خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام الدورة ال 71 للجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي بدأه وختمه "بالسلام عليكم" جاء ليذكر العالم بالكارثة التاريخية التي حلَّت بالفلسطينيين، فهو من جهة يطالب بريطانيا بالاعتذار للشعب الفلسطيني لمسؤوليته عن النكبة وتداعياتها التي حلت بشعبنا نتيجة وعد بلفور 1917، ومذكر العالم بالاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وكل التصريحات الخاصة بإنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية وحق العودة، ورفض الاستيطان، واستعرض بوضوح عنجهية الاحتلال وعدوانه وحصاره لشعبنا وتهويد القدس وتدنيس المقدسات والإعدامات الميدانية ونشر الفوضى.

وكما حذر الرئيس الفلسطيني في خطاباته السابقة من ان استمرار “الإرهاب” الاسرائيلي ينذر بإشعال فتيل صراع ديني يحرق الأخضر واليابس، ليس في المنطقة فحسب، بل ربما في العالم أجمع ، مشددا على انه يدق ناقوس الخطر أمام المجتمع الدولي للتدخل الايجابي قبل فوات الأوان، أضاف اليوم أن الإرهاب الدولي لن ينتهي قبل انتهاء الاحتلال الإسرائيلي وعربدته فوق الأرض الفلسطينية، فحرية فلسطين هي بوابة إنهاء الإرهاب .

ويمكن اعتبار الخطاب بأنه إعلان البدء باستيراتيجية فلسطينية جديدة تنقل مستويات الإحباط الفلسطيني من واقعه، الى المحافل الدولية، فهذا الإحباط لن ينتهي الا بإنتهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وتجريمه، والاعتراف بفلسطين دولة كاملة الحقوق والعضوية في الأمم المتحدة، ومذكرا المجتمع الدولي بأن القبول بدولة فلسطينية على حدود 4 من حزيران 1967، بعاصمتها القدس الشرقية، كان تضحية تاريخية جسيمة، وأن التوسع الاستيطاني المستمر ، سيقضى على ما تبقى من أمل لحل الدولتين على حدود 1967، ومؤكداً أن هذا الاستيطان غير شرعي جملة وتفصيلاً، ويدعو بعدم استخدام الفيتو ضد مشروع قرار حول الاستيطان وإرهاب المستوطنين على مجلس الأمن، سوف يتم تقديمه لاحقا لمجلس الأمن، لأن هذا الفيتو بالإضافة الى الجرائم الإسرائيلية المتلاحقة واللعب بالنار، ونسف كل اسس السلام تعمل على تخريب مناخ السلام، وتساءل عن سبب رفض (اسرائيل) لعقد المؤتمر الدولي للسلام الذي تدعو له فرنسا، وقائلا " لا مؤتمر دولي ولا مفاوضات ويتحدثون عن السلام، فكيف يصنع السلام ..؟!" .

ولقد نقل الرئيس ابومازن للعالم تطلعات شعبنا وبأنه لن نقبل أبداً باستمرار الوضع القائم، ولن نقبل بامتهان كرامة شعبنا، ولن نقبل بالحلول المؤقتة والانتقالية، ولن يقبل شعبنا التخلي عن مؤسساته وإنجازاته الوطنية التي حققها بالتضحيات والمعاناة والألم.

وبجانب مطالبة الرئيس لتوفير الحماية الدولية لشعبنا، فلقد بدا الرئيس في خطابه متمسكا ببصيص أمل وبالرغم من الاستفسارات العميقة التي تضمنها الخطاب وانتهائه بقوله " فهل انتم فاعلون .. هل انتم فاعلون "، وهذا الأمل يدلل على تطلعات الفلسطينيين للسلام والعدل والحرية والتمسك بالقانون الدولي .

وكرر الرئيس تمسكه بالقرار الوطني الفلسطيني المستقل، ومطالبته بتطبيق خطة السلام التي أقرتها الجامعة العربية أبان مطلع انتفاضة الأقصى، وبهذا يؤكد أن الأمة العربية هي عمق القضية الفلسطينية، ولا تعارض او تقاطع في هذا الأمر، بل أن حشد الجهود العربية مطلب الكل الفلسطيني وجزء ثابت واستيراتيجي في الرؤية السياسية الفلسطينية .

وعلى صعيد الوضع الداخلي الفلسطيني فلقد لخص في خطابه محددات الاستقرار الفلسطيني عبر تحقيق المصالحة الفلسطينية من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية وفق برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، واستمرار عملية إعادة الاعمار في غزة كوسيلة لتخفيف المعاناة والحصار على قطاع غزة.