إن كان الإسلام يَجُّبُ ما قبله فإن الانقلاب الدموي لا يَجُّبُ ما قبله أبدا..هذا ما يجب أن يعلمه أعضاء وأمراء ومشايخ (حماس) فرع جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين.. وعليهم أن يتذكروا دائما أنهم عندما يظهرون للناس بمظهر المسلم، لا يمكنهم الاستمرار بمهنة الخداع، وجدل حبال الكذب إلى مالا نهاية، فحبل الكذب اقصر مما يظنون.

سنذكرهم ليس لأنهم نسوا أو لا يعلمون، وإنما لأنهم يعلمون ويدركون ما يفعلون لكنهم بعد أن وضعوا (الصدق) في قوائمها المتدرجة المحرمات والمنكرات والمكروهات.

بين الحين والآخر يخرجون على منابر اغتصبوها باسم الدين تارة، وباسم الشرعية تارة اخرى، لينسفوا شرعية وصلاحيات منظمة التحرير الفلسطينية والمجلس المركزي، وجل هدفهم اقتلاع جذور نظام سياسي قديم حديث، استنبتها الوطنيون الفلسطينيون المعاصرون وسقوها من دماء الفدائيين والمناضلين وعرق الأحرار، وتكريس نظام جماعتهم الاخوانية (القزم).

نقول لهم اقرأوا قرار إنشاء السلطة الوطنية الصادر عن المجلس المركزي الفلسطيني الذي انعقد في تونس قبل حوالي ربع قرن من الآن بالتمام والكمال، أي في 12/10/1993، وفي الحقيقة لا نقولها لكم مباشرة وإنما للذين يستمعون إلى خطاباتكم وتصريحاتكم فيصدقونكم، فهؤلاء محط اهتمامنا، أما انتم فقد بلغنا ذروة الاعتقاد أنكم ماضون على نهج العدائية للوطنية الفلسطينية إلى أن تشرق الشمس من مغربها.

وقبل وضع النص أمامكم وأمام منتسبيكم وأنصاركم الذين نعتبرهم ضحايا فيروس التعمية ومحو الذاكرة الذي تنشرونه في أدمغتهم وذاكرتهم الفردية والجمعية، يجب أن تعلموا أن منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها ومجالسها تمثل كل فلسطيني، باعتبار أن كل الفلسطينيين أعضاء طبيعيون في المنظمة، فإن شئتم أو كرهتم فالمنظمة تمثل الشعب الفلسطيني ولا شرعية لأحد من بعدها في تمثيله، وعليه فإن قرارات مجلسها الوطني، والمجلس المركزي لا يحلمن احد بمساس شرعيتها ما دامت قد صدرت وفق الأصول القانونية والتنظيمية.

هاكم نص قرار المجلس المركزي في 12اكتوبر من العام 1993:

أولاً: تكلف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بتشكيل مجلس السلطة الوطنية الفلسطينية في المرحلة الانتقالية، من عدد من أعضاء اللجنة التنفيذية، وعدد من الداخل والخارج ".

ثانياً: يكون السيد ياسر عرفات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيساً لمجلس السلطة الوطنية الفلسطينية ".

اذن المجلس المركزي باعتباره بمقام المجلس الوطني للمنظمة هو صاحب الولاية على السلطة بمقوماتها التشريعية والقضائية والتنفيذية، له ان رأى مصلحة الشعب الفلسطيني الانتقال الى مرحلة تتجاوز مرحلة السلطة التي هي بالأساس مرحلة انتقالية، ما يعني تجاوز هيكلية الشكل القائم للسلطة الوطنية أو تغيير شكل ومضمون السلطة التشريعية للسلطة، أي المجلس التشريعي، خاصة وأننا في مرحلة الانتقال الى بناء مؤسسات سلطة الدولة، لكننا في الوقت الراهن نتحدث عن سلطة تشريعية (المجلس التشريعي) التي عطلتها حماس بانقلابها العسكري، بعد مشاركة معظم أعضاء كتلتها في التشريعي – ان لم يكن كلهم – في الانقلاب الدموي او محرضين على استخدام السلاح في قتل المواطنين الفلسطينيين، وهذا الفعل بحد ذاته يستدعي مثولهم أمام القضاء، أما الحديث عن الحصانة فإنها ساقطة سلفا عن الانقلابيين ومن ساندهم وساعدهم في خططهم، أو مدهم بأسباب الديمومة حتى اليوم.

قبل تسعة شهور بالتمام والكمال أيضا أي في 15 كانون الثاني الماضي قرر المجلس المركزي تحت بند ثالثا - على الصعيد الوطني ما يلي: "التمسك باتفاق المصالحة الموقع في أيار وتفاهمات وآليات تنفيذه وآخرها اتفاق القاهرة في تشرين الأول 2017 وتمكين حكومة الوفاق الوطني من تحمل مسؤولياتها كاملة في قطاع غزة وفق القانون الأساسي المعدل ومن ثم إجراء انتخابات عامة وعقد المجلس الوطني بما لا يتجاوز نهاية عام 2018. وذلك لتحقيق الشراكة السياسية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وبرنامجها، والعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية تعزيزا للشراكة السياسية ووحدة النظام السياسي الفلسطيني ".

لا يظنن شيخ أو أمير جماعة في حماس أن قطار الحركة الوطنية الفلسطينية سيبقى جاثما على محطة الواقع الفلسطيني الحالي المؤلم إلى مالا نهاية بانتظار قرار حماس بالصعود إليه، أو تخويف حركة بعملية الانضمام إلى جبهة إسرائيل لفرض شروطهم، والتي اقلها تسليمهم رأس منظمة التحرير على طبق من ذهب !!.

يعلمون جيدا أن قيادة الشعب الفلسطيني تسير باتجاه تكريس منظومة الدولة بكل مقوماتها، وسحب آخر ذرائع دولة الاحتلال وكل من لم يعترف حتى الآن بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية، لكنهم أي جماعة حماس، معنيون بتقديم أعظم خدمة لإسرائيل عبر الاستمرار بتعطيل نشوء مقومات الدولة في الضفة بما فيها القدس وقطاع غزة، أما المكافأة الاسرائيلية الأميركية فستكون دولة في قطاع غزة تحت حكم حماس !.

بإمكان مشايخ جماعة حماس خرط رواياتهم على منتسبيهم وأنصارهم والمساكين الذي يصلون وراء مشايخهم في المساجد المحتلة في قطاع غزة، يستطيعون لكنهم لن يقدروا على فرم الوعي الوطني، أو (فرمتته) أي إلغاء الذاكرة الوطنية مهما حاولوا ومهما سخروا من أدوات وأموال سخرت لهم.

أمام المركزي القادم مهمة اخذ قرار تاريخي، يضع قاطرة المصالح الفلسطينية العليا على سكتها، والانطلاق، أما من شاء الصعود في اللحظة ألأخيرة، فمرحب به، أما البقاء في مكانه مراهنا على قوته ونزعته الانفصالية فانه لا يأسفن على نفسه أن أصبح كالهشيم، أو كشوك صحراء تقذفه الرياح من انكسار إلى انكسار.