رجل المرحلة.. رجال اللاآت.. رجل الثوابت.. رجل القابض على الجمر الملتهب، رجل الممانعة الفلسطينية في وجه مؤامرة تصفية القضية الفلسطينية، إنه السيد الرئيس محمود عباس "أبو مازن"، الذي تصدى وحده لصفقة القرن، أو كما سماها سيادته "صفعة العصر"، لكنها كانت صفعة لترامب وللإدارة الأمريكية، حيث رفض الرئيس أبو مازن الصفقة، ورفض لقاء الرئيس الأميركي بل ووصف الأمريكان بأنهم كذابون.

ابتزاز سياسي ... تهديدات بالتصفية الجسدية... ضغوطات سياسية دولية... إغراءات مالية، كلها لم تثنِ الرئيس محمود عباس من التوجه إلى الجمعية العمومية في دورتها ال 73 لإلقاء خطابه التاريخي والمفصلي، متسلحاً بالدعم الكامل والمطلق من شعبه داخل الوطن وفي الشتات.

27 أيلول / 2018 كان الفلسطينيون على موعد مع خطاب رئيسهم الذي يحمل معاناتهم التي مضى عليها 70 عاماً، رافضاً كل القرارات التي لا تعطي شعبه حقه بالعودة إلى أرضه في ظل دولة ذات حدود معترف بها دولياً، ورافضاً العودة إلى المفاوضات إلا من خلال مرجعية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، ورؤية حل الدولتين، معلناً القدس عاصمة فلسطين الأبدية، واضعاً الجمعية العامة تحت مسؤولياتها لتنفيذ القرارات التي اتخذتها اتجاه قضية فلسطين وأن عليها احترام هذه القرارات.

الساعة السابعة بتوقيت مدينة بيروت من مساء يوم الخميس 2018/9/27، وتزامناً مع إلقاء سيادة الرئيس محمود عباس كلمته أمام الجمعية العامة في الأمم المتحدة، تجمهر الفلسطينيون من كافة أنحاء لبنان ومخيماته حول شاشة عملاق، أقيمت على أرض ملعب مخيم مارالياس في مدينة بيروت لمتابعة الخطاب. رافق هذا العرس الفلسطيني أغاني وطنية وثورية ودبكات فلوكلورية شعبية ووطنية أحيتهم فرقتا حنين للأغنية الشعبية والبيادر للفنون الشعبية.

حضر هذه المناسبة الوطنية ممثل النائب بهية الحريري الأستاذ فادي سعد؛ وسعادة سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية أشرف دبور؛ وأمين سر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح في لبنان الحاج فتحي أبو العردات؛ وعضوا المجلس الثوري الحاج رفعت شناعة وآمنة جبريل؛ وأمين سر إقليم حركة فتح حسن فياض وأعضاء الإقليم؛ وقائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب؛ وسفير الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ذيب إدريس الصالح؛ وممثلو الأحزاب والقوى الوطنية والسياسية اللبنانية؛ وممثلو فصائل منظمة التحرير الفلسطينية؛ ووفد الحملة الأهلية لنصرة فلسطين وقضايا الأمة؛ وممثلو الجمعيات والروابط والهيئات البيروتية؛ وأمين سر وأعضاء قيادة حركة "فتح" في بيروت؛ وممثلو اللجان الشعبية وقوى الأمن الوطني الفلسطيني؛ وممثلون عن الانتفاضة الفلسطينية؛ وأمناء سر وقيادات وكوادر والمكاتب الحركية والأطر التنظيمية والعسكرية والأمنية للحركة في كافة المخيمات والتجمعات الفلسطينية؛ وقيادة منطقة عمار بن ياسر( شعبة الليطاني وشعبة الأوسط)؛ والفرق الكشفية وأشبال وزهرات فتح؛ وحشد شعبي من مخيمات لبنان.

بدأت الفاعلية بالوقوف دقيقة صمت مع قراءة سورة الفاتحة لأرواح فلسطين ولبنان، تلا ذلك النشيدين الوطنيين اللبناني والفلسطيني ونشيد حركة فتح، ثم استعراض للفرق الكشفية وأشبال وزهرات فتح.

