سقط العنصريون المتطرفون في كنيست (إسرائيل) آخر ورقة كانوا يسترون بها عورة مشروعهم، فظهرت حقيقة إسرائيل كدولة احتلال وتمييز عنصري، دولة تحلق خارج الفكر الإنساني والقانون والشرائع والمواثيق الدولية، وتسعى لصنع كون جديد على مقاسها، يتناسب مع مسار كوكبها المخالف لمسار امة الإنسان وحضارتها وقيمها، وعلى رأس هذه القيم العدل والمساواة والحرية وقداسة الحقوق وأهمها حق الإنسان الأزلي في أرض وطنه.

يحسب لنواب القائمة المشتركة في الكنيست، موقفهم من "قانون القومية" فهم لم يسجلوا اعتراضهم كما يحدث في أي برلمان في عالم الديمقراطية أثناء مناقشة بنود أي قانون، وإنما بادروا إلى تمزيق نسخ نصوصه، التي يعتبرها المتطرفون العنصريون (مقدسة) ورميها بوجه رئيس حكومة (دولة اليهود العنصرية) كما يجب أن تسمى بعد إقرار هذا القانون.. فكانت لحظة تاريخية تحسب لنواب القائمة المشتركة، اثبت النواب العرب في الكنيست تفوقهم، وحازوا على شهادات وطنية بمرتبة وسام شرف، فيما كان الساقطون يتباهون بسقوطهم المدوي، عندما قوننوا "التفوق العرقي لليهود" وأجازوا بتشريع قانوني التمييز ضد مليوني عربي فلسطيني، سيحسبهم هذا القانون الظالم أقلية، فيما العالم يعلم إنَّهم جزء لا يتجزأ من الشّعب الفلسطيني صاحب كل هذه الأرض بما فيها التي أنشا عليها العنصريون ما يسمونه حلم هرتسل (دولة اليهود)!!

أعضاء الائتلاف في حكومة وكنيست نظام الآبار تهايد العنصري برئاسة نتنياهو، سيذكرون في التاريخ على إنَّهم من تسبب وسيتسسب بدفع الشعوب والأمم والحكومات للنظر لليهود كعنصريين (أعداء للديمقراطية) في زمن اعتناقها الديمقراطية كمنهج حياة.

ينص (قانون القومية) على أن "دولة إسرائيل هي الوطن القومي للشعب اليهودي"، وأن حق تقرير المصير في دولة إسرائيل لليهود فقط، ما يعني اعتبار الفلسطينيين أهل البلاد الأصليين الذين بقوا حتّى اللحظة في بيوتهم وأراضيهم وتعدادهم حوالي 20% من سكان الدولة أقلية!! ودفع العنصريون اللغة العربية من مقام لغة رسمية ثانية، إلى لغة مرتبطة بثقافة (أقلية)!!

أمّا حق العودة للاجئين الفلسطينيين وما قد يتبعها من حقوق فقد ألغاها القانون، حيث ثبت القانون العنصري هذا: "أن الهجرة التي تؤدي إلى المواطنة المباشرة هي لليهود فقط"!! ما يعني قطع الطريق على أي حل لقضية اللاجئين وفق القرارات الدولية وتحديدا القرار 194.

أمّا الاستيطان المعتبر في القانون الدولي كجريمة حرب، فقد باتت هذه الجريمة وفق هذا القانون شرعية وقانونية، ما ينفي كل مواقف ساسة دولة الاحتلال المعلنة حول قضية الاعتراف بدولة فلسطينية، خاصة وان القانون يضرب روح القضية وجوهر الصراع بالنسبة للفلسطينيين، ويمنع أي فرصة لقيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، فقانون القومية ينص على إنَّ "القدس الكبرى والموحدة عاصمة لإسرائيل".

ننصح بقراءة البيان الصادر عن القائمة المشتركة في الكنيست حيث يتمكن القارئ من لمس الأبعاد بعيدة المدى لهذا القانون وأهدافه الآنية والمستقبلية، وانعكاسات هذا القانون السلبية على ملايين الشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية وملايين اللاجئين منهم في العالم.

لم يكن مصير الشعب الفلسطيني وصورة مستقبله بيد هرتسل ولا بيد المؤتمرين في بازل قبل حوالي 112 عاما، ولن يكون بيد ساسة دولة الاحتلال العنصريين، لأنَّ هذا الشَّعب وقياسًا إلى حجم المؤامرات والنكبات، والحروب والمجازر، وآثارها السلبية الهائلة على الفلسطينيين، إلّا أنَّ قادة المشروع الاستعماري الاستيطاني العنصري الاحتلالي لم يفلحوا باقتلاع فكرة الوطن من عقل وقلب الفلسطيني، والأهم من كل ذلك إنَّهم خسئوا في اقتلاع اسم فلسطين من وعي وثقافة المليارات من أمة الإنسان وزرع اسم إسرائيل، لأنَّ الكتب المقدسة، وكتب التاريخ والجغرافيا، وروايات الشعوب ومؤسساتها الحضارية قد ثبتت فلسطين الأرض وإنسانها، الأرض وشعبها إلى الأبد، فالمزور لا يعني أنَّه حقيقة واصلي حتّى لو ساد يومًا من عمر الزمان.

سيفتح هذا القانون مسارًا نضاليًا جديدًا لشعبنا في كل مكان بالعالم، سيكون مركز ثقله في الجليل والنقب وفي حيفا ويافا، في الناصرة والقدس، نضال سلمي يظهر للعالم "الفواحش" التي ارتكبها ساسة إسرائيل تحت غطاء ووراء ستار الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، ويقدمون الأدلة للعالم المضلل المخدوع عن (العهر السياسي) الذي مارسه ساسة إسرائيل والذي يريدونه نموذجا للعالم يحتذى به!!

سنعمل– وهذه فرصتنا- على إقناع العالم، إنَّ ورثة الحضارة، الذين يتعاملون بمنطق الحرص على أمن واستقرار العالم ونشر السلام فيه، هم الحماة الحقيقيون لمنهج ومبادئ الديمقراطية، وهم الأجدر حقًا بتجسيدها في مؤسسات دولة حرة مستقلة ذات سيادة، ليتلقى العالم رسائل السلام تنبعث إليه من عاصمة فلسطين الأبدية من القدس الشرقية.

لم يبق إلّا أن نقول لأعضاء الكنيست وائتلاف حكومة نتنياهو العنصريين الذين ظنوا إنَّهم بهذا القانون لقادرون على رفع العنصرية من أسفل سافلين، وتلبيسها قناع الديمقراطية المزيف للمضي بجريمتهم التاريخية بحق الشعب الفلسطيني.. سنقول لهم شكرا لكم.. فقد انكشفت عورتكم وانتم منهمكون في خوض التيار المعاكس والمضاد للإنسانية.. لقد فعلتموها اليوم فقصرتم بذلك عمر الظلم والاضطهاد، شكرا لكم فقد ساعدتمونا في إقناع العالم بروايتنا، بأننا نحن الحق والحقيقة في فلسطين وأنكم كنتم مجرد سراب.