أسماك، دجاج، لحوم حمراء فاسدة، معلبات، مواد غذائية منتهية الصلاحية، هذه هي أسلحة المحتلين والمستوطنين التي يستخدمها العملاء والخونة والجواسيس ويهيئون لارتكاب المجازر بها لولا يقظة أجهزة الأمن الفلسطيني.

لن يتوقف المجرمون الموردون الناطقون بالعبرية والمستوردون الناطقون بالعربية عن التوغل في أسواقنا الفلسطينية بهذه الأسلحة الفتاكة ما لم نهيئ جبهتنا الداخلية لمقاومتهم وردعهم والقضاء على عصاباتهم العلنية والسرية واقتلاعها من جذورها حتى، مهما كان الثمن.

سيمعن المجرمون ويتمادون أكثر ما لم تتشكل محاكم مختصة، كالتي تنظر وتقضي وتقرر العقوبات في قضايا الخيانة الوطنية والتجسس، فنحن هنا أمام جريمة لا تقل في نتائجها وتداعياتها عن جرائم الخيانة والتجسس التي تؤدي قبل كشف وضبط المنخرطين فيها إلى قتل مواطنين صالحين وأبرياء.

سيخطط المجرمون بعد كل مرة يفلتون فيها من العقاب القانوني الصارم لمناورات جديدة، تمكنهم من التحايل واختراق الرقابة، لكنهم لن يتمكنوا من فعل ذلك إذا تم إشهار الأحكام القضائية بحقهم، فمن حق المواطن معرفة المدانين في هذه الجرائم بعد النطق بالأحكام، ومعرفة حيثيات الجريمة وأسماء المجرمين والأحكام الصادرة، تماما كما يحدث في حالات جرائم الخيانة والفساد والجرائم الجنائية.

قد يفيد تسليط أضواء وسائل الإعلام على المجرمين المضبوطين، وعلى المجرمين الذين أوصلوا لهم أدوات الجريمة وظلوا بعيدين عن متناول أيادي أجهزة الأمن وشرطة الضبط القضائي، والأهم أن يعلم الناس مصدر هذه السموم (الأسلحة الفتاكة) وأهداف الذين عملوا على وصولها إلى أسواقنا ولو مجانا، فنحن نعلم أن كلفة إعدام اللحوم الفاسدة والمواد الغذائية المنتهية الصلاحية عند التجار في دولة الاحتلال إسرائيل أعلى بكثير من تسهيل حملها وتوصيلها إلى تاجر محلي بلا ضمير، ويبقى السؤال الأهم الذي ننتظر الإجابة عليه من جهات التحقيق هو: كم مرة علمت سلطات عليا مسؤولة في إسرائيل مسبقا عن توريد هذه السموم لأسواقنا، وسهلت مرورها، وأمنت طريقها؟!

تقضي الواقعية في رؤية الأمور القول إن قلة من التجار محليين افتقدوا الحد الأدنى من القيم الأخلاقية والإنسانية، ودفعوا بضمائرهم إلى أتون الجشع، قد يكونون وحدهم المسؤولين من الألف الى الياء عن الجريمة، ما يعني أن هؤلاء متهمون بجريمة الخيانة العظمى والقتل العمد، حتى وان لم يتعاونوا مع تجار المحتلين والمستوطنين ونعتقد أن حسابهم في القانون يجب ألا يختلف عمن يتعامل مع جهات خارجية تعمل على اضعاف جبهتنا الداخلية وتدمير صحة مجتمعنا واقتصاده.

نريد قانونا واضحا، ومحاكم مختصة، ومشاركة فاعلة من المؤسسات والجمعيات الأهلية في توعية المواطن الذي هو الركن الأساس في الدولة ايا كان موقعه ومهماته ووظيفته في الوطن، ذلك أن استهدافه حتى ولو كان شخصا من العامة هو استهداف للدولة مباشرة، وقواها البشرية، فكيف إذا كان هذا المواطن من شريحة الفقراء أو ذوي الدخل المحدود الذين لا تتجاوز قدرتهم الشرائية اللحوم المثلجة أو المعلبات التي يرونها ارخص من الطازجة، فيلجأون إليها مجبرين حتى لو كان بينها وبين انتهاء الصلاحية بضعة أيام فقط!!