بعدها كانت كلمة حركة "فتح" ألقاها أمين سرها في لبنان فتحي أبو العردات قال فيها: "اليوم يوم الوفاء لقيادتنا الشرعية، اليوم تلتقون هنا أبناء المخيمات الفلسطينية، ومن أبناء شعبنا اللبناني الأصيل الذي قدم التضحيات من أجل فلسطين، وعلى درب فلسطين، اليوم هنا في بيروت عروسة العروبة وقلعة العروبة، وقلعة المقاومة العصية على الاحتلال الذي صمد فيها أبطال المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية والأحزاب اللبنانية طوال ٨٣ يومًا تقاوم الاحتلال وصمدت، واليوم بيروت ومخيماتها من الجنوب ومرورًا بصيدا وصور والشمال وكل مخيماتنا أتت هنا لتحتشد وتقول كلمتها اليوم للسيد الرئيس "أبو مازن"، وهو اليوم يستعد بعد دقائق لإلقاء كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكما عودنا دائمًا على هذه المواقف الصلبة، اليوم سيتحدث إلينا مباشرة من الأمم المتحدة ليقول لترامب في عقر داره "نيويورك" أن فلسطين هي وطننا، والقدس عاصمتنا، والعودة غايتنا، ومشروعك لن يمر، القدس ستبقى عربية إسلامية مسيحية، وعاصمة أبدية لدولتنا الفلسطينية المستقلة واللاجئون يجتمعون اليوم هنا، يجددون البيعة لك لأنك أنت المؤتمن، لأنك أنت الذي تحمل راية الرئيس ياسر عرفات، وأنت الوفي، وأنت الأمين على دماء الشهداء، نعم أيها الرئيس أنت أول صوت ارتفع رافضًا لهذه القرارات الظالمة التي تشكل مؤامرة لتصفية القضية الفلسطينية، بدأت بالقدس، والقدس تعني لنا أنها ركن من أركان هويتنا العربية والإسلامية، ولا يمكن أن تكتمل هويتنا لا القومية ولا العربية ولا الإسلامية ولا الوطنية من دون القدس، لذلك موقفك أبا مازن نابع من وجدان كل أبناء الشعب الفلسطيني، أنت عبرت عن وجدان كل طفل وامرأة، وشيخ وزهرة ومناضل من أبناء شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات، إن موقفك من قضية اللاجئين ومن موضوع حجب الإمكانات عن الأونروا تمهيدًا لإلغاء حق العودة، لن يمر وسيذهب ترامب ونتنياهو، ويبقى الشعب الفلسطيني شامخًا في أرضه ووطنه حتى النصر.

بعد دقائق سيتحدث الرئيس أبو مازن أمام الأمم المتحدة، ليعلن دولة فلسطين تحت الاحتلال، ويضع العالم أمام مسؤولياته التاريخية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية تحت الاحتلال، ويطالب بتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، نعم سيتحدث عن موضوع اللاجئين الفلسطينيين الذين ما زالوا يعيشون في مخيمات البؤس والحرمان، والذي يريد نتنياهو وترامب أن ينهوا الأونروا تمهيدًا للإجهاز على حق العودة وعلى حقوق اللاجئين، هذا القرار لن يمر، وكذلك الأمر الاستيطان، وهو ليس قدرًا والاحتلال لن يبقى بصمود شعبنا وبطولات أسرانا في زنازين الاحتلال الذي يسطرون أروع ملاحم البطولة، اليوم يوم الوفاء لفلسطين يوم الوفاء للثوابت الوطنية يوم الوفاء للقدس للعودة وللشهداء الأكرم منا جميعًا.

وعن يهودية الدولة قال أبو العردات: "هذا القرار العنصري الذي تبناه الكنيست الإسرائيلي سيقف شعبنا صفاً واحدًا موحدًا في مواجهة الاحتلال، وبطش الاحتلال، وتهويد الاحتلال للقدس وفلسطين، إننا شعب ناضل طيلة سنوات عديدة، لم يخضع؛ ولن يخضع؛ لم يركع إلا لله، في حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية حراسًا للأقصى، حراس كنيسة القيامة، اليوم وكل يوم، نعلنها أننا سنبقى نقاوم ونناضل ونكافح الاحتلال حتى يندحر عن أرضنا الفلسطينية حتى يندحر عن القدس، عاصمة دولتنا الفلسطينية حتى يعود أهلها المعذبين طوال سنوات التشرد إلى أرضهم وديارهم، هذه حقوق ثابتة، حقوق جماعية، وحقوق فردية، غير قابلة للتصرف، هذه حقوق سنناضل من أجله، والاحتلال حتمية تاريخية إلى زوال، لا بد أن يزول هذا الاحتلال عن أرضنا الفلسطينية بفضل وحدتنا الوطنية، وبفضل شهدائنا ومقاومتنا وأسرانا، وبفضل وحدتنا في الداخل والخارج، نتناوب في حمل الراية، نعم، نحن هنا في مخيمات لبنان لم نكن في يوم من الأيام مهمشين في خارطة الشتات، بل كنا دائمًا نحمل الراية، ونقدم الدماء من أجل فلسطين وعلى درب فلسطين، هذا عهد وهذا قسم، ونحن سنستمع بعد قليل لكلمة الرئيس أبو مازن الذي عودنا دائمًا أن يتحدث حول الحقوق الفلسطينية بحزم وصلابة، وسيقف معه كل العالم الحر الذي صوت لنا، سيقف تصفيقًا للسيد الرئيس كما يفعل دائمًا في جل، وسيناصر الحق الفلسطيني حتى تتحرر فلسطين وتعود إلى أهلها.

وتابع: "إننا جميعًا اليوم مدعون إلى تنظيم صفوفنا والتعالي عن الخلافات، ونبذ الفرقة وإلى مزيد من الوحدة الفلسطينية، لأن الأيام الصعبة قد مرت، لكن الأيام الأصعب هي القادمة علينا جميعًا، ونحن هنا في لبنان لا بد أن نتوجه بالتحية إلى أشقائنا اللبنانيين، إلى أبطال المقاومة الوطنية والإسلامية الذين تشاركوا معنا وخضنا كل سنوات النضال حيث امتزج الدم الفلسطيني بالدم اللبناني".

ثمَّ ألقى عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية صلاح اليوسف كلمة قال فيها: "منذ بداية العام ٢٠١٨ إلى اليوم، اتخذت الإدارة الأميركية تسع قرارات خطيرة تشير كلها إلى إصرارها على تطبيق صفقة القرن تزامناً مع التطورات المتسارعة في المنطقة ورسم خارطتها من جديد، فيما الرئيس الفلسطيني محمود عباس يقف اليوم أمام المجتمع الدولي ليقول كلمة فلسطين وشعبها لا لصفقة القرن.. لا لشطب حق العودة.. نعم للقدس عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة، ومن خلفه تقف القيادة الفلسطينية والشعب برمته في مخيمات لبنان لنعلن الدعم والتأييد، ونشدد على موقفه المؤتمن على عدالة القضية، ونرفض تصفيتها، ونؤكد على اللاءات الثلاث لا لصفقة القرن التي يراد منها أن تكون صفعة، لا للتنازل عن حق العودة، ولا المساومة على القدس".

وتابع: "إننا إذ نحيي موقف الرئيس الفلسطيني أبو مازن الأمين على الثوابت الوطنية، ونشد على أياديه، وندعو إلى دعمه والوقوف خلفه، وتناسي الخلافات، والسير قدمًا نحو المصالحة الوطنية، إذا كنا جادين في رفض صفقة القرن والتصدي لها، فهل نهدم البيت فوق رؤوسنا؟ تعالوا نبني الوحدة للتصدي للمؤامرة الجديدة، لا أن نحفر قبورنا بخلافاتنا وكفى نتهم بعضنا البعض".

وأضاف: "من مخيمات لبنان نعلن وقوفنا إلى جانب الرئيس أبو مازن وقراراته وخطواته حتى تحقيق أهدافنا في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف شاء من شاء وأبى من أبى، إننا ندين إقدام الإدارة الأميركية على إقفال مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، ونعتبر أن هذه الخطوة عدوانية، وتأتي في إطار سلسلة الخطوات المتتالية للضغط على القيادة الفلسطينية للقبول بشروط السلام، وخاصة ما يتعلق بالقدس واللاجئين، وهو انحياز كامل للعدو الصهيوني، ما يؤكد موقفنا بأن الولايات المتحدة لم تعد راعيًا نزيهًا".

وتابع: "أمَّا في لبنان، فان محاولات إلغاء الأونروا، وإنهاء عمله، وتخفيض تقديماتها، وتوتير الوضع الأمني في المخيمات، كلها وجوه بشعة لصفقة القرن، وعلينا التنبيه والحذر، وإننا في جبهة التحرير الفلسطينية وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية نعلن رفضنا لإنهاء الأونروا ووقف خدماته، وسنعمل بقوة وعزم على الحفاظ عليها كشاهد حي على نكبة فلسطين وحق العودة"، وناشد اليوسف الدول المانحة والمجتمع الدولي للاستمرار بدعم الأونروا.

أما في المخيمات، فان الحفاظ على أمنها واستقرارها والجوار اللبناني، وبناء أفضل العلاقات مع القوى السياسة اللبنانية، هو خيار لا تراجع عنه، لقد عشنا أوضاعًا أمنية وسياسية خطرة في المرحلة السابقة، ونجحنا في الحفاظ على هويتها الفلسطينية، ونؤكد اليوم على أنها ليست صندوق بريد أو ممر أو منطلق للاقتتال الداخلي أو استهداف السلم الأهلي اللبناني، واليوم نجدد موقفنا الثابت واعتبار الساحة اللبنانية استثنائية، ونشكر كل الجهود اللبنانية وعلى رأسها دولة الرئيس نبيه بري لعودة العمل المشترك، سنبقى أمناء على مصلحة شعبنا، ووأد الفتن في مهدها، وبوحدتنا نستطيع أن نتجاوز كل قطوع حتى نحقق العودة، وريثما تتم ذلك نطالب الدولة اللبنانية بإقرار الحقوق المدنية والاجتماعية والإنسانية للعيش بحرية وكرامة.ورفض اليوسف التوطين أو الوطن البديل أو التذويب أو التهجير.