظ تراجع الاهتمام الدولي والإقليمي بالقضية الفلسطينية على مدى العامين الماضيين نظرا للصراعات القائمة في سوريا وليبيا واليمن، وما تولد عنها من تداعيات ومستوى التدمير والقتل وضياع مقدرات هذه الشعوب، بالإضافة إلى ما تولد من انتشار الإرهاب ومخاطره التي امتدت إلى أوروبا، وقد شاهدنا ما حدث فى فرنسا وتركيا وبلجيكا ونيويورك مؤخرا، بالإضافة إلى ظاهرة الهجرة والنزوح السوري باتجاه أوروبا، والسياسات التي اتخذت في أوروبا إزاء هذه الظاهرة، والتباين والنقاش والتفاعل الذى حدث حول أسلوب مواجهة هذا التحدي، واتخاذ الدول الأوربية لمواقف متباينة، هذه التطورات كلها جعلت القضية الفلسطينية تتراجع في الأولوية على المسرح الدولي وفى المنظمات الدولية فكان من الضروري أن يقوم الرئيس السيسي بإطلاق دعوته الأولى ودعوته مرة أخرى في الأمم المتحدة والتي من شأنها أن تزكي القضية الفلسطينية وتبرز الأولوية التي تعطيها مصر والدول العربية لهذه القضية وتجعلها مرة أخرى في بؤرة الاهتمام الدولي".

وتابع: "كما أن ذلك جاء متواكبا مع اجتماع الرباعية الدولية الذى عقد صباح الجمعة الماضية في نيويورك بمكتب الأمين العام، وتمت دعوة مصر وفرنسا لحضور الاجتماع كإجراء استثنائي تقديرا واعترافا بأن لكل من البلدين دورا حيويا في إطار تحريك عملية السلام ودفعها للأمام والتواصل مع مختلف الأطراف، خاصة بعد إطلاق المبادرة الفرنسية وما خلقته من زخم، فضلا عن القدرة المصرية على التنسيق الوثيق مع السلطة والقيادة الفلسطينية، وفى نفس الوقت القدرة على استمرار الحوار لتزكية عوائد السلام وتشجيع الجانب الإسرائيلي على انتهاج مواقف أكثر مرونة".

 وفي رده على سؤال أن ذلك يعني أن الفترة المقبلة ستشهد تحركا جديدا، خاصة بتنسيق مصري فرنسي؟ قال الوزير شكري: الفكرة لدينا ليست في التحرك ووضع خطوات محددة وإنما الاستمرار على نفس النهج من القدرة على التواصل والتنسيق مع كل الأطراف، ونحن لدينا درجة عالية من التنسيق مع الجانب الأميركي وهو جانب فاعل ومؤثر وله رؤية محددة، كما أن هناك تنسيقا مع روسيا الاتحادية من خلال الحوار القائم بين الرئيسين، فضلا عن الأفكار التي طرحت من جانب روسيا بالنسبة لعقد لقاء ثنائي بين بنيامين نتانياهو والرئيس محمود عباس، وهي أفكار أحيطت مصر بها علما، فمصر لها اتصال بكل الأطراف، بالمبادرة الفرنسية والإطار العربي من خلال التنسيق في إطار لجنة إنهاء الاحتلال والاجتماع الذى عقدته المجموعة العربية على المستوى الوزاري وما سوف يعقبه في القريب من انعقاد لجنة إنهاء الاحتلال المقرر عقده في مصر بناء على طلب من الإخوة الفلسطينيين، وهذا الطلب نحن نقدره وسوف نفعله في أقرب فرصة ممكنة".

وأكد أن "ما يتم طرحه من جانب القيادة والسلطة الفلسطينية هو محل تقدير بالغ من قبل مصر ونعمل دائماً على احتضانه والدفع به وتدعيمه، لأنها في النهاية قضية الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية، والمسؤولين عن هذا الملف لهم أن يقدروا المواقف، ونحن نعاونهم في هذا التقدير، ونتشاور فيما بيننا كمجموعة عربية معنية بإنهاء الاحتلال لتبادل وجهات النظر وتقييم المواقف حتى يتم رفع الأمر للمجلس الوزاري العربي، واتخاذ قرار يكون محل توافق ودعم من كل الدول العربية تضامنا مع الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية"

وفي رده على سؤال عن الأمل في تحقيق المصالحة الفلسطينية تحت رعاية مصرية خاصة أن هناك شبه قطيعة مع حماس، قال وزير الخارجية المصري: "هنا نعود للجهد الذى بذلته مصر في السابق في إطار المصالحة بين فتح وحماس، التي مضى عليها زمن ولم يتم الوفاء بالعديد من الالتزامات التي تم تضمينها التفاهم الذى كان قائما، وحدثت الكثير من التطورات على مستوى الساحة الفلسطينية في غزة وعلى مستوى الأوضاع الإقليمية والأوضاع في الأراضي المحتلة من استمرار للضغوط من جانب إسرائيل والتوسع في عملية الاستيطان وحالة الامتعاض الشديدة المتولدة لدى الفلسطينيين التي أصبحت تأخذ منحى فيه عنف، وهذا أمر مقدر وسبق أن حذرنا منه وقلنا إنه في ظل هذه الضغوط وحرمان الشعب من حقوقه وعدم وجود بارقة أمل سيتولد عنه إحباط وانجذاب نحو تيارات ربما تستقطب نحو التطرّف والعنف وهذا سيدخلنا في دائرة مفرغة من التعقيدات".

وأضاف: "كمبدأ دائماً نشجع المصالحة لكن يجب أن تتحقق الإرادة لدى الطرفين خاصة حماس بالوصول إلى توافق يؤدى إلى استقرار الأوضاع السياسية وعدم استئثار طرف مثلما هو حادث الآن في قطاع غزة".

 وحول تجاوب إسرائيل تجاه الطرح الخاص بإنهاء الصراع، قال شكري: "هناك تجاوب بشأن أهمية الحل، وتجاوب في المبادئ التي يتم على أساسها الحل وهى المفاوضات المباشرة بسن الطرفين، لكن التفاصيل هي التي أعاقت في مواضع سابقة هذا الحل والاستعداد المفاوضات، والمفاوضات تاريخيا كانت تتم تحت رعاية أميركية مصرية أردنية، وفى الوقت الراهن هناك مزيد من العمل من جانب الأطراف الفاعلة سواء كانت الإقليمية أو الدولية لاستئناف عملية السلام وفق محددات واضحة وما وصلنا إليه واستعداد للتعامل مع القضايا الجوهرية الممثلة في الحدود وعودة اللاجئين والترتيبات الأمنية وإقامة الدولة الفلسطينية، فهذه كلها تفاصيل لا بد من الخوض فيها، وهذا لن يتم إلا من خلال مفاوضات ومشاورات مباشرة بين الطرفين تسيرها أطراف مثل الولايات المتحدة والأردن، لكن بالطبع تحتاج إلى الإرادة السياسية والمرونة اللازمة من الجانب الإسرائيلي".