الجدار و الاستيطان

-: يقطع الجدار الفاصل الذي أقامته إسرائيل في بلدة الرام في الضفة الغربية، شوارع فلسطينية تحمل أسماء شخصيات تاريخية سياسية عربية إسلامية أو فلسطينية، استحضرتها مؤسسات بلدة الرام لتبقى شاهدة على عمق ارتباط الإنسان بأرضه.

فعلى بعد أمتار من الجدار الفاصل، علقت على عمود للكهرباء لوحتان لشارعين يحمل الأول اسم القائد الإسلامي خالد ابن الوليد، والثاني اسم الفلسطيني فؤاد حجازي الذي اعدم على يد البريطانيين في العام 1929، مع عطا الزير ومحمد جمجوم بعد صدامات وقعت بين العرب واليهود في منطقة البراق في القدس.

وعلى بعد أمتار فقط، علقت لوحة على شارع، يقطعه الجدار إلى نصفين، يحمل اسم القيادي الفلسطيني أبو يوسف النجار الذي اغتالته إسرائيل مع الشهيدين كمال عدوان وكمال عدوان في العام 1973.

ويطلق اسم أبو يوسف النجار أيضا على احد شوارع غزة كما أن في رفح مستشفى يحمل اسم هذا القيادي.

ويقول رئيس بلدية الرام سرحان السلايمة أن اختيار أسماء الطرق في بلدة الرام تم بمشاركة كل المؤسسات والفعاليات الرسمية والأهلية في البلدة.

ويضيف "أن كان الجدار الفاصل انعكاسا لسياسة الاحتلال الهادفة إلى اقتلاع الإنسان الفلسطيني من أرضه، فان إطلاق هذه الأسماء على هذه الطرق إنما هو انعكاس لعلاقة الإنسان الفلسطيني بأرضه وتمسكه بها".

ويقول السلايمة "اختيارنا المشترك لهذه الأسماء، جاء تعبيرا عن عمق العلاقة التي تربطنا بأرضنا، منذ آلاف السنين، في مواجهة الجدار الهادف إلى اقتلاعنا منها".

ويوضح "مثلا حينما يرى ابني اسم خالد بن الوليد على احد الشوارع، بالتأكيد سيدفعه ذلك للعودة إلى الكتب ودراسة شيء عن هذه الشخصية الإسلامية".

وإضافة إلى أسماء السياسيين، يحمل احد الشوارع اسم الأديب العربي المصري مصطفى المنفلوطي، وآخر الصحابي المسلم انس ابن مالك.

وسميت بعض الطرق بأسماء لها دلالة على رغبة الفلسطينيين بالسلام والحياة مثل " شارع النصر" و"شارع السلام".

وباتت ظاهرة إطلاق أسماء سياسيين وقادة فلسطينيين عرب وإسلاميين، على طرق وتقاطعات طرق، محط اهتمام الفلسطينيين خصوصا عقب إنشاء السلطة الفلسطينية في العام 1994.

وبالمقابل، فقد اتخذت الحكومة الإسرائيلية اليمينية، قرارا فور تسلم مهامها، بتغيير أسماء الشوارع العربية في المدن العربية داخل إسرائيل، بل وشطب الأسماء العربية واستبدالها بالعبيرية.

وتنوي بلدية البيرة في الضفة الغربية إطلاق اسم "دلال المغربي" على تقاطع للطرق في المدينة.

واتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو القيادة الفلسطينية بممارسة التحريض من خلال إطلاق اسم المغربي على هذا التقاطع.

ونقل عن نتنياهو، خلال افتتاحه جلسة الحكومة الإسرائيلية الأحد قوله "أي إنسان يؤيد إطلاق اسم دلال المغربي المسؤولة عن قتل عشرات الإسرائيليين يشجع الإرهاب ويبعد المسافة لتحقيق السلام".

وكان نتنياهو يشير إلى العملية التي قادتها المغربي في العام 1978 داخل إسرائيل، وأسفرت عن مقتل 36 إسرائيليا.

وأطلقت السلطة العديد من أسماء القادة السياسيين، الذي رحلوا خلال السنوات الطويلة من عمر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، على شوارع وتقاطعات ومدارس ومستشفيات تشرف عليها.

واتهم نتنياهو السلطة الفلسطينية بممارسة التحريض في المدارس وفي مجمل الأنشطة الثقافية.

لكن وزيرة الثقافة الفلسطينية سهام البرغوثي قالت ردا على تصريحات نتنياهو "من حقنا أن نصون ونحافظ على بقاء كافة مناضلينا الذين قدموا حياتهم فداء لنا، وقدموا حياتهم لأجل القضية الفلسطينية".

وأضافت " تكريمهم بهذا الشكل هو اقل شيء ممكن أن نقدمه لهم، وهذا من حقنا، خاصة وإننا نعتبر أن المقاومة في ظل بقاء الاحتلال، هي حق مشروع ونحن نعتز ونفتخر بتاريخنا النضالي الذي جسده شهدائنا ومناضلينا على مدار التاريخ".

ويقول عضو المجلس البلدي في بلدية البيرة سليم سلامة أن البلدية تنوي افتتاح الدوار الذي سيحمل اسم المغربي بشكل رسمي بعد إعادة ترميمه.

وعلى بعد أمتار أطلقت البلدية على احد الشوارع اسم " شارع الأسرى" وعلى شارع آخر قريب من مخيم الامعري اسم " شارع الشهداء".

ويوضح سلامة "ليقول نتنياهو ما يريد، لكن إطلاق اسم دلال المغربي على هذا الدوار هو تكريس لرموزنا الكفاحية التي قدمت روحها في تاريخ النضال الطويل، ومن حقنا أن نبقيها خالدة في ثقافتنا".