في أقل من نصف فترته الرئاسية، أثار دونالد ترامب الرئيس الأميركي أكبر قدر من الضجيج وأكبر قدر من الفشل لأوهامه التي دفعته إلى التوغل في هذا المنهج، الفوضى من دون حسابات، وفتح الملفات الشائكة وبوابات الفوضى العارمة مع الجميع بدون تقديرات مواقف عميقة، وإنّما وضع مجرد يافطات خاوية ليس إلّا، مثل يافطة أميركا أولاً، ومثل مسلسل الفشل الذريع الذي بدأه بإعلان العداء للشَّعب الفلسطيني، وإعلان الجهل بمركبات القضية الفلسطينية، ولذلك جاءت الخطوات الأحادية الحمقاء التي اتخذها ضد شعبنا وقضيتنا محفوفة بأكبر قدر من المعاكسة للعالم كلَّه الذي نصحه بمزيد من التروي ولكن دون فائدة، لأنَّه ركب رأسه، وقرر أن يبدو كشخص فالت من العيار، يعبد أوهامه، ويواصل انحيازه الأعمى، ويخضع لمطالب المسيحيانية اليهودية، من دون حسابات.

خطوات ترامب المعادية والغبية ترافقت مع مزيد من الفضائح التي أثارت ضده ردود أفعال سيئة في أميركا نفسها، وانتقادات وخطوات سياسية مهمة في القضايا في المنطقة والعالم، وأعتقد بثقة كبيرة أن الخطاب الذي سيلقيه رئيسنا أبو مازن من فوق منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة، سيكون فصلاً جديداً في المواجهة، وإضاءة جديدة للمشهد، وتحفيزاً جديداً لشعبنا لإدارة الصراع بكل المعايير المطلوبة.

وإذا كانت إسرائيل تحاول أن تلعب بالأدوات الساقطة مثل حماس الابن الأكثر تفاهة للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين الذي ثبت أنه ليس لها قرار خارج إرادته، وليس لها إرادة خارج مدى إرادته المهزومة، فإن هذا اللعب الإسرائيلي بالأدوات الهابطة لا يفيد، أولاً لأن إسرائيل حتى وهي تلعب بالأدوات، فإنها لا تعطيها سوى الأوهام، والأخبار التي أعلنها الشين بيت الإسرائيلي تشير إلى أن حماس تضاءلت فيها جوقة الضجيج والشتائم القذرة إلى حد أنها تستجدي إسرائيل على تهدئة بشروط ومعايير إسرائيل، ولكنها لا تحصل على هذه التهدئة التي كانت تريدها حماس لكي تهرب إليها بديلاً عن المصالحة، وهكذا فإن جوقة حماس التي تبدأ من خطاب إسماعيل هنية الأخير إلى تصريحات سامي أبو زهري، وما بينهما مثل تصريحات محمود الزهار وصلاح البردويل وغيرهما، التي تستهدف النيل من الشرعية الفلسطينية ممثلة بالأخ الرئيس والقيادة الفلسطينية، لا قيمة لها، بل هي دليل على تفاقم مأزق حماس وشعورها المكثف بالدونية أمام علو الهامة الوطنية، وأن جوقات حماس الهابطة ليس لها من ثمن سوى المزيد من المآزق والمخازي والأكاذيب الضالة.

نعد أنفسنا لمواصلة خط النضال العادل والواعي، ولا ننجرف إلى سياقات جانبية هزيلة وتافهة، فحقوقنا الوطنية ليست في يد ترامب كما يتوهم، حقوقنا تضمنها الشرعية الدولية، والإجماع الوطني العظيم والقرارات التي تسيج هذه الحقوق بمزيد من الحصانة والقوة.

ونحن منذ أول يوم بعد انطلاقة ثورتنا المعاصرة، نعرف إلى حد اليقين أنَّنا لم نكن مدعوين إلى نزهة، بل إلى نضال في أقسى وأعظم مرحلة، وموقف قيادتنا على رأس شعبنا، هو العامل الحاسم وليس سقوط الخائنين.