يترافق استخدام كلمة (تسهيلات) عادة مع الصفقات ذات الطابع التجاري، فهذه الكلمة تُستخدم بشكل كبير في القطاع المصرفي ومنها على سبيل المثال لا الحصر تسهيلات مصرفية أو تسهيلات ائتمانية وهكذا.

طبعًا يوجد إستخدمات أخرى لكلمة تسهيلات ولكن يبقى الطابع العام للكلمة مرتبط بالبنوك والصفقات والنسب المالية والشروط التفاوضية والأرباح وغيره من أمور مالية ومصرفية وتجارية .

بدأت بذلك لأقول بأنَّ ما هو مطروح من تسهيلات مشروطة لغزة هو تجــــارة (حمساوية - إسرائيلية) لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية حيث يهدف كل طرف لتحقيق الاستقرار لذاته وفقط ولا علاقة للتسهيلات المطروحة بالحق الفلسطيني ولا علاقة لهــــا بالتحديات التي يعيشها المواطن الفلسطيني الصامد في غزة .

نتحدث فقط عن صفقة وهدنة وهدوء وبالمقابل تسهيلات.

بل أنَّ ليبرمان يتحدث عن تسهيلات مشروطة بالهدوء وعدم الشغب وعدم التسبب بمشاكل للمستوطنات الحدودية بالقرب من غزة وعلى حمـــاس أن تثبت للسيد ليبرمان بأنَّنا (مؤدبين) تمامًا.

المختصر...

عندما غابت القضية عن أجندة حمـــاس وغابت الأهداف الوطنية الجامعة عن حمـــاس تحولت غزة من جزء إلى كل، وتحوَّلت حمــــاس بشكل مباشر إلى تنظيم يبحث عن تحقيق ذاته فقط من خلال معادلات إقليمية جعلت حماس تتخبط حيث اقتربت حماس من إيران لتحقيق مصالح واقتربت من تركيا لتحقيق مصالح وبكل الأحوال كانت وما زالت حمـــاس قريبة جدًا من قطر لتحقيق صفقات سياسية ومصالح وفي نفس الوقت تبحث حماس عن علاقة أمنية وأكرر علاقة أمنية مع مصر وذلك بعد أن تجاوزت مصر مرحلة الإخوان المسلمين وضاعت فرص حمــــاس في خلق علاقة إستراتيجية مع مصر .

بالنسبة لحماس جمع المتناقضات وإقامة علاقات مع تركيا وإيران وقطر ومصر كل ذلك ممكن والهدنة مع إسرائيل ممكنة وقد تصبح قريبًا الهدنة فرض ديني إسلامي لا يقل أهمية عن الجهـــاد ولكن ما هو غير ممكن بالنسبة لحمـــاس هو المصالحة والقبول بالشرعية الفلسطينية والقبول بدور القيادة الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد .

الثابت في موقف حمـــاس هو الخلاف الدائم والتحريض وعدم قبول القيادة الفلسطينية والشرعية الفلسطينية هذا هو الثابت الحمساوي فأيّ موقف سواء كان يتناسب مع موقف حماس أو يختلف مع موقف حماس هو موقف خاطئ طالما بأنَّه أتخذ من قبل منظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة الوطنية الفلسطينية .

كل ما سبق مؤشر على طبيعة تخبط حمــــاس الذي بات مكشوفًا للجميع ولا مجال لحمـــــاس بأن تنجح في كل ما سبق بدون أن تدفع ثمن كبير من مبادئ وحقوق الشعب الفلسطيني واستقلالية قراره .

هناك حلول أبسط فمن الممكن لحمـــاس أن تتجاوز كل ما سبق من تخبط وتراجعات فقط بأن تعترف ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية وأن تسعى للمشاركة في القرار الوطني الفلسطيني من على قاعدة الاعتراف بمنظمة التحرير ممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني وعلى حماس أن تتعامل مع القيادة الفلسطينية بمنطق أنها جزء من الشعب ولا تُمثل الشعب وبالتالي على حماس أن تقبل بالمصالحة فورًا وتوافق على الانتخابات في غزة والضفة والقدس الشرقية بدون أي محاولات للنيل من العملية الانتخابية .

على حمـــاس أن تتوقف عن الهدنات والصفقات الخاصة لتصبح مطالب حماس هي جزء من مطالب أبناء الشعب الفلسطيني بالتحرر والحرية لتحقيق أمال شعبنا بالاستقلال الوطني على أرض فلسطين المحتلة عام 1967 .

بالمحصلة على حمـــاس أن تفهم بأن القصة ليست تسهيلات لغزة فالقضية الفلسطينية أكبر من ذلك، المشكلة في انفصال غزة وبمجرد عودة غزة وأهلها لحكم الشرعية الفلسطينية وبمجرد تراجع حماس عن الانقلاب ستعود لفلسطين وللقرار الفلسطيني قوة التأثير العام للحصول على ما هو حق لنا بالحياة بكرامة وحرية وبلا أي حصار على أراضينا سواء في غزة أو القدس أو الضفة.