وُجِّهت الدعوات لأعضاء المجلس المركزي بعد أن حدَّدت الفصائل والهيئات المختلفة ممثليها، وبات من المؤكّد انعقاد الدورة الـ 2 في 15 و16 آب/ أغسطس الحالي. وتضمَّنت الدعوات جدول أعمال من (11) نقطة، أهمُّها حسب ما أعتقد، ملفا العملية السياسية، والمصالحة الوطنية، والاستماع لما نفذته القيادة حتَّى الآن ممَّا تم اعتماده في البرنامج السياسي، الذي تمَّ إقراره في المجلس الوطني الأخير، لأنَّ باقي النقاط تتعلق بما ورد آنفًا.

وممَّا تقدَّم نلحظ أن المجلس المركزي، الذي توسعت صلاحياته بعد أن منحه المجلس الوطني جزءًا من مهامه، ستقع عليه مهام جسام لاجتراح الحلول الإبداعية والخلاقة للرد على التحديات الصعبة والمعقدة المنتصبة أمام الشَّعب والقيادة الفلسطينية. وعلى أهمية ما سيتضمنه خطاب الرئيس أبو مازن في الشأن السياسي، إلَّا أنَّه لن يخرج عن برنامج الإجماع السياسي، الذي تمَّ تبنيه في الدورة الـ23 للمجلس الوطني في مطلع أيار/ مايو الماضي، لأنَّ التطورات على الصعيد المحلي والقومي والإقليمي والدولي لم تغير في لوحة المعادلات السياسية القائمة. مع أنَّ إقرار "قانون القومية" العنصري حمَّل تحولاً نوعيًا في معادلة الصراع، أو بتعبير آخر أعاد مركبات الصراع إلى جذورها وأسسها الأولى دون رتوش، لكنَّه لم يقلب لوحة الصراع، ولم يغير من احتدام المواجهة، رغم اتساع وعمق دوامة الصراع، وبالتالي حتَّى اللحظة الراهنة لن تتغير الرؤية البرنامجية، ولا آليات وأشكال المواجهة مع دولة الاستعمار الإسرائيلي والولايات المتحدة ومن لف لفهم.

ومن المؤكَّد أنَّ المجلس المركزي ينعقد في لحظة سياسية مهمة تطرح أمام أعضائه جملة من التحديات الإضافية، حيث يلتئم بعد إقرار "قانون الأساس القومية" العنصري، وبعد مواصلة الولايات المتحدة تطبيق مواقفها وسياساتها العدائية تجاه حقوق ومصالح الشَّعب الفلسطيني في العديد من الملفات الأساسية، ومنها: ملف القدس، ملف اللاجئين عبر بوابة تصفية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، وحرف وجهة الصراع عن جذرها السياسي، ودفع الأمور نحو تصفية كلية للتسوية السياسية ومرجعياتها بعد إعادة صياغتها ومركباتها على قواعد لا تمت بصلة لطبيعة وجوهر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وبعد جولات الحوار مع الراعي المصري بشأن ملف المصالحة، الذي لا يبدو مما رشح حتَّى الآن، إنَّه سيرى النور، لأنَّ حركة حماس ماضية في خيارها المتناقض مع مصالح الشَّعب العليا. وهو ما يتطلب وضع رؤية واضحة لاستعادة الوحدة، ولا مجال للمراوحة في ذات المكان، تتضمن عمليًا إعادة ترتيب البيت الفلسطيني بما يستجيب للمصلحة العليا للشَّعب. كما أنَّ انعقاد المجلس يأتِ قبل انعقاد الدورة الـ72 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي محطة أممية مهمة تحتاج لتسليح القيادة بزخم وطني وقومي يساعدها في الدفاع عن الحقوق والمصالح الوطنية العليا، وجميعها عوامل تحتم إعمال العقل والفكر السياسي الفلسطيني لاشتقاق مخرجات تتناسب مع طبيعة المحطة السياسية التي تعيشها القضية الفلسطينية.

مع ذلك لا أعتقد أنَّنا في الدورة القادمة سنكون مضطرين لتغيير البرنامج السياسي، بل نحن أحوج ما نكون إلى اختيار آليات وأساليب عمل جديدة، وإعادة بناء الأدوات الفلسطينية بما يتناسب وعملية المواجهة للتحديات السياسية والأمنية والاقتصادية، واستنهاض الذات الوطنية، والعمل الجاد والهادف لإخراجها من دوامة التعثر والإرباك والتشرذم والأزمات، التي تعاني منها، لأنَّ الذات الوطنية، هي الرافعة الأساس للمواجهة مع دولة الاستعمار الإسرائيلية ومع الولايات المتحدة ومن يسير في فلكهم. قادم الأيام القريبة يحمل الجواب على ما ستكون عليه مخرجات المجلس المركزي.