عبَّر الكنيست الصهيوني صباح اليوم الخميس 19/7/2018 عن مدى الرعب الذي يتملكه من العربي الفلسطيني في الوطن والخارج.

هذا الرعب المصيري تجلى من خلال إقراره سلسلة من الأكاذيب ذات العمق الوهمي الجغرافي والتاريخي فيما يسمى "قانون القومية" ظاناً أنَّه بتشريع الخرافات والأوهام، والمخالفات للقانون الدولي، يكون قد اكتسب الشرعية! وأنَّه حصّن نفسه في مقابل الحقيقة.

يعتقد الكنيست الإسرائيلي أن المجموعة الغالبة فيه التي تمثل العنصرية والأبارتهايدية الصهيونية، تلك التي لا تبتعد عن العنصرية النازية الألمانية، تظن أنَّها بذلك تدفن الوعي العربي والعالمي، أو إنَّها تدفن القانون الدولي، أو أنّها تدفن الحقيقة التاريخية وتقتل المسار السكاني الديمغرافي، ولكن هيهات.

تظن الكنيست واهمة أنَّها تستطيع بما تسميه "قانونها" العنصري قد يجعل من خريطة فلسطين تتشح باللون الأزرق والأبيض، بدلاً من الألوان الأربعة الجميلة الممثلة لفلسطين في مسار الحضارة العربية الإسلامية بالإسهامات المسيحية الشرقية عبر كل التاريخ.

ما قامت به الكنيست الصهيونية من إقرار ما يسمى قانون القومية الذي أسقط اللغة العربية كلغة رسمية، والذي شرعن الاستعمار/الاستيطان داخل (دولة فلسطين التي ترزح تحت احتلاله)، وهو القانون الذي يعتبر دولة "إسرائيل" التي أقيمت على أرض فلسطين هي خالصة لليهود دون غيرهم، الذين-أي نحن- كانوا وسيظلون بقيم الصهيونية الاقصائية العنصرية فئة عاشرة هي أقل بالحقوق حتمًا من العناصر اليهودية المقدسة!

إنَّ ما يسمى القانون التمييزي الأبارتهايدي يعيدنا حتمًا لما كان عليه نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا بقوة.

فنحن نعيش مرة ثانية عصر متجدد ومتميز يمزج بين الفصل العنصري/الأبارتهايدي في أرض فلسطين المقام عليها دولة "إسرائيل" ويمارس الاحتلال على دولة فلسطين تحت احتلاله -المعترف بها عضوًا في الأمم المتحدة وان كان مراقبًا.

إنَّ محاولات رمي الطعم للأحزاب اليمينية لغرض استمرار حكم نتنياهو اليميني لا يفيد، ولا يكتسب أي شرعية محلية أو دولية بل يؤكِّد الوجه العنصري المتآزر مع الاحتلالي لهذه الدولة الاستعمارية المقامة كالخنجر في بطن الأمة، ويؤكِّد أنَّ رعب القاتل من ضحيته سيظل قائمًا إلى أن ينتصر الحق ويبهت الباطل.

ما تواصل العنصرية والاستعمار والاستغلال والاحتلال والقتل والقوانين العنصرية إلّا في إطار جلاء الوجه الأسود، ووضوح الحقد والكراهية ضد العرب عامة، بل ضد كل من هو غير يهودي، تمامًا كما كان الحال من النازيين في تعاملهم التمييزي مع اليهود الأوربيين والغجر والعرب وغير الألمان.

إنَّ هذه الدولة التي تتأبط شر الاحتلال وتتأبط شر العنصرية كما تتأبط عقلية الاستعمار البغيض في فكرة التميز والقداسة والاستعلاء والتكبر المستندة لأكاذيب تاريخية سقطت علميا، ولا صلة لها ببلادنا، هي "دولة" تحفر قبرها بيديها.

فهذا النظام وهذا الفكر العنصري الاستعلائي ساقط حتمًا لأنَّ أرضنا تصرخ من آلاف السنين أن لا استمرار لاحتلال ولا دوام للعقل العنصري أو الاستعماري أو الاحتلالي هنا بتاتًا

إنَّ الرسالة الهامة التي يرسلها قانون العنصرية القومية الإسرائيلي هي رسالة لتلك الدول العربية أو بعض الجهات فيها التي تبش وتهش وتنفرج أساريرها حين تلتقي الإسرائيلي! لتعرف بوضوح مقدار الكراهية والعنصرية والعقلية الاستعلائية التي تميز هذه الدولة المقامة على أرض فلسطين والتي تصم ساستها ومشريعا في نظرتهم لنا. إن قانون القومية العنصري الصهيوني يجب أن يكون مفتاحًا للتآزر العربي لا للفرح بالإسرائيلي في الغرف المغلقة.

إنَّ العرب الذين تاهوا بين مصالحهم الآنية، وبين النزق الشخصي، والغباء التاريخي وانعدام الرؤية المستقبلية يجب أن يعرفوا أنَّ الخطر الداهم هو في التفتت والتشتت وفي مد اليد للعدو، وهو بنفس جرس الإنذار للفلسطينيين المختلفين على جلد الدب ولم نصده أبدًا.