أعتقد أنَّ دونالد ترامب الرئيس الأمريكي الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية، قد بدأت تظهر عليه علامات الإحباط، وبدأ يتحول إلى عبء ثقيل الوطأة على الدولة الأمريكية والشَّعب الأمريكي، بسبب ملفات الفوضى العارمة التي حققها بدون دراسة فائقة، ضد العالم أجمع، وضد فعاليات النظام الدولي والقانون الدولي التي أقرها العالم عبر تجارب عميقة، والتي لا يستطيع قطب بمفرده أن يُلقيها أو يتلاعب بها بدون الأخذ في الاعتبار المجالات الحيوية لآخرين الشركاء في هذا العالم.

والمسؤول الأول والأخير عن هذا الإحباط والفشل الذي يصل إلى حد إهانة أمريكا نفسها، هو دونالد ترامب نفسه، صحيح أنَّ حلفائه الذين اختارهم بانحياز مختل يتحملون قدرًا من المسؤولية، مثل إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، وجزء كبير من اللوبيات اليهودية في أمريكا، والدهاة في مجموعات المسيحيانية اليهودية، بالإضافة إلى عنصر موجود دائمًا يشجع الرؤساء الأمريكيين على الغرق بسرعة في أخطائهما القاتلة، وهم الذين يشكِّلون البطن الرخو في العالم كلَّه، والمتساقطين بالمجان في الشرق الأوسط العربي على وجه الخصوص، لكنَّ أكثر من ورط ترامب في هذا الإحباط والفشل الذي قد يخرجه بمهانة من الحياة السياسية في أمريكا هو عناده، العناد الفارغ، الذي لا يستند إلى الحد الأدنى من المعرفة والخبرة، والجهل الكامل باللاعبين الآخرين، وفى عمقهم ويقين ثوابتهم، مثلما خبط ترامب نفسه في الجدار الفلسطيني بثالوثها المقدس، الشَّعب وتاريخه النضالي.

القيادة الفلسطينية، وخبرتها العميقة في التعامل مع الممكنات والمستحيلات، وعميق الثوابت الفلسطينية في هذه المنطقة هوية وعقيدة وفعل حضاري.

كنتُ قد استبشرتُ بترامب في الأيام الأولى لدخوله البيت الأبيض، كونه كما اعتقدت، الرجل الذي اكتشف معاناة في أمريكا لم يكتشفها أعضاء النخب الآخرين خاصة عن معاناة البيض الذين على حد زعمه أصبحوا فقراء، ولكن بسرعة اكتشفت أنَّ هذا الوعي لم يكن جذريًا، هو شيء مدعى، شيء ملصق، وأنَّ ترامب موجَّه إلى استخدام رديء جدًا، وهي حملة عداوة شعواء ضد الشَّعب الفلسطيني، لاعتقاده الأبله أنَّ هذا الشَّعب ضعيف، ويسهل الفتك به ببساطة، وإزالته من الميدان نهائيًا كما لو أنَّه مجرد وهم، أو كما لو أنَّه لم يوجد قط، وفي يقيني أنَّ هذه الفكرة عند دونالد ترامب ناجمة عن أكبر خواء واضطراب عقلي، وأنَّها ربما ناتجة عن بصمات وراثية مخجلة ينحدر منها هذا الرجل، ويكفي للدلالة على حجم الهوس الكامل الذي يعاني منه الرجل حين نستعرض قاموسه السياسي المفرط في الجنون مثل ادعائه العجيب بأنَّه أزاح القدس التي هي أعظم معجزات رسولنا العظيم محمد في القران الكريم، أزاحها عن الطاولة، وأنَّه أزاح قضية اللاجئين حين همس في أذنه أحد مساعديه الذين اختارهم على شاكلته، بأنَّ اللاجئين قضية كبرى هم شعب كامل وهم شعب متجذر منتشر بالقارات الست، وإنَّهم في صلب القانون الدولي والنظام الدولي، فلجأ على الفور إلى إنكار وجودهم، وتقليص أرقامهم، وإعلان قراراته الانتقامية ضد الاونروا!. وهكذا موجات متلاحقة من الهوس ليس إلَّا، ولعلَّ أكبر صدمات ترامب التي أفقدته توازنه، هو إنَّه لم يعطِ نفسه الوقت الكافي لمعرفة الرئيس أبو مازن، وهكذا إعتقد ترامب أنَّه يدخل من الباب الأسهل فإذا به يكتشف أنَّه يمارس الجنون المطلق، رجل يحاول أن يدخل الجمل من ثقب الإبرة الموغلة في الصغر، أنَّها الحماقة أعلى درجات الجنون، وأمريكا تدفع الثمن وسوف تدفع أكثر، وربما يكون أسهل الحلول هو إخراج الأحمق من حفلة العرس، هذا هو الحل الوحيد عند الشَّعب الأمريكي الكبير.