ليل الثلاثاء الماضي وفجر الأربعاء، نفَّذ جيش الاحتلال الإسرائيلي جولة قصف جديدة وقاسية جدًا ضد أهلنا في قطاع غزة، جولة القصف هذه لم تكن مفاجأة، فعلى امتداد الأسبوعين الأخيرين، كان بنيامين نتنياهو هدَّد قطاع غزة، ويعتبر التهديد وتنفيذ التهديد جزءًا من وتيرة العمل التقليدي الإسرائيلي، وهذه المرة كانت الخيارات الإسرائيلية التي تطلُّ على مآزق نتنياهو تتراوح بين التلويح بانتخابات مبكرة، وهذه يخاف منها إلى حد الرعب كل أعضاء الائتلاف الإسرائيلي الحاكم الذي يرأسه نتنياهو، فلا أحد من أعضاء الائتلاف مطمئن بما يكفي لوضعه، حتَّى الاستغلال والاستثمار الفادح للرئيس دونالد ترامب ليس مستقرًا وليس مطمئنًا، فالرجل نفسه سيمرُّ باختبار صعب في الانتخابات النصفية القادمة سريعًا في تشرين القادم، ودائرة الاتهامات له توسَّعت بانفجار قضية جمال خاشقجي، حتَّى إنَّ تصريحاته الكثيرة المتلاحقة حول قضية اختفاء خاشقجي في اسطنبول جعلت هذه التصريحات مثل اللوغاريتمات، قليلون هم الذين يفهمون لها، باستثناء أنَّ دونالد ترامب خائف جدًا، ولم يكن مستعدًا لأنَّ تقذف هذه القنبلة في حضنه، والإسرائيليون يعلمون أنَّ حليفهم المستثمر والمستغل من قبلهم حتَّى الإدمان ليس لديه وقت لألاعيبهم الداخلية في إسرائيل، وليس هناك من أحد يساندهم ويتساوق معهم سوى حماس التي ترمي نفسها تحت أقدامهم لتتحول إلى جزء بسيط من التشنج الداخلي الإسرائيلي.

لكنَّ موجة العنف الإسرائيلي الجديدة ضد غزة التي نتج عنها شهداء وجرحى، وخسائر في البنية التحتية، حاولت حماس قدر المستطاع أن تتجاهلها، فلم نعد نسمع من قادتها عن تغيير قواعد الاشتباك!!! بل الأسئلة مثل الصخور القاسية التي نزلت على رأس حماس، من أطلق الصواريخ من غزة إلى بئر السبع؟ وماذا تفعل حماس بهذا الفلتان الذي صدمها بالمفاجأة؟ ولماذا ألغى رئيس المخابرات العامة المصرية زيارته إلى غزة؟ هل لأنَّه لا يريد أن تفرض عليه حماس من خلال تورطها أن يغوص في وحل التهدئة التي لا أحد من اللاعبين يريدها أن تكون أولاً سوى حماس نفسها! وما هو العرس الجديد المنتظر الذي سترقص فيه حماس بعد هذا الوضع الشائك، فاستنكارها القصف على بئر السبع لم يستوقف أحدًا على الإطلاق.

حماس في الشوط الأخير من الانكشاف، لم تعد تجد الستائر التي تختبئ وراءها، ماذا بوسعها أن تفعل كي تسيطر على الوضع؟ لقد قدَّمت لإسرائيل كل شيء، وتماهت مع جارد كوشنر وجيسون غرينبلات إلى حد التهتك، وبخصوص الوضع الإنساني الذي عرضه عليها مستشارو ترامب وجواسيسه الصغار من هنا وهناك، بل إنَّها ادعت بالفم الملآن أنَّ الفصائل في غزة معها وإذا بها تفاجأ بالتمرُّد، فإمَّا أنَّ صاروخ بئر السبع أطلقه أحد لا يأتمر بأمر حماس أو أنَّها هي التي أطلقته، فسبب هذه الموجة الجديدة من العنف، والموضوع كلَّه من أوله إلى آخره أنَّ نتنياهو ووزير جيش أفيغدور ليبرمان، وائتلافه بالكامل، حين يكون لهم تساؤل: أي الخيارين يفضلون؟ فإنَّهم جميعًا يختارون ضرب غزة لأنَّ غزة تحت عهدة حماس أرخص ثمنًا.!