بمناسبة مرور اثنين وأربعين عامًا على مذبحة مخيَّم تل الزعتر في بيروت، وتكريمًا للشهداء الذين ارتقوا دفاعًا عن الكرامة والقرار الوطني المستقل، أحيا المجلس التنفيذي لرابطة أهالي مخيَّم تل الزعتر المناسبة بوضع أكاليل من الورد على النّصب التذكاري لشهداء المخيَّم في مثوى شهداء الثورة الفلسطينية عند مستديرة شاتيلا، مساء اليوم السبت 11-8-2018.

وشارك في المناسبة عضوا المجلس الثوري لحركة "فتح" الحاج رفعت شناعة وآمنة جبريل، وخالد عبادي ممثِّلاً سعادة سفير دولة فلسطين لدى الجمهوريّة اللبنانية أشرف دبور، وأمين سر حركة "فتح" في بيروت العميد سمير أبو عفش وأعضاء قيادة المنطقة، ومُمثِّل الحملة الأهلية لنُصرة فلسطين وقضايا الأُمّة د.ناصر حيدر، وممثِّل الحزب الشيوعي اللبناني فؤاد النمري، ورئيس رابطة مخيَّم تل الزعتر أيمن حسين، وممثِّلو فصائل منظمة التحرير الفلسطينية واللجان الشعبية وقوى الأمن الوطني الفلسطيني، ووجهاء وفاعليات وأهالي مخيَّم تل الزعتر، وحشدٌ من أبناء مخيَّمات بيروت.

وبعد وضع إكليل من الزهر على النّصب التذكاري لشهداء مخيَّم تل الزعتر وقراءة سورة الفاتحة لأرواح الشهداء، كانت كلمة الحملة الأهلية لنُصرة فلسطين وقضايا الأمة ألقاها د.ناصر حيدر ممَّا جاء فيها: "يبقى استشهاد مخيَّم تل الزعتر محطّةً مُظلمةً في حياة فلسطين ولبنان والأمة، وجزءًا من الحرب المستمرَّة على حق العودة والمتمثِّلة مؤخّرًا بقانون الدولة القومية اليهودية لاقتلاع الفلسطينيين من وطنهم، ولاقتلاع أبناء الشتات الفلسطيني من مخيّماتهم. كما تبقى ذكرى الاستشهاد فرصةً لكي نراجع جميعًا علاقاتنا ببعضنا البعض، ونُغلق كلَّ ثغرة ينفذُ منها الأعداء لتحويل الصراع معهم إلى صراعٍ أهليٍّ بين أبناء الأُمّة الواحدة".

وأضاف حيدر: "لتكُن الذكرى فرصةً لتعزيز العلاقة الأخوية اللبنانية الفلسطينية على قاعدة الاحترام الفلسطيني الكامل للسيادة اللبنانية والقانون اللبناني والأمن الوطني اللبناني، وعلى قاعدة الاحترام اللبناني الكامل للحقوق المدنية والإنسانية للإخوة الفلسطينيين في لبنان، فعلى هاتين القاعدتين نبني جدارًا لبنانيًّا فلسطينيًّا عربيًّا صلبًا في وجه مشاريع التوطين وتصفية قضية فلسطين، ونصون من خلاله حركة المقاومة المنطلقة نحو النّصر من فلسطين ولبنان وسوريا وكلِّ قطر عربي".

كلمة الأحزاب اللبنانية ألقاها ممثِّل الحزب الشيوعي فؤاد النمري جاء فيها: "في الذكرى الـ42 لاستشهاد مخيَّم تل الزعتر لا بدَّ لنا من العودة إلى الوراء لاستخلاص العِبَر. اللبنانيون كانوا منقسمين إلى قسمَين: قسمٌ احتضن الثورة الفلسطينية وقاتل معها إيمانًا بأنَّها قضية حق، وحق العودة يُفرَض بالكفاح المسلَّح، وقسمٌ آخر من اللبنانيين مدعوم من أميركا و(إسرائيل) وعرب الردّة الرجعية، كانت مهمّته ضرب المقاومة وإضعافها لدفعها للقبول بالحلول الاستسلامية، فكانت معركة تل الزعتر في ذلك السياق".

واستطرد النمري قائلاً: "لقد امتزج في هذه المعركة الدم الفلسطيني مع الدم الوطني اللبناني، وسقطَ لنا الشهداء والجرحى، لقد قاتل الفقراء الذين كان المخيَّم مأواهم مُشكّلين حزام بؤس وفقر حول العاصمة يؤمِّن أيدٍ عاملة نزحت من الريف. لقد دافعوا عن أنفسهم حتى الطلقة الأخيرة، وبعد استشهاد المخيَّم دخل دواعش ذلك الزمان، وارتكبوا المجازر بحق سكان المخيم من أطفال ونساء وشيوخ بلا رحمة ولا إنسانية، فلا غرابة أنَّ مُعلِّمهم هو نفسه معلِّم الدواعش، والمعركة هي هي لا تتغيَّر والمضمون واحد".

وألقى كلمة "م.ت.ف" وحركة "فتح" عضو المجلس الثوري للحركة الحاج رفعت شناعة فقال: "بِاسم الثورة الفلسطينية، وبِاسم منظَّمة التحرير الفلسطينية، فإنَّنا نتوجَّه بالتحية والتقدير لكلِّ شهداء ثورتنا الفلسطينية، ولكلِّ شهداء الحركة الوطنية اللبنانية. نتوجَّه بالتحية والتقدير لشهداء تل الزعتر خاصّةً، ونحن اليوم نحتفي بأهالي تل الزعتر، أهالي الشهداء، لهُم منّا كلّ الاحترام والتقدير، ولهم منّا العهد والقَسَم، بأن نبقى أوفياء لدماء الشهداء، وأن نبقى أوفياء لدماء شهدائنا في تل الزعتر. صحيح أنَّ المخيم دُمِّر والمخيَّم غاب بنيانًا، لكنَّ هذا المخيَّم الشهيد، ما زال حيًّا في قلوبنا ووجدانا وعقولنا من خلال الأبطال الذين يقفون بيننا اليوم، والذين عاشوا تلك الأيام الصعبة. نقول لكل القوى الفلسطينية والأحزاب والفصائل، إنَّ الشهداء الذين نحتفي بهم اليوم لهم أمانة في أعناقنا، بأن يكون الهمُّ الأول لنا هو وحدتنا الوطنية الفلسطينية، لأنَّها هي الضمانة الوحيدة لاستمرارية كفاحنا الفلسطيني من أجل تحرير الأرض، وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على أرضنا المباركة، أرض فلسطين".

وتابع شناعة: "نحن اليوم مُلزَمون أدبيًّا، ونحن نقف أمام شهداء تل الزعتر، وأهالي تل الزعتر، لنقول لهم: لكم العهد والوعد بأن نبقى أوفياء لدماء الشهداء، وأن نبقى أوفياء للوحدة الوطنية التي أوصانا بها كلُّ قادة هذه الثورة على اختلاف منهجيّتهم السياسية والعقائدية. نعم نقول بالمناسبة، نقول لترامب و(إسرائيل) الصهيونيين، نقول لهم فلسطين أرض مباركة مقدَّسة عند المسلمين والمسيحيين. لذلك لن يستطيع ترامب ولا غيره مهما حاولوا أن يمزّقوا شعبنا أو أن يحتلوا أرضنا ويستعمروها، ويغيّبوا قضية اللاجئين الفلسطينيين التي مضى عليها 70 عامًا حتّى الآن. نعم، اليوم يجب أن نكون يدًا واحدة، وقلبًا واحدًا، لنقول لا لترامب .. لا للصهيونية.. لا لكلِّ العملاء الذين يستأسدون اليوم على الشعب الفلسطيني من أجل انتهاك مقدساتنا، ومن أجل استعمار أرضنا، وإنَّنا منتصرون بإذن الله".

وألقت عضو لجنة حركة "فتح" - الشعبة الغربية زينب الصالح قصيدةً من كلمات محمود كروم عن تل الزعتر.

ثُمَّ كانت كلمة رابطة أهالي مخيَّم تل الزعتر ألقتها زهرة ياسين، قالت فيها: "عصيٌّ على الموت كما هو عصيٌّ على النسيان، فكيف يموت مخيَّم ما زالت نساؤه تلد الرجال الأبطال؟! وكيف يموت المخيَّم وهو القضية وهو طريق العودة، وجسر الحنين إلى كلِّ بقعة في وطننا الحبيب فلسطين؟! تل الزعتر ليس كلمات تُقال هنا وهناك، وليس رتوشًا للذاكرة تحتفظ بكلِّ تفاصيل المخيَّم، بل هو الذاكرة، كلُّ الذاكرة، طرقات المخيم؛ حاراته؛ أزقّته؛ ما زالت محفورةً كالوشم لن تُمحى إلّا بعودتنا إلى ربوع جليلنا وقدسنا وحيفا ويافا وتل الربيع".

وأضافت: "لأنَّ الضمير كان وما زال في سبات عميق، ولأنَّ الضمير غاب وغابت معه كلُّ القِيَم والمبادئ، مُخيَّم يُذَبح على مرأى ومسمَع العالم، وسكانٌ أبرياء يُقتَلون بدم بارد، تل الزعتر لعنة التاريخ ووصمة عار في سجلّ الإنسانية التي تدَّعي الحضارة".

وختمت قائلة: "أيّها المظلومون في حياتكم، كما في استشهادكم، لم يتحقَّق حلمكم، لكنَّ الفكرة باقية، وها هو الحلم يتجدَّد، فغدًا حين نعود إلى وطننا الحبيب سنكتب اسمك يا تل الزعتر في ساحات مدننا وقرانا، ونكتب قصّة حبك وعشقك على أشجار السنديان وأشجار الزيتون وعلى أطباق الورد والدحنون".

#شدي_حيلك_يا_بلد
#القدس_عاصمة_فلسطين_الأبدية
#إعلام_حركة_فتح_لبنان