المعركة مع الاحتلال الإسرائيلي ودولته، وصلت الذروة من خلال المشروع الذي تبناه الكنيست الإسرائيلي بعد قراءته الثالثة، وهو قانون القومية الذي تنص بنوده على أنَّ فلسطين هي الوطن التاريخي لليهود الذين يجب العمل على تشجيع لم شملهم وعودتهم إلى فلسطين، وأنَّ الاستيطان هو عمل قومي يهودي يجب دعمه، هذا القانون كان له مقدمات أهمها بقاء الاحتلال منذ عام 1967، واستغلال المراحل بإصرار كبير، والاستفادة القصوى إلى حد الاستغلال من موجات الاستعمار القديم التي أصابت المنطقة، وصعود الإمبريالية العالمية بقيادة أميركا التي كان آخر فصول تورطها إعلان القدس الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ونقل السفارة الأميركية "البؤرة الاستيطانية في القدس" وبقية الخطوات التي وصلت إلى ذروة الانحياز الأعمى، مثل قطع المساعدات عن السلطة، وتوجيه ضربة قوية إلى الأونروا، أي إلى قضية اللاجئين.

قانون القومية الإسرائيلي، قانون يهودية الدولة، مرفوض فلسطينيًّا بالكامل، وسنواجهه على كافة المستويات، ومهيأين لخوض المعركة حتَّى النهاية، فلسطين هي وطننا الذي ليس لنا سواه، والقدس هي عاصمتنا الأبدية، ولن يكون هناك أمن ولا استقرار في المنطقة دون ذلك.

وسط هذه العتمة الحالكة، جاءت الأخبار إنَّ حماس على لسان رئيس مكتبها السياسي "إسماعيل هنية" أبلغ المخابرات المصرية الموافقة على تنفيذ الورقة المصرية للمصالحة، وهي الورقة التي تحاورنا حولها سنوات طويلة، ووقعت عليها حماس بعد تلكؤ مقصود، وكانت في كل مرة تنكص على عقبيها وتهرب من المصالحة لصالح الشيطان المتمثل في أوهامها، وآخر فصل من فصول هروب حماس، كانت التفجيرات الإرهابية التي استهدفت موكب رئيس الحكومة الدكتور رامي الحمد الله ومعه اللواء ماجد فرج مدير المخابرات، حيث كان الوفد الحكومي ذاهباً إلى القطاع لتنفيذ التزاماته التي تعهد بتنفيذها في حال قبلت حماس بتمكين الحكومة من القيام بكل صلاحياتها دفعة واحدة وليس مجزأة، على فترات متباعدة،بحيث تبقى أبواب الهروب مفتوحة على الدوام.

المعركة مع إسرائيل في الذروة على كافة الأصعدة، والمعركة مع أميركا ترامب في الذروة لإسقاط صفقة القرن، فمتى تنضم حماس إلى هذا النسق الوطني الفلسطيني الذي تعمل على حشد أكبر تأييد عربي وإسلامي، ودولي له؟؟؟ وخاصة أن اللعب من إسرائيل المحتمية بالانحياز الأميركي أصبح على المكشوف، وليس أمام حماس سوى أن تكون في نفس النسق وإلّا فإنَّها تكون خارجة بالمطلق عن الأولويات الفلسطينية.

نشكر الشقيقة الكبرى مصر على كل الجهود الكثيفة وغير العادية التي تبذلها لتحقيق المصالحة لأنَّها تعرف أنَّ المصالحة أولوية أولى وضرورة حاسمة ولا مجال أمام حماس للهروب إلى المجهول من جديد، وخاصة أنَّ كلّ هروب جديد يؤدي إلى كوارث في قطاع غزة، مثل الهروب عبر استدراج العنف الذي تسقط فيه حماس بسهولة، أو الإصغاء كلّ مرة إلى وشوشات الشياطين التي تأتي من هنا وهناك.

موقف فتح والموقف الفلسطيني واضح وجاهز، بناء نظام سياسي واحد بحكومة واحدة وقانون واحد، وسلاح شرعي واحد يحمي أمننا، هذه هي ضرورات المعركة الكبرى التي تخوضها على الصعيد الدبلوماسي والقانوني وعلى صعيد المقاومة الشعبية الشاملة، هذا هوا لبرنامج الشامل لانتصار نضالنا وحقنا، هذا هو الطريق